استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار

حديث: استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار

عن أنس بن مالك أنَّ رِعْلًا وذكوانَ وعُصَيَّةَ وبني لَحيانَ استمدوا رسول الله ﷺ على عدوٍّ فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنَّا نُسمِّيهم القُراءَ في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار، ويُصلُّون بالليل، حتَّى كانوا ببئر مَعونة، قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبيَّ ﷺ فقنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياء من أحياءِ العرب: على رِعْلٍ وذكوان وعُصَيَّةَ وبني لَحْيانَ.
قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنًا، ثم إنَّ ذلك رُفِع: «بَلِّغوا عَنَّا قومنا أنَّا لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا».

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٩٠) عن عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن
زُريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس فذكره واللفظ له.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح الحديث الوارد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، معتمدًا على كبار شروح الحديث المعتمدة لدى أهل السنة والجماعة:

الحديث:

عن أنس بن مالك أنَّ رِعْلًا وذكوانَ وعُصَيَّةَ وبني لَحيانَ استمدوا رسول الله ﷺ على عدوٍّ فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنَّا نُسمِّيهم القُراءَ في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار، ويُصلُّون بالليل، حتَّى كانوا ببئر مَعونة، قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبيَّ ﷺ فقنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياء من أحياءِ العرب: على رِعْلٍ وذكوان وعُصَيَّةَ وبني لَحْيانَ. قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنًا، ثم إنَّ ذلك رُفِع: «بَلِّغوا عَنَّا قومنا أنَّا لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا».

1. شرح المفردات:

● رِعْلٌ وذَكْوَانَ وعُصَيَّةَ وبني لَحْيَانَ: قبائل عربية من بني سليم وغيرها، كانت تسكن حول المدينة.
● اسْتَمَدُّوا: طلبوا المدد والعون.
● أَمَدَّهُمْ: أعانهم وأرسل معهم مددًا.
● القُرَّاءَ: هم حفاظ القرآن والعلماء العباد، سُمُّوا بذلك لكثرة تلاوتهم للقرآن.
● يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ: يجمعون الحطب ليبيعوه ويتكسَّبوا منه، دليل على تواضعهم وجهادهم لأنفسهم.
● بِئْرِ مَعُونَةَ: مكان بين مكة والطائف، وقعت فيه الحادثة.
● قَنَتَ شَهْرًا: دعا في القنوت في صلاة الصبح شهرًا كاملاً.
● رُفِعَ: نُسخ ولم يعد يُتلى في المصحف.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن قبائل من العرب (رِعْل وذكوان وعُصَيَّة وبني لحيان) طلبوا من النبي ﷺ أن يمدهم برجال ليقاتلوا عدوًا لهم، فأرسل معهم سبعين رجلاً من خيرة الصحابة من الأنصار، كانوا يجمعون بين العمل الدنيوي بالنهار (جمع الحطب للكسب الحلال) والعبادة بالليل (قيام الليل وتلاوة القرآن). وعندما وصلوا إلى مكان يسمى "بئر معونة"، غدرت بهم تلك القبائل وقتلتهم جميعًا. فلما بلغ النبي ﷺ الخبر، حزن حزنًا شديدًا، ودعا في قنوت صلاة الصبح لمدة شهر على تلك القبائل الغادرة. وكان الصحابة يقرؤون قرآنًا في شأنهم (أي آيات تذكر قصتهم وثناء الله عليهم) ثم نُسخ ذلك من القرآن ولم يعد موجودًا بين دفتي المصحف، لكن بقي الخبر في الحديث. وقد أوحي إلى أولئك الشهداء أن يبلغوا قومهم أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- خيانة الكفار والمنافقين وغدرهم: فقد غدرت تلك القبائل بالمسلمين رغم أنهم جاءوا لنصرتهم، وهذا يدل على أن المسلم يجب أن يكون حذرًا في تعامله مع غير المسلمين، خاصة من ظهر منه العداء.
2- فضل الشهداء وعلو منزلتهم: حيث بشّرهم الله بالرضا والقبول، وهذا يدل على عظم أجر الشهادة في سبيل الله.
3- الجمع بين العبادة والعمل: فالقُرّاء كانوا يعملون بالنهار ويجتهدون في العبادة بالليل، مما يدل على أن الإسلام دين عمل وعبادة، وليس رهبانية.
4- شرعية القنوت والدعاء على الأعداء: عند نزول المصائب والظلم، يجوز للمسلم أن يدعو على الظالمين، كما فعل النبي ﷺ.
5- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم: فقد نُسخت تلاوة الآيات التي نزلت في هؤلاء الشهداء، لكن قصة استشهادهم وفضلهم باقية، مما يدل على أن النسخ قد يكون في التلاوة مع بقاء الحكم أو العكس.
6- الحزن على فقد العلماء والدعاة: لأن هؤلاء السبعين كانوا من خيرة القراء والدعاة، ففقدهم مصيبة كبيرة على الأمة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذه الحادثة تُعرف بـ "غزوة بئر معونة"، وقعت في السنة الرابعة للهجرة.
- السبعون الذين أُرسلوا كانوا من خيرة الصحابة، وكانوا يعرفون بـ "قراء الصحابة" لحفظهم القرآن وعلمهم.
- الدعاء في القنوت على الكفار جائز عند النوازل، وقد فعله النبي ﷺ هنا شهرًا كاملاً ثم تركه.
- القنوت في الصلاة: موضعه قبل الركوع أو بعده، والأمر فيه واسع، لكنه في النوازل يكون في الفجر كما في هذه القصة.
- الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بسيرة النبي ﷺ وفضائل الصحابة.
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يوفقنا للاستفادة من سيرة نبينا الكريم وصحابته الأبرار.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٠٩٠) عن عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن
زُريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس فذكره واللفظ له.
ورواه مسلم في المساجد (٦٧٧/ ٣٠٣، ٣٠٤) من وجه آخر عن قتادة، عن أنس مختصرًا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1061 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار

📜 حديث: استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استمدوا رسول الله فأمدهم بسبعين من الأنصار

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية