من يستغفر ويتوب يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا

حديث: من يستغفر ويتوب يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا

عن عقبة بن عامر، أن رجلا أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، أحدنا يذنب؟ قال: «يكتب عليه» قال: ثم يستغفر منه ويتوب؟ قال: «يُغفر له ويُتاب عليه» قال: فيعود فيذنب؟ قال: «يكتب عليه» قال: ثم يستغفر منه ويتوب؟ قال: «يغفر له ويتاب عليه، ولا يمل الله حتى تملوا».

حسن: رواه الطبراني في الأوسط (مجمع البحرين (٤٧١٨)، والروياني في مسنده (١٧٣)، والحاكم (٤/ ٢٥٧) كلهم من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث الرجاء والأمل في مغفرة الله تعالى، رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره، وصححه الألباني.

أولاً. شرح المفردات:

● يذنب: يرتكب معصية أو إثمًا.
● يكتب عليه: يُسجَّل عليه هذا الذنب في صحيفة أعماله.
● يستغفر: يطلب المغفرة من الله تعالى بقول: "أستغفر الله" أو ما شابهها.
● يتوب: يرجع إلى الله تعالى توبة نصوحًا، بترك المعصية والندم عليها والعزم على عدم العودة.
● يُغفر له: يُمحى ذنبه ويُعفى عنه.
● يُتاب عليه: يقبل الله توبته ويعامله معاملة التائب المحبوب.
● يَمْلُ: يَسْأم أو يَكِلُّ ويترك.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله سؤالاً يعبر عن قلقٍ يمر به كثير من المسلمين، وهو: ما مصير من يقع في الذنب ثم يتوب، ثم يعود للذنب، ثم يتوب، وهكذا؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن:
1- إذا أذنب الإنسان كُتب عليه هذا الذنب، وهذا أصل من أصول العقيدة الإسلامية، وهو أن كل عمل يصدر من الإنسان يُسجَّل عليه.
2- إذا استغفر من ذنبه وتاب إلى الله، فإن الله يغفر له ويقبل توبته، وهذا من فضل الله ورحمته بعباده.
3. ثم يعود الإنسان لضعفه فيقع في الذنب مرة أخرى، فيُكتب عليه مرة أخرى.
4. ثم إذا عاد فاستغفر وتاب، عاد الله فغفر له وقبل توبته.
ثم ختم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحوار المبارك بالجملة العظيمة التي تحمل أعظم بشرى: "ولا يَمَلُّ الله حتى تَمَلُّوا"، أي أن الله تعالى لا يسأم ولا يكل من قبول توبة عبده واستغفاره كلما أذنب ثم تاب، حتى يكون العبد هو الذي يمل ويكل ويستحسر وييأس من رحمة الله، أو يمل من الاستغفار والتوبة فيستمر في المعصية.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- سعة رحمة الله ومغفرته: الحديث من أعظم النصوص التي تبين سعة مغفرة الله تعالى لذنوب عباده، كيفما كثرت وتكررت، ما دام العبد يختمها بالاستغفار والتوبة.
2. ‏عدم القنوط من رحمة الله: يحذر الحديث من اليأس من روح الله، وهو من كبائر الذنوب. فمهما تكرر الذنب، فلا يجوز للعبد أن ييأس من مغفرة الله.
3. ‏الحث على دوام الاستغفار: الاستغفار هو سبب المغفرة، والحديث يحث على المداومة عليه وعدم الملل منه، لأنه باب من أبواب الرحمة المفتوح.
4. ‏بيان حقيقة النفس البشرية: الحديث يقرر حقيقة طبيعة الإنسان التي جبلت على الضعف والوقوع في الخطأ، ولكنه في نفس الوقت يوجهه إلى العلاج الدائم لهذا الضعف، وهو الرجوع إلى الله.
5. ‏الفرق بين عفو الله وعفو البشر: البشر قد يملون من تكرار الاعتذار، ولكن الله تعالى لا يمل، فهذه من صفاته تعالى التي لا تشبه صفات المخلوقين.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يندرج تحت "باب في سعة مغفرة الله لما تاب العبد وإن تكرر منه الذنب".
- ينبغي للمسلم أن يعلم أن شروط التوبة المعروفة (الندم، والإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العودة) يجب أن تتوفر في كل مرة يذنب فيها حتى تقبل توبته.
- لا ينبغي للمسلم أن يتخذ هذا الحديث ذريعة للاستمرار في المعاصي معتمدًا على المغفرة، بل يجب أن يجاهد نفسه لكي تقل معاصيه تدريجيًا، ويخاف أن يُميتَهُ الله وهو على معصية قبل أن يتوب.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يتوب علينا ويغفر لنا ذنوبنا إنه هو الغفور الرحيم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الأوسط (مجمع البحرين (٤٧١٨)، والروياني في مسنده (١٧٣)، والحاكم (٤/ ٢٥٧) كلهم من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، حدثني الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر فذكره.
وقال الطبراني عقبه: «لا يروى عن عقبة بهذا الإسناد، تفرد به يزيد».
قال الأعظمي: يزيد بن أبي حبيب ثقة فلا يضر تفرده، والإسناد حسن من أجل عبد الله بن صالح فإنه حسن الحديث إذا كان له أصل.
وقد حسن إسناد هذا الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٢٠٠).
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 64 من أصل 74 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يستغفر ويتوب يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا

📜 حديث: من يستغفر ويتوب يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يستغفر ويتوب يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يستغفر ويتوب يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يستغفر ويتوب يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية