حديث: خير الخطائين التوابون

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن كل ابن آدم خطاء، والله يحب أن يستغفر ابن آدم فيغفر له

عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون».

حسن: رواه الترمذي (٢٤٩٩)، وابن ماجه (٤٢٥١)، وأحمد (١٣٠٤٩)، وابن حبان في المجروحين (٢/ ٨٧)، وابن عدي في الكامل (٥/ ١٨٥٠)، والحاكم (٤/ ٢٤٤) كلهم من طريق علي بن مسعدة الباهلي، عن قتادة، عن أنس فذكره.

عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام الترمذي في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهما، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيه موعظة بليغة وحكمة عظيمة.

أولاً. شرح المفردات:


● كُلُّ ابْنِ آدَمَ: أي كل إنسان من ذرية آدم عليه السلام، دون استثناء.
● خَطَّاءٌ: صيغة مبالغة من "خاطئ"، أي كثير الخطأ والذنب والمعصية.
● خَيْرُ الْخَطَّائِينَ: أفضلهم وأكرمهم عند الله.
● التَّوَّابُونَ: جمع "تَّوَّاب"، وهو صيغة مبالغة من "تائب"، أي كثيرو الرجوع إلى الله تعالى والإنابة إليه، كلما وقعوا في ذنب بادروا بالتوبة النصوح.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحقيقة إنسانية ثابتة، وهي أن الإنسان بطبعه مجبول على الضعف والنقص، فلا يسلم من الوقوع في الخطأ والذنب، صغيراً كان أم كبيراً. هذه هي السنة الكونية في خلق الله.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتركنا عند هذه الحقيقة فقط، بل يرشدنا إلى ما هو أفضل، فيبين أن قيمة الإنسان ومكانته لا تقاس بعدم وقوعه في الخطأ – فهذا مستحيل – ولكن تقاس بما يفعله بعد الوقوع في الخطأ. فخير الناس وأفضلهم ليسوا هم المعصومين من الخطأ (فلا معصوم إلا الأنبياء)، بل هم أولئك الذين إذا أخطأوا أو أساءوا استشعروا تقصيرهم أمام الله، فبادروا بالتوبة الصادقة، والاستغفار، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة.
فالحديث يجمع بين التيسير على النفس البشرية by طمأنتها بأن الخطأ ليس نهاية المطاف، وبين التحفيز على التوبة والمسارعة إلى الخير.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التسامح مع الذات والغير: الحديث يعلّمنا ألا نُصَعِّر خدنا للناس إذا أخطؤوا، وأن نكون رحماء بهم، لأننا جميعاً نشترك في هذه الصفة (الخطأ). وهذا من أدب الإسلام في التعامل.
2- التواضع وعدم العجب: معرفة أن الإنسان خطاء تمنعه من العجب بنفسه والغرور، فحتى لو عمل صالحاً كثيراً، فهو يعلم أنه قد يزلّ، فيستمر في التواضع لربه.
3- الأمل وعدم القنوط: باب التوبة مفتوح دائماً، ومهما عظم ذنب العبد، فإن الله يتوب عليه إذا تاب تاب الله عليه. فلا يجوز لمسلم أن ييأس من رحمة الله.
4- الحركة الدائمة نحو الله: الحياة ليست حالة من الكمال المستمر، ولكنها سلسلة من السقوط والنهوض. فخير الناس من جعل سقوطه نقطة انطلاق للنهوض والتقرب إلى الله أكثر من ذي قبل.
5- الفرق بين التوبة والاستمرار في الذنب: التوابون هم خير الخطائين، أما من يصر على خطئه ويستمر فيه ويستحله، فهذا شأنه مختلف وخطر.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، فهو قليل اللفظ واسع المعنى.
- التوبة شروطها معروفة: الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة. فإن كان الذنب يتعلق بحق آدمي، فلابد من رد الحق إليه أو التحلل منه.
- ينبغي للمسلم أن يجعل له ورداً يومياً من الاستغفار، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من التوابين المتطهرين، وأن يتوب علينا إنه هو التواب الرحيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٢٤٩٩)، وابن ماجه (٤٢٥١)، وأحمد (١٣٠٤٩)، وابن حبان في المجروحين (٢/ ٨٧)، وابن عدي في الكامل (٥/ ١٨٥٠)، والحاكم (٤/ ٢٤٤) كلهم من طريق علي بن مسعدة الباهلي، عن قتادة، عن أنس فذكره.
وهذا حديث مشهور بين أهل العلم تلقوه بالقبول، واستدلوا به في كتبهم، وصحّحه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (٥/ ٤١٤)، والحاكم في المستدرك، والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (١٢٧٤) فقال: «سنده قوي».
قال الأعظمي: مداره على علي بن مسعدة الباهلي وهو مختلف فيه، وثّقه الطيالسي، وقال ابن معين: صالح، وقال مرة: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وضعفه البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم.
وقال أحمد: «هذا حديث منكر» فلعله قصد به تفرد علي بن مسعدة الباهلي وهو كما رأيت
مختلف فيه، فيقبل تفرده في مثل هذا الحديث الذي اشتهر بين أهل العلم. والله المستعان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 32 من أصل 74 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خير الخطائين التوابون

  • 📜 حديث: خير الخطائين التوابون

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خير الخطائين التوابون

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خير الخطائين التوابون

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خير الخطائين التوابون

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب