حديث: جمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فيمن خاف عقاب الله فأمر بإحراق جثته بعد موته، ولم يعلم بأن الله غفور رحيم

عن حذيفة قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن رجلًا حضره الموت، لما أيس من الحياة أوصى أهله، إذا متّ فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا، ثم أوروا نارًا، حتى إذا أكلتْ لحمي وخلصتْ إلى عظْمي فخذوها فاطحنوها، فذروني في اليم في يوم حار أو راحٍ، فجمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له».

صحيح: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٤٧٩) عن مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش قال: قال عقبة لحذيفة: ألا تحدثنا ما سمعت من النبي ﷺ قال: فذكره.

عن حذيفة قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن رجلًا حضره الموت، لما أيس من الحياة أوصى أهله، إذا متّ فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا، ثم أوروا نارًا، حتى إذا أكلتْ لحمي وخلصتْ إلى عظْمي فخذوها فاطحنوها، فذروني في اليم في يوم حار أو راحٍ، فجمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث الرجاء، رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 7508) عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:


● حضره الموت: أي نزل به وقرب أجله.
● أيْس من الحياة: قطع الأمل من الشفاء والبقاء في الدنيا.
● أوصى أهله: أوصى (أعطى الوصية) لأقاربه ومن يليه.
● أوروا نارًا: أوقدوا نارًا عظيمة.
● أكلت لحمي: التهمت النار جسده.
● خلصت إلى عظمي: وصلت النار إلى عظامه بعد أن أكلت اللحم.
● فاطحنوها: اسحقوها واجعلوها دقيقًا ناعمًا.
● فذروني: فانثُروني وابذُروني.
● في اليم: في البحر.
● في يوم حار: يوم شديد الحرارة.
● أو راح: يوم شديد الريح (والراح: الريح الشديدة).
● فجمعه الله: أعاد الله تعالى أجزاءه المتفرقة وجمعها للحساب.
● خشيتك: خفت عذابك وعقابك.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة رجل حضرته الوفاة، وقد يئس من الشفاء والنجاة، فانكسر قلبه وخاف من عظمة الله وجلاله، حتى بلغ به الخوف مبلغًا عظيمًا.
لم يكتفِ هذا الرجل بالخوف القلبي، بل ظهر أثر هذا الخوف في وصيته الغريبة لأهله. فقد أوصاهم أن يفعلوا بجسده بعد موته أمرًا يتعذر معه بعثه ونشره مرة أخرى في نظر البشر، وذلك بأن يحرقوه حتى يصير رمادًا، ثم يطحنوا عظامه، ثم يذروا هذا الرماد والطحين في البحر في يوم عاصف؛ ليتفرق في أرجاء البحر، فلا يبقى له أثر.
وكان دافعه إلى هذه الوصية العجيبة هو شدة خوفه من الله تعالى، وخشيته أن يقف بين يديه ويحاسبه على ذنوبه. فتمنى أن يهرب من هذا الموقف by أي وسيلة، حتى بتفريق جسده وإعدامه.
فلما قام الله تعالى بإحيائه وجمع أجزائه من البحر وسأله: "لم فعلت ذلك؟" – أي لماذا أمرت بتفريق جسدك وإحراقه – كانت إجابته صادقة من أعماق قلبه: "خشيتك".
فما كان من الله جل جلاله، وهو الكريم الغفور الرحيم، إلا أن غفر له بسبب صدق خوفه وتعظيمه لربه، رغم شدة ذنبه ويأسه من رحمة الله الذي وسعت كل شيء.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- سعة رحمة الله تعالى وعفوه: هذا الحديث من أعظم الأدلة على أن رحمة الله سبقت غضبه، وأن مغفرته تغلب عقوبته. فمهما عظم ذنب العبد، فإن باب التوبة والرجاء مفتوح ما لم يغرغر الروح.
2- قيمة الخوف من الله: إن الخوف من الله، إذا كان صادقًا في القلب، سبب عظيم لمغفرة الذنوب ورفعة الدرجات، حتى لو اقترن ببعض الوساوس أو اليأس الذي لا ينبغي.
3- الإجابة على شبهة القدرة على البعث: في هذه القصة إثبات لقدرة الله المطلقة على إحياء الموتى وجمعهم من أي مكان كانوا، حتى لو ذُروا في اليم أو صاروا رمادًا. {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}.
4- ذم اليأس من رحمة الله: الواجب على المسلم أن يخاف من الله، ولكن لا يقترن خوفه بيأس من رحمة الله. فخوف هذا الرجل كان محمودًا في أصله، ولكن يأسَه من رحمة الله (الذي ظهر في رغبته في إفناء جسده) هو الأمر المذموم الذي لا ينبغي. فالمؤمن يجمع بين الخوف والرجاء.
5- الصدق مع الله: كان غفران الله له بسبب صدقه في قوله "خشيتك"، فلم ينكر فعله ولم يتعلل، بل اعترف وصدق في الاعتراف.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل في باب "الرجاء" و"سعة مغفرة الله"، وهو مقصد عظيم من مقاصد الشريعة لتثبيت قلوب المذنبين ودفعهم للتوبة.
- ينبغي للمسلم أن يتجنب الوساوس والشكوك التي قد تأتيه عن قدرة الله على البعث، فهي من نفثات الشيطان.
- الخوف المحمود هو الذي يمنعك من المعصية، ويحملك على الطاعة، ولا يصل بك إلى درجة القنوط من روح الله.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا خوفه في الغيب والشهادة، وأن يعفو عنا ويغفر لنا برحمته التي وسعت كل شيء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٤٧٩) عن مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش قال: قال عقبة لحذيفة: ألا تحدثنا ما سمعت من النبي ﷺ قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 35 من أصل 74 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: جمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له

  • 📜 حديث: جمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: جمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: جمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: جمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب