كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال

حديث: كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال

عن أنس بن مالك قال: ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله ﷺ، قال: كان إبراهيم مسترضعا له في عوالي المدينة، فكان ينطلق ونحن معه، فيدخل البيت، وإنه ليدخن، وكان ظئره قينا، فيأخذه فيقبله، ثم يرجع.

صحيح: رواه مسلم في الفضائل (٢٣١٦) من طريق إسماعيل (هو ابن علية)، عن أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن أنس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله ﷺ، يصف لنا جانباً من جوانب رحمته ﷺ العظيمة، خاصة مع الصغار.

أولاً. شرح المفردات:

● العيال: الأولاد والذرية، ويشمل البنين والبنات.
● مسترضعاً له: مُرْضَعٌ له، أي وُضِع عند مرضعة (ظئر) في البادية لترضعه وتربيه، كما كانت عادة العرب لتقوية أجسادهم وتعليمهم الفصاحة.
● في عوالي المدينة: منطقة مرتفعة في نواحي المدينة المنورة.
● وإنه ليدخن: أي البيت كان مليئاً بالدخان. وقيل: المقصود أن المكان كان مُدَخَّناً من عمل الظئر (المرضعة) وزوجها، وهو القين (الحداد).
● ظئره قينا: (الظئر) هي المرضعة، و(القين) هو الحداد، وهو زوج المرضعة. وكان عمله الحدادة مما يسبب الدخان.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه، الذي لازَم النبي ﷺ سنوات طويلة، أنه لم يرَ في حياته إنساناً أكثر رحمةً وحناناً بالأطفال والصغار من رسول الله ﷺ.
وكان للرسول ﷺ ابنٌ اسمه إبراهيم من السيدة مارية القبطية رضي الله عنها. ووُضِعَ إبراهيم عند مرضعة في منطقة عوالي المدينة (وهي منطقة مرتفعة، قيل: هي اليوم منطقة "العوالي" جنوب شرق المسجد النبوي) ليربى هناك كما جرت العادة.
وكان النبي ﷺ، مع انشغاله العظيم بمهام الدعوة والقيادة، يشتاق لرؤية ابنه. فكان يذهب لزيارته، ومعه أصحابه مثل أنس رضي الله عنه. وكان يدخل البيت الذي يعمل فيه زوج المرضعة (الحداد)، وكان البيت مليئاً بالدخان من أثر مهنة الحدادة. ومع ذلك، لم يمنع هذا النبي ﷺ من دخول البيت لرؤية ابنه.
فيدخل، فيأخذ الطفل إبراهيم ويضمه إلى صدره الشريف ويقبله بحنان الأب العطوف، ثم يعود بعد ذلك إلى المدينة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الرحمة بالصغار من أخلاق النبي ﷺ: يبرز هذا الحديث جانباً عظيماً من أخلاق النبي ﷺ، وهو شدة حنوه ورحمته بالأطفال، مما يدحض أي صورة خاطئة عنه بأنه كان قاسياً أو متجهماً.
2- تواضع النبي ﷺ وعظمته: لم يستنكف النبي ﷺ، وهو سيد الخلق وقائد الدولة، من دخول بيت متواضع فيه دخان ليزور ابنه، يظهر that parental love transcends all social barriers.
3- مشروعية إظهار المحبة للأبناء وتقبيلهم: فعل النبي ﷺ هو دليل على استحباب تقبيل الأبناء وإظهار المحبة والعطف لهم، فهذا من السلوك الذي يغرس الطمأنينة في نفوسهم.
4- بر الوالدين ولو كانا على غير الإسلام: زوج المرضعة (الظئر) كان يعمل حداداً، ولم يرد في الحديث أنهما أسلمَا، ومع ذلك كان النبي ﷺ يحسن إليهما ويصلهما بزيارته وكرمه، مما يدل على فضل الإحسان إلى من له فضل عليك، حتى لو كان غير مسلم.
5- الجمع بين هموم الدعوة وهموم الأسرة: النبي ﷺ قدوة في الموازنة بين مسؤولياته الجسام تجاه الأمة ومسؤولياته الأسرية وعلاقته بأبنائه.
6- الأمر بالرفق بالخدم ومن يعملون في المهن المتواضعة: دخول النبي ﷺ بيت القين (الحداد) دون استكبار يعلمنا احترام أصحاب المهن والحرف وتقديرهم.

رابعاً. معلومات إضافية:

- إبراهيم ابن النبي ﷺ توفي صغيراً قبل أن يتم عامه الثاني، وحزن النبي ﷺ عليه حزناً شديداً، وقال كلمات فيها عبرة عن رحمة الله: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون». وهذا يؤكد ما في قلبه ﷺ من حنان أبوي عظيم.
- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تصف رحمة النبي ﷺ، مثل حديثه: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه» (رواه البخاري).
نسأل الله أن يرزقنا الاقتداء بنبينا ﷺ في حنوه ورحمته وخلقه العظيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٢٣١٦) من طريق إسماعيل (هو ابن علية)، عن أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن أنس فذكره.
وأما ما روي أن القاسم بن محمد ﷺ تمام رضاعه في الجنة فهو منكر.
رواه ابن ماجه (١٥١٢) عن عبد الله بن عمران، حدتنا أبو داود، حدثنا هشام بن أبي الوليد، عن أمه، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي قال: لما توفي القاسم بن رسول الله ﷺ، قالت خديجة: يا رسول الله، درّت لبينة القاسم، فلو كان الله أبقاه حتى يستكمل رضاعه، فقال رسول الله ﷺ: «إن تمام رضاعه في الجنة». قالت: لو أعلم ذلك يا رسول الله لهوّن علي أمره، فقال رسول الله ﷺ: «إن شئت دعوت الله تعالى فأسمعك صوته». قالت: يا رسول الله بل أصدق الله تعالى ورسوله.
وهشام بن أبي الوليد هو: هشام بن زياد بن أبي يزيد أبو المقدام المدني متروك.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 294 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال

📜 حديث: كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية