حديث: دعاء النبي على قتلة أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازِلةٌ والجَهْرُ به
قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيِّه ﷺ في الذين قُتِلوا أصحابِ ببئرِ مَعونة قرآنًا قرأناه حتَّى نُسخ بعدُ: «بَلِّغُوا قومَنا فقد لَقِينا ربَّنا، فرضي عنَّا، ورضينا عنه».
متفق عليه: رواه مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 1001) ومسلم (رقم 677)، وإليك شرحه الوافي:
1. شرح المفردات:
● دعا النبيُّ ﷺ على الذين قَتَلوا: أي استعان بالله تعالى أن ينزل العقاب والعذاب بهم.
● بِئر مَعونة: اسم مكان بين مكة والمدينة، وقعت فيه الحادثة.
● رِعْلٍ وَلَحيانَ وعُصيَّةَ: أسماء قبائل من بني سُليم، هم الذين غدروا بالصحابة وقتلوهم.
● عَصَتِ الله ورسولَه: خالفت أمر الله ورسوله ونقضت العهد.
● قُرآنًا قرأناه حتَّى نُسخ بعدُ: أي آيات من القرآن تلاها المسلمون ثم رفع حكم تلاوتها وبقى حكمها (وهذا من النسخ في القرآن).
● بَلِّغُوا قومَنا: أخبروا أهلنا وإخواننا.
● فقد لَقِينا ربَّنا: أي ماتنا وانتقلنا إلى الآخرة.
● فرضي عنَّا، ورضينا عنه: أي قبلنا وأرضانا، ونحن راضون عنه سبحانه.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ لما بلغه خبر مقتل سبعين من خيار الصحابة (قراء القرآن) غدراً من قبائل "رعل" و"ذكوان" و"عصية" عند بئر معونة، حزن عليه الصلاة والسلام حزناً شديداً.
فدعا على هذه القبائل الظالمة الغادرة لمدة ثلاثين يوماً في صلاة الصبح، يقول في قنوته: "اللهم اشدد وطأتك على رعل وذكوان وعصية، الذين عصوا الله ورسوله".
ثم أنزل الله تعالى في شأن هؤلاء الشهداء الآيات التي تخبر بأنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم ورضوا عنه، وكان الصحابة يتلون هذه الآيات ويتعزون بها، ثم نسخت تلاوتها (أي رفعها الله من المصحف) وبقي حكمها وعظم أجرها.
3. الدروس المستفادة منه:
1- جواز الدعاء على الظالمين المعتدين الذين يقتلون المسلمين غدراً وخيانة، خاصة إذا كان في ذلك تحقيق لمصلحة شرعية أو ردع للظلم.
2- عظم مكانة الشهداء عند الله تعالى، وأن منزلة الشهادة من أعلى المنازل، وقد بلغ من كرامتهم أن أنزل الله فيهم قرآناً يتلى.
3- بيان حقيقة النسخ في القرآن، حيث كان من رحمة الله أن نسخ تلاوة بعض الآيات مع بقاء أجرها وحكمها.
4- الحزن على فقد العلماء والصالحين، فقد كان النبي ﷺ يظهر التأثر والحزن على أصحابه، وهذا من كمال الرحمة في حقه.
5- التعزية بالصبر والرضا بقضاء الله، حيث أن الآية المنسوخة كانت مواساة للمسلمين وتصبيراً لهم على مصابهم.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● سبب الحادثة: أن النبي ﷺ أرسل سبعين من خيار الصحابة (يسمون القراء) ليعلموا أهل نجد الإسلام، فغدرت بهم تلك القبائل وقتلتهم جميعاً إلا واحداً نجا ليخبر الرسول ﷺ.
● حكم الدعاء على الكفار والمعتدين: جائز بل مستحب في حق من ظلم واعتدى، لكن الأصل في الدعاء للمسلمين بالهداية.
● الفرق بين نسخ التلاوة ونسخ الحكم: قد تنسخ التلاوة ويبقى الحكم (كآية الرجم)، وقد ينسخ الحكم وتبقى التلاوة (كآية العدة)، وقد ينسخ الاثنان معاً.
● الموقف العملي: يستفاد من الحديث أهمية الصبر على المصائب، والاستعانة بالدعاء في نوائب الدهر، والثقة بوعد الله ورضاه عن الصابرين.
أسأل الله أن يرزقنا الفهم في الدين والثبات على الحق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه البخاري في المغازي (٤٠٩٥) عن يحيى بن بكير، ومسلم في المساجد (٦٧٧) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك واللفظ للبخاري، وزاد مسلم «وذكوان» بعد «رِعْلٍ».
وفي رواية عند البخاريّ (٤٠٩١) عن موسى بن إسماعيل، ثنا همَّام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أنَّ النبيَّ ﷺ بعث خالَهُ - أخٌ لأمِّ سُلَيم - في سبعينَ راكبًا، وكان رئيسَ المشركينَ عامرُ بن الطُّفَيل خَيَّرَ بينَ ثلاثِ خِصالٍ فقال: يكون لكَ أهلُ السهلِ ولي أهل المَدَر، أو أكونَ خَليفتَكَ، أو أغزوكَ بأهل غَطَفان بألفٍ وألف. فطُعِنَ عامرٌ في بيتِ أمِّ فلانٍ فقال: غُدَّةٌ كغدَّةِ البَكر، في بيتِ امرأةٍ من آلِ بني فلان. ائتوني بِفَرَسي، فمات على ظَهرِ فرَسِه، فانطلق حرامٌ أخو أمِّ سلَيم، وهو رجلٌ أعرج ورجل من بني فلان قال: كونا قريبًا حتى آتِيَهم، فإن آمَنوني كنتم، وإن قتلوني أتيتم أصحابَكم، فقال: أتُؤَمِّنوني أُبلِّغْ رسالةَ رسولِ الله ﷺ؟ فجعل يُحدِّثُهم، وأومَئوا إلى رجل فأتاهُ من خلفهِ فطعَنَه، قال همَّامٌ أحسبُه حتى أنفَذَهُ بالرُّمح، قال: الله أكبرُ، فزتُ وربِّ الكعبة، فلُحِق الرجل فقُتلوا كلُّهم غير الأعرج كان في رأسِ جبل، فأنزَل الله علينا ثمَّ كان من المنسوخ «إنا قد لَقينا ربَّنا، فرضي عنّا وأرضانا» فدعا النبي ﷺ عليهم ثلاثينَ صباحًا، على رِعل وذكوان وبني لَحيانَ وعُصيَّة الذين عَصَوا الله ورسوله ﷺ».
فجمع النبيُّ ﷺ في الدعاء على بني لَحيان وبني عُصَيَّة الذين غادروا بأصحاب عاصم بن ثَابت أمير سرية غزوة الرجيع، وعلى رِعْل وذكوان الذين غادروا بالقراء السبعين وقتلوهم عند بئر مَعونة، وذلك لقربهما في الوقوع، بل زعم الواقدي أن خبر بئر مَعونة وخبر أصحاب الرجيع جاء إلى النبي ﷺ في ليلة واحدة، ولذا جمع أنس بن مالك في الدعاء بين رِعْل وذكوان، وعُصَيَّة وبني لَحيان.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1060 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 1035 كان يوتر بإحدى عشرة ركعة ويضطجع على شقه الأيمن
- 1036 يُصلِّي أربعًا فلا تسأل عن حُسنِهن وطُولِهِن
- 1037 كان رسول الله يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى
- 1038 صلاة النبي ﷺ بالليل ثلاث عشرة ركعة
- 1039 كان النبي ﷺ يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا...
- 1040 كان رسول الله يوتر بثلاث عشرة ركعة فلما كبر أوتر...
- 1041 بكم كان رسول الله يوتر؟
- 1042 يفصل بين الوتر والشفع بتسليمة
- 1043 الوتر حق على كل مسلم بخمس أو ثلاث أو واحدة
- 1044 أوتر بخمس فإن لم تستطع فبثلاث
- 1045 لا توتروا بثلاث أوتروا بخمس أو بسبع
- 1046 كان يوتر بـ سبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها...
- 1047 كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون...
- 1048 كان رسول الله يوتر بثلاث يقرأ في الأولى سبح وفي...
- 1049 أوتر النبي ﷺ بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾
- 1050 كان يقرأ في الوتر بـ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ...
- 1051 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك
- 1052 اللَّهُمَّ اهدني فيمن هديتَ وعافِني فيمن عافيتَ
- 1053 قنت رسول الله ﷺ في الصبح بعد الركوع يسيرًا
- 1054 قنت رسول الله ﷺ شهرًا يدعو عليهم
- 1055 من صلى مع النبي صلاة الغداة فرفع رأسه من الركعة...
- 1056 القنوت في الوتر قبل الركوع
- 1057 القنوت في صلاة الصبح قبل الركوع وبعده
- 1058 سبحان الملك القدوس ثلاثًا
- 1059 بعث النبي سبعين رجلاً يقال لهم القراء فقتلوا
- 1060 دعاء النبي على قتلة أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا
- 1061 استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار
- 1062 اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن...
- 1063 اللهم العن بني لحيان ورعلا وذكوان
- 1064 دعاء النبي على بعض المشركين في الصلاة
- 1065 اللهم العَنْ فُلانًا وفُلانًا
- 1066 يقنتُ في الصبح والمغرب
- 1067 قنت رسول الله شهرًا يدعو على أحياء من العرب
- 1068 اللهم أنج الوليد بن الوليد
- 1069 كانوا يَقْنُتُون؟ قال: أي بُنيَّ محدَثٌ
- 1070 اللهم انج الوليدَ
- 1071 كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو على قوم
- 1072 قنت رسول الله شهرًا يدعو على رِعْل وذكوان وعُصية
- 1073 رفع يديه يدعو عليهم كلما صلى الغداة
- 1074 فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر
- 1075 فرض الله الصلاة في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين
- 1076 صلاة السفر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان
- 1077 صلاة السفر في القرآن
- 1078 عن قصر الصلاة صدقة من الله فاقبلوا صدقته
- 1079 {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} في صلاة العشاء
- 1080 خرج رسول الله ﷺ من المدينة إلى مكة لا يخاف...
- 1081 صلاة المسافر ركعتين مع النبي وأبي بكر وعمر
- 1082 يُحِبُّ الله أن تُؤتَى رُخَصُه
- 1083 يُحب الله أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه
- 1084 يتعمقون في الدين فيمرقون كما يمرق السهم من الرمية
معلومات عن حديث: دعاء النبي على قتلة أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا
📜 حديث: دعاء النبي على قتلة أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: دعاء النبي على قتلة أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: دعاء النبي على قتلة أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: دعاء النبي على قتلة أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








