حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في استحباب القنوت في الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازِلةٌ والجَهْرُ به

عن أَبِي هريرة قال: كان رسول الله ﷺ يقول حين يَفْرُغُ مِن صلاة الفجر من القراءة، ويكبِّر، ويرفع رأسه «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد» ثم يقول وهو قائم: «اللهم أنْجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدُدْ وَطْأتك على مُضَرَ، واجعلها عليهم كَسِنِيِّ يوسفَ. اللهم العَنْ لَحْيانَ ورِعْلًا وذَكوانَ وعُصَيَّة عصتِ الله ورسولَه» ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أُنزل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [سورة آل عمران: ١٢٨].
وفي رواية: قنت بعد الركعة في صلاةٍ شهرًا.
وفي رواية قال أبو هريرة: والله! لأُقَرِّبَنَّ بكم صلاة رسول الله ﷺ، فكان أبو هريرة يقنت في الظهر، والعِشاء الآخرة، وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين، ويلعَنُ الكفار.

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٥٦٠)، ومسلم في المساجد (٦٧٥) كلاهما من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكر الحديث واللفظ لمسلم، وأمَّا البخاري فاختصره ولم يُسمِّ في رواياته «لَحْيان ورِعل وذكوان وعُصَيَّة» وإنَّما قال: «اللهم الْعَنْ فلانًا وفلانًا» لأحياء من العرب حتَّى أنزل الله فذكر الآية.

عن أَبِي هريرة قال: كان رسول الله ﷺ يقول حين يَفْرُغُ مِن صلاة الفجر من القراءة، ويكبِّر، ويرفع رأسه «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد» ثم يقول وهو قائم: «اللهم أنْجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدُدْ وَطْأتك على مُضَرَ، واجعلها عليهم كَسِنِيِّ يوسفَ. اللهم العَنْ لَحْيانَ ورِعْلًا وذَكوانَ وعُصَيَّة عصتِ الله ورسولَه» ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أُنزل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [سورة آل عمران: ١٢٨].
وفي رواية: قنت بعد الركعة في صلاةٍ شهرًا.
وفي رواية قال أبو هريرة: والله! لأُقَرِّبَنَّ بكم صلاة رسول الله ﷺ، فكان أبو هريرة يقنت في الظهر، والعِشاء الآخرة، وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين، ويلعَنُ الكفار.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين. هذا حديث عظيم من رواية الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه بيان لهدي النبي ﷺ في الدعاء في الصلاة، وتأثر ذلك بالوحي الإلهي.

أولاً. شرح المفردات:


● يَفْرُغُ مِن صلاة الفجر من القراءة: أي بعد الانتهاء من قراءة القرآن في الركعة الثانية.
● وَكَبَّرَ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ: أي عند الرفع من الركوع قائلاً: "سمع الله لمن حمده".
● قائماً: أي وهو واقف بعد الرفع من الركوع، قبل أن يسجد.
● أَنْجِ: أي أطلق سراحهم وأنقذهم من الأسر أو الشدة.
● الوَلِيد بن الوَلِيد: أحد الصحابة الذين أسلموا وكانوا تحت أذى قريش.
● سَلَمَة بن هِشام، وعَيَّاش بن أبي ربيعة: صحابيان كانا مستضعفين في مكة تحت تعذيب المشركين.
● اشْدُدْ وَطْأَتَكَ: أي شدد عقابك وسلطانتك عليهم. والوطأة: الدوس بالأقدام، كناية عن شدة العقاب.
● مُضَرَ: قبيلة عربية كبيرة كانت منها قريش، وكانت في عداء للإسلام.
● كَسِنِي يُوسُفَ: أي كسنين الجدب والقحط الشديد التي وقعت في زمن النبي يوسف عليه السلام.
● لَحْيَانَ، وَرِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ: أسماء قبائل أو بطون من العرب غدروا ببعض المسلمين وقتلوهم.
● عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ: خالفت أمر الله ورسوله.
● قَنَتَ: والدعاء في القنوت هو الدعاء في الصلاة في حال القيام، وعادة يكون بعد الرفع من الركوع.
● يُقَرِّبَنَّ: أي سأجعل صلاتي قريبة من صلاة النبي ﷺ لأعلمكم بها.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يصف أبو هريرة رضي الله عنه هدي النبي ﷺ في صلاة الفجر، حيث كان بعد الرفع من الركوع يدعو بدعاء خاص، فيه:
1- دعاء للمستضعفين من المؤمنين الذين كانوا تحت تعذيب قريش، مثل: الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، طالباً من الله تخليصهم ونجاتهم.
2- دعاء على أعداء الإسلام من قبيلة مضر (التي منها قريش) بأن يشدد الله عليهم العقاب، ويجعل عليهم قحطاً وجدباً كالذي حدث في زمن يوسف عليه السلام.
3- دعاء على قبائل معينة غدرت وقتلت المسلمين، فدعا عليهم النبي ﷺ باللعنة.
ثم بين الحديث أن النبي ﷺ ترك هذا الدعاء بعد نزول الآية الكريمة: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128]، والتي فيها إرشاد من الله تعالى أن الأمر كله بيده، وهو الذي يتوب على من يشاء ويعذب من يشاء.
وفي الروايات الأخرى بيان أن هذا القنوت (الدعاء في الصلاة) استمر شهراً في إحدى الصلوات، وأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقنت في صلوات معينة (الظهر والعشاء والصبح) بعد ذلك، داعياً للمؤمنين ولاعناً للكفار، ليعلم الناس صفة صلاة النبي ﷺ.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- جواز الدعاء في الصلاة لقضاء الحوائج: سواء كانت حوائج دينية أو دنيوية، كفك الأسرى ونجاة المستضعفين.
2- الدعاء على الكفار والمعتدين جائز في الأصل: خاصة من كانوا يعذبون المسلمين ويؤذونهم.
3- التأدب مع الله تعالى واتباع الوحي: حيث ترك النبي ﷺ هذا الدعاء بعد نزول الآية، مع أن الدعاء على الأعداء جائز، لكن الله أراد أن يبين أن الأمر كله بيده، وأن النبي ﷺ مبلغ للرسالة وليس له من الأمر شيء.
4- حرص الصحابة على تعليم السنة: كما فعل أبو هريرة رضي الله حيث كان يقنت في الصلوات ليعلم الناس هدي النبي ﷺ.
5- مرونة التشريع الإسلامي: حيث كان القنوت مشروعاً في وقت ثم نسخ أو تغير حكمه، مما يدل على أن الأحكام تتبع المصالح وتغيرها.
6- الرحمة بالنبي ﷺ بأمته: حيث كان يدعو للمستضعفين ويشفق عليهم، ويدعو على أعداء الله لما في ذلك من مصلحة للمسلمين.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم القنوت في الصلاة: اختلف العلماء في مشروعية القنوت في الصلوات، فمنهم من رأى أنه سنة في صلاة الصبح دائماً (وهو مذهب الشافعية)، ومنهم من رأى أنه只在 في النوازل (كالدعاء على الأعداء وقت الشدائد) وهو مذهب الحنابلة، ومنهم من لم يراه إلا في الوتر (وهو مذهب الحنفية والمالكية). والراجح أن القنوت في الصلوات الخمس ليس بسنة دائمة، بل يكون في النوازل والشدائد.
- **الآية الكريمة {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْء
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٥٦٠)، ومسلم في المساجد (٦٧٥) كلاهما من طريق ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة فذكر الحديث واللفظ لمسلم، وأمَّا البخاري فاختصره ولم يُسمِّ في رواياته «لَحْيان ورِعل وذكوان وعُصَيَّة» وإنَّما قال: «اللهم الْعَنْ فلانًا وفلانًا» لأحياء من العرب حتَّى أنزل الله فذكر الآية. إلَّا أنَّ مُسلمًا جعل نزول الآية منقطعًا فإنه رواه من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به مثله، ثم قال: «ثم بلغنا أنه ترك لما أنْزِل فذكر الآية» فلم يبين الزهري عمَّن بلغه ولكن رواه البخاري من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري موصولًا، ولم يقل فيه: بلغنا. فلا يُعَلُّ رواية الزهري برواية مسلم عن يونس بن يزيد.
وزاد أحمد في روايته عن يزيد بن هارون، عن محمد، عن أبي سلمة ثم قال: «الله أكبر وخرَّ ساجدًا».
وفي رواية عند مسلم قال أبو هريرة: ثم رأيتُ رسول الله ﷺ ترك الدعاء بعد. فقلت: أُرى رسولَ الله ﷺ قد ترك الدعاء لهم، قال: فقيل: وما تراهم قد قدِموا؟
والآية نزلت في غزوة أحد كما ثبت في صحيح مسلم (١٧٩١) عن أنس أن النبي ﷺ كسِرتْ رُباعيتُه يومَ أحد، وشُجَّ في رأسه فجعل يَسْلُتُ الدمَ عنه ويقول: «كيف يُفْلح قوم شجوا نبيَّهم، وكسروا رُباعيتَه، وهو يدعوهم إلى الله» فأنزل الله عز وجل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [سورة آل عمران: ١٢٨].
وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة والربيع.
ولكن قصة رِعْل وذكوان كانت بعد أحد في غزوة بئر مَعونة قال الحافظ في «الفتح» (٧/ ٣٦٦):
«وهذا إن كان محفوظًا احتمل أن يكون نزول الآية تراخَى عن قِصَّة أحد، لأنَّ قِصَّة رِعْلٍ وذكوان كانت بعدها. ثمَّ قال: وفيه بُعْدٌ. والصواب أنَّها نزلت في شأن الذين دعا عليهم بسبب قِصَّة أُحُد. ويُؤيِّد ذلك ظاهر قوله في صدر الآية: ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي يقتلهم ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ﴾ أي يخزيهم، ثم قال: ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ أي: فَيُسلِموا ﴿أَوْ يُعَذِّبَهُمْ﴾ أي: إن ماتوا كُفَّارًا». انتهى.
قال الأعظمي: لنا أن نفرق بين الدُّعاء على الكُفَّار، وبين القنوت. فلعل النبيَّ ﷺ دعا على الكفار يوم أحد بالهلاك في غير القنوت.
وأما القنوت فكان بدؤه كما قال أنس بعد بئر مَعونة فإنه قال: «وذلك بدؤ القنوت، وما كُنَّا نقنتُ» ولعل الآية نزلت مرتين.
وقوله: «كَسِنِي يوسف» أي اجعلها سِنين شِدادًا ذوات قَحط وغلاء. والسَّنَة - كما ذكره أصحاب اللغة: الجدب يقال: أخذتهم السَّنة، إذا أجدبوا وأقحطوا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1062 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة

  • 📜 حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب