حديث: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في سعة رحمة الله وأنها سبقت غضبه

عن عمر بن الخطاب أنه قال: قدم على رسول الله ﷺ بسبي فإذا امرأة من السبي، تبتغي، إذا وجدت صبيا في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله ﷺ: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟» قلنا: لا، والله وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله ﷺ: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها».

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٥٩٩٩)، ومسلم في التوبة (٢٧٥٤) كلاهما من طريق أبي غسان، حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فذكره.

عن عمر بن الخطاب أنه قال: قدم على رسول الله ﷺ بسبي فإذا امرأة من السبي، تبتغي، إذا وجدت صبيا في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله ﷺ: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟» قلنا: لا، والله وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله ﷺ: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أسعد بتوضيح هذا الحديث النبوي الشريف الذي يفيض رحمة ويجسد أعظم صور العطف الإلهي على عباده.

الحديث الشريف:


عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله ﷺ بسبي فإذا امرأة من السبي، تبتغي، إذا وجدت صبيا في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله ﷺ: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟» قلنا: لا، والله وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله ﷺ: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها».

1. شرح المفردات:


● سبي: الأسرى الذين أُخذوا في الحرب.
● تبتغي: تبحث وتطلب.
● صبيًا: الطفل الصغير.
● ألصقته ببطنها: ضمته إلى صدرها وبطنها لحمايته وإرضاعه.
● طارحة ولدها في النار: متعمدة إلقاءه في النار أو التسبب في هلاكه.
● وهي تقدر على أن لا تطرحه: وهي قادرة على عدم فعله ذلك.

2. شرح الحديث:


يصور لنا هذا الحديث المشهد التالي: بعد إحدى الغزوات، أُحضر إلى النبي ﷺ مجموعة من الأسرى (السبي)، وكان ضمنهم امرأة من الأسرى. كانت هذه المرأة تبحث بقلق بين الأسرى، وعندما وجدت طفلها الصغير، أسرعت إليه، وأخذته وضمته إلى صدرها وأرضعته بلطف وحنان شديدين.
لاحظ النبي ﷺ هذا المشهد المؤثر، وأراد أن يستخرج منه أعظم عبرة في صفة الرحمة الإلهية. فسأل أصحابه: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟» أي: هل تتخيلون أن هذه الأم، التي تبدي كل هذا الحب والشفقة على رضيعها، يمكن أن تلقيه بنفسها في النار؟ فأجاب الصحابة الكرام، وهم ينطلقون من فطرتهم السليمة: "كلا، والله! إنها لن تفعل ذلك وهي قادرة على منعه وحمايته".
عندها، بيَّن النبي ﷺ الحكمة العظيمة من ضرب هذا المثل، فقال: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها». أي أن رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أعظم وأوسع وأشمل من رحمة هذه الأم الشفوقة بولدها. فإذا كانت هذه الأم، وهي بشر، لا يمكن أن تُلقي بفلذة كبدها في الهلاك، فالله - جل جلاله - الذي هو أرحم الراحمين، أولى ألا يعذب عباده المؤمنين الذين يتوبون إليه ويلجأون إليه.

3. الدروس المستفادة منه:


● سعة رحمة الله تعالى: هذا الحديث من أعظم الأدلة على سعة رحمة الله وعظيم عفوه. فهو يطمئن قلوب العباد ويبعث فيهم الأمل، ويحثهم على عدم القنوط من رحمة الله مهما كثرت ذنوبهم.
● الحث على الرجاء: يجب على المسلم أن يغلّب جانب الرجاء في رحمة الله على جانب الخوف من عقابه، خاصة عند التوبة والإنابة.
● ضرب الأمثال للناس: أسلوب النبي ﷺ التربوي في استخدام الأمثلة المحسوسة والقريبة من أفهام الناس لتوضيح المعاني الغيبية المجردة.
● عاطفة الأمومة الفطرية: إقرار الإسلام بقوة عاطفة الأمومة وجعلها مقياسًا للرحمة، مما يرفع من مكانة الأم في الإسلام.
● التفكر في مخلوقات الله: التأمل في المشاهد اليومية يمكن أن يكون بابًا عظيمًا للتعرف على صفات الله وأسمائه الحسنى.

4. معلومات إضافية مفيدة:


● مصدر الحديث: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وكان بالمؤمنين رحيما})، والإمام مسلم في صحيحه (كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى). وهذا أعلى درجات الصحة.
● الرحمة صفة ذاتية لله: رحمة الله صفة ذاتية ثابتة له تعالى لا تنفك عنه، وهي التي وسعت كل شيء، كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}.
● لا تعني إسقاط العقاب: الحديث لا يعني أن رحمة الله ستشمل العصاة الذين يصرون على معاصيهم ولا يتوبون، بل هي تبعث الأمل في التائبين. فالعدل الإلهي قائم، ولكن الرحمة سبقت الغضب.
● تطبيقه في الدعوة: يستخدم هذا الحديث في دعوة اليائسين والقانطين من روح الله، ليعلموا أن باب التوبة مفتوح، وأن رحمة الله قريبة من المحسنين.
نسأل الله تعالى أن يعمنا برحمته الواسعة، وأن يجعلنا من الذين ينالون رضاه وجنته. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٥٩٩٩)، ومسلم في التوبة (٢٧٥٤) كلاهما من طريق أبي غسان، حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 17 من أصل 74 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار

  • 📜 حديث: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب