قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن خلق الذكر والأنثى في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [البقرة: 28]
إن أمر الكفَّار لعجَب، كيف يجحدون بالله وأدلَّةُ عظمته وقدرته في أنفسهم وما يحيط بهم كثيرةٌ ظاهرة؟! (وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ / تدلُّ على أنه واحدُ). إلى الله تعالى مرجعُ الأوَّلين والآخرين، فعلامَ يعاند الكافرون ويصرُّ المستكبرون؟! هلَّا رجعوا إلى ربِّهم الحقِّ تائبين منيبين؟ |
﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213]
النجاة من الخلاف والخصام والبغضــاء، هدايــةٌ وتوفيــق واصطفـاء، وفضلٌ من خالق الأرض والسماء. لن تستقيمَ الحياة ويعُمَّ السلام ويُقطَعَ دابرُ الشِّقاق إلَّا بتحكيم الحقِّ الذي جاءت به الشَّرائع في كلِّ ما يختلف فيه الناس. لا يختلف اثنان على الحقِّ الواضح الجليِّ في كتاب الله تعالى إلا وفي نفسَيهما أو أحدهما بغيٌ وهوًى. إذا رُمتَ الهدايةَ إلى الصِّراط المستقيم، والنجاةَ من سبُل أهل الضلالة أجمعين، فتمسَّك بحبل الإيمان، واطلب الهُدى من الكريم المنَّان. |
﴿فَٱسۡتَجَابَ لَهُمۡ رَبُّهُمۡ أَنِّي لَآ أُضِيعُ عَمَلَ عَٰمِلٖ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰۖ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۖ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لَأُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ ثَوَابٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلثَّوَابِ ﴾ [آل عمران: 195]
التفكُّر في آيات الله الكونيَّة من مفاتيح الإيمان وأسباب الدعاء، فإذا فُتح بابُ الدعاء فقد عظُم الرجاء بفتح باب الإجابة. خاطبَ الله عبادَه بعنوان الربوبيَّة المُنبئ عن تمام الرعاية، ثم أضافهم إلى ذاته العليَّة، فما أعذبَ تلك الإجابة، وما أشرفَ تلك العناية! يجيب الله دعاءَ من قرنَ دعاءه بالعمل الصالح المتقبَّل، فما الذي يرجوه بكسَله البطَّال؟ قَبول الأعمال الخالصة ليس حِكرًا على أصحاب المقامات الرفيعة، وإنما يمنحه الله لكلِّ مَن بذل وسعَه، واستفرغ جهدَه. المفاضلة بين الناس في الجزاء إنما تكون بحسَب الأعمال الصالحة المقبولة، فلا عبرةَ بجنسٍ ولا نسَب ولا لون، ولا بغير ذلك. كلُّ أذًى ينال المؤمنَ في سبيل الله فقد تكفَّل الله بأجره، ووعد عليه الثواب، فالغُنم بالغُرم. لا يُضيع الله عملَ عامل مخلص، بل يُثيبه من عنده ثوابًا حسنًا، فماذا تنتظر في ثوابٍ اللهُ واهبُه، ومن عملٍ صالح اللهُ مجازٍ عليه؟ |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا ﴾ [النساء: 1]
إنه لا أحقَّ بالاتِّقاء من الله المكرِم، الخالق المنعِم، الذي جعل من خَلقه للعباد آيةً دالَّةً على قدرته، وناطقةً بعظمته. خلق الله الناسَ من نفسٍ واحدة؛ ليعطِفَ بعضُهم على بعض، ويَرفُقَ بعضُهم ببعض، مهما تفرَّقوا في الأقطار، ونأت بهم الدِّيار. عَلاقة الزوجيَّة من أوثق العَلاقات، وبين الزوجين نسَبٌ واتِّصال ما أشدَّه! أوَ ليست حوَّاء خُلقت من ضِلَع آدم؟ والفرع يحنُّ إلى أصله، والأصلُ يحنو على فَرْعه. قبيحٌ بالمرء أن يُظهرَ التعظيم لله تعالى حتى يحصِّلَ مرادَه، فإذا أمره ونهاه كان غافلًا عن مراد الله منه، تلك عبادةُ تجَّار، لا عبادةُ أبرار. قرَنَ الله بين شريفِ حقِّه، وحقوقِ أرحامِ عباده وأقربيهم، فمَن ذا الذي يستهين بحقٍّ قرنَه الله بحقِّه، ويغفُل عن أمرٍ عظَّمه الله بجعله مع أمره؟ إن الرقيب عليك هو الله تعالى، الخالق الذي يعلم مَن خلق، العليم الخبير الذي لا تخفى عليه خافية، لا في ظواهر الأفعال ولا خفايا القلوب. |
﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا ﴾ [النساء: 28]
انظر إلى لطف الله في تشريعه ورحمته بخلقه؛ تيسيرٌ في الأحكام، ومراعاةٌ للضعف في التكليف، وتوسيعٌ عند المضايق. إنه حقًّا دينٌ عظيم، صالح لكلِّ زمان ومكان، وأمَّة وبيئة. من رحمة الله بعبده أن جعله ضعيفًا في بنيته وإرادته، وعلمه وصبره، حتى تُسرعَ إليه الآفات، فيدفعها باضطراره إلى سيِّده، وتضرُّعه بين يديه؛ لينصرَه ويقوِّيه، ويعطيه وينجيه. إذا تعارضتِ الأدلَّةُ وتعذَّر الجمع والترجيح بينها، فالأقربُ إلى مراد الله عزَّ وجلَّ ما كان منها أقربَ إلى التيسير وإزالة المشقَّة. |
﴿إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا ﴾ [النساء: 98]
الإسلام دينٌ واقعيٌّ يُراعي أحوالَ الناس فلا يكلِّف نفسًا إلا وُسعَها. قد يفعل اثنان فعلًا واحدًا، ولكنَّ الحُكم عليهما يختلف بمعرفة الأسباب والموانع، فيُعذَر ذوو العجز عن الهجرة، ولا يُعذر القادرون عليها. |
﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا ﴾ [النساء: 99]
سمَّى الله نفسَه (العَفُوَّ) فوسِعَ عفوُه فئامًا من الرجال والنساء والولدان غلبهم الضعفُ وقلَّة الحيلة، فسبحانه من عفوٍّ غفور! |
﴿وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ نَقِيرٗا ﴾ [النساء: 124]
عَلِمَ اللهُ أن عبادَه المؤمنين لن يُطيقوا عملَ الصالحات كلِّها؛ فقال: ﴿من الصالحات﴾ ، ووعدَهم الجنَّة عليها، فضلًا منه وكرمًا. إن الجنَّة منالٌ سامٍ لا يُنال بالمُنى، بل بعمل الصالحات، فمَن جدَّ للعمل وجد لعمله ثوابًا. إنما مثَلُ الأعمال دون إيمانٍ كأغصانِ شجرةٍ قُطع أصلُها، فهل تحيا شجرةٌ لا جذرَ لها ولا ساق؟ إن الله عدلٌ لا يظلم عبادَه، فلا يخافنَّ عاصٍ من زيادة سيِّئة لم يفعلها، ولا يَفزعنَّ طائعٌ من نقصان حسنة فعلها. |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ فَمُسۡتَقَرّٞ وَمُسۡتَوۡدَعٞۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَفۡقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 98]
لمَّا كان الأصل واحدًا هو آدمُ عليه السلام، كان التذكيرُ به دعوةً إلى التراحُم والتوادِّ. مَن لا يتفكَّرُ ولا يتَّعظ لم ينفعه التفصيلُ للآيات، ولا التبيينُ للهدايات. |
﴿قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ ﴾ [الأعراف: 29]
أمور الدين تحتاجُ إلى تثبُّت، فلا ينبغي للعاقل أن تستهويَه الشعارات، حتى يرى موافقتَها للحقِّ، فإن وافقَته اتَّبع، وإن خالفته رجَع. أوامر الله ونواهيه تستحسنُها العقولُ السليمة، وتقبَلُها الفِطرُ القويمة. إلى الخالق القادر مَعادُ الخلق الأوَّل والآخِر، وفي ذلك اليوم حسابُهم، وبالإشراك به عقابُهم. |
﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72]
لا يكمُل أُنسُ أهل الجنَّة وهم في مساكنها الطيِّبة إلا برضوان الله؛ فلذلك امتنَّ به على أوليائه المؤمنين، وحرَمه أعداءه المنافقين. إذا نال العبدُ رضوانَ الله في الجنَّة فقد نال نعيمًا دونه كلُّ نعيم، إلا النظرَ إلى وجه الله الكريم. السعادات الروحيَّة أعلى وأشرفُ من السعادات البدنيَّة، فما أعظمَ غَبْنَ مَن آثر حظوظَ الجسد على حظوظ الرُّوح! هنيئًا لمَن شغلَ حياتَه كلَّها في ابتغاء رضوان الله والجنَّة؛ فهما الفوزُ العظيم، والنعيمُ المقيم. اللِّينُ مع الكفَّار والمنافقين له ظروفُه ومدَّته، ومتى انقضى ذلك فلتكن الغِلظةُ على أعداء الله؛ فحين لا ينفع معهم الرِّفقُ فجهادهم حقٌّ على المسلمين. |
﴿وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴾ [يونس: 19]
كانت البشرية على التوحيد والاتفاق، وما الشِّرك والشِّقاق إلا طارئٌ بأيديهم، وأهلُ الخلاف هم أهل الشرِّ الذين حادوا عن منهج الله الذي كان عليه الناس من قبل. لا يستعجلُ المؤمنُ قدرَ الله في المخالفين للحقِّ، ولا يضيقُ بذلك ذَرعًا، فما التأخيرُ إلا لحكمةٍ منه سبحانه وتعالى. |
﴿جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ ﴾ [الرعد: 23]
ما أسعدَ تلك اللحَظاتِ التي يلتقي فيها الصالحون بأهليهم وذراريهم في جناتِ النعيم! فيجتمعُ الشملُ بعد الغياب، وتمتلئُ خيمةُ الحُبِّ بالأحباب. إنها لدار عظيمة، يزورُ أهلَها بالتهنئة رسلُ المَلِك العزيز سبحانه، فيَأنَسون بهم، ويفخرون بنزولهم عليهم كل مرة. |
﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ ﴾ [الحجر: 26]
ارتقاء الطين من طبيعته إلى أفق الحياة العضوية أوَّلًا، فإلى الحياةِ الإنسانيَّةِ أخيرًا، هو سرٌّ يعجِز عن تعليله البشر، فسبحان مَن جعل من الطين إنسانًا تامَّ الخِلقة! |
﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ ﴾ [النحل: 4]
لو تفكَّرَ الإنسانُ في خَلقه وعرَف أوَّلَ أمره ما تكبَّر، ومَن كان أصلُه من نطفةٍ فعلامَ يترفَّع؟! |
﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [النحل: 18]
إذا كنَّا لا نستطيع حصرَ نِعَم الله عدًّا، فإنا غيرُ قادرين على حصرها شكرًا، ولكن حسبُنا ألا تزالَ ألسنتُنا بالشكر رطبة؛ لنؤدِّيَ بعضَ الحقِّ علينا. سبحان مَن يغفِر لعباده تقصيرَهم في الشكر، ويشملهم برحمته، فيُجري نعمَه عليهم في كلِّ لحظةٍ ونفَسٍ وحركة، مع أن أكثرهم ظلومٌ كفَّار! |
﴿وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ ﴾ [النحل: 65]
إن الأرض بخِصبها بعد جَدبها، وحياتها بعد موتها، آيةٌ مشهورة في ألسنة الناس، مَن سمعها وتدبَّرها لم يخالف في قدرة الله على إحياء الإنسان بعد موته. مَن سمعَ آياتِ القرآن بقلبٍ حاضر، وتدبَّرها وتفكَّر فيها انتفع بها، ومَن لم يكن كذلك فكيف سينتفعُ بها؟! |
﴿وَإِنَّ لَكُمۡ فِي ٱلۡأَنۡعَٰمِ لَعِبۡرَةٗۖ نُّسۡقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِۦ مِنۢ بَيۡنِ فَرۡثٖ وَدَمٖ لَّبَنًا خَالِصٗا سَآئِغٗا لِّلشَّٰرِبِينَ ﴾ [النحل: 66]
مَن تدبَّر في بدائع صنع الله في الألبان التي صارت آيةً من آيات الله، حمِدَ اللهَ تعالى، واعترف بكمال علمه وقدرته وحكمته، وتناهي رأفته ورحمته ولطفه. لو تدبَّرتَ في تفاصيل طعامك الواصل إليك لرأيتَ فيه من عجائب التسخير ما رأيت، فمنَ الله النعمةُ وقد أسداها، ومن العبد الشكرُ والتوحيد، فهل فعل؟ |
﴿وَمِن ثَمَرَٰتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلۡأَعۡنَٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنۡهُ سَكَرٗا وَرِزۡقًا حَسَنًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ ﴾ [النحل: 67]
سبحان من جعل في الثمرة الواحدة مَن يصيِّرها سَكرًا خبيثًا أو رزقًا طيِّبًا. |
﴿وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]
ما مِن عالمٍ وإن ملأ سمعَ الدنيا وبصرَها إلا وقد جاء الدنيا بلا عِلم، فهلَّا شكر ربَّه على ما وهبَه من العلم؟ لا ينبغي استفتاءُ مَن لم يُعرَف بين الناس بالعلم، فإن الأصلَ في الناس الجهل، حتى يتبين خلافُ هذا الأصل. يا مَن حباك اللهُ تعالى السمعَ والبصر والفؤاد؛ لقد أُوتيتَ مفاتيحَ العلم جميعَها، فسَله سُبحانه أن يُعينَك على أن تفتحَ بها مغاليقَ العلم، ويذلِّلَ لك صعابَه. بجوارحِك تعرفُ اللهَ وتعملُ بأحكامه، فاجعلها لربها شاكرةً تقية، ومن مساخطه طاهرةً نقية. |
﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ ﴾ [النحل: 81]
هل تأمَّلتَ في نعمة الظلِّ فشكرتَ اللهَ عليها؟ فمَن غفَل عن ذلك ففي لهيب الشمسِ ما يذكِّره بهذه النعمة. لا يريد الله بعبده عُسرًا؛ ولهذا جعل لجسمك ممَّا خلق وقايةً وحماية، ففي المساكن والملابس ما يقيك البردَ والحرَّ، ويدفع عنك الشرَّ والضرَّ، ويستر منك ما تكره اطِّلاعَ الناس عليه. العاقل من الخلق إذا رأى إحسانَ الله إليه، وإنعامَه عليه، سلَّم أمرَه لربِّه، وانقادَ لوحيه. من غايات النِّعَم سَوقُ الناس إلى الله، لتكمُلَ لهم النعمةُ في جنَّته، فيا ويلَ مَن أعرض عن ربه وهو يريد أن يوصله إلى نجاة نفسه وتمامِ نعمته! |
﴿مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]
أيُّ حياةٍ أطيبُ من حياةِ مَن اجتمعت همومُه فصارت همًّا واحدًا، وهو مرضاةُ الله والقربُ منه والتودُّدُ إليه بالإيمان والعمل الصالح، وصار ذِكرُ محبوبِه الأعلى، والشوقُ إليه هو المستوليَ عليه؟! المؤمن في حياة طيِّبةٍ وإن كان مُعسرًا، فقناعتُه ورضاه بما قسَم الله له، وأمله بحُسن الثواب وعظيم الأجر هو رَوحُه وريحانه. |
﴿وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُۥ بِٱلۡخَيۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا ﴾ [الإسراء: 11]
قال الحسنُ: (ذلك دعاءُ الإنسان بالشرِّ على ولده وعلى امرأته؛ يغضَب أحدُهم فيدعو عليه، فَيَسُبُّ نفسَه، ويسُبُّ زوجته وماله وولده، فإن أعطاه اللهُ ذلك شقَّ عليه، فيمنعه الله ذلك، ثم يدعو بالخير فيعطيه). العجلة آفةٌ تدفع إلى الدعاء بالشر، ولو صبر المرء، وتريث قبل دعائه وتفكَّر، لوقعت دعوتُه على وجه خيرٍ وصلاح. |
﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 67]
لحظة البحر الذي تحيط بك من كلِّ جانب مياهُه، هي مثال لكلِّ كَربٍ تحيط بك أهوالُه، ولا ينجيك في تلك اللحَظات الحرِجة غيرُ الله تعالى، فاستمسك بحباله. الفزع إلى الله في الشدَّة دون الرخاء ليس من خُلق المؤمنين، بل المؤمن يتعرَّف إلى الله تعالى في الرخاء؛ ليُجابَ وقتَ الشدَّة. أيُّ جحودٍ أعظم من أن يُلحَّ المرءُ في حاجته، فإذا أجابه مولاه نسيَه، وتوجَّه بالشكر إلى السبب ونسي المسبِّب سبحانه؟! |
﴿أَفَأَمِنتُمۡ أَن يَخۡسِفَ بِكُمۡ جَانِبَ ٱلۡبَرِّ أَوۡ يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗا ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ وَكِيلًا ﴾ [الإسراء: 68]
ما من مكانٍ يعصِمُ من غضب الله تعالى إن حلَّ، فإنه كما يُغيِّب مَن شاء بالغرق في البحر، كذلك يغيِّب مَن أراد بالخسف في البرِّ، وكلاهما أمام قدرته سِيَّان. إذا أراد الله أن تنهارَ بعباده الأرضُ خسفًا، أو يُمطرَهم بحجارة من السماء فتقتلَهم، فلن يجدوا أحدًا يحفظهم مِن عذابه؟ أفما كان الأجدى لهم أن يوحِّدوه، حتى يَسلَموا من المكروه؟ |
﴿أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفٗا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعٗا ﴾ [الإسراء: 69]
إنك لا تزالُ بحاجةٍ إلى الله عزَّ وجلَّ ما حَييت، ولولا حفظُ الله وتوفيقُه ما بقيت. |
﴿۞ وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا ﴾ [الإسراء: 70]
يا بنَ آدم، انظر إلى تفضيل الله لك على سائر خلقه، وتكريمه لك بأنواع التكريم، وتسخيره لك جميعَ ما في الكون من دوابَّ في البرِّ وسفُنٍ في البحر، ورزقه لك بأنواع الطيِّبات من المطاعم والمشارب؛ فهلَّا شكرتَ الله على ذلك فعبدتَّه وحدَه. |
﴿وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسٗا ﴾ [الإسراء: 83]
المؤمن إذا أصابته مصيبةٌ صبر لها، ودعا الله أن يكشفَها، وإذا منَّ عليه بنعمة شكرها، وصرفها فيما يرضي واهبَها. |
﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا ﴾ [الكهف: 54]
في القرآن من أنواع الأمثال الواضحات، وصنوفِ الحُجج البيِّنات، ما يوجب التسليمَ لأوامره، والانقيادَ بالطاعة لشرائعه، واجتنابَ المماحكة فيه والمنازعةَ بالباطل. اشتملت أمثالُ الفرقان على مواعظَ جليلة وزواجرَ عظيمة، ولكن أين القلوبُ العقولة لتنتفعَ بها؟ ﴿وتلك الأمثالُ نضربها للنَّاس وما يعقِلُها إلا العالِمون﴾ . كفكِف أيها الإنسان من شِرَّة غرورك، وطامِن من كبريائك وافتخارك؛ فما أنت إلا خَلقٌ من خلق الله، بيدَ أنك أكثرُه جدالًا، وأطوله مماراة. |
﴿قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ ﴾ [طه: 123]
العداوة تقتضي التحرزَ طلبًا للسلامة، ولا سبيل للتحرز من عداوة الشيطان، إلا باتباع هدى الرحمن. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أجار اللهُ تابعَ القرآن من أن يَضل في الدنيا، أو يشقى في الآخرة). لا يشعر القلبُ بطمأنينة الاستقرار إلا في رحاب الله، ولا يُحسُّ براحة الثقة إلا وهو مستمسك بالعروة الوثقى، ولَكَم تحلو الحياة بالإيمان، وكم تشقى إذا حُرمته! |
﴿خُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ مِنۡ عَجَلٖۚ سَأُوْرِيكُمۡ ءَايَٰتِي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ ﴾ [الأنبياء: 37]
كأن العجلة جزءٌ من خلق الإنسان، قامت به كما قامت به الأعضاء والأركان، فهي من لوازمه التي لا انفكاك له عنها؛ ألا ترى إلى فرط استعجاله للعذاب الذي وعد به؟! |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةٖ مُّخَلَّقَةٖ وَغَيۡرِ مُخَلَّقَةٖ لِّنُبَيِّنَ لَكُمۡۚ وَنُقِرُّ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ نُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمۡۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَيۡلَا يَعۡلَمَ مِنۢ بَعۡدِ عِلۡمٖ شَيۡـٔٗاۚ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ هَامِدَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ وَأَنۢبَتَتۡ مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِيجٖ ﴾ [الحج: 5]
كم فيما يراه الناس ويألفونه ويمرون به دون وعيٍ ولا انتباه، ما لو تدبروه وتأملوه لوجدوا فيه دلائل قدرة الله تعالى وعظمته التي تسوقهم عند التأمل إلى توحيده وطاعته. كيف يتسربُ إلى نفس العاقل شكٌّ في البعث، وقد جاءت الدلائل المستفيضة عليه في الأنفس والآفاق؟! تواضع لربك ولا تتطاول على بني جنسك، فقد عرفت أول خلقك الضعيف، وتعرف نهاية عمرك القصير، فأي شيء يدعوك إلى الغرور؟! الله جلَّ جلاله قادرٌ على أن يجعل خلقنا كله في كلمة (كن) دون تنقُّلٍ في مراحل من الخلق، ولكنه سبحانه يبيِّن لنا كمالَ حكمته، وعظيم قدرته، وإبداع خلقه، وسَعة رحمته، فما أعظمه من بيان! إن كان الرحمُ قرارَ النطفة، والتراب قرار الجثة، فإن مَن أخرج النطفة طفلًا لقادرٌ على أن يخرج رميم الجثة خلقًا آخر يوم الحشر. هل يُعقل أن يمدَّ الله هذا الإنسان، ويبلِّغه التمام، وهو في ذلك يأمره وينهاه، ثم يقبضه ويتوفاه، ثم تنتهي القصة، فلا رجعة بعد ذلك؟! هي الحياة تأخذ من العبد كلَّ يومٍ شيئًا، وتستردُّ منه ما كانت أعطته، حتى يصل إلى أرذل مراحل حياته، بعد أن كان امتدادها يزيد في علمه وعقله، وقوته وصحته، وخَلقه وخُلقه. إنما أنتَ تحت تصرُّفِ الله تعالى وعنايته؛ متى شاء علَّمك ما لم تكن تعلم، ومتى شاء أنساك ما كنت تعلمه. بين الآدمي والنبات قاسم مشترك في بدء الأمر ونهايته، تؤخذ منه العبرة؛ فالنبات يكون في نقصان، فما يزال ينمو بقدرة الله حتى يتم، فكذلك الآدمي يَرقى من نقصٍ حتى يبلغ الكمال. |
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ ﴾ [الحج: 11]
لقد خاب مَن يعبد اللهَ تعالى طامعًا في الكرامات، ومحامد العباد والأَعْطيات، فمتى وجد ذلك سكنَ إلى العبادة وإلا تركها أو تهاون فيها. المؤمن لا يجرِّب إلهه؛ إذ ليس الأمرُ صفقةً في السوق بين بائع ومشترٍ، وإنما هو إسلام المخلوق لخالقه، ومدبِّر أمره ورازقه. المتخلِّي عن دينه بسبب فواتِ مصلحته أو نزولِ مصيبةٍ عليه غيرُ مستفيدٍ من ارتداده، بل هو خاسر الدنيا بما يقاسيه من شقائها من غير أجر، وخاسر الآخرة بدخوله النار. إلى الله تعالى وحده توجَّه في عباداتك وتضرعاتك، وخضوعك وطلبِ حاجاتك؛ فإنه لا ينفعك ولا يبعد الضُّرَّ عنك سوى ربك تعالى. أعظمُ الضلال أن يتعلق العبدُ رغبًا ورهبًا بما لا يملك له نفعًا ولا ضَرًّا، بل لا يجلب له ذلك التعلق به إلا وصولًا إلى الضرَر، وبعدًا عن النفع. |
﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ ﴾ [المؤمنون: 12]
تواضَع يا بن آدم، وتأمَّل في أصل خلقك وفي أوَّل أمرك، لتعرف بذلك مدى ضعفك، وعِظم قدرة ربِّك. انظر أيها الإنسان، كيف حفظك ربك في رحم أمك، في ذلك المستقر المكين، ورعاك في أطوار نشأتك فيه، حتى صرت بشرًا سويًّا، أفلا شكرت بالطاعة مَن حفظك وسوَّاك؟ ما أبعدَ ما بين بداءة المخلوق من طين، وصيرورته ذا جسد وروح، يسمع ويبصر! البَركةُ تكون من الله، فهو مَن يوجدها، وهو مَن يجعل العبد سببًا من أسباب حدوثها. |
﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ ﴾ [المؤمنون: 13]
تواضَع يا بن آدم، وتأمَّل في أصل خلقك وفي أوَّل أمرك، لتعرف بذلك مدى ضعفك، وعِظم قدرة ربِّك. انظر أيها الإنسان، كيف حفظك ربك في رحم أمك، في ذلك المستقر المكين، ورعاك في أطوار نشأتك فيه، حتى صرت بشرًا سويًّا، أفلا شكرت بالطاعة مَن حفظك وسوَّاك؟ ما أبعدَ ما بين بداءة المخلوق من طين، وصيرورته ذا جسد وروح، يسمع ويبصر! البَركةُ تكون من الله، فهو مَن يوجدها، وهو مَن يجعل العبد سببًا من أسباب حدوثها. |
﴿ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14]
تواضَع يا بن آدم، وتأمَّل في أصل خلقك وفي أوَّل أمرك، لتعرف بذلك مدى ضعفك، وعِظم قدرة ربِّك. انظر أيها الإنسان، كيف حفظك ربك في رحم أمك، في ذلك المستقر المكين، ورعاك في أطوار نشأتك فيه، حتى صرت بشرًا سويًّا، أفلا شكرت بالطاعة مَن حفظك وسوَّاك؟ ما أبعدَ ما بين بداءة المخلوق من طين، وصيرورته ذا جسد وروح، يسمع ويبصر! البَركةُ تكون من الله، فهو مَن يوجدها، وهو مَن يجعل العبد سببًا من أسباب حدوثها. |
﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا فَوۡقَكُمۡ سَبۡعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 17]
كما تتقلب بالعبد الأطوار، تتصرَّم الأعمار، وتنتهي الآجال، حتى يشهد الناسُ يومَ الدين، حين يقومون لربِّ العالمين، فمَن قدر على خلق الإنسان من عدم، ونقله في إنشائه من طَور إلى آخر، فإنه قادر على إحيائه بعد موته. مَن خلق السماواتِ السبعَ لحكمة، فقد خلق الإنسان لحكمة كذلك، وكيف يَرِد عليه في خلقه غفلة وعبث وهو الخالق الحكيم العليم؟ |
﴿وَعَلَيۡهَا وَعَلَى ٱلۡفُلۡكِ تُحۡمَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 22]
كما سخر الله للإنسان مراكب البَر على الأنعام، سخر له مراكب البحر على السفن، فسبحان من أبدع نظام هذا الكون وأتقن، وتفضل على عباده بما ينفعهم وأحسن! |
﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]
في لحظات الكُربة والضيق لا يجد المضطرُّ له ملجأ أمينًا إلا الله، يدعوه ليكشفَ عنه الضُّرَّ والسوء. أيها المكروب، يا مَن أحاطت به المكروهات؛ انظر إلى السماء، وارفع يديك بصدق وكمال توجه، ولُمَّ شعثَ قلبك على الله تعالى وحده، واقطع آمالك بسواه، وسترى ماذا يحدث بعد ذلك. كم في سجِلِّ الحياة البشرية من قصص أناس كانوا في حاجة وفقر واضطرار، ثم غيَّر الله تعالى من أحوالهم حتى بلَّغهم منزلة أصحاب التمكين! تأمَّل كيف جمع الله تعالى بين إجابة المضطر، وكشف الضُّر، وخلافة الأرض في آية واحدة، فهل بعد هذا ييئسُ مضطرٌّ أو مذنب تائب؟ لو تذكَّر الإنسان وتدبَّر تلك الحقائقَ لبقيَ موصولًا بالله تعالى صلةَ الفطرة الأولى، ولما كان عنه غافلًا، ولا به مشركًا. |
﴿فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلۡفُلۡكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّىٰهُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ إِذَا هُمۡ يُشۡرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65]
قد فطر الله تعالى الناس على التوحيد، فإذا ما غفَلوا عن هذه الفطرة في السَّراء أفزعتهم إليها حالةُ الضرَّاء، فلا تراهم يلجؤون إلا إلى الله وحدَه إذا ما دهَمهم البلاء. انظر إلى رحمة الله تعالى بمَن أشرك به دهرًا طويلًا كيف نجَّاه من كربه حين وحَّده، فكيف لا يرجوه في كرُباته عبدُه الذي يوحِّده في جميع أحواله؟ ألا تعجَب من بعض مَن ينتسب إلى الإسلام إذا دهمته الخطوب، ونزلت بسـاحته الكروب، كيف يلجـأ إلى غير ربِّه سبحانه من الأمــوات أو الأحيــاء، وهــــؤلاء المشركون يوحِّدون الله في الضرَّاء؟! قد تعتري بعضَ المسلمين الحاجةُ فيفزعون إلى الله تعالى، فإذا قضاها لهم فرحوا بالعافية، ونَسُوا واجبَ الشكر! |
﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]
المرأة هي السكن الآمن الرحيب لزوجها وأسرتها، وهذا مقصِدٌ سامٍ من مقاصد العَلاقة بين الزوجين في الإسلام، وهدفٌ نبيل لبناء الأسَر عند الأنام. ليس لفاجرٍ وبغيٍّ كرامةُ المودة والرحمة التي يُنعم الله بها على الزوج والزوجة اللذين أقاما العلاقة بينهما وَفْق شرع الله تعالى. متى ما اضطربت بين الزوجين أعمدة المودة والرحمة، فاعلم أن ما في البيت من سكن بدأ يتداعى، وقد يؤول إلى الانهيار. تفكَّر في حكمة الله سبحانه في خلقه كلا الجنسين موافقًا للآخر، ملبِّيًا لحاجته الفِطرية، من نفسيَّة وجسديَّة، بحيثُ يجد كل شريك مع شريكه الراحة والطُّمَأنينة والاستقرار. |
﴿وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ ﴾ [الروم: 36]
شأن القلوب المنقطعة عن الله التي لا تدرك سننه، ولا تعرف حكمته، ولا ترجو لقاءه؛ الإغراقُ في حبِّ الدنيا، فإن نالوا منها فرحوا، وإن حُرموها أيسوا. سبب إصابة السيِّئة هو ما قدَّمته أيدي العباد، وأمَّا الرحمة فهي محضُ تفضُّلٍ وجودٍ من الجواد الكريم. مَن عَرف أن ما تقدِّمه يداه هو سبب ما يصيبه من البلاء لامَ نفسه وحاسبها وتعاهدها، وتدارك ما فرَط منها، وأصلحها ولم ييئس ولم يقنط. |
﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]
إن صلاح الأرض كلها بطاعة الله تعالى، وما أقيم العدل إلا كثرت البركات وعمَّت الخيرات. كلما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا أحدث لهم ربهم جلَّ جلاله من الآفات في أغذيتهم وأهويتهم ومياههم وأبدانهم وأخلاقهم من النقص والآفات ما هو موجب أعمالهم، ومن حكمة هذا البلاء: إرجاع الخلق إلى الخالق. |
﴿لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [الروم: 45]
ثواب الله للمؤمن هو محضُ تفضُّل من جنابه الكريم، فإنَّ أحدًا لا يستحقَّ الجنَّة بعمله، فلا يغترنَّ امرؤٌ بما يعمل، ولا يُدِلَّنَّ به. طوبى لمن اجتهد في عملِ ما يحبُّه مولاه، من الإيمان وعمل الصالحات، فتلك محابُّ الله التي تنجي العبد، وأمَّا من حُرم محبَّته فقد حُرم فضله. |
﴿وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ كَذَٰلِكَ كَانُواْ يُؤۡفَكُونَ ﴾ [الروم: 55]
قال قَتادةُ رحمه الله: (استقَلَّ القوم أجَلَ الدنيا لمَّا عاينوا الآخرة). يقصر الزمان عند الموت لدى مَن أسرف على نفسه، حتى يصير كأنه يوم واحد، فحينئذٍ يَستعتب فلا يُعتب، ويطلب الرجعى فلا يُجاب، فيا لحسرته وخسارته! سيُحشر المكذِّبون على الخُلق الذميم الذي تخلَّقوا به في الدنيا، فليتحامَ المسلم الرذائلَ والكبائر؛ خشية أن يُحشرَ عليها. |
﴿أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَيۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةٗ وَبَاطِنَةٗۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ ﴾ [لقمان: 20]
هلَّا استشعرتَ نعم الله عليك ظاهرَها وباطنها في دينك ودنياك، فشكرت للمنعم جلَّ وعلا، واستعنت بنعمه في طاعاته، ولم تصرفها في معاصيه. ما أسوأَ حال مَن يجادل في توحيد الله وإخلاص العبادة له، بغير حجَّة ولا بيان، ولا كتاب مبين يبيِّن حقيقةَ دعواه! |
﴿ٱلَّذِيٓ أَحۡسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥۖ وَبَدَأَ خَلۡقَ ٱلۡإِنسَٰنِ مِن طِينٖ ﴾ [السجدة: 7]
كلُّ ما خلقه الله سبحانه وتعالى فهو حسنٌ، ولا سيَّما ابن آدم، وذلك لشرفه وفضله، وفي ذلك دعوةٌ للنظر في النفس وفي الآفاق. |
﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسۡلَهُۥ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ ﴾ [السجدة: 8]
سبحان مَن جعل من ماء مَهين لا يُعبأ به جنسًا ذا تركيب بديع، وهيئة حسنة، وعقل يفكر، ومشاعر تفيض! |
﴿ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ ﴾ [السجدة: 9]
لا يليق بعبد كان ماء مهينًا، ثم غدا بشرًا سويًّا، أن يُعرض عن شكر مَن سوَّاه وأكرمه ورفع قدره. خلق الله للإنسان السمعَ والأبصار والأفئدة، وجعلها طرقًا للعلم ونوافذَ للمعرفة؛ ليتعرَّفَ بها العبد ربَّه، ويُكثرَ من شكره عليها. لو أن امرَءًا قضى عمره شاكرًا لله تعالى على نعمه ما وفَّى النعمة بعض حقِّها؛ أفيليق به مع توارد نعم الله عليه كلَّ لحظة ألا يشكرَها إلا قليلًا؟ |
﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا ﴾ [الأحزاب: 72]
أودع الله تعالى عباده حقوقًا وائتمنهم عليها، وأوجب عليهم تلقِّيَها بحسن الطاعة والانقياد، وأمرهم بمراعاتها والمحافظة عليها، وأدائها من غير إخلال بشيء من حقوقها. الناس أمام الأمانة أصناف؛ منافقون يتظاهرون بالقيام بها، ومشركون لا يعتنون بها، ومؤمنون يسعَون في أدائها خير أداء. لمَّا كان أداء الأمانة يعتريه شيءٌ من القصور أو التقصير، خُتمت هذه الآية بما يسلِّي المؤمن الحريص على أداء أمانته، ولكنَّه قد لا يبلغ الكمال. |
﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَٰجٗاۚ وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٖ وَلَا يُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ﴾ [فاطر: 11]
سبحان مَن يخلُق من الشيء اليسير الخلقَ الكبير، فمن ترابٍ كان أصل الإنسان، ومن نطفةٍ جاء هذا المخلوق بعد ذلك في كلِّ زمان. الزواج هو السبيل النقيُّ الذي جعله الله تعالى كفيلًا باستمرار النوع الإنساني. توقَّف قليلًا، واسرح بخيالك وتفكَّر كم من أنثى من آدميٍّ أو جانٍّ أو حيَوان في هذه الحال تحمل، وأخرى تضع، وثالثة تُجهض! كل هذا مغمورٌ في سَعة علم الله تعالى. قال عطاءٌ الخُراسانيُّ: (لا يذهب من عمُرِ إنسانٍ يومٌ ولا شهرٌ ولا ساعة إلا ذلك مكتوبٌ محفوظ معلوم). مَن كان كلُّ شيء عليه يسيرًا فهو المستحقُّ أن يكونَ هو المعبودَ حقًّا لا غيره. |
﴿وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ﴾ [فاطر: 12]
من رحمة الله تعالى بعباده أن خلق في النهر صفة العذوبة التي تناسب تحقق بعض مصالح الإنسان بها، وخلق في البحر الملوحة التي ينتفع بوجودها فيه في منافع أخرى. يا بنَ آدم، انظر إلى عظَم نعمة الله عليك بالسفن التي تقطع مياه البحار، ويحفظها الله تعالى حتى تصلَ بها إلى مصالحك وحاجاتك. الموفَّق مَن انتفع بما في الأنهار والبحار من المنافع، فشكر ربه عليها، واستعملها في مرضاته. |
﴿يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ ﴾ [فاطر: 13]
مَن أنعم بتسخير تلك الأجرام العظيمة حريٌّ بأن يُشكر فيُعبد وحده كما أبدع وحده. العبد له في كل نَفَس ولحظة وطَرفة عينٍ عدة حوائج، فليرفعها إلى الرب الذي له الملك كله، وما سوى الله فهو مملوك لا مالك، ومرزوق لا رازق. |
﴿إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ ﴾ [فاطر: 14]
أيُّ عقل لدى عابد الصنم يوم يدعوه فلا يستجيب له، ويستغيث به فلا يغيثه، ويسأله منه حاجته فلا يعطيه؟! الأصنام بلاء على عابديها في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يصنعونها ويحمونها ويقرِّبون لها القرابين، وفي الآخرة تكون لهم أعداء وخصومًا وتتبرأ منهم. لن تجد خبرًا أصدق من خبر الله، ولا أعلم في حديثه عن المعبودات الباطلة وعواقب عابديها في الدنيا والآخرة. |
﴿۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]
أيها الإنسان، أنت فقير إلى ربك مهما أوتيت من أسباب القوة، فافتقر إليه وتوكل عليه، وأقبل على عبادته، وتذلل بين يديه دون غيره. حاجة العبد إلى ربه حاجة لِذاتِه، لا لعلةٍ أوجبت تلك الحاجة، كما أن غنى الرب تعالى لذاته لا لأمرٍ أوجب غناه سبحانه. إن الله تعالى هو الغنيُّ المحمود في غناه، وكم من غنيٍّ سواه لا يحمد في نعمة الغنى، بل يذمُّ لسوء تصرُّفه فيه. |
﴿إِنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ ٱلۡيَوۡمَ فِي شُغُلٖ فَٰكِهُونَ ﴾ [يس: 55]
اشتغل الصالحون في دنياهم بمجاهدة أنفسهم وتزكية قلوبهم، فكافأهم ربُّهم يوم القيامة بأن جعل شغلهم التقلُّبَ في لذَّات النعيم، وألوان التكريم. غالبًا ما يرافق الشغلَ في الدنيا النصَبُ والتعَب، والانصراف عن متع الحياة، أمَّا شغل المكرَّمين في الجنَّات فهو خالصٌ للتفكُّه الأبديِّ، والتمتُّع السرمديَّ. |
﴿هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظِلَٰلٍ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ مُتَّكِـُٔونَ ﴾ [يس: 56]
يا لها من صورة مبهجةٍ لأصحاب الجنَّة مع أزواجهم، وقد تمَّت سعادتهم في الآخرة واكتمل أنسهم، باجتماعهم وتسامرهم! بشِّر القانتين المخبِتين الذين أنصبوا أجسادهم في طاعة الرحمن، وفي اتِّباع خير الأنام، بظلال وعيون، وعطاء غير ممنون. |
﴿أَوَلَمۡ يَرَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ ﴾ [يس: 77]
مهلًا أيها الجاحد المعاند؛ إن الذي سوَّاك في أحسن تقويم من نطفةٍ ضعيفة حقيرة لرادُّك إلى مَعاد، فحذار أن تطغى بعد ضعفك وافتقارك. |
﴿إِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي خَٰلِقُۢ بَشَرٗا مِّن طِينٖ ﴾ [ص: 71]
لا يزال الإنسان يترقَّى في مدارج الرفعة ما اتَّصل بالله الذي نفخ في أصله، فإذا قطع الصِّلة بربِّه هوى إلى أحطِّ درَكات الهوان. |
﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۚ يَخۡلُقُكُمۡ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ خَلۡقٗا مِّنۢ بَعۡدِ خَلۡقٖ فِي ظُلُمَٰتٖ ثَلَٰثٖۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ ﴾ [الزمر: 6]
الذي جعل للرجل زوجةً يسكُن إليها، وجعل لبني آدمَ أزواجًا من الأنعام ينتفعون بها؛ هو الإله الحقُّ الذي يُطلب منه المدد، وليس الذي لا يَخلُق ذكرًا ولا أنثى، ولا يَجلِب رزقًا ولا نفعًا. من أعظم ما يتجلَّى فيه بديع صُنع الله تعالى هو تجدُّد الخلق والولادة، وأطوارُ الجنين في ظلمات لا يُبصرها أحدٌ سواه، فهل من متأمِّل متدبِّر؟ إن الذي لطَفَ بك ورعاك وأنت جنينٌ ضعيف في ظلمات الرحم هو الذي يرعاك في مراحل حياتك، فأحسِن الظنَّ بربِّك، وأخلص له التوكُّل. |
﴿فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [الزمر: 49]
يعتري المرءَ شعورٌ بالفخر والقوَّة الزائفة بعد زوال المِحَن؛ راقب نفسَك وامنعها من الغرور الخادع. العافية بعد المصيبة، والمنحة بعد المحنة قد تكون فتنةً، يختبر الله بها عبادَه؛ ليَميزَ المحسنَ الشاكر، من الجاحد الكافر. أجل واللهِ، لو أنهم علموا حقيقةَ عجزهم، وتمامَ فضلِ ربِّهم عليهم ما اغترُّوا بفلاح، ولا تكبَّروا لنجاح. |
﴿مَنۡ عَمِلَ سَيِّئَةٗ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَاۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ يُرۡزَقُونَ فِيهَا بِغَيۡرِ حِسَابٖ ﴾ [غافر: 40]
قضى الله بفضله وواسع كرمه ألا يُضاعفَ سيِّئات عباده، وأن يُضاعفَ لهم الحسنات، ويجعلها كفَّارة للسيِّئات، حتى إذا بلغوا الجنَّة رزقهم فيها بغير حساب. يقتضي عدلُ الله تعالى أن يُجزى كلُّ عامل بعمله، ومن هنا استحقَّ الكافر المسيء أن يُجزى بما يسوءُه ويُحزنه، وهل أسوأ من النار مستقرًّا ومصيرا؟ أيُّها العاقل، إن جزاء الله للمتَّقين يوم القيامة بلا حساب، فما ثَمَّ مكيالٌ ولا ميزان، ولكن رزقٌ وافر، وعطاء متكاثر، فليعمل العاملون لذلك. |
﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ﴾ [غافر: 64]
إن ما فوقك وما تحتك شاهدٌ على حفظ الله لك، ورحمته بك، وكثرة آلائه عليك، فإيَّاك والاستهانةَ بنعمه. قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما: (خُلق ابنُ آدمَ قائمًا معتدلًا؛ يأكل ويتناول بيده، وغيرُ ابن آدم يتناول بفيه)، فسبحان مَن خلق الإنسان في أحسن تقويم. يعجِز المرء عن إحصاء نِعَم الله عليه من الطيِّبات؛ من مأكلٍ ومشرب وملبَس وهلُمَّ جرًّا، أفلا يستحقُّ الله منَّا الثناء والحمد في كلِّ آن؟ |
﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ يُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمۡ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخٗاۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبۡلُۖ وَلِتَبۡلُغُوٓاْ أَجَلٗا مُّسَمّٗى وَلَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ﴾ [غافر: 67]
بين أطوار خلقك أيُّها الإنسانُ أقدارٌ وأقدار لا يعلمها إلا مقدِّرها، مهما تقدَّمت المعارفُ والعلوم، ومهما ارتقت العقولُ والفهوم. لا يكاد يبلغ الإنسانُ من التمام، حتى يَجنحَ إلى النقصان. قال عمرُ رضي الله عنه: (لم يكمُل شيءٌ إلا نقَص). فلا يغترَّنَّ قويٌّ بقوَّته وهمَّته، ولا معافًى بنشاطه وصحَّته. مَن عَلِم عِلمَ اليقينِ أن الله وحده هو الذي خلقه من نطفة، وحفظه في أطوار نموِّه حتى غدا رجلًا جَلدًا، لم يملك إلا أن يَعقِل حُججَ الله وينقادَ لها. |
﴿فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظًاۖ إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِنَّا رَحۡمَةٗ فَرِحَ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ فَإِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ كَفُورٞ ﴾ [الشورى: 48]
على الرسول ومَن دعا بدعوته من أمَّته مُهمَّة البلاغ المبين، وليس عليهم حسابُ مَن أعرض عن الحقِّ أو عقابُه، فذلك على خالقهم سبحانه، فكن أيُّها الداعية مبلِّغًا ولا تكن مُحاسِبا. قُتل الإنسانُ ما أكفرَه! يُفيض الله عليه من نعمه فيفرَح ويطرَب، فإن ابتلاه أو أصابه بذنبه جزِعَ وتسخَّط، وجحَد كلَّ ما سبق! مَن ضعُف اعتقاده في سعادات الآخرة، طار فرحًا بسعادات الدنيا وعرَضها، حتى ينتهي غرورُه بها إلى الكِبْر والعُجب. إن الإنسان لربِّه لَكَنود؛ ينسى نِعم ربِّه عليه، وآلاءه التي ساقها إليه، ولا يذكر إلا البؤس والعناء، فتراه دائمَ الشكوى في بلائه، غير صابر على قضاء الله وقدره. |
﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ مُسۡلِمِينَ ﴾ [الزخرف: 69]
يومَ القيامة يفزع الناسُ ويضطربون، ويخافون ويجزعون، سوى مَن أسلم دينه لله واتَّبع آياته، فأولئك في ثياب الأمن يَرفُلون. |
﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ أَنتُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ تُحۡبَرُونَ ﴾ [الزخرف: 70]
ما أجملَها من جملةٍ تسمعها الأُذنان! وما ألذَّ معناها حينما يصل إلى الجَنان: ﴿ادخلوا الجنَّةَ﴾ ، فأعِدَّ نفسك اليوم لتكونَ من أهلها غدا. |
﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13]
كلُّ ما في الكون من أجرام عظيمة ذلَّلها الله لابن آدم، فكيف به ينشغل بها، وينسى مَن خلقها وذلَّلها؟! التفكُّر في عظيم صُنع الله عزَّ وجلَّ يورث المرء اليقينَ بقدرة الله وعظمته، والعلمَ بحكمة الله تعالى، فيزداد إيمانُه ويقوى يقينُه. |
﴿فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ ﴾ [محمد: 19]
العلم بالله تعالى وصفاته يَغرِسُ في قلب المؤمن اليقينَ بكلِّ ما أخبرَ به تعالى من إنجاز وعده ونصرة أوليائه. التوحيد أشرفُ الأعمال وأجلُّها، ولا يقوم عملٌ إلا به، ولا ينفع المرءَ ما أتى من الصالحات ما لم يكن قد أتى به أولًا. إذا علم المرء قَدْر ربِّه وأنه تعالى أحقُّ مَن دُعي، أخلص له بالدعاء والاستغفار والإنابة والاعتذار. لا يزال الناس في تقلُّبهم في هذه الحياة، لا يَقَرُّون ولا يستقرُّون إلى أن يُوافوا موضعَ مَقرِّهم وإقامتهم في الدار الآخرة. |
﴿وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا ﴾ [الفتح: 6]
اجتمعوا على عداوة الإسلام والمسلمين، فجاء العذاب ليجمعَهم كذلك، فالطريق الذي اتَّفقوا فيه أوصلهم إلى غاية واحدة. ظنَّ المنافقون والمشركون أن الله سيخذُل دينه، ويُسلِم رسوله، فكان الخِذلانُ حظَّهم، والسوءُ نصيبَهم. ما أعظمَها من عقوبات تنتظر أولئك الكافرين! فالعذاب جزاؤهم، والغضب واللعن تحيَّة لهم، ونار جهنَّم دارهم التي يأوون إليها، نسأل الله السلامة من غضبه وجميع عقابه. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ ﴾ [الحجرات: 13]
النداء للناس نداءٌ سماويٌّ لهم كافَّة، بأن منشأهم واحد، وأصلهم واحد، فلا يختلفوا ولا يتفرَّقوا. الأصل أن تبايُن قبائل الناس وسيلةٌ للتعارف والتحابِّ، لا أن يُتَّخذَ مطيَّةً للتباغض والتفاخر. مَن أكرمه الله عزَّ وجلَّ حاز أسبابَ السعادة، ونال مقاليد النجاة، ولا أكرمَ على الله تعالى ممَّن اتقاه، وحفظ حدوده في سرِّه ونجواه. ردَّ الله تعالى التقوى لعلمه وخبرته ليقطعَ بذلك طريق مَن ادَّعاها، فلا تزكيةَ للنفس، ولا ادعاء بحيازتها الفضائل. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ ﴾ [الحديد: 18]
من علامات صدق الإيمان، سخاءُ النفس بالبذل والإحسان. أبواب البِرِّ مفتَّحةٌ للرجال والنساء على سَواء، ومن أرحبها بابُ الصدقة، فاحرِصي أيتها المسلمةُ عليها، فإنَّ أجرها كريم، من ربٍّ عظيم رحيم. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجِكُمۡ وَأَوۡلَٰدِكُمۡ عَدُوّٗا لَّكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُمۡۚ وَإِن تَعۡفُواْ وَتَصۡفَحُواْ وَتَغۡفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14]
أشدُّ الأذى نكايةً ما كان صادرًا عمَّن أحسنتَ إليه، فاقتضى ذلك أن تصبرَ على مسامحته وتتصبَّرَ على العفو عنه؛ حفاظًا على أواصر القُربى. حذار أيها العبدُ أن يحملكَ حبُّك لزوجك وولدك أن تطعمَهم وتنعِّمَهم من حرام، فيكونَ إحسانُك إليهم إساءةً بالغة لنفسك! حفظ الدِّين أعظمُ الواجبات، وإقامة الشَّرع أهمُّ المهمَّات، وما شغلك عن ذلك فهو أعدى الأعداء، ولو كان من أقرب الأقرباء. علَّمنا القرآن أن ندفعَ السيِّئةَ بالتي هي أحسن، والأقربون أولى بالرِّفق والمعروف؛ حفاظًا على عُرا المودَّة والألفة. |
﴿۞ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾ [المعارج: 19]
لا شيء كالإيمان والعمل الصالح يمنحُكَ أيها العبدُ الطُّمَأنينه، ويكسوك بثوب السَّكينه، ويعصمُك من الجزَع عند وقوع الشرِّ، ومن الشحِّ عند حصول الخير. يُروى عن الحسن البصريِّ أنه قال: (حبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة)، فإيَّاكم وإيَّاها؛ فإنها تدعو إلى الشحِّ والطمَع، وتقود إلى اليأس والجزَع. أعظم ما يزكِّي المسلمَ ويخلِّصه من مساوي الأخلاق، المداومةُ على الصلاة، فما أحرانا أن نبتهلَ إلى الله بالدعاء: ﴿رَبِّ اجعَلني مُقِيمَ الصَّلاةِ ومِنْ ذُرِّيَّتي رَبَّنا وتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾ . |
﴿ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ ﴾ [القيامة: 38]
حنانَيكَ أيها المتجبِّر، فإنما خُلقتَ من نُطفةٍ حقيرة وماءٍ مَهين، فعلامَ تُنازع ربَّك الكبرياء؟! هلَّا لله تواضَعت، وللحقِّ خضَعت! امنَح نفسَك وَقفة تأمُّل بين حينٍ وآخرَ في بداية خَلقك وأصل نشأتك، وإنها لكفيلةٌ أن تضعَ قاطرةَ فؤادك على مسارها الصحيح. |
﴿فَجَعَلَ مِنۡهُ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ ﴾ [القيامة: 39]
حنانَيكَ أيها المتجبِّر، فإنما خُلقتَ من نُطفةٍ حقيرة وماءٍ مَهين، فعلامَ تُنازع ربَّك الكبرياء؟! هلَّا لله تواضَعت، وللحقِّ خضَعت! امنَح نفسَك وَقفة تأمُّل بين حينٍ وآخرَ في بداية خَلقك وأصل نشأتك، وإنها لكفيلةٌ أن تضعَ قاطرةَ فؤادك على مسارها الصحيح. |
﴿وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا ﴾ [النبأ: 8]
من مِنَن الله على خَلقه أن جعلَهم أصنافًا شتَّى؛ لتتكاملَ بهم الحياة، وتنتظمَ شؤونُها، ففي التنوُّع جمالٌ وبهجة. |
﴿وَجَنَّٰتٍ أَلۡفَافًا ﴾ [النبأ: 16]
إن الماء الذي ينزل من السماء وتقوم به حياتُنا آيةٌ جليلة لا ينبغي أن يصرفَنا عن شُكرها كثرةُ المباشرة ودوامُ الاعتياد. |
﴿ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا ﴾ [النازعات: 27]
نظرةٌ واحدة إلى السماء تملأ القلبَ مهابة، أفيكون بعثُ البشَر أشدَّ من خَلقها ورفعها بلا عمَد؟! ما لكم كيف تحكمون؟ |
﴿مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ ﴾ [النازعات: 33]
يغمُر المؤمنَ الحياءُ من الله حين يُجيل طرفَه فيما حوله من جبالٍ وأرض وشجر وماء، فيهتف قلبُه قبل لسانه: ما أعظمَ منَّتَك ربَّنا! |
﴿قُتِلَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ ﴾ [عبس: 17]
شرُّ الأخلاق كفرانُ يد المُنعِم، وجحودُ فضل المتكرِّم، وهما سببٌ لمَحق البركات، وحلول اللَّعَنات. |
﴿ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُۥ ﴾ [عبس: 22]
اعلم أيها العاقلُ أن القبر ليس نهايةَ الطريق، ولكنَّه ممرٌّ إلى الحياة الأبديَّة في جنَّة أو نار؛ ﴿فمَن زُحزِحَ عنِ النَّارِ وأُدخِلَ الجنَّةَ فقد فاز﴾ . |
﴿فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ ﴾ [الطارق: 5]
عجبًا لمَن يُنكر البعثَ، هلَّا تأمَّل في نفسه وتبصَّر في خَلقه! إن بعث الناس من رِمَم، لأهون مرَّاتٍ من خلقهم من عدَم. إن الذي أخرجك من مَضايق الأصلاب، وجعلك من قطرة ماءٍ صغيرة إنسانًا عاقلًا سويًّا، لقادرٌ على إخراجك من كلِّ ضِيق، فإيَّاك والقنوط. |
﴿فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٖ وَلَا نَاصِرٖ ﴾ [الطارق: 10]
يأتي العباد يوم القيامة وقد سُلبَت منهم كلُّ قوَّة وعَون، والسَّعيد مَن قدَّم لهذا اليوم بعملٍ صالح وإيمانٍ راسخ. |
﴿فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ ﴾ [الفجر: 15]
بسطُ الرزق وتقتيره كلاهما ابتلاءٌ من الله تعالى لعباده؛ ففي الأوَّل اختبارٌ للشُّكر، وفي الثاني اختبارٌ للصَّبر؛ ﴿ونَبلُوكُم بالشَّرِّ والخيرِ فِتنةً وإلينا تُرجَعُون﴾ . لا تفسِّر ما يُصيبك من آلامٍ وأحزان ومرض وفقر بأنه إهانةٌ من الله لك، ولكنَّه اختبارٌ كاختبار الغِنى، فيا فوزَ الناجحين. |
﴿وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ ﴾ [الفجر: 16]
بسطُ الرزق وتقتيره كلاهما ابتلاءٌ من الله تعالى لعباده؛ ففي الأوَّل اختبارٌ للشُّكر، وفي الثاني اختبارٌ للصَّبر؛ ﴿ونَبلُوكُم بالشَّرِّ والخيرِ فِتنةً وإلينا تُرجَعُون﴾ . لا تفسِّر ما يُصيبك من آلامٍ وأحزان ومرض وفقر بأنه إهانةٌ من الله لك، ولكنَّه اختبارٌ كاختبار الغِنى، فيا فوزَ الناجحين. |
﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]
الدنيا دارُ ابتلاءٍ واختبار، وعلى المسلم أن يوطِّنَ نفسَه على الصبر على لَأْوائها، وتحمُّل مَصاعبها، قابضًا على دينه كما يُقبَض على الجمر. |
﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ ﴾ [التين: 1]
جعل الله مكَّة بلدةَ أمنٍ وأمان؛ ﴿أوَلم يَرَوا أنَّا جعَلنا حَرَمًا آمِنًا﴾ ، فحريٌّ بنا أن نحافظَ على حُرمتها بدوام الأمن فيها. |
﴿وَطُورِ سِينِينَ ﴾ [التين: 2]
جعل الله مكَّة بلدةَ أمنٍ وأمان؛ ﴿أوَلم يَرَوا أنَّا جعَلنا حَرَمًا آمِنًا﴾ ، فحريٌّ بنا أن نحافظَ على حُرمتها بدوام الأمن فيها. |
﴿وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ ﴾ [التين: 3]
جعل الله مكَّة بلدةَ أمنٍ وأمان؛ ﴿أوَلم يَرَوا أنَّا جعَلنا حَرَمًا آمِنًا﴾ ، فحريٌّ بنا أن نحافظَ على حُرمتها بدوام الأمن فيها. |
﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ ﴾ [التين: 4]
إنها عنايةُ الله بالإنسان في تكوينه الجسمانيِّ البديع، والعقليِّ الفريد، والروحيِّ العجيب، ومن شُكر الله على هذه النِّعَم تسخيرُها فيما يُرضيه. |
﴿ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ ﴾ [التين: 5]
مَن رضي لنفسه في الدنيا أسافلَ الأمور بمخالفة الفِطرة وجحود يدِ المنعم، جعله الله يوم القيامة في أسفل درَكات الجحيم؛ جزاء وِفاقًا. |
﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ ﴾ [التين: 6]
الإيمان والعمل الصالح حصنٌ حصين للإنسان، يحفظ عقله وروحه من الآثام، فيحيا سعادة الدارين وهناء العيشتين. |
﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَٰكِمِينَ ﴾ [التين: 8]
تشبَّث أيها المسلمُ بدين ربِّك، فإنَّ أحكم الحاكمين أدرى بما يُصلحك وما فيه خيرُك، فلا تحِد عنه فتهلك. |
﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ ﴾ [العاديات: 6]
قال الفُضَيل بن عياض: (الكَنود هو من أنسَته الخَصلةُ الواحدة من الإساءة الخصالَ الكثيرة من الإحسان). فكن لله شكورا، ولا تكن كفورا. أيها الإنسانُ إنك مغمورٌ بألطاف ربِّك، ولا غِنى لك عن أفضاله طرفةَ عين، فلا تجعل من عُقوقك وفسوقِك، شاهدًا على جُحودك وكنودِك. |
﴿وَإِنَّهُۥ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٞ ﴾ [العاديات: 7]
قال الفُضَيل بن عياض: (الكَنود هو من أنسَته الخَصلةُ الواحدة من الإساءة الخصالَ الكثيرة من الإحسان). فكن لله شكورا، ولا تكن كفورا. أيها الإنسانُ إنك مغمورٌ بألطاف ربِّك، ولا غِنى لك عن أفضاله طرفةَ عين، فلا تجعل من عُقوقك وفسوقِك، شاهدًا على جُحودك وكنودِك. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الزواج الهداية إلى الإيمان الكتاب المقدس رب السماوات التوحيد الاعتبار بالأمم السابقة السعادة التفقه في الدين يوم القيامة اليوم الآخر اسم الله القدير
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 21, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب