حديث: يغفر الله ذنوباً أمثال الجبال ويضعها على اليهود والنصارى

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في سعة مغفرة الله تعالى

عن أبي موسى الأشعري، عن النبي ﷺ قال: «يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى» فيما
أحسب أنا.
قال أبو روح: لا أدري ممن الشك.

صحيح: رواه مسلم في التوبة (٢٧٦٧: ٥١) عن محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبيه أبي موسى الأشعري فذكره.

عن أبي موسى الأشعري، عن النبي ﷺ قال: «يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى» فيما
أحسب أنا.
قال أبو روح: لا أدري ممن الشك.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر يحتاج إلى بيان وتوضيح من عدة وجوه، وذلك لأهمية فهمه فهماً صحيحاً يتناسب مع أصول العقيدة الإسلامية وقواعد العدل الإلهي.
أولاً: نص الحديث ورواته:
الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب "التوبة" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ، وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى».
وفي رواية: «فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ وَيَجْعَلُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى».
وقول الراوي في آخر الحديث: "فيما أحسب أنا. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك" هذا من كلام رواة الحديث، وليس جزءاً من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وهو يشير إلى أن هناك شكاً في سند الحديث، هل الشك من أبي موسى الأشعري نفسه أم من راوٍ آخر؟ وهذا لا يقدح في صحة الحديث، فقد ثبت في صحيح مسلم.

ثانياً: شرح المفردات:
● بذنوب أمثال الجبال: أي يأتون يوم القيامة وقد ارتكبوا ذنوباً عظيمة وكثيرة جداً، شبهت بالجبال في ضخامتها وكثرتها.
● فيغفرها الله لهم: أي يتجاوز الله عن تلك الذنوب ويتوب عليهم، ويسترها ولا يعاقبهم عليها.
● ويضعها على اليهود والنصارى: أي يحملهم أوزار تلك الذنوب وعقابها، بعد أن غفرها لأصحابها المسلمين.

ثالثاً: شرح الحديث ومعناه:
هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر عظمة رحمة الله تعالى وسعة مغفرته للمسلمين، لكنه يحتاج إلى فهم دقيق حتى لا يتوهم معنىً يخالف العدل الإلهي.
المعنى الصحيح للحديث الذي عليه أهل العلم:
1- أن هؤلاء المسلمين قد تابوا توبة نصوحاً قبل الموت، فغفر الله لهم بتوبتهم، ولكنهم يأتون يوم القيامة وقد بقيت آثار ذنوبهم ظاهرة للناس (لكنها مُغفرة عند الله). فيظن الناظر أنهم سيعاقبون بها، فيغفرها الله لهم أمام الخلائق، ويبين فضله وعفوه.
2- أما وضعها على اليهود والنصارى، فليس معناه أن الله يعاقب اليهود والنصارى بذنوب لم يرتكبوها! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. فالله عز وجل يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. أي لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى.
3- التفسير الصحيح الذي ذكره كبار المفسرين وأهل العلم مثل الإمام النووي وابن رجب الحنبلي هو:
* أن اليهود والنصارى هم الذين حملوا المسلمين على تلك الذنوب، أو هم سبب فيها، بضلالهم وإغوائهم ودعوتهم إلى الباطل.
* فالمسلمون أذنبوا بتقصيرهم واتباعهم لهؤلاء، فغفر الله لهم لصدق إيمانهم وتوبتهم.
* وأما الكفار (اليهود والنصارى) فهم أصل الإثم والضلال، فهم يحملون أوزارهم وأوزار من ضل بسبهم، لأنهم دعاة إلى الضلال، فإثمهم مضاعف.
4- مثال توضيحي: كأن يغري اليهود أو النصارى المسلمين بشرب الخمر أو الربا أو غيرها من المعاصي، فيقع فيها المسلمون، ثم يتوبون. فذنب الداعية إلى الضلال أعظم، فهو يحمل إثم نفسه وإثم من أضله بقدر استطاعته.

رابعاً: الدروس المستفادة والعبر:
1- سعة مغفرة الله تعالى: الحديث يبعث على الأمل والرجاء، فمهما عظمت ذنوب العبد، فإن باب التوبة مفتوح، ومغفرة الله أعظم.
2- وجوب التوبة النصوح: النجاة تكون بالتوبة الصادقة قبل فوات الأوان.
3- خطر مصاحبة أهل الضلال وأعداء الدين: فإنهم سبب في الوقوع في المعاصي، ويحملون أوزار من أضلوه.
4- العدل الإلهي المطلق: الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة، وهو أحكم الحاكمين. فلا يُعاقب أحداً بذنب لم يفعله، ولكن يُعاقب المضل على إضلاله وجريمته.
5- الفرق بين المغفرة والتجاوز عن الذنب في الدنيا وبين العرض يوم القيامة: التوبة تمحو الذنب، ولكن قد يُعرض على العبد ذنبه يوم القيامة تكريماً له وإظهاراً لفضل المغفرة عليه.

خامساً: تحذير مهم:
هذا الحديث لا يفهم منه اتهام اليهود والنصارى في كل زمان ومكان بكل ذنب، بل السياق فيمن كان سبباً في الإضلال والدعوة إلى المعصية. كما أنه لا يُتخذ ذريعة للتقصير في العمل والاتكال على المغفرة دون توبة.
نسأل الله أن يتوب علينا ويغفر لنا ويرحمنا، وأن يحفظنا من مضلات الفتن.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في التوبة (٢٧٦٧: ٥١) عن محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبيه أبي موسى الأشعري فذكره.
وبمعناه ما روي عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم».
رواه ابن ماجه (٤٢٤٨) عن يعقوب بن حميد بن كاسب المدني، حدثنا أبو معاوية، حدثنا جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة فذكره.
ويعقوب بن حميد فيه ضعف إذا انفرد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 27 من أصل 74 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يغفر الله ذنوباً أمثال الجبال ويضعها على اليهود والنصارى

  • 📜 حديث: يغفر الله ذنوباً أمثال الجبال ويضعها على اليهود والنصارى

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يغفر الله ذنوباً أمثال الجبال ويضعها على اليهود والنصارى

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يغفر الله ذنوباً أمثال الجبال ويضعها على اليهود والنصارى

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يغفر الله ذنوباً أمثال الجبال ويضعها على اليهود والنصارى

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب