حديث: ليبشر فقراء المهاجرين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضل فقراء المهاجرين

عن واثلة بن الأسقع، قال: كنت في أصحاب الصفة فلقد رأيتنا، وما منّا إنسان عليه ثوب تام، وأخذ العرق في جلودنا طرقا من الغبار والوسخ، إذ خرج علينا رسول الله ﷺ فقال: «ليبشر فقراء المهاجرين». إذ أقبل رجل عليه شارة حسنة فجعل النبي ﷺ لا يتكلم بكلام إلا كلفته نفسه أن يألي بكلام يعلو كلام النبي ﷺ، فلما انصرف قال: «إن الله لا يحب هذا وصوته يلوون ألسنتهم كليّ البقرة بلسانها المرعى كذلك يلوي الله تعالى ألسنتهم ووجوههم في النار».

صحيح: رواه الطبراني في الكبير (٢٢/ ١٧٠) عن أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، ثنا
أبو مسهر (هو عبد الأعلى بن مسهر)، ثنا صدقة بن خالد، قال: حدثني زيد بن واقد، عن بسر بن
عبيد الله، عن واثلة بن الأسقع قال: فذكره.

عن واثلة بن الأسقع، قال: كنت في أصحاب الصفة فلقد رأيتنا، وما منّا إنسان عليه ثوب تام، وأخذ العرق في جلودنا طرقا من الغبار والوسخ، إذ خرج علينا رسول الله ﷺ فقال: «ليبشر فقراء المهاجرين». إذ أقبل رجل عليه شارة حسنة فجعل النبي ﷺ لا يتكلم بكلام إلا كلفته نفسه أن يألي بكلام يعلو كلام النبي ﷺ، فلما انصرف قال: «إن الله لا يحب هذا وصوته يلوون ألسنتهم كليّ البقرة بلسانها المرعى كذلك يلوي الله تعالى ألسنتهم ووجوههم في النار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، عن الصحابي الجليل واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، يحمل في طياته موعظة بليغة وصورة حية من صور المجتمع النبوي، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً على النحو التالي:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● أصحاب الصفة: هم فقراء المهاجرين الذين كانوا يسكنون في مكان مظلل في مسجد النبي ﷺ، ليس لهم بيوت ولا أهل، وكانوا من أشد الناس فقراً وزهدا.
● العرق في جلودنا طرقا: أي صار العرق (بسبب الحر أو العمل) يجري على جلودنا فَيُحدث فيها خطوطاً ومجاري.
● شارة حسنة: أي هيئة حسنة وملبس جميل ونظيف.
● يألي بكلام: أي يجتهد ويحرص على أن يتكلم بكلام.
● يعلو كلام النبي ﷺ: أي يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ ويتكلم معه أو قبله.
● يلوون ألسنتهم: أي يحركونها ويميلونها في الكلام تكبراً ورياء.
● كليّ البقرة بلسانها المرعى: تشبيه بليغ، حيث أن البقرة عندما تأكل العشب تلوي لسانها حوله لتمسكه وتأكله.


ثانياً. شرح الحديث:


يصف الصحابي واثلة بن الأسقع رضي الله عنه حاله وحال إخوانه من أهل الصفة، وهم نماذج رائعة في الزهد والصبر على الفقر، حيث كانوا يلبسون الثوب المرقع أو غير التام، ويظهر على أجسادهم أثر العمل والتعب والغبار.
وفي هذا الجو المتواضع، يخرج عليهم النبي ﷺ ليبشرهم ببشرى عظيمة، وهي "ليبشر فقراء المهاجرين"، وهي بشارة بالجنة والرزق في الدنيا والآخرة لمن صبر على الفقر واحتسب.
لكن المفاجأة أن يدخل عليهم رجل "عليه شارة حسنة" – أي يظهر عليه الغنى والزينة – ويبدأ في مقاطعة النبي ﷺ ورفع صوته فوق صوته، إما ليفتخر بنفسه أو ليلفت الانتباه إليه.
فانصرف النبي ﷺ من المجلس دون أن يوبخه أمام الناس، لكنه بعد انصرافه بيّن أن هذا التصرف مكروه عند الله، وشبّه طريقة كلامه المتكبرة بحركة البقرة وهي تأكل العشب بلسانها، ثم أخبر أن جزاء هذا التكبر والتظاهر سيكون بأن يلوي الله لسانه ووجهه في النار – والعياذ بالله –.


ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- التواضع خلق إسلامي عظيم: وكان النبي ﷺ قدوة في ذلك، حيث كان يجلس مع الفقراء ويزورهم ويبشرهم.
2- ذم التكبر والرياء: فالتظاهر بالغنى أو رفع الصوت على العلماء والدعاة من سوء الأدب.
3- الحكمة في التعليم: حيث أن النبي ﷺ لم يوبخ الرجل أمام الجماعة، بل انتظر حتى انصرف ثم بين الخطأ حتى لا يُحرجه.
4- الترغيب في الصبر على الفقر: وأن الفقراء الصابرين لهم مكانة عالية عند الله تعالى.
5- الأدب مع النبي ﷺ ومع العلماء: فلا يجوز للمرء أن يرفع صوته فوق صوت النبي أو العالم، بل ينصت ويحترم.


رابعاً. فوائد إضافية:


- هذا الحديث يُعد تحذيراً من التكبر والاستعلاء على الآخرين، خاصة على أهل العلم والصلاح.
- فيه إشارة إلى عظم ذنب إيذاء النبي ﷺ أو الاستهانة بحديثه، وهو من كبائر الذنوب.
- ينبغي للمسلم أن يتجنب الرياء والسمعة، وأن يكون متواضعاً في مظهره وكلامه.

أسأل الله أن يجعلنا من المتواضعين في القول والفعل، وأن يعيذنا من الكبر والرياء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (٢٢/ ١٧٠) عن أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، ثنا
أبو مسهر (هو عبد الأعلى بن مسهر)، ثنا صدقة بن خالد، قال: حدثني زيد بن واقد، عن بسر بن
عبيد الله، عن واثلة بن الأسقع قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قال المنذري في الترغيب (٤/ ٧٢): «رواه الطبراني بأسانيد أحدهما صحيح». وتبعه الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٦١).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 269 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ليبشر فقراء المهاجرين

  • 📜 حديث: ليبشر فقراء المهاجرين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ليبشر فقراء المهاجرين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ليبشر فقراء المهاجرين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ليبشر فقراء المهاجرين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب