حديث: اللهم أمتي أمتي وبكى النبي ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب شفاعة النّبيّ ﷺ لأهل الموقف

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أنّ النّبيّ ﷺ تلا قوله عز وجل في إبراهيم: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [سورة إبراهيم: ٣٦]، فرفع يديه وقال: «اللهمّ أمّتي أمّتي» وبكي. فقال اللَّهُ عز وجل: يا جبريل، اذْهب إلى محمّد -وربُّك أعلم- فسلْه ما يُبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام، فسأله، فأخبره رسول اللَّه ﷺ بما قال -وهو أعلم-. فقال اللَّه: يا جبريل، اذهبْ إلى محمّد فقُلْ: إنا سنرضيك في أمّتكَ ولا نسوءك.

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (٢٠٢) عن يونس بن عبد الأعلى الصّدفيّ، أخبرنا ابنُ وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدّثه عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، أنّ النّبيّ ﷺ تلا قوله ﷿ في إبراهيم: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [سورة إبراهيم: ٣٦]، فرفع يديه وقال: «اللهمّ أمّتي أمّتي» وبكي. فقال اللَّهُ ﷿: يا جبريل، اذْهب إلى محمّد -وربُّك أعلم- فسلْه ما يُبكيك؟ فأتاه جبريل ﵇، فسأله، فأخبره رسول اللَّه ﷺ بما قال -وهو أعلم-. فقال اللَّه: يا جبريل، اذهبْ إلى محمّد فقُلْ: إنا سنرضيك في أمّتكَ ولا نسوءك.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث القدسية التي تبين شفقة النبي ﷺ على أمته وحرصه على هدايتهم، وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه. وإليكم الشرح الوافي له على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


● تَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: قرأ آية من القرآن الكريم.
● رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ: هذا جزء من دعاء النبي إبراهيم عليه السلام في سورة إبراهيم، حيث يشكو إلى الله تعالى أن الأصنام (التي يعبدها قومه) أضلت كثيرًا من الناس.
● فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي: أي أن من اتبع دين إبراهيم ووحيه فهو منه وله نصيب من ولايته وشفاعته.
● فَرَفَعَ يَدَيْهِ: رفع يديه للدعاء، وهو من هديه ﷺ في حال الابتهال والتضرع.
● اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي: دعاء بالعربية الفصيحة يعني: "اللهم امُنَّ بخيرك ورحمتك على أمتي، واهدهم وأصلح حالهم".
● وَبَكَى: ظهر منه ﷺ البكاء شفقةً وخوفًا على أمته.
● سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ: سنحقق لك ما يسرك ويبهج قلبك فيما يتعلق بأمتك.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي ﷺ كان يقرأ قول الله تعالى في سورة إبراهيم، وهو دعاء إبراهيم عليه السلام حيث يشكو إلى ربه أن الأصنام أضلت كثيرًا من الناس، ويعلن أن من يتبعه فهو منه. فتأثر النبي ﷺ بهذا الدعاء، ورفع يديه إلى السماء ودعا الله بأن يهدي أمته ويحفظهم، وبكى شفقة عليهم وخوفًا من أن يضلوا أو يعصوا الله. فالله تعالى - وهو أعلم بما في قلب نبيه - أرسل جبريل عليه السلام ليسأله عن سبب بكائه، فأخبره النبي ﷺ بما في نفسه. فرد الله عليه بواسطة جبريل بأنه سيُرضيه في أمته ولن يُسيئوه (أي لن يحصل ما يحزنه أو يؤلمه بسببهم).

3. الدروس المستفادة منه:


● شفقة النبي ﷺ على أمته: فقد بكى وخاف عليهم، وهذا من كمال إيمانه وحرصه على هداية الناس.
● رفع اليدين في الدعاء: سنة مؤكدة عند الابتهال والتضرع إلى الله، خاصة في الأمور المهمة.
● البكاء من خشية الله: من علامات الإيمان والخوف من الله، وهو سلوك نبوي كريم.
● الله تعالى يتجاوب مع دعاء الأنبياء: فقد استجاب الله لدعاء نبيه ﷺ ووعد بإرضائه في أمته.
● الأمة المحمدية أمة مرحومة: وعد الله لنبيه بأنه سيرضيه فيها دليل على أن هذه الأمة لها مكانة خاصة ولن تهلك بالكلية، بل سيكون فيها الصالحون والمتقون.
● التأثر بالقرآن: النبي ﷺ تأثر بآية من القرآن فبكى ودعا، وهذا درس لنا في كيفية تفاعلنا مع كتاب الله.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث القدسية، أي أن النبي ﷺ يرويه عن ربه، ولكن بلفظه هو ﷺ.
- الحديث يدل على أن الله تعالى يكلم أنبياءه بواسطة جبريل عليه السلام، كما في قوله: "يا جبريل اذهب إلى محمد".
- الوعد الإلهي بـ "إنا سنرضيك في أمتك" يشمل شفاعته ﷺ لأمته يوم القيامة، ودخول كثير منهم الجنة، ونصرة دينه إلى قيام الساعة.
- يستحب للدعاة والآمرين بالمعروف أن يتحلوا بروح الشفقة على الناس والحرص على هدايتهم، كما كان النبي ﷺ.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أمة محمد ﷺ المقبولين المرضيّ عنهم، وأن يوفقنا لاتباع سنته والاقتداء به في حرصه على الخير للأمة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (٢٠٢) عن يونس بن عبد الأعلى الصّدفيّ، أخبرنا ابنُ وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدّثه عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وفي الباب أحاديث لم تصح، منها ما رُوي عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «للأنبياء منابرُ من ذهب، فيجلسون عليها». قال: «ويبقى منبري، لا أجلسُ عليه، ولا أقعد عليه، قائمٌ بين يدي اللَّه ربي، مخافة أن يُبعث بي إلى الجنة وتبقى أمّتي بعدي، فأقولُ: يا ربِّ، أمّتي أمّتي». فيقول اللَّه عز وجل: يا محمد، ما تريدُ أن أصنعَ بأمّتك؟ فأقول: «يا ربِّ، عجِّلْ حسابهم»، فيُدعى بهم، فيُحاسبون، فمنهم من يدخل الجنّة برحمة اللَّه، ومنهم من يدخل الجنّة بشفاعتي، فما أزالُ أشفعُ حتى أُعطى صكاكًا برجال قد بُعث بهم إلى النار، وحتى إنّ مالكًا خازن النار يقول: يا محمد، ما تركتَ للنّار لغضب ربّك في أمّتك من نقمة.
رواه الطبرانيّ في «الكبير» (١٠٧٧١)، وابن خزيمة في «التوحيد» (٤٧٦)، والحاكم (١/ ٦٥) كلّهم من طريق محمد بن ثابت البنانيّ، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس، فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد غير أنّ الشّيخين لم يحتجّا بمحمد بن ثابت البناني، وهو قليل الحديث، يجمع حديثه، والحديث غريب في أخبار الشّفاعة ولم يخرجاه».
وتعقّبه الذّهبيّ فقال: «ضعّفه غير واحد، والحديث منكر».
وقال الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٨٠): «رواه الطبرانيّ في الكبير والأوسط، وفيه محمد بن ثابت البنانيّ، وهو ضعيف».
قال الأعظمي: وهو كما قالا؛ فإن محمد بن ثابت البنانيّ يروي عن أبيه ما ليس من حديثه، كأنه ثابت آخر، لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرّواية عنه على قلّته كما قال ابن حبان. انظر «المجروحين» (٩٢٥).
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عباس في حديث طويل من أحاديث أهل الموقف. رواه الإمام أحمد (٢٥٤٦) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: خطبنا ابنُ عباس على منبر البصرة، فقال: قال رسول اللَّه ﷺ، فذكر الحديث بطوله.
وفيه علي بن زيد ضعيف، وفي المتن نكارة وهي قول عيسى عليه السلام: «إنّي لست هُناكم، إنّي اتُخِذْتُ إلها من دون اللَّه، وإنّه لا يهمني اليوم إلّا نفسي». لأنّ في الأحاديث الصّحيحة لم يذكر عيسى عليه السلام ذنبًا مع أنّ ما ذكره ليس بذنب له.
وفي الباب أيضًا ما روي عن سلمان الفارسيّ. رواه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (ص ١٢).
وقوله ﷺ في بعض الأحاديث: «شفاعتي لكلّ مسلم».
«يريد أنّي أشفع لجميع المسلمين في الابتداء، للنّبيين والشّهداء والصّالحين وجميع المسلمين، فيخلّصهم اللَّه من الموقف الذي قد أصابهم فيه من الغمّ والكَرْب ما قد أصابهم في ذلك الموطن؛ ليقضي اللَّه بينهم، ويُعجِّل حسابهم». «التوحيد لابن خزيمة» (٢/ ٥٧٦).
هذه الأحاديث وغيرها -مثل حديث ابن عمر الآتي- خاصّة بشفاعة النّبيّ ﷺ لأهل الموقف للقضاء بينهم، وهو المقام المحمود الآتي في الباب الذي يليه.
ثم بعد الشّفاعة العظمى له ﷺ شفاعات أخرى مثل إدخال أهل الجنّة الجنّة، وإخراج أهل التوحيد من النّار، وشفاعته لمن استحقّ النّار أن لا يدخلها من أمّته.
وأمّا ما ذكر في أحاديث هذا الباب من الشفاعات في الموقف وإخراج عصاة أهل التوحيد من أمّته من النّار وغير ذلك من الشّفاعات، فالظّاهر أنّ بعض الرّواة جمعوا بين الأحاديث المختلفة، وساقوها سياقًا واحدًا، وبعضهم اختصر من أول الحديث، وبعضهم اختصر من آخره.
قال ابن خزيمة في التوحيد (٢/ ٥١٩): «أصحاب النّبيّ ﷺ ربما اختصروا أخبار النبيّ ﷺ إذا حدّثوا بها، وربما اقتصُّوا الحديث بتمامه، وربما كان اختصارٌ بعد الإخبار، وبعض السّامعين يحفظ بعض الخبر، ولا يحفظ جميع الخبر، وربما نسي بعد الحفظ بعض المتن، فإذا جُمعت الأخبار كلّها عُلم حينئذ جميعُ المتن» انتهى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 859 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم أمتي أمتي وبكى النبي ﷺ

  • 📜 حديث: اللهم أمتي أمتي وبكى النبي ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اللهم أمتي أمتي وبكى النبي ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اللهم أمتي أمتي وبكى النبي ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اللهم أمتي أمتي وبكى النبي ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب