حديث: استمدوا النبي فأمدهم بسبعين وقتلوا ببئر معونة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في فضل أهل بئر معونة
قال أنس: كنا نسميهم القراء، يحطبون بالنهار ويصلون بالليل، فانطلقوا بهم حتى بلغوا بئر معونة غدروا بهم وقتلوهم، فقَنتَ شهرا يدعو على رِعْل وذَكوان وبني لحيان.
قال قتادة: وحدثنا أنس أنهم قرؤوا بهم قرآنا: ألا بلغوا عنا قومنا بأنا قد لقينا ربنا، فرضي عنا وأرضانا، ثم رفع ذلك بعد.
صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٤٦) عن محمد بن بشار، ثنا ابن أبي عدي وسهل بن يوسف، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه:
نص الحديث:
عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ أتاه رِعْل وذكوان وعُصَيَّة، وبنو لحيان، فزعموا أنهم قد أسلموا، واستمدُّوه على قومهم، فأمدَّهم النبي ﷺ بسبعين من الأنصار. قال أنس: كنا نسميهم القراء، يحطبون بالنهار ويصلون بالليل، فانطلقوا بهم حتى بلغوا بئر معونة غدروا بهم وقتلوهم، فقَنتَ شهرا يدعو على رِعْل وذَكوان وبني لحيان. قال قتادة: وحدثنا أنس أنهم قرؤوا بهم قرآنا: ألا بلغوا عنا قومنا بأنا قد لقينا ربنا، فرضي عنا وأرضانا، ثم رفع ذلك بعد.
1. شرح المفردات:
● رِعْل وذكوان وعُصَيَّة وبنو لحيان: قبائل عربية من العرب البادية.
● استمدُّوه: طلبوا منه العون والمدد بالرجال.
● أمدَّهم: أعطاهم مددًا ومساعدَةً.
● القراء: جمع قارئ، وهم الذين يجمعون بين العلم والعمل، وكانوا يشتغلون بالعبادة وتلاوة القرآن.
● يحطبون بالنهار: يجمعون الحطب ويبيعونه ليكسبوا قوت يومهم.
● بئر معونة: مكان بين مكة والبحرين، وقعت فيه الحادثة.
● غدروا بهم: نقضوا العهد وخانوا.
● قَنتَ: دعا في القنوت في الصلاة (خاصة في صلاة الفجر) بالدعاء على الكفار.
● رفع ذلك بعد: أي أن الدعاء الذي كان يدعو به النبي ﷺ في القنوت رُفع ولم يعد مشروعًا بعد انقضاء الشهر.
2. شرح الحديث:
جاءت قبائل من العرب إلى النبي ﷺ وادَّعوا الإسلام، وطلبوا منه أن يمدهم بجنود ليقاتلوا بهم أعداءهم من القبائل المعادية، فاستجاب النبي ﷺ لهم وأرسل معهم سبعين رجلاً من خيرة أصحابه من الأنصار، وكان هؤلاء الصحابة يعرفون بالقراء لأنهم يجمعون بين العبادة والعمل، فكانوا يصلون بالليل ويجتهدون في النهار بكسب الرزق الحلال.
لكن هؤلاء القبائل غدروا بالصحابة عند مكان يسمى "بئر معونة"، وقتلوهم غدرًا وخيانةً. فلما بلغ النبي ﷺ النبأ حزن حزنًا شديدًا، ودعا في قنوته شهرًا كاملاً على تلك القبائل الغادرة.
وقد روى قتادة عن أنس أن الصحابة الذين قُتلوا قالوا قبل استشهادهم كلمات بلغت قومهم بعد موتهم، مفادها أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم، وكان هذا الكلام يُتلى كالقرآن ثم نُسخ وحُفظ في الصدور ولم يعد يتلى.
3. الدروس المستفادة:
● خطر الغدر والخيانة: الحادثة تظهر سوء عاقبة الغدر، وأنه من صفات المنافقين والأعداء.
● الصبر على الأذى: استشهاد الصحابة كان درسًا في التضحية والفداء في سبيل الله.
● دعاء النبي على الكفار: جواز الدعاء على الكفار المحاربين الغادرين في القنوت.
● نسخ التلاوة: أن بعض الآيات أو الكلمات كانت تتلى ثم نُسخت تلاوتها وبقي حكمها، كما في قول الصحابة: "ألا بلغوا عنا قومنا..."، وهو من أنواع النسخ في القرآن.
● فضل القراء والعلماء: الصحابة كانوا يجمعون بين العلم والعمل والعبادة والكسب الحلال، فهم القدوة في التوازن بين الدنيا والآخرة.
4. معلومات إضافية:
- واقعة بئر معونة من الأحداث المؤلمة في تاريخ الدعوة الإسلامية، وقد وقعت في سنة 4 هـ.
- القنوت في الصلاة: هو الدعاء في الركعة الأخيرة بعد الرفع من الركوع، وكان النبي ﷺ يقنت في النوازل والكرب.
- استشهاد السبعين من خيار الصحابة كان مصيبة عظيمة على المسلمين، لكنه كان درسًا في الصبر والثبات.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاتباع لسنة نبيه ﷺ، وأن يجعلنا من الصابرين الشاكرين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وقوله: «قرؤوا بهم قرآنا ...» أي نزل فيهم قرآنا يتلى ثم نسخ بعد ذلك، كما ورد في رواية أخرى عن أنس بلفظ: «أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه، ثم نسخ بعد: بلغوا قومنا أنه قد ...» فذكره.
رواه البخاري في الجهاد (٢٨١٤)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (٦٧٧ - ٢٩٧) كلاهما من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال: فذكره.
وأما ما روي عن عبد الله بن مسعود قال: «إياكم أن تقولوا: مات فلان شهيدا، أو قتل فلان شهيدا، فإن الرجل يقاتل ليغنم، ويقاتل ليذكر، ويقاتل ليرى مكانه، فإن كنتم شاهدين لا محالة فاشهدوا للرهط الذين بعثهم رسول الله ﷺ في سرية فقتلوا فقالوا: «اللهم! بلغ نبينا ﷺ عنا أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا». فضعيف منقطع.
رواه أحمد (٣٩٥٢)، وابن أبي عاصم في الجهاد (١٨٥) كلاهما من طرق عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن ابن مسعود قال: فذكره.
وفي سنده: عطاء بن السائب، صدوق لكنه اختلط في آخر عمره. وحماد بن سلمة ممن سمع
منه قديما. ولكنه معلول بالانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، فإنه لم يسمع منه في قول عامة أهل العلم.
وروي عن أبي أسامة قال: قال هشام بن عروة، فأخبرني أبي قال: لما قتل الذين ببئر معونة، وأسر عمرو بن أمية الضمري، قال له عامر بن الطفيل: من هذا؟ فأشار إلى قتيل، فقال له عمرو بن أمية: هذا عامر بن فهيرة، فقال: لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض، ثم وضع، فأتى النبي ﷺ خبرهم فنعاهم، فقال: «إن أصحابكم قد أصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم، فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا، فأخبرهم عنهم». وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء بن الصلت فسمي عروة به، ومنذر بن عمرو سمي به منذرا.
ذكره البخاري في المغازي (٤٠٩٣) - عقب حديث الهجرة المروي عن عائشة - عن شيخه عبيد بن إسماعيل، ثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.
فقال عقبه: «وعن أبي أسامة ...» فذكره مرسلا فهو معطوف على الإسناد السابق، كما قال الحافظ في التغليق (٤/ ١١٢) وإنما فصله ليبين الموصول من المرسل، قاله في الفتح (٧/ ٣٩٠).
يعني رواه من حديث عائشة موصولا وفيه قصة هجرة النبي ﷺ إلى المدينة، ثم رواه بالإسناد إلى عروة بن الزبير، فذكر قصة أهل بئر معونة مرسلا عن عروة، والحديثان رواهما أبو نعيم، والإسماعيلي، والبيهقي، مساقا واحدا موصولا به مدرجا، ولم يفصلوهما كما فصله البخاري، ولذلك أورده ابن حجر في كتابه المدرج ليبين أن عمله هذا إدراج، وأن القصة الثانية ليست متصلة بل هي من مراسيل عروة، والله أعلم. انظر الفتح (٧/ ٣٩٠).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 279 من أصل 643 حديثاً له شرح
- 254 سمي خالد سيف الله
- 255 جمع القرآن على عهد رسول الله أربعة من الأنصار
- 256 من أحب الناس إلى رسول الله ﷺ أربعة.
- 257 نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو...
- 258 استغفر لأبي عامر واجعله فوق كثير من خلقك
- 259 اللهم أَحبهما فإني أُحبّهما
- 260 حب الله لأربعة: علي وأبو ذر والمقداد وسلمان
- 261 الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان
- 262 مفزعكم إلى الله ورسوله
- 263 عنوان الحديث: اللهم يسر لي جليسا صالحا فأتيت قوما فجلست...
- 264 أليس فيكم سعد بن مالك مجاب الدعوة وابن مسعود صاحب...
- 265 أهل السفينة لهم هجرتان
- 266 من فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
- 267 من أول الناس إجازة؟ فقراء المهاجرين
- 268 تسد بهم الثغور، ويتقى بهم المكاره
- 269 ليبشر فقراء المهاجرين
- 270 من يؤويني، من ينصرني، حتى أبلغ رسالات ربي
- 271 استخدام السبي وأفضل من الخدم
- 272 ائتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب
- 273 اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
- 274 من شهد بدرا من الملائكة
- 275 من هم شهداء بدر عند الملائكة؟
- 276 أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم...
- 277 إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في...
- 278 اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد
- 279 استمدوا النبي فأمدهم بسبعين وقتلوا ببئر معونة
- 280 اللهم إنك إن تشأ لا تعبد في الأرض
- 281 من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا...
- 282 بشارة النبي لاصحاب بيعة الرضوان بعدم دخول النار
- 283 لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية
- 284 عنوان الحديث: "كذبت قد شهد حاطب بدرا والحديبية"
- 285 من شهد بدرا والحديبية لا يدخل النار
- 286 من شهد بدرًا والحديبية لا يدخل النار
- 287 لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة
- 288 صحابة رسول الله خير اهل الارض يوم الحديبية
- 289 من شهد بدرا والحديبية لن يدخل النار
- 290 اللهم إنك إن تشأ لا تعبد بعد اليوم
- 291 أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا
- 292 عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار
- 293 لما ولدت أم إبراهيم إبراهيم كأنه وقع في نفس النبي...
- 294 كان رسول الله ﷺ أرحم بالعيال
- 295 إن له مرضعا في الجنة
- 296 مات صغيرا ولو قضي أن يكون بعد محمد نبي عاش...
- 297 تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا
- 298 إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا
- 299 عنوان الحديث: "لو أن ابن آدم سأل واديا من مال...
- 300 والله ليهنك العلم أبا المنذر
- 301 من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله
- 302 من أحبني فليحب أسامة
- 303 أحبّي أسامة فإني أحبه
معلومات عن حديث: استمدوا النبي فأمدهم بسبعين وقتلوا ببئر معونة
📜 حديث: استمدوا النبي فأمدهم بسبعين وقتلوا ببئر معونة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استمدوا النبي فأمدهم بسبعين وقتلوا ببئر معونة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استمدوا النبي فأمدهم بسبعين وقتلوا ببئر معونة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استمدوا النبي فأمدهم بسبعين وقتلوا ببئر معونة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








