قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن العمل المؤدي إلى النجاح في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]
على خلاف كتُب البشر التي تُستفتَح بالاعتذار إلى القرَّاء والاعتراف بالتقصير، افتَتح الله السورةَ بإعلانٍ صريح أنَّ هذا الكتابَ العظيم حقٌّ كلُّه، لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه. ما أرفعَ شأنَ القرآن، وما أبعدَه عن أن تنالَ منه شبُهات المشكِّكين! فيا أيها المؤمنُ انهض بقلبك وعقلك إليه، ويا أيها المرتابُ لن تَعدُوَ شبهاتُك القاعَ الذي أنت فيه! إنه الكتابُ الوحيد الذي تقرؤه وأنت مطمئنٌّ تمام الاطمئنان، وموقنٌ كمال اليقين، بصدق كلِّ حرفٍ فيه. فاجعله صاحبَك في ليلك ونهارك. كلَّما اتَّقى العبد ربَّه ارتقى في مدارج الهدى والصلاح، ولا يزال في مزيدِ هدايةٍ ما دام في مزيدٍ من الورع والتقوى، فاتَّقِ تَرتَقِ! التقوى تفتح مغاليقَ القلوب وتهيِّئها لتلقِّي أنوار الكتاب، فتحيا بالقرآن وتستجيبُ لأمره. فما أسعدَ المتَّقين! في تخصيص الهدى بالمتَّقين رفعٌ لقَدرهم، وتنويهٌ بفضلهم، فنالوا بتقواهم الجزاء مضاعفًا؛ اهتداءً بالقرآن، وثناءً من الجليل الديَّان. |
﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]
ليس الفضل والمزيَّة في الإيمان بما تشاهده بعينيك فحسبُ، ولكن في الإيمان بما لا تُدركه حواسُّك ممَّا أخبر به الوحيُ. ألا ترى أن المتَّقين قد مُدحوا بإقامة الصلاة لا بمجرَّد أدائها؟ إن في إقامتها معنى المحافظة عليها، والوفاء بحقوقها. فيا أيها المؤمنُ، صلاتُك صِلتُك بربِّك، فأحسن الصِّلة! لو استحضرنا فضلَ الله علينا وعظيمَ بِرِّه بنا وجميلَ إحسانه إلينا، لكان ذلك دافعًا لنا إلى البِرِّ بعباده الضعفاء، والإحسان إلى المحتاجين والفقراء. مَن أيقن بالخلَف من الله الرزَّاق جادت نفسُه بالبذل والعطاء، فلا تبخل بما آتاك، وأنفِق يُنفَق عليك. شيوع النفقة في المجتمع المسلم يجعل الحياةَ مجالَ تعاونٍ وتراحُم، لا مُعترَكَ تطاحُنٍ وتزاحُم، ويُشعر العاجزين والضعفاء أنهم يعيشون بين قلوبٍ ونفوس، لا بين أنيابٍ ومخالب! أيها المؤمن، لا يطلُب الله تعالى منك أن تتصدَّق بكلِّ ما رزقك، بل يدعوك إلى أن تنفقَ ممَّا وهبك، فلا تبخل بالإنفاق في مَحابِّ مَن أعطاك. |
﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 4]
لا يكون متَّقيًا ولا مهتديًا مَن لم يكن منقادًا لكلام الله تعالى؛ مصدِّقًا موقنًا، فاللهم اجعلنا من أهل الإيمان والاتِّباع. أحقُّ ما تعتزُّ به أيها المسلمُ هدى الله تعالى، فإن الأزمانَ تتقلَّب والأيَّام، وهو ثابتٌ كالنجم الهادي في دَياجير الظلام. ما أنزل الله كتبَه من السماء على رسُله الكرام إلا للإيمان بها، والعمل بأحكامها، وقد نُسخَت جميعًا بالقرآن العظيم، المنزَل على رسولنا الكريم ﷺ، فما أحرانا أن نستمسكَ به؛ علمًا وعملًا، تلاوةً وتدبُّرًا! لم يخلقنا الله عبثًا ولن يتركَنا سدًى، فمَن آمن بيوم الجزاء الذي يتحقَّق فيه وعدُ الله ووعيده، اطمأنَّ قلبه، واجتهد في عبادته وطلبِ رضاه. حينما علم المتَّقون الخبرَ الصادق عن اليوم الآخر في القرآن أيقَنوا به يقينًا كاملًا تامًّا ليقينهم بالقرآن حقَّ اليقين. أرأيت إلى هؤلاء المتَّقين، إن يقينهم باليوم الآخر ليتجدَّد بتجدُّد الأيام، فيزداد رسوخًا في قلوبهم، وتشرق آثارُه في أعمالهم. ليستِ التقوى ادِّعاءً يُدَّعى، ولكنَّها إيمانٌ وعمل صالح في السرِّ والعلن، وإحسانٌ في عبادة الله، وإحسانٌ إلى عباد الله. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]
أعظِم به من هدًى يناله المؤمنون المتَّقون! وكيف لا يكون كذلك وهو عطاءُ الجواد الكريم، وفضلُ المنَّان العظيم؟ وعدُ الله عبدَه المؤمنَ بالنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة يملأ قلبَه باليقين، ألا تشعرُ بالطُّمَأنينة تغشى روحَك وأنت تعلم عاقبةَ إيمانك؟ كيف لا يتمكَّن من الهدى ويثبُت عليه ويستعلي فيه مَن جمع صلاحَ الباطن بالإيمان، وصلاحَ الظاهر بلزوم الصالحات؟ لا يبلغ الإنسانُ رتبة الفلاح، حتى يعظُمَ حظُّه من الإيمان والصلاح. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [البقرة: 6]
أيها الداعية، لا تأسَ إن رغب عن دعوتك فِئام، فإنَّ أعظم الدعاة ﷺ استنكفَ عن دعوته رجالٌ وأقوام، فالهداية بيد الله وحدَه، ومَن سبق عليه الشقاء، فلا ترجُ له خيرًا ولا هَناء. |
﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [البقرة: 197]
ما الحجُّ إلا أشهرٌ قليلة، وأيَّامٌ معدودة معلومة، فهل يُعجزك أيها المسلمُ أن تلتزمَ فيها بما أمرك الله، وتنتهيَ عمَّا نهاك؟! إنما كانت مراعاةُ الآداب في الحجِّ لتعظيم شأن الحرَم والمناسك، وكذلك ينبغي أن نكونَ في الأزمنة الشريفة والمشاهد الفاضلة على أكمل الآداب. حسبُ المؤمن دافعًا له إلى فعل الخير استحضارُه أن الله مطَّلعٌ عليه، عالمٌ بما يفعله، فهذا وحدَه جزاءٌ قبل يوم الجزاء. لا بدَّ للمسافر من زاد؛ أمَّا سفر الدنيا فزادُه الطعام والشراب والمركب؛ لتلبية رغَبات النفس وحاجاتها، وأمَّا سفر الآخرة فزادُه تقوى الله؛ لتوصلَك إلى النعيم المقيم. اتَّقوا العذاب، يا أولي الألباب؛ فإن أكمل الناس لُبًّا أكملهم تقوى، ومَن لم يتَّقِ الله فهو كمَن لا لُبَّ له. |
﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَيَسۡخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۘ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ ﴾ [البقرة: 212]
المفتونُ مَن فتنَته الحياة الدنيا بزينتها، فغدَت ملذَّاتها كلُّها أثيرةً لديه، غيرَ عابئٍ بما كان منها حرامًا. مَن وجد في نفسه تعظيمًا لزخرُف الحياة الدنيا، وازدراءً لأهل التقوى الزاهدين فيها، فإنه على خطرٍ من الذلَّة والمهانة يوم القيامة. أيها المؤمن، اثبُت على إيمانك، ولا يُزعزِعكَ استهزاءُ الكافرين، ولا سخريَّةُ العاصين؛ فإنهم إن علَوكَ في متاع دنيا، فدرجتُك عند الله في الآخرة أعلى وأرقى. هو الوهَّاب سبحانه يرزق مَن يشاء من المؤمنين والكافرين في هذه الحياة الدنيا، له الحكمةُ البالغة والمشيئةُ النافذة، وما عنده لعباده المؤمنين في الآخرة خيرٌ وأبقى. |
﴿۞ قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]
قد عُرِضَت الدَّاران، ووُصِفَت السعادتان، فقِس هذه الدارَ الجليلة بتلك الدار الوضيعة، واختَر لنفسك. لا مقارنةَ بين نِعَم الدنيا ونِعَم الآخرة، فنِعَمُ الدنيا منقطعةٌ مَشوبةٌ بالمنغِّصات، ونِعَم الآخرة باقيةٌ خاليةٌ من كلِّ شائبة. بدأ سبحانه بذِكر المَقرِّ وهو الجنَّات، ثم ثنَّى بذِكر ما يحصُل به الأُنس وهو الأزواج المطهَّرات، ثم ثلَّث بذِكر أعظم النَّعيم، وهو الفوزُ برضا الجليل العظيم. احرِص على تحقيق التقوى؛ حتى تظفرَ بما وعد الله به عبادَه المتَّقين من الرضوان والجنَّات، والزوجات المطهَّرات. إذا علمتَ ما أعدَّ الله لك من نعيم، فاعلم أنه سبحانه بصيرٌ بك وعليم؛ فاجتهد في الخلاص ممَّا لا يليق أن يعلمَه منك، حتى لا يحولَ بينك وبين التكريم. |
﴿ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 16]
ليست التقوى خمولًا وذبولًا، بل هي دأبٌ وحُسن بلاء، واستغفارٌ ودعاء، وبذلٌ وعطاء. المغفرة والنجاة من النار أعظم مطالب الأنبياء والصالحين. |
﴿ٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡمُنفِقِينَ وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]
المتَّقي حقًّا هو من يكمِّل نفسه بأنواع الطاعات، ويحلِّيها بأصناف الخيرات، ويكفُّها عن المعاصي والسيِّئات. في الصبر أداءٌ للواجب، وامتناعٌ عن المحرَّم، وثباتٌ على الحقِّ، وتسليمٌ لقدَر الله. في الصدق اعتزازٌ بالحقِّ وترفُّعٌ عن الضعف، وما الكذب إلا ضعفٌ عن كلمة الحقِّ؛ اتِّقاءً لضرر وغُرم، أو اجتلابًا لمنفعة وغُنم. في القُنوت لله أداءٌ لحقِّ الألوهيَّة، وقيامٌ بواجب العبوديَّة. في الإنفاق تحرُّرٌ من عبوديَّة المال، وإعلاءٌ لحقيقة الأخوَّة على الأنانيَّة والأثَرة، وتكافلٌ يليق بهذا الدِّين العظيم. السَّحَر من أشقِّ الأوقات استيقاظًا على الإنسان، وأحبِّها راحةً لديه، وأَولاها بصفاء القلب، وأقربها إلى إجابة الدعاء. |
﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]
شأن التوحيد عظيمٌ ومكانته عالية؛ ولذا شهد الله عليه بنفسه قولًا، وبما نصبَه من دلائله كونًا وشرعًا. مَن ضعُف علمه بـ (لا إله إلا الله)، وعَشِيَت بصيرتُه عن مقتضياتها، فليس معدودًا في العلماء وإن تزيَّا بلباسهم، وحشر نفسَه في زُمرتهم. حسبُ أهل العلم شرفًا أن الله تعالى استشهد بالعلماء على أجلِّ مشهودٍ عليه وهو توحيدُه، وقرَن شهادتهم بشهادته، وبشهادة ملائكته، ولا يستشهد سبحانه من خلقه إلا بالعُدول. ما أعظمَها من شهادةٍ تضمَّنت الدَّلالةَ على وحدانيَّة الله المنافية للشِّرك، وعدله المنافي للظُّلم، وعزَّته المنافية للعَجز، وحِكمته المنافية للجهل! العزَّة والحكمة صفتان لازمتان للقيام بالقِسط الذي هو وضعُ الأمور في مواضعها، مع القُدرة على إنفاذها. |
﴿بَلَىٰۚ مَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ وَٱتَّقَىٰ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 76]
أوفِ بعهدك مع صديقك أو عدوِّك، فإن الوفاء مرتبطٌ بصلاحك لا بمصالحك. |
﴿إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ ﴾ [آل عمران: 120]
من الكفَّار مَن يُضمر للمؤمنين عداوةً خبيثة باطنة، فضلًا عن عداوتهم اللئيمة الظاهرة، فلا يفتؤون يتمنَّون زوالَ النعمة عنهم. ما أشدَّ بغضَ الكفَّار المحاربين للمؤمنين؛ إنه ليَسوءُهم أقلُّ ما يحصل لهم من خير، ولا يسرُّهم إلا تحقُّق إصابتهم بالشَّر! المؤمن حقًّا لا يتنازل عن عقيدته مهما كانت التكاليف، ويستعين على مواجهة قوَّة الأعداء ومكرهم بالعزيمة والصبر. إن الله ليحفــظ عبــدَه المتــوكِّلَ عليـه، المستعينَ به على بلائه، فلا يزال به حتى يظفَرَ بطَلِبَته ويغلبَ خصومه. طِيبوا نفسًا أيها المتَّقون؛ فإن أعداءكم لن يوقعَ ﴿كيدُهم﴾ مهما بلغ وعَظُم ﴿شيئًا﴾ من الضرر بكم مهما قلَّ وصغُر. اعلم أن الله تعــالى محيـطٌ بمـا تُخفيـه الخلائق، فمَن أضمر شرًّا انتقم منه، ومن صبر واتَّقى أظفره بحاجته، فليطمئنَّ المؤمن، وليحذر عدوَّه. |
﴿بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 125]
بالتقوى والصبر نزلت الملائكةُ من السماء في بدر، فدفعت أهلَ الفجور والكفران، ومكَّنت لأهل الإيمان والإحسان. بقَـدر التقـوى والصـبر يكـون الفـوز والظَّفَـر؛ صـبرًا علـى أقـدار الله، وامتثالًا لأوامره، واجتنابًا لنواهيه. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130]
اجتناب الرِّبا من مقتضَيات الإيمان، والمؤمن الصادق في إيمانه يجتنبُ الرِّبا في كلِّ معاملاته. لا تزال تقوى الله تعالى تأخذُ بيد صاحبها إلى ما فيه صلاحُ حاله ونجاحُ أمره في الدنيا والآخرة، حتى يكونَ من المفلحين. |
﴿۞ وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]
أرأيت كيف قدَّم المغفرةَ على الجنَّة؟ فما أحوجَنا إلى عفو ربِّنا ومغفرته، كيف لا، ولن يدخلَ الجنَّة أحدٌ بعمله؟! تأمَّل في عِظَم هذه الجنَّة التي أعدَّها الله للمتَّقين، فكن منهم لتظفرَ بها، وتنالَ خيرها. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ﴾ [آل عمران: 136]
سبحانه من جوادٍ كريم، وغفَّارٍ رحيم، لا يمنع فضلَه عن عبده الذي عصاه متى رجعَ إليه بقلبٍ خاشع وتوبةٍ نصوح. |
﴿مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجۡتَبِي مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِيمٞ ﴾ [آل عمران: 179]
أيام الصفاء قد تخلِط بين المؤمنين والمنافقين، ولكن عند هُبوب رياح البلاء تتمايز الصفوف، ويُعرَف صادقُ الإيمان من مدَّعيه. لا يطَّلع على ما في القلوب إلا علَّامُ الغيوب، ومَن تكلَّف الحُكمَ على الضمائر فقد ادَّعى شُعبةً من علم الغيب، زادَ ما زاد. أودعَ الله تعالى في الأحداث من الحِكَم والعِبَر ما لا يعلمه إلا مَن استضاء بأنوار الوحي واهتدى بهُداه، فمَن قلَّ نورُه من مِشكاة السماء، لم يرَ العِبَر في ظلمات البلاء. تقوى الله والإيمانُ به سُلَّم الأجر العظيم، فمَن زاد رصيدُه من الإيمان والتقوى زاد نصيبُه من الأجر العظيم. |
﴿لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا نُزُلٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّلۡأَبۡرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]
قارن كمالَ حُسن حال المؤمنين وتمامَ سرورهم، وما أعدَّ الله لهم من النُّزُل الكريم، مع سوء حالِ الكفرةِ، وما أعدُّوه لأنفسهم من مأوًى مَهين؛ تجِد أن طيب المآل بطيب الأعمال، وعكسُه بعكسه. إذا كانت الجنَّة كلُّها نُزُلًا مُعدًّا للمؤمنين، فليت شِعري ما النعيمُ الذي يدَّخره الغنيُّ الكريم لهم في ذلك النُّزُل؟! |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]
على العبد أن يلازمَ الصبر، ولا ينقطعَ عن مجاهدة نفسه عليه في جميع حالاته؛ فإنَّ الصبر محتاجٌ إلى صبر. ما أفلحَ عبدٌ إلا بالصبر والمصابرة، والجهاد والمرابطة، ولا خابَ إلا وكان إخلالُه بها أو ببعضها سببَ خَيبته. إذا كان أهلُ الباطل يَمضون في باطلهم بصبرٍ وإصرار، فما أجدرَ أهلَ الحقِّ أن يكونوا أعظمَ منهم صبرًا وإصرارًا. لا ينفع المؤمنَ الصبرُ ولا المصابرة ولا المرابطة إلا بالتقوى، كما أن التقوى لا تقوم إلا على ساق الصبر، فهي صفاتٌ يقوم بعضُها ببعض. |
﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٌ عَظِيمٞ ﴾ [المائدة: 9]
الوعد بالمغفرة والأجر العظيم يحثُّ المؤمنين على العدل مع المؤالف والمخالف؛ ليكونوا بذلك متجرِّدين عن نوازع الدنيا؛ فيرتقوا إلى تلك الوعود العُليا. مهما اجتهد العابدُ في تحقيق الإيمان والعمل، فلا بدَّ من هَناتٍ وزلَل، يفتقرُ معها العاملُ إلى مغفرة ربِّه، ولا يعوِّل فيها إلا على واسع فضله ومَنِّه. مع أن الثوابَ محضُ فضلٍ من الجواد الكريم، جعله الله تعالى بمنزلة أُجرة الأجير، فمَن عمل كما طُلِب منه، نال من الله فوق تاق إليه. صلاح العمل مع الإيمان شرطُ حصولِ المغفرة والأجر العظيم، فاللهم نسألك صلاحَ النيَّة وصلاحَ العمل. |
﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا جَزَآءَۢ بِمَا كَسَبَا نَكَٰلٗا مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ﴾ [المائدة: 38]
ما أعظمَ تشريعَ الإسلام! شرَع قَطعَ وسيلة السرقة التي تساوي نصفَ دية صاحبها؛ حفظًا لأموال الناس، فإذا علم باغي الحرام بهذا المصير كفَّ يدَه عن العدوان. تشريع الحدود حكمةٌ من الله العزيز الحكيم، فهي حمايةٌ للمجتمع، وتأديبٌ للمعاقَب وتطهيرٌ له، وردعٌ عن تكرار ذنبه. العقوبة على قدر الذنب عدل، ورحمةُ المعتدي بإسقاط عقوبته جَور، ولا تصلُح حياةُ الناس إلا بالعدل والإنصاف. إن الله عزيزٌ لا يبالي بأحدٍ خالف أمرَه، وأقامت عليه الشريعة حدَّه، حكيمٌ يضع الأمورَ مواضعَها، فلو خُولفَت أحكامُه لاختلَّ أمرُ خَلقه، وتبدَّد شملُ صلاحهم. |
﴿مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ﴾ [المائدة: 103]
التشريع الوضعيُّ المخالف للوحي هو افتراء للكذب على الله؛ لأنه سبحانه أعلم بمصلحة خلقه، وله الحكمةُ البالغة فيما شرَعه لعباده. تشريع ما يخالفُ وحيَ السماء، وفرضُه على الناس، ليس من العقل والحكمة، وإنما العقلُ كلُّه والحكمة كلُّها في اتِّباع الوحي، فمَن أحلَّ أو حرَّم مع الله فقد شهدَ على نفسه بفساد عقله. |
﴿وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155]
القرآن الكريم كثيرُ البركة في ألفاظه ومعانيه، وفي تدبُّره والتأمُّل فيه، وفي استماعه والعملِ به، وفي الاحتجاج به والتحاكُم إليه. هذا القرآن عظيمُ الشأن، فبِنُونِ التعظيم عبَّر عن إنزاله، وبوصفِ البركة أثنى على ثمراته وآثاره. اتِّباع القرآنِ صدقًا لا دعوى سببٌ من أسباب نيلِ رحمةِ الله، وعلى قدر اتِّباع الإنسانِ للقرآن، ينال من رحمة ربِّه الرحيم الرحمن. |
﴿قَالَ فِيهَا تَحۡيَوۡنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنۡهَا تُخۡرَجُونَ ﴾ [الأعراف: 25]
الأرض واحدة، وحياةُ الإنسان فيها واحدة، ومكانُ الاختبار وزمانُه فيها واحد، والعاقل مَن انتهزَ هذه الفرصةَ فقَدِمَ على ربِّه بشهادة النجاح في اختباره؛ لينالَ الفلاحَ في جواره. |
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٞۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَأۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ ﴾ [الأعراف: 34]
لكلِّ أمَّةٍ أجل، فدُولٌ تَدول، وأجيالٌ تَزول، ولا يبقى منها إلا العمل. الآجال مواقيتُ لا تُؤخَّر لإرضاء الناس، ولا تُقدَّم لأمانيِّ أعاديهم، بل اللهُ يقدِّرها بعلمه، ويقضي فيها بحكمته ومشيئته. |
﴿وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ يَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُواْ يَعۡرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137]
الهوان إلى زوال، والشدَّةُ إلى ارتحال، ولكنَّ ذلك مرهونٌ بالصبر وعمل الأسباب، لبلوغ تلك الغايات المحبوبات. عن الحسنِ قال: (لو أن الناسَ إذا ابتُلوا من سُلطانهم بشيءٍ صبَروا ودَعَوا الله لم يلبَثوا أن يرفعَ اللهُ ذلك عنهم، ولكنَّهم يَفزَعون إلى السيف فيوكَلُون إليه، واللهِ ما جاؤوا بيومِ خيرٍ قطُّ)، ثم تلا: ﴿وتمَّت كلمةُ ربِّك الحسنى على بَني إسرائيلَ بما صَبَروا﴾ . مَن قابل البلاءَ بالجزَع وكَلَه الله إليه، ومَن قابلَه بالصبر وانتظار الفرَج أتاه ما كان يرجو، ورحل عنه ما ضاق به. |
﴿وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِينَ رَجُلٗا لِّمِيقَٰتِنَاۖ فَلَمَّآ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِيَّٰيَۖ أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآۖ إِنۡ هِيَ إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهۡدِي مَن تَشَآءُۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۖ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡغَٰفِرِينَ ﴾ [الأعراف: 155]
الجأ إلى ربِّك في كلِّ أحوالك؛ إن طلبتَ رحمتَه أو خشيتَ عقوبتَه، وفرَّ إليه إن خفتَ مؤاخذَته أو رجَوتَ فضلَه، فإنه كريمٌ رحيم. الإشراك دليلٌ على ضعف العقل، وظلام البصيرة، فكيف يقبلُ عاقلٌ اتِّخاذَ العِجلِ إلهًا معبودًا؟! كثرة طمع العبد في رحمة الله ويقينُه بها يجعلُه يستبعد إهلاكَ البُرَآء، بأفعال الفسَّاق السفهاء. الفِتَن تمحيصٌ للمهتدين، وهلاكٌ للضالِّين، ففي خِضمِّها يصيرُ المهتدون متيقِّظين، والضالُّون غافلين. إذا دعوتَ اللهَ فكِل الحُكمَ إليه، واطرَح فاقتَك بين يديه، وتضرَّع إلى رحمته، وأثنِ عليه، كما فعل نبيُّ الله موسى. كلُّ غافرٍ سوى الله تعالى فإنما يغفِر لغرض؛ كالرغبة في الثناء الجميل، أو طلب الثواب الجزيل، أمَّا الله جلَّ جلاله فيغفر لمَحض فضله وكرمه. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانٗا وَيُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29]
تظلُّ الطرقُ متشابكةً في النظر والفكر، ويبقى الباطلُ متلبِّسًا بالحقِّ، حتى يأتيَ نورُ التقوى فيزيحَ ظلمات الالتباس فيتَّضحَ الطريق. استقامتُك على أمر الله، واجتنابُك ما نهاك عنه، يكفِّرُ عنك ذنوبَك، وكفى بذلك منفعة. ما أحسنَ موقعَ الفضلِ من قلب الإنسان! فكيف بفضلٍ واهبُه الله الكريم، ووصفَه بأنه جليلٌ عظيم؟! |
﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [يوسف: 109]
أرسل الله رسُلًا من أهل الحَضَر؛ لأن القُرى أوسع في المدعوِّين، وأعظم تأثيرًا في غيرها، وأجمع لموارد العلم ومصادره، وقد بُعث صفوةُ الرسُل في أمِّ القرى. تبصَّر السبيلَ الذي سلكه الأقوامُ من قبلك، فأيُّ طريقٍ أفضى إلى هلاكِ أصحابه فلا تَرِده، فالعاقل من اعتبرَ بما جرى لغيره، والجاهل من لا يعتبرُ إلا بنفسه. يا بشرى المتَّقين بالمستقبل المشرقِ الذي ينتظرُهم في الدار الآخرة! أحوال الأمم السالفة، وما أعدَّه اللهُ للأبرار في الآخرة، كلاهما مما يَبعثُ الناسَ على استعمالِ عقولهم، والتفكيرِ في مآلهم. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ ﴾ [الحجر: 45]
يا بشرى المتَّقين بوعد ربِّ العالمين! فهم بعد البلاء في الجنَّات سالمون آمنون، وفي هناء النعيم خالدون، فانصَبِ اليوم في طاعة الله تَنعَم في الجنَّة بالراحة والرخاء. لا يليق بالجنَّة أن يدخلَها أحدٌ وفي قلبه شيءٌ من الفساد، ولا يطيب لقاء الإخوة إلا بعد صفاء المودَّة، فإذا كنَّا سنقابل إخواننا في الجنَّة إن شاء الله متآلفين، فعلامَ نتمادى في الخصومة متنافرين؟! |
﴿ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ ﴾ [الحجر: 46]
يا بشرى المتَّقين بوعد ربِّ العالمين! فهم بعد البلاء في الجنَّات سالمون آمنون، وفي هناء النعيم خالدون، فانصَبِ اليوم في طاعة الله تَنعَم في الجنَّة بالراحة والرخاء. لا يليق بالجنَّة أن يدخلَها أحدٌ وفي قلبه شيءٌ من الفساد، ولا يطيب لقاء الإخوة إلا بعد صفاء المودَّة، فإذا كنَّا سنقابل إخواننا في الجنَّة إن شاء الله متآلفين، فعلامَ نتمادى في الخصومة متنافرين؟! |
﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]
يا بشرى المتَّقين بوعد ربِّ العالمين! فهم بعد البلاء في الجنَّات سالمون آمنون، وفي هناء النعيم خالدون، فانصَبِ اليوم في طاعة الله تَنعَم في الجنَّة بالراحة والرخاء. لا يليق بالجنَّة أن يدخلَها أحدٌ وفي قلبه شيءٌ من الفساد، ولا يطيب لقاء الإخوة إلا بعد صفاء المودَّة، فإذا كنَّا سنقابل إخواننا في الجنَّة إن شاء الله متآلفين، فعلامَ نتمادى في الخصومة متنافرين؟! |
﴿لَا يَمَسُّهُمۡ فِيهَا نَصَبٞ وَمَا هُم مِّنۡهَا بِمُخۡرَجِينَ ﴾ [الحجر: 48]
يا بشرى المتَّقين بوعد ربِّ العالمين! فهم بعد البلاء في الجنَّات سالمون آمنون، وفي هناء النعيم خالدون، فانصَبِ اليوم في طاعة الله تَنعَم في الجنَّة بالراحة والرخاء. لا يليق بالجنَّة أن يدخلَها أحدٌ وفي قلبه شيءٌ من الفساد، ولا يطيب لقاء الإخوة إلا بعد صفاء المودَّة، فإذا كنَّا سنقابل إخواننا في الجنَّة إن شاء الله متآلفين، فعلامَ نتمادى في الخصومة متنافرين؟! |
﴿۞ وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡۚ قَالُواْ خَيۡرٗاۗ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۚ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞۚ وَلَنِعۡمَ دَارُ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30]
المتَّقون يدركون أن الخير هو قِوام دعوةِ الحق، وأساسُ ما أنزل ربُّهم من أمرٍ ونهي، وتوجيهٍ وتشريع. مَن أوتيَ القرآنَ فقد أوتيَ الخيرَ كلَّه، فلا ينبغي له أن يَرى أحدًا من أهل الدنيا خيرًا منه، وإلا سخِطَ نعمةَ الله تعالى عليه. إذا رأيتَ عاقبةَ مَن يرى القرآنَ أساطيرَ الأولين، ومَن يراه الخيرَ كلَّه، علمتَ أن لكل قولٍ ما يستحقُّ صاحبُه من العقابِ أو الثواب. مَن أحسنَ في هذه الدنيا بالإيمان والطاعة جوزيَ بحالةٍ حسنة من النصر والعزِّ، مع الهداية إلى القول السديد، والفعل الحسَن الرشيد، الذي يكون به الفوز في الآخرة. مهما كانت دنيا المؤمن رضِيَّة، وعيشتُه فيها هنيَّة، فإن الآخرة خيرٌ له منها؛ صفاءً ودواما، وعطاءً وإنعاما، وملذَّاتٍ ومسَرَّات. |
﴿جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ لَهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَۚ كَذَٰلِكَ يَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 31]
لا يجدُ المرءُ جميعَ ما يشتهي إلا في الجنَّة، فهنالك لذَّة القلوب، وسرورُ الأرواح، وما لا يخطُر على قلب بشرٍ من ألوان السعادة. تقوى اللهِ تعالى هي بابُ دخول الجنَّة، فما طرقَه صادقٌ إلا عظُم رجاؤه بدخول تلك الدار. |
﴿ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [النحل: 32]
لا تزيد البلايا المؤمنين إلا طِيبًا، فبها يؤهَّلون لدار الإكرام، ويُتلَقَّون هناك بالترحيب والسلام. كيف لا تَطيب قلوبٌ أُشربت معرفةَ الله ومحبَّتَه، وألسُنٌ لَهِجَت بذكره والثناءِ عليه، وجوارحُ عملت بطاعته؟! لا يدخل الجنَّةَ إلا نفسٌ طاهرةٌ من خَبَث الذنوب، فما أعظمَ ما يُقال للمتَّقين: ﴿طِبتُم فادخُلوها خالدين﴾ . |
﴿تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنۡ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّٗا ﴾ [مريم: 63]
إذا كان ميراثُ الجنة سببُه التقوى والعمل الصالح، فإن سهم كلِّ وارث فيها بحسب نصيبه من التقوى والعمل. |
﴿ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّٗا ﴾ [مريم: 72]
نجا المتَّقون برحمة الله وحدَه، ولولاها ما جاز الصراطَ المَهولَ منهم أحد. لما توقَّى أهل الإيمان المعاصي في الدنيا، وقهروا شهواتهم، وقاهم الله نار الآخرة. |
﴿وَنَسُوقُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرۡدٗا ﴾ [مريم: 86]
كيف بك لو كنتَ في هذا الوفد المكرَّم؟ إذا أردتَ ذلك الإكرام هنالك فكن من المتقين. حُشر المتقون إلى الرحمن، وهو أعظم من أن يقال: حشروا إلى الجنة، وأما المجرمون فإنهم يُساقون رغمًا عنهم عِطاشًا إلى النار، وما أبعد الماء عن النار! وشتان ما بين الفريقين. |
﴿وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ ﴾ [طه: 132]
تزكية الإنسان نفسَه يكمل تمامها بنصحه لغيره، بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وأحقُّ الناس بذلك الأهل، وأعظم النصائح بعد التوحيد النصيحة بالصلاة. مَن ظن أن إقامة الصلاة، والأمر بها، وتفريغَ جزء من الوقت عن المصالح الدنيوية لأجلها هدرٌ اقتصادي، وتأخير لعجلة التنمية، فليراجع نفسه، وليعلم أن الرزق بيد من شرع الصلاة. انشغل بما أُمرت به، ولا تشغَل بالك فيما ضُمن لك، فأقم صلاتك واصطبر عليها، وأبشر برزقك المقسوم؛ فإنه لك مضمون. كن من المتقين الذين زهدوا في الحياة الدنيا، وأقاموا الصلاة، وأمروا بها، وأبشر بعدها بالعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة. |
﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ٱلۡفُرۡقَانَ وَضِيَآءٗ وَذِكۡرٗا لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ [الأنبياء: 48]
إن القلب البشري لَيظلُّ مظلمًا حتى يشرق فيه نور الإيمان والوحي فينير جوانبه، ويتكشَّف له منهجه، ويستقيم له اتجاهه، ولا تختلط عليه بعد ذلك القيم والمعاني والتقديرات. |
﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ ﴾ [النور: 52]
المؤمن يتردَّد بين الخشية والتقوى، فيخشى الله على ما مضى من ذنوبه، ويتَّقيه بفعل الخير من أجله، وتجنُّبِ ما نهى عنه من معصيته، وذلك طريقه إلى الفوز برضا ربَّه، ودخول جنَّته. |
﴿قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا ﴾ [الفرقان: 15]
ما أحسنَ التقوى سبيلًا إلى جنة المأوى التي يُجزى بها المتقون على صالح أعمالهم، ويصيرون إليها بعد ذهاب دنياهم! |
﴿لَّهُمۡ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَٰلِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعۡدٗا مَّسۡـُٔولٗا ﴾ [الفرقان: 16]
من أعظم النعيم أن ينال الإنسان كل ما يروم، وذلك غير متحقق في الدنيا، ولكنه حظ مما يلقاه المتَّقي في الجنة، فهنالك يحصُل على ما يشاء. مَن نال نعمةً تامَّة خاف زوالها وانتقالها، وذلك ممَّا يكدِّر عليه تمام التلذُّذ بها، لكن أهل الجنَّة في نعيمهم التامِّ خالدون، وهم على زواله لا يقلقون ولا يخافون. سبحان الإله الجواد الذي يعِدُ عباده المؤمنين بالنعيم المقيم والثواب العظيم، فضلًا منه وكرمًا، وهو في ذلك غيرُ مخلفٍ لهم وعده! |
﴿وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ ﴾ [الشعراء: 90]
ما أقربَ المتقين من الجنان، وأدنى الغاوين من النيران! فزد تقوًى تزدد من الجنة قربًا، وإياك وزيادةَ الغَواية؛ فإنها تدني من النار. |
﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]
من أراد الآخرة لم يَدَع العلوَّ والفساد فحسب، وإنما يدَعُ كذلك إرادتهما، ويحفظ قلبه من الميل إليهما. حينما يبغي المرء العلوَّ في الأرض ليحقِّقَ لنفسه حظوظها، فإنه لا بدَّ أن ينجرَّ إلى فعل الفساد، حتى يحقِّقَ ذلك المراد. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ﴾ [الأحزاب: 70]
ينبغي أن تكونَ أفعال المؤمن دائرةً على التقوى، وأقوالُه موافقةً للحقِّ والهدى. ما من شيء أذهبُ بالرشد، وأجلب للضُّر، وأقتل للتقوى من اللسان السائب. |
﴿هَٰذَا ذِكۡرٞۚ وَإِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ لَحُسۡنَ مَـَٔابٖ ﴾ [ص: 49]
مَن اتَّقى اللهَ أكرمه بطِيب الثناء في الدنيا، وبحُسن المآب في الآخرة. |
﴿إِنَّ هَٰذَا لَرِزۡقُنَا مَا لَهُۥ مِن نَّفَادٍ ﴾ [ص: 54]
إن الله يرزق البَرَّ والفاجر في الدنيا، فما الظنُّ برزقه لأهل طاعته في دار الجزاء؟ إنه عطاء دائم غير مقطوع ولا منقوص. |
﴿قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ ﴾ [الزمر: 10]
هذا الخطابُ لك أنت أيُّها المؤمن، فلا تغترَّ بإيمانك وصلاحك، فإنك أولى الناس بالتقوى ومراقبة الله في السرِّ والعلن. ما أجزلَ جزاءَ الله، وما أوسعَ عطاءه؛ حسنةٌ في الدنيا القصيرةِ الأيام، يقابلها حسنةٌ في الآخرة دارِ البقاء والدوام! ليس لك من عُذر أيُّها المسلم في ترك الواجبات واقتراف المنكَرات، فإن أُرغمتَ على الباطل في مكان فأرضُ الله واسعة. يعلم الله مشقَّةَ الهجرة من الوطن، وكراهية النفوس للنأي عن الدار والأهل، فأعدَّ للمهاجرين في سبيله أجرًا دائمًا لا ينقطع. ثواب الصبر في الدنيا حسناتٌ في الآخرة بلا حدٍّ ولا عدٍّ، فأين الصابرون المتجلِّدون المحتسبون من هذا الأجر العظيم؟ |
﴿لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ غُرَفٞ مِّن فَوۡقِهَا غُرَفٞ مَّبۡنِيَّةٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ ٱلۡمِيعَادَ ﴾ [الزمر: 20]
المتَّقون الصالحون لهم من فوقهم غُرف، ومن تحتهم الأنهار، والناكصون الخاسرون لهم من فوقهم ظُلل من النار، ومن تحتهم ظُلَل، فما أبعدَ الفرقَ بين هذا التبشير وذاك التهديد، وبين هذا الوعدِ وذلك الوعيد! يا له من تحفيز إلى العمل الطاهر، وتشويقٍ إلى الجزاء الوافر، فاستحضِر أيُّها المسلمُ أنك بتقواك لله تسعى في بناء بيت لك في الجنَّة. |
﴿وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 33]
جميعُ خِصال التقوى ترجِع إلى الصِّدق بالحقِّ والتصديق به، فيا فوزَ مَن حاز الصفتَين، وجمع بين الحُسنيَين. العبرة ليست بتنميق الكلام وحلاوة اللسان، ولكن بما في القول من حقٍّ وصدق، وإيمان ويقين، ولا يوفَّق لهذا إلا تقيٌّ أمين. |
﴿لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴾ [الزمر: 34]
أحسَنوا في الأولى بأن سلَّموا له ما يشاء، فأحسنَ إليهم في الأخرى بأن سلَّم لهم ما يشاؤون. القرب من الله من أعظم لذائذ الآخرة، وهو كرمٌ منه سبحانه فوق كلِّ ما يؤتيه للمتَّقين المحسنين، أن يكونوا ﴿عندَ ربِّهم﴾ جلَّ وعلا. |
﴿لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [الزمر: 35]
ما أحسنَ المعاملةَ مع الله تعالى؛ يكفِّر عظيمَ الخطايا، ويُثيب على أفضل الطاعات، إنها تجارة رابحة، فأين المتاجرون؟ |
﴿وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ بِمَفَازَتِهِمۡ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]
كما وقى الله المتَّقين في الدنيا من المخالفات، حماهم يومَ القيامة من العقوبات، فما أسعدَهم بتقواهم! أهل الورع والتقوى لا يحزنون لشيء من حظوظ الدنيا بعد فواتها؛ لأن قلوبهم معلَّقة أبدًا بربِّهم، يرجون رحمته ويخشَون عذابه. |
﴿وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]
هذه هي اللحظة التي طالما اشتاقت إليها نفوسُهم وتطلَّعت إليها أرواحُهم، إنها لحظة اللقاء مع خالقهم، ومَن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه. حتى المؤمنون المصطَفَون يدخلون الجنَّة زُمَرًا متفاوتة بتفاوت أعمالهم ومراتبهم بالتقوى، فهنيئًا لمَن كان في زُمرة المحسنين السابقين بالخيرات. مواكب الإيمان تنطلق إلى ربِّها جماعاتٍ جماعات والشوقُ يَحدُوها، والسرور يَغمُرها، وأبواب الجنَّة تتفتَّح لها، وملائكة الرحمن تستقبلها: سلامٌ عليكم من كلِّ آفة، طابت أحوالكم، فادخلوا الجنَّة خالدين فيها. |
﴿وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ ﴾ [الزمر: 74]
يعجِز لسان المؤمن عن التعبير عن الرضا بجزاء الله يوم القيامة، فينطق القلب منه بحمد الله والثناء عليه صادقًا مخلصًا. صدقوا الله في الدنيا إيمانًا ويقينًا واستقامة على الحقِّ، فصَدَقَهم الله في الآخرة وعدَه؛ فأكرمهم ونعَّمهم. انطلِقوا أيُّها المكرَّمون في جنَّات الخلود حيث شئتم، وارتَعوا أنَّى رغبتم، فطالما اجتهدتُّم في اجتناب مواطن الحرام والشبهة طاعةً لربِّكم. إنه أجرٌ جزيل كثير، وعطاءٌ عظيم وفير لمَن طلب رضا الله واتَّبع هداه، وأنعِم به من أجر وجزاء، فلنحرِص أن نكونَ له أهلا. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ ﴾ [الدخان: 51]
تمام طِيب العيش باجتماع أمرين؛ طِيب المكان وجماله، وتحقُّق الأمن والأمان فيه، وليس ذلك إلا للمتَّقين، جعلنا الله منهم. قُل للباحثين عن الأمن والأمان، والسَّكينة والسلام: إنكم لن تجدوها خالصةً من شوائب المنغِّصات إلا في الجنَّات، فأعدُّوا لها بالتقوى عُدَّة. |
﴿فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [الدخان: 57]
حذار أن تتَّكلَ أيُّها العبدُ على عملك، فلن يُنجيَك إلا فضلُ الله عليك؛ ﴿قُل بفَضلِ اللهِ وبرَحمَتِه فبِذَلِكَ فليَفرَحُوا هو خَيرٌ ممَّا يَجمَعُون﴾ . كيف لا يكون الفوز بالجنان، والنجاة من مصير أهل الكفر والعصيان، فوزًا عظيمًا، وهو فوزٌ براحة الأبد. |
﴿مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ ﴾ [محمد: 15]
سيُعاين المتَّقون هذا الوعدَ يوم القيامة ماثلًا أمامهم بغرائبه وعجائبه التي لا تَخطُر على قلب بشر. هذا جانبٌ من تلك اللذَّات التي ادَّخرها الله لعباده، يصوِّرها سبحانه في تسلسل بديع لينعشَ قلوبًا حَرَّى ويُذهب ظمأها. للمؤمن في الجنان أن يتنعَّمَ بكلِّ ما يشتهي، فلا قيودَ على تلك الرغَبات، ولا حدود لتلك الملذَّات. بهذه المغفرة تَطيبُ الخواطر ويحصُل الأنس وتكتمل اللذَّة ويطرح الخوف ويزول القلق، فهم في راحة في نفوسهم وأبدانهم. يا لَسوء حال مَن كانت النارُ منزله، فهو خالد في ذلك العذاب، يتقلَّب فيه، وإن استغاث فلن يُغاث. |
﴿إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ وَلَا يَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَٰلَكُمۡ ﴾ [محمد: 36]
مهما جلب اللعبُ واللهو من سعادة وانبساط فهو محدودٌ لا يدوم طويلًا، فأشغِل نفسك بما يَجلِب لك سعادةً أبديَّةً دائمة. بالإيمان والتقوى يبني المرء جنَّته في حياته الدنيا، ويوجِّه الحياة الوِجهة الصحيحة التي يريدها ربُّ العالمين. عوائد الأعمال تَفِيض عليك بصلاح الحال والمآل، فمَرَدُّ نفعها إليك، والله مستغنٍ عن عباده. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ ﴾ [الحجرات: 13]
النداء للناس نداءٌ سماويٌّ لهم كافَّة، بأن منشأهم واحد، وأصلهم واحد، فلا يختلفوا ولا يتفرَّقوا. الأصل أن تبايُن قبائل الناس وسيلةٌ للتعارف والتحابِّ، لا أن يُتَّخذَ مطيَّةً للتباغض والتفاخر. مَن أكرمه الله عزَّ وجلَّ حاز أسبابَ السعادة، ونال مقاليد النجاة، ولا أكرمَ على الله تعالى ممَّن اتقاه، وحفظ حدوده في سرِّه ونجواه. ردَّ الله تعالى التقوى لعلمه وخبرته ليقطعَ بذلك طريق مَن ادَّعاها، فلا تزكيةَ للنفس، ولا ادعاء بحيازتها الفضائل. |
﴿وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ ﴾ [ق: 31]
يا له من شرفٍ للمؤمن الذي تقرَّب إلى ربِّه في الدنيا؛ تُدنى منه الجنَّة على جلالها وتقرَّبُ إليه؛ مبالغةً في تكريمه والإنعام عليه. |
﴿هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖ ﴾ [ق: 32]
وعدُ الله كائنٌ لا محالة، فلنتجمَّل بحفظ العهد والرجوع دومًا إلى الحقِّ؛ لنفوزَ بجميل وعده سبحانه. إذا ما خلَوتَ يومًا بنفسك، ودعَتكَ إلى معصية ربِّك، فذكِّرها بما أعدَّ الله للأوَّابين، فلا أخسرَ ممَّن باع هذه المنزلةَ بشهوة عابرة. |
﴿مَّنۡ خَشِيَ ٱلرَّحۡمَٰنَ بِٱلۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٖ مُّنِيبٍ ﴾ [ق: 33]
وعدُ الله كائنٌ لا محالة، فلنتجمَّل بحفظ العهد والرجوع دومًا إلى الحقِّ؛ لنفوزَ بجميل وعده سبحانه. إذا ما خلَوتَ يومًا بنفسك، ودعَتكَ إلى معصية ربِّك، فذكِّرها بما أعدَّ الله للأوَّابين، فلا أخسرَ ممَّن باع هذه المنزلةَ بشهوة عابرة. |
﴿ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٖۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡخُلُودِ ﴾ [ق: 34]
مسكينٌ من يفوته هذا المدخل الكريم: خلودٌ أبديّ، وبقاءٌ سَرمَديّ، في نعيم لا يَزول، وسعادة لا تَحول. |
﴿لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيۡنَا مَزِيدٞ ﴾ [ق: 35]
عطاء الله غيرُ محدود، وكرمُه لا تحُدُّه حدود، يثيب أهلَ جنَّته بتحقيق مآربهم وما يشتهون، ويزيدُهم من فضله أضعافَ أضعافِ ما يؤمِّلون. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ ﴾ [الذاريات: 15]
مَن أطاع الله في الدنيا عن رضًا وتسليم، أثابه مولاه وخصَّه بالنعيم، فأين المشمِّرون المحسنون؟ لا يجني طيِّبًا إلا مَن زرع طيِّبًا، والله لا يُضيع أجرَ من أحسن عملًا. |
﴿وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ ﴾ [الذاريات: 19]
يا لها من مرتبةٍ رفيعة؛ أن يفرضَ المرء على نفسه البذلَ عن طيب خاطر؛ رجاءَ ما عند الله! من كمال الكرم والسَّخاء، تحرِّي الفقيرَ المتعفِّفَ الذي لا يسأل الناسَ لشدَّة الحياء. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَعِيمٖ ﴾ [الطور: 17]
تقدَّم الوعيدُ بالجحيم والعذاب، وأعقَبه الوعدُ بالنعيم والثواب، ليُحلِّقَ العبدُ دومًا في العَلاء؛ بجناحَي الخوف والرجاء. كلماتٌ قليلةُ المباني كثيرةُ المعاني؛ تبشِّر الصالحين الأتقياء، بأوفى ثواب وجزاء. ولمثل هذا فليعمَل العاملون. ما استحقُّوا هذا النعيمَ إلا بالتقوى؛ بامتثال ما أُمروا به، واجتناب ما نُهوا عنه، فاحذَر أن تُفقدَ حيثُ أُمرتَ، وأن تكونَ حيثُ نُهيت. |
﴿فَٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ وَوَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ ﴾ [الطور: 18]
تقدَّم الوعيدُ بالجحيم والعذاب، وأعقَبه الوعدُ بالنعيم والثواب، ليُحلِّقَ العبدُ دومًا في العَلاء؛ بجناحَي الخوف والرجاء. كلماتٌ قليلةُ المباني كثيرةُ المعاني؛ تبشِّر الصالحين الأتقياء، بأوفى ثواب وجزاء. ولمثل هذا فليعمَل العاملون. ما استحقُّوا هذا النعيمَ إلا بالتقوى؛ بامتثال ما أُمروا به، واجتناب ما نُهوا عنه، فاحذَر أن تُفقدَ حيثُ أُمرتَ، وأن تكونَ حيثُ نُهيت. |
﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [الطور: 19]
من أطاعَ الله في الدنيا، واتَّقاه في مَطعَمه ومَشرَبه وسائر شؤونه؛ منَّ عليه في الآخرة بصُنوف النعيم المقيم، وألوان التشريف والتكريم، ذلك فضلُ العزيز الكريم. |
﴿مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ ﴾ [الطور: 20]
من أطاعَ الله في الدنيا، واتَّقاه في مَطعَمه ومَشرَبه وسائر شؤونه؛ منَّ عليه في الآخرة بصُنوف النعيم المقيم، وألوان التشريف والتكريم، ذلك فضلُ العزيز الكريم. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَهَرٖ ﴾ [القمر: 54]
نصيبُ العبد من الجنَّات والأنهار بقَدر تقواه وخوفه من ربِّه وعمله بطاعته، فليستكثِر منها أو يُقِلَّ. لا يليقُ بمقاعد الصِّدق إلا الصدِّيقون؛ الذين صدَقوا الله في دنياهم، فأنزلهم إيَّاها في أُخراهم. إنَّ مُلكَ الله وقُدرتَه لا تحيط بكُنههما الأفهام، وإنَّ إكرام الله لعباده يومَ القيامة ممَّا يجلُّ عن البيان، وتكلُّ دونه الأذهان. أيها العبدُ، إن ضاقت بك الأرضُ بقَهر الرجال وظلم الفجَّار، فارفع إلى السماء كفَّيك وسَل الله باسمَيه الجليلَين: المليك المقتدر. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ نُورٗا تَمۡشُونَ بِهِۦ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [الحديد: 28]
من فضل الله تعالى على عباده المتَّقين أنه ينوِّر طريقَهم في الدنيا ليزدادوا بِرًّا وتقوى، وينوِّر طريقَهم على الصِّراط في الآخرة إكرامًا وثوابًا. خطواتُنا في الدنيا تحتاجُ إلى نور يضيء لها الطريق، ونصيبُنا من ذلك النور بقَدر تقوانا ومتابعتنا الرسول ﷺ. نورُ الله هو العلم بالقرآن والسنَّة ليسيرَ عبادُه إليه، على بصيرة وحُجَّة، وطريقُ تحصيل العلم هو الاجتهادُ في تقوى الله والعمل به. ما أفقرَنا إلى مغفرةٍ منكَ يا رب، تمحو بها ذنوبَنا وتستر عيوبَنا، وإلى رحمةٍ منك تسدِّدنا وتُصلح قلوبَنا وتقوِّم سلوكنا. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدۡ ظَلَمَ نَفۡسَهُۥۚ لَا تَدۡرِي لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ أَمۡرٗا ﴾ [الطلاق: 1]
يتجلَّى في هذه السورة وما فيها من أحكام حرصُ الإسلام على المرأة وحفظِ حقوقها، ورعاية فطرتها وحاجاتها، على نحوٍ لم تعرفه شريعةٌ أخرى ولا قانون! لا ينبغي أن يكونَ الطلاق عن نَزوة أو غَضبة أو تعجُّل، ولكنَّه قرارٌ خطير لمصير أسرة يجب التأنِّي فيه، واتخاذُه عن تدبُّر وتعقُّل. ظُلم الرجل لزوجته إنما هو ظلمٌ لنفسه؛ لأنه تعدٍّ على حدود الله تعالى، والظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة، فإيَّاك وإياه. لا تتعجَّل أيها المسلمُ في قطع حبالك مع الآخرين، فلعلَّ الله يُحدث بعد الخلاف أمرًا من تقليب القلوب من بُغض إلى محبَّة، ومن غضب إلى رضًا. قد تستغرق النفسُ البشرية اللحظةَ الحاضرة بآلامها وأحزانها، فتعيشُ في سجن الحاضر وكأنه قضاءُ الأبد الدائم، وما هذا إلا وهمٌ يجب التحرُّر من قيوده. |
﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ﴾ [الطلاق: 2]
الإمساكُ بالمعروف مقدَّم على المفارقة بالمعروف؛ لما فيه من حفظٍ لكِيان الأسرة، ورَأبٍ لصَدعها، وإصلاحٍ لنفوس أفرادها. إنما استُحبَّ إمساكُ الزوجة وإرجاعُها؛ حفاظًا على وشائج القُربى واستقرار الأسرة، فلزم أن يكونَ بالمعروف، لا لغرَض الإضرار والانتقام. الزواج ميثاقٌ غليظ بين الأزواج، لا ينبغي أن يُهتكَ إلا بحقٍّ، وبشهادةٍ خالصةٍ لله تعالى، يكون التعاملُ فيها معه سبحانه قبل أن يكونَ مع الزَّوج أو الزَّوجة. تقوى الله تحمل صاحبَها على العدل والإحسان، ومن هنا قال الحسن البصريُّ: (زوِّج ابنتَكَ التقيَّ؛ فإنه إن أحبَّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها). أعظم الناس انتفاعًا بالمواعظ مَن رسَخَ الإيمانُ في قلبه، فبمقدار إيمانه يكون انتفاعُه واتِّعاظُه. لمَّا كان الطلاق مَظِنَّة الوقوع في الضِّيق والكَرْب حثَّ الله على التقوى فيه، فإنَّ مَن اتَّقاه في الطلاق وغيره جعل له فرَجًا ومخرجًا. قال بعض السلف: (لو أن السماوات والأرض كانتا رتقًا لجعل الله للمتقين مخرجا). إذا رَجَت المرأةُ في طلاقها الفرَجَ والأجر، والمخرَجَ واليُسر، فعليها بشرطه وهو تقوى الله تعالى. |
﴿وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ﴾ [الطلاق: 3]
ليس الرزقُ محصورًا بما يأتيك من مال، ولكنَّ كلَّ خير يصيبك في دينك ودنياك، وكلَّ شرٍّ يُصرَف عنك هو من رزق الله، وأعظمُ الرزق رزق القلب. سنَّةٌ بيِّنة لذوي الأبصار: مَن توكَّل على غير الله وَكَلَه الله إليه فزلَّ وضلَّ؛ لأنه لا يعلم الخيرَ والمصالح ويوفِّق إليها إلا هو سبحانه. كيف يبتئسُ مَن علم أن الله مالكٌ لكلِّ شيء، ومتصرِّفٌ بكلِّ شيء، وجاعلٌ لكلِّ شيء قدرًا وأجلًا؟ |
﴿وَٱلَّٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَۚ وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا ﴾ [الطلاق: 4]
ألا ما أوسعَ فضلَ الله على عباده؛ لم يدَعهُم في حَيرة من أمرهم وشك، ولكن فصَّل لهم الأحكامَ بأبلغ بيان، ووضَّحها بأحكم تبيان، ليكونوا على بيضاء نقيَّة. مَن لم يتَّقِ الله في الطلاق وغيره أوقع نفسَه في الشدائد والأغلال حتى يعجِزَ عن التخلُّص منها، والتحرُّر من تبعتها، فيندمَ ندامةً عظيمة. مع التقوى تكون الفسحةُ واليُسر، ومع المعاصي يكون الضيقُ والعُسر، ﴿ومَن أعرَضَ عن ذِكرِي فإنَّ له مَعِيشةً ضَنْكًا﴾ . |
﴿ذَٰلِكَ أَمۡرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُۥٓ إِلَيۡكُمۡۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُعۡظِمۡ لَهُۥٓ أَجۡرًا ﴾ [الطلاق: 5]
طاعةُ الله تعالى في أوامره وأحكامه تحقيقٌ لمعنى الإيمان؛ كيف لا، وقد أنزل الله هذه الأحكامَ للمؤمنين ليعملوا بها؛ رحمةً منه وفضلًا؟ إذا ما علمتَ أيها المسلمُ أن أحكام دين الله هي وحيٌ منه سبحانه، أنزلها لصلاح البشَر في عاجل أمرهم وآجله، فاحرِص على رعاية أمر الله والعلم به والعمل بمقتضاه. |
﴿إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [القلم: 34]
اجعل الجنَّةَ وما أعدَّه الله لأهل طاعته فيها من نعيم دائم نُصبَ عينيك، فإنَّ ذلك أدعى إلى نشاطك في الطاعات، وشحذ همَّتك إلى الصالحات. تعالى الله الحكَمُ العدل أن يساويَ بين المؤمنين الصَّالحين، والكفَّار الفاجرين؛ ﴿أفمَن كان مُؤمِنًا كمَن كان فاسِقًا لا يَستَوُون﴾ . |
﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ﴾ [نوح: 3]
إنها خلاصةُ دعوة المصلحين في كلِّ جيل من الأجيال؛ إفرادُ الله بالعبادة، ومخافةُ نقمته وخشيةُ عقابه، وطاعةُ أنبيائه ورسله. تقوى الله هي الضمانةُ الحقيقيَّة لاستقامة الناس على منهج الحقِّ، وعدم التلفُّت عنه إلى هنا أو هناك، وهي الباعثُ على مراقبة الله، بلا رياء ولا مماراة. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ ﴾ [المرسلات: 41]
شتَّانَ بين ظلال النعيم هذه وظلال الجحيم تلك، فمَن خاف مقامَ ربِّه في الدنيا تنعَّمَ بها واستروحَ بطعامها وشرابها، ويا فوزَ المُحسنين. قَضَوا حياتهم مُحسنين، فاستحقُّوا أشرفَ التكريم، بنعيمٍ دائم مقيم، وعيشٍ رغيد كريم. |
﴿وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشۡتَهُونَ ﴾ [المرسلات: 42]
شتَّانَ بين ظلال النعيم هذه وظلال الجحيم تلك، فمَن خاف مقامَ ربِّه في الدنيا تنعَّمَ بها واستروحَ بطعامها وشرابها، ويا فوزَ المُحسنين. قَضَوا حياتهم مُحسنين، فاستحقُّوا أشرفَ التكريم، بنعيمٍ دائم مقيم، وعيشٍ رغيد كريم. |
﴿كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾ [المرسلات: 43]
شتَّانَ بين ظلال النعيم هذه وظلال الجحيم تلك، فمَن خاف مقامَ ربِّه في الدنيا تنعَّمَ بها واستروحَ بطعامها وشرابها، ويا فوزَ المُحسنين. قَضَوا حياتهم مُحسنين، فاستحقُّوا أشرفَ التكريم، بنعيمٍ دائم مقيم، وعيشٍ رغيد كريم. |
﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴾ [المرسلات: 44]
شتَّانَ بين ظلال النعيم هذه وظلال الجحيم تلك، فمَن خاف مقامَ ربِّه في الدنيا تنعَّمَ بها واستروحَ بطعامها وشرابها، ويا فوزَ المُحسنين. قَضَوا حياتهم مُحسنين، فاستحقُّوا أشرفَ التكريم، بنعيمٍ دائم مقيم، وعيشٍ رغيد كريم. |
﴿إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾ [النبأ: 31]
نصيبُك من الظفَر بالمحبوب، والنجاة من المكروه، بمقدار نصيبك منَ التقوى، فعليكَ بالتقوى؛ فهي دومًا أبقى وأقوى. |
﴿جَزَآءٗ مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابٗا ﴾ [النبأ: 36]
لو جُوزوا بأعمالهم ما بلغوا هذا النعيمَ العظيم؛ ولكنَّ الله جازاهم بمقتضى وعده جزاءً مضاعفًا، وأعطاهم عطاءً كافيًا وافيًا لا مزيدَ عليه. |
﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ ﴾ [الانفطار: 13]
كلُّ عمل بِرٍّ يمنحك طُمَأنينةً في الدنيا قبل الآخرة، حتى ينقلبَ ما تعانيه من مشاقَّ وأمراضٍ وآلام إلى رضًا وسعادة، وما سُمِّي الأبرارُ أبرارًا إلا لكثرة بِرِّهم، وضربهم من كلِّ بابٍ من أبواب الخير بسهم. |
﴿كـَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ [المطففين: 18]
عظَّموا اللهَ في قلوبهِم، واستحضروا رضاه في أعمالهِم، فعظَّم شأنهُم، ورفع قدرَهُم، وأعلى مرتبتَهُم، فهل علمتُم ما عليُّون؟ |
﴿عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ ﴾ [المطففين: 28]
سمَّى الله لهم عيون الماء التي تمتزج بشرابهم، لتعظُمَ الهمم في طلبها وتشتدَّ الرغبةُ في العبِّ منها والنهل من لذيذها. |
﴿إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ ﴾ [الليل: 4]
يتباين سعيُ الناس في حياتهِم، بحسَب مقاصدهم ونيَّاتهِم، فمَن عمل لله كما أمر فهو المأجورُ المقبول، ومَن خالف ذلك فلا قيمةَ لسعيه ولا قَبول لعمله. |
﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ﴾ [الليل: 5]
تضمَّنت هذه الكلماتُ الثلاث مراتبَ الدِّين جميعًا، فالإعطاء فعلُ المأمور، والتقوى تركُ المحظور، والتصديق بالحسنى تصديقٌ ويقين، فانتظم ذلك كلَّ الدِّين. |
﴿وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ﴾ [الليل: 6]
تضمَّنت هذه الكلماتُ الثلاث مراتبَ الدِّين جميعًا، فالإعطاء فعلُ المأمور، والتقوى تركُ المحظور، والتصديق بالحسنى تصديقٌ ويقين، فانتظم ذلك كلَّ الدِّين. |
﴿وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى ﴾ [الليل: 17]
إقبالك على الطَّاعات أيها العبدُ إنما هو توفيقٌ من الله لك، وفضلٌ منه عليك، فاشكُر الله دومًا على نَعمائه، وهل من نعمةٍ تعدل الهدايةَ والاستقامة؟ |
﴿وَلَسَوۡفَ يَرۡضَىٰ ﴾ [الليل: 21]
ما أرضى عبدٌ ربَّه بتقواه وعطائه لخلقه إلَّا كافأه الله بالرِّضا أضعافَ ما كان يؤمِّل ويرجو. لم يعرف تاريخُ البشر أعظمَ عطاءً من أبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنه، وقد زكَّاه القرآن تزكيةً باقية إلى يوم القيامة، وخاب وخسر من انتقصَه أو أساء إليه. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
المحرمات من النساء الملكوت آل هارون عقوبة القاتل التهجد وقيام الليل عقود التجارة الاستقامة آفات اللسان سنن ربانية اسم الله الولي
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب