استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ما جاء في استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازِلةٌ والجَهْرُ به

عن أنس بن مالك قال: دعا النبيُّ ﷺ على الذين قَتَلوا - يعني - أصحابه ببئر مَعونة ثلاثين صباحًا، حين يدعو على رِعْلٍ ولَحيانَ وعُصيَّةَ عَصَتِ الله ورسولَه.
قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيِّه ﷺ في الذين قُتِلوا أصحابِ ببئرِ مَعونة قرآنًا قرأناه حتَّى نُسخ بعدُ: «بَلِّغُوا قومَنا فقد لَقِينا ربَّنا، فرضي عنَّا، ورضينا عنه».

متفق عليه: رواه مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك فذكره.
ورواه البخاري في المغازي (٤٠٩٥) عن يحيى بن بكير، ومسلم في المساجد (٦٧٧) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك واللفظ للبخاري، وزاد مسلم «وذكوان» بعد «رِعْلٍ».
وفي رواية عند البخاريّ (٤٠٩١) عن موسى بن إسماعيل، ثنا همَّام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أنَّ النبيَّ ﷺ بعث خالَهُ - أخٌ لأمِّ سُلَيم - في سبعينَ راكبًا، وكان رئيسَ المشركينَ عامرُ بن الطُّفَيل خَيَّرَ بينَ ثلاثِ خِصالٍ فقال: يكون لكَ أهلُ السهلِ ولي أهل المَدَر، أو أكونَ خَليفتَكَ، أو أغزوكَ بأهل غَطَفان بألفٍ وألف. فطُعِنَ عامرٌ في بيتِ أمِّ فلانٍ فقال: غُدَّةٌ كغدَّةِ البَكر، في بيتِ امرأةٍ من آلِ بني فلان. ائتوني بِفَرَسي، فمات على ظَهرِ فرَسِه، فانطلق حرامٌ أخو أمِّ سلَيم، وهو رجلٌ أعرج ورجل من بني فلان قال: كونا قريبًا حتى آتِيَهم، فإن آمَنوني كنتم، وإن قتلوني أتيتم أصحابَكم، فقال: أتُؤَمِّنوني أُبلِّغْ رسالةَ رسولِ الله ﷺ؟ فجعل يُحدِّثُهم، وأومَئوا إلى رجل فأتاهُ من خلفهِ فطعَنَه، قال همَّامٌ أحسبُه حتى أنفَذَهُ بالرُّمح، قال: الله أكبرُ، فزتُ وربِّ الكعبة، فلُحِق الرجل فقُتلوا كلُّهم غير الأعرج كان في رأسِ جبل، فأنزَل الله علينا ثمَّ كان من المنسوخ «إنا قد لَقينا ربَّنا، فرضي عنّا وأرضانا» فدعا النبي ﷺ عليهم ثلاثينَ صباحًا، على رِعل وذكوان وبني لَحيانَ وعُصيَّة الذين عَصَوا الله ورسوله ﷺ».
فجمع النبيُّ ﷺ في الدعاء على بني لَحيان وبني عُصَيَّة الذين غادروا بأصحاب عاصم بن ثَابت أمير سرية غزوة الرجيع، وعلى رِعْل وذكوان الذين غادروا بالقراء السبعين وقتلوهم عند بئر مَعونة، وذلك لقربهما في الوقوع، بل زعم الواقدي أن خبر بئر مَعونة وخبر أصحاب الرجيع جاء إلى النبي ﷺ في ليلة واحدة، ولذا جمع أنس بن مالك في الدعاء بين رِعْل وذكوان، وعُصَيَّة وبني لَحيان.
عن أنس بن مالك أنَّ رِعْلًا وذكوانَ وعُصَيَّةَ وبني لَحيانَ استمدوا رسول الله ﷺ على عدوٍّ فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنَّا نُسمِّيهم القُراءَ في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار، ويُصلُّون بالليل، حتَّى كانوا ببئر مَعونة، قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبيَّ ﷺ فقنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياء من أحياءِ العرب: على رِعْلٍ وذكوان وعُصَيَّةَ وبني لَحْيانَ.
قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنًا، ثم إنَّ ذلك رُفِع: «بَلِّغوا عَنَّا قومنا أنَّا لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٩٠) عن عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن
زُريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس فذكره واللفظ له.
ورواه مسلم في المساجد (٦٧٧/ ٣٠٣، ٣٠٤) من وجه آخر عن قتادة، عن أنس مختصرًا.
عن أَبِي هريرة قال: كان رسول الله ﷺ يقول حين يَفْرُغُ مِن صلاة الفجر من القراءة، ويكبِّر، ويرفع رأسه «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد» ثم يقول وهو قائم: «اللهم أنْجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدُدْ وَطْأتك على مُضَرَ، واجعلها عليهم كَسِنِيِّ يوسفَ. اللهم العَنْ لَحْيانَ ورِعْلًا وذَكوانَ وعُصَيَّة عصتِ الله ورسولَه» ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أُنزل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [سورة آل عمران: ١٢٨].
وفي رواية: قنت بعد الركعة في صلاةٍ شهرًا.
وفي رواية قال أبو هريرة: والله! لأُقَرِّبَنَّ بكم صلاة رسول الله ﷺ، فكان أبو هريرة يقنت في الظهر، والعِشاء الآخرة، وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين، ويلعَنُ الكفار.

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٥٦٠)، ومسلم في المساجد (٦٧٥) كلاهما من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكر الحديث واللفظ لمسلم، وأمَّا البخاري فاختصره ولم يُسمِّ في رواياته «لَحْيان ورِعل وذكوان وعُصَيَّة» وإنَّما قال: «اللهم الْعَنْ فلانًا وفلانًا» لأحياء من العرب حتَّى أنزل الله فذكر الآية. إلَّا أنَّ مُسلمًا جعل نزول الآية منقطعًا فإنه رواه من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به مثله، ثم قال: «ثم بلغنا أنه ترك لما أنْزِل فذكر الآية» فلم يبين الزهري عمَّن بلغه ولكن رواه البخاري من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري موصولًا، ولم يقل فيه: بلغنا. فلا يُعَلُّ رواية الزهري برواية مسلم عن يونس بن يزيد.
وزاد أحمد في روايته عن يزيد بن هارون، عن محمد، عن أبي سلمة ثم قال: «الله أكبر وخرَّ ساجدًا».
وفي رواية عند مسلم قال أبو هريرة: ثم رأيتُ رسول الله ﷺ ترك الدعاء بعد. فقلت: أُرى رسولَ الله ﷺ قد ترك الدعاء لهم، قال: فقيل: وما تراهم قد قدِموا؟
والآية نزلت في غزوة أحد كما ثبت في صحيح مسلم (١٧٩١) عن أنس أن النبي ﷺ كسِرتْ رُباعيتُه يومَ أحد، وشُجَّ في رأسه فجعل يَسْلُتُ الدمَ عنه ويقول: «كيف يُفْلح قوم شجوا نبيَّهم، وكسروا رُباعيتَه، وهو يدعوهم إلى الله» فأنزل الله عز وجل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [سورة آل عمران: ١٢٨].
وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة والربيع.
ولكن قصة رِعْل وذكوان كانت بعد أحد في غزوة بئر مَعونة قال الحافظ في «الفتح» (٧/ ٣٦٦):
«وهذا إن كان محفوظًا احتمل أن يكون نزول الآية تراخَى عن قِصَّة أحد، لأنَّ قِصَّة رِعْلٍ وذكوان كانت بعدها. ثمَّ قال: وفيه بُعْدٌ. والصواب أنَّها نزلت في شأن الذين دعا عليهم بسبب قِصَّة أُحُد. ويُؤيِّد ذلك ظاهر قوله في صدر الآية: ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي يقتلهم ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ﴾ أي يخزيهم، ثم قال: ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ أي: فَيُسلِموا ﴿أَوْ يُعَذِّبَهُمْ﴾ أي: إن ماتوا كُفَّارًا». انتهى.
قال الأعظمي: لنا أن نفرق بين الدُّعاء على الكُفَّار، وبين القنوت. فلعل النبيَّ ﷺ دعا على الكفار يوم أحد بالهلاك في غير القنوت.
وأما القنوت فكان بدؤه كما قال أنس بعد بئر مَعونة فإنه قال: «وذلك بدؤ القنوت، وما كُنَّا نقنتُ» ولعل الآية نزلت مرتين.
وقوله: «كَسِنِي يوسف» أي اجعلها سِنين شِدادًا ذوات قَحط وغلاء. والسَّنَة - كما ذكره أصحاب اللغة: الجدب يقال: أخذتهم السَّنة، إذا أجدبوا وأقحطوا.
عن خُفَاف بنِ إيماء الغِفاري قال: قال رسول الله ﷺ في صلاة: «اللهم العَنْ بني لَحيان ورِعْلًا وذكوانَ، وعُصَيَّةَ عَصَوا الله ورسوله. غِفار غَفَر الله لها، وأسلم سالمها الله».

صحيح: رواه مسلم في المساجد (٦٧٩) من حديث ابن وهب، عن الليث، عن عِمران بن أبي أَنَس، عن حنظلة بن علي، عن خُفاف بن إيماء فذكره.
وفي رواية: ركع رسول الله ﷺ، ثم رفع رأسه فقال: «غِفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله، وعُصَيَّة عصى الله ورسولَه. اللهم العَنْ بني لَحيان. والعَنْ رِعْلًا وذكوان» ثم وقع ساجدًا، قال خُفاف: فَجُعِلتْ لعنةُ الكفرة من أجل ذلك.
عن ابن عمر أنه سمع رسولَ الله ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول: «اللهم العَن فلانًا وفلانًا وفلانًا» بعد ما يقول: «سمع الله لمن حمِده، ربنا ولك الحمد» فأنزل الله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [سورة آل عمران: ١٢٨].

صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٠٦٩) عن يحيى بن عبد الله السلمي، أخبرنا عبد الله (وهو ابن المبارك) أخبرنا معمر، عن الزهري، حدثني سالم، عن أبيه فذكره.
ثم قال: وعن حنظلة بن أبي سفيان، سمعتُ سالم بن عبد الله يقول: كان رسول الله ﷺ يدعو على صفوان بن أمية، وسُهيل بن عمرو، والحارث بن هشام. فنزلت: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾.
قوله: وعن حنظلة - هو عطف على معمر، والراوي عنه هو عبد الله بن المبارك، إلا أنه مرسل،
فإن سالم بن عبد الله بن عمر لم يدرك النبي ﷺ، والثلاثة الذين سماهم قد أسلموا يوم الفتح، ولعل هذا هو السر في نزول قوله تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ انظر: الفتح.
ووصله الترمذي (٣٠٠٤) بذكر «عن أبيه» وذكر فيه «أبا سفيان» بدلًا من «سهيل بن عمرو» ولكن في إسناده عمر بن حمزة الراوي عن سالم، وهو: عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ضعَّفه النسائي وقال: أحمد: أحاديثه مناكير، والخُلاصة كما في التقريب: «ضعيف».
قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب يُستغرب من حديث عمر بن حمزة، عن سالم، عن أبيه.
وقد رواه الزهري عن سالم، عن أبيه، لم يعرفه محمد بن إسماعيل من حديث عمر بن حمزة، وعرفه من حديث الزهري». انتهى.
عن ابن عمر أنه سمع النبيَّ ﷺ حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الأخيرة قال: «اللهمَّ العَنْ فُلانًا وفُلانًا» يدعو على أُناس من المنافقين. فأنزل الله عز وجل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [سورة آل عمران: ١٢٨].

صحيح: رواه النسائي (١٠٧٨) عن إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه فذكره.
وإسناده صحيح، والحديث في مصنف عبد الرزاق (٤٠٢٧) وعنه رواه الإمام أحمد (٦٣٤٩)، وابن خزيمة (٦٢٢)، وابن حبان (١٩٨٧).
فقه الباب:
لا خلاف بين أهل العلم بأنَّه إذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ يستحب لها القنوت في جميع الصلوات. ويُترك عند عدمها إلَّا الشافعي فإنَّه يرى استمرار القنوت في صلاة الصبح دائمًا، وتأوَّل الجمهور قوله: «ثمَّ تركه، أي: ترك اللَّعن والدعاء على أولئك القبائل المذكورة في الحديث. وتأوَّل الشافعيُّ ومن وافقه بأنَّه تركه في الصلوات الأربع، ولم يتركه في صلاة الصبح لما رُويَ عن أنسٍ في حديثٍ ضعيفٍ: «ما زال رسول الله ﷺ يقنُتُ في صلاة الصبح حتَّى فارق الدنيا» كما سيأتي في باب ترك القنوت.
قال الإمام أحمد: لا يقنت في صلاة الفجر إلَّا عند نازلةٍ تنزِلُ بالمسلمين، فيدعو الإمام لجيوش المسلمين.
وقال سفيان: إن قنت في الصبح فحسنٌ، وأختار ترك القنوت فيها.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 349 من أصل 423 باباً

معلومات عن حديث: استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به

  • 📜 حديث عن استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به

    تحقق من درجة أحاديث استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة والجهر به.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, September 14, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب