حديث: سؤال أهل مكة رسول الله أن يجعل لهم الصفا ذهبا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)﴾

عن عبد الله بن عباس، قال: سأل أهل مكة رسول الله ﷺ أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحي عنهم الجبال، فيزدرعوا، قال الله عز وجل: «إن شئت آتيناهم ما سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، وإن شئت نستأني بهم، لعلنا ننْتِج منهم». فقال: «لا، بل أستأني بهم». فأنزل الله هذه الآية: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩).

صحيح: رواه أحمد (٢٣٣٣)، والنسائي في الكبرى (١١٢٢٦)، والبزار - كشف الأستار (٢٢٢٥)، والحاكم (٢/ ٣٦٢)، والضياء في المختارة (١٠/ ٧٨ - ٨٠) كلهم من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: فذكره.

عن عبد الله بن عباس، قال: سأل أهل مكة رسول الله ﷺ أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحي عنهم الجبال، فيزدرعوا، قال الله ﷿: «إن شئت آتيناهم ما سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، وإن شئت نستأني بهم، لعلنا ننْتِج منهم». فقال: «لا، بل أستأني بهم». فأنزل الله هذه الآية: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث الشريف:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو حديث صحيح ثابت.


1. شرح المفردات:


● الصفا: جبل معروف في مكة المكرمة، وهو أحد شعائر الله في الحج والعمرة.
● ينحي عنهم الجبال: أي يزيلها من مكانها ليوسع عليهم الأرض للزراعة.
● يزدرعوا: أي يزرعوا ويستغلوا الأرض في الزراعة.
● آتيناهم: أي أعطيناهم ما طلبوا.
● أهلكوا كما أهلك من قبلهم: أي أهلكناهم بعذاب الاستئصال كما أهلكنا الأمم السابقة التي كذبت بآياتنا.
● نستأني بهم: نؤخر العذاب ونتريث بهم، ونمهلهم.
● ننتج منهم: نستخرج منهم من يؤمن ويطيع الله تعالى.
● مبصرة: آية واضحة بينة، يرونها بأعينهم ولا ينكرونها.


2. شرح الحديث:


يخبرنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن كفار قريش في مكة طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم آيات حسية خارقة للعادة كدليل على صدق نبوته، فتحدوه بأن يحول جبل الصفا إلى ذهب، وأن يزيل الجبال عن مكة ليُتاح لهم الزراعة في أرضها الواسعة.
فعرض الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم خيارين:
● الخيار الأول: أن يستجيب لطلبهم، فيحول الصفا إلى ذهب ويزيل الجبال، ولكن مع تحذير واضح: إن هم كفروا بعد هذه الآية الباهرة، فإن مصيرهم سيكون الهلاك الفوري، كما أهلك الله الأمم السابقة التي كذبت بعدما رأت الآيات (كقوم صالح وقوم هود وغيرهم).
● الخيار الثاني: أن يمهلهم الله ويؤخر عنهم العذاب، على أمل أن يهتدي بعضهم ويؤمن مع مرور الوقت.
فاختار النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة والرفق بقومه، واختار التريث والصبر على أذاهم، رجاء أن يدخلوا في الإسلام، فقال: «لا، بل أستأني بهم».
فأنزل الله تعالى موافقاً على اختيار نبيه ومبيناً حكمته في عدم إرسال هذه الآيات الخارقة، فقال: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ﴾. أي: أن سبب امتناعنا عن إرسال الآيات الخارقة ليس عجزاً، ولكن لأن الأمم السابقة كذبت بها فعُذِّبوا، ونحن لا نريد أن نعجل بالعذاب لأمتك يا محمد.
ثم ضرب المثل بـ ثمود (قوم صالح) الذين آتاهم الله الناقة آية واضحة مبصرة، فكفروا بها وظلموا (بعقرها) فأهلكهم الله. وختمت الآية بحكمة إرسال الآيات أساساً، وهي أنها ليست للترفيه أو الإبهار، بل ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾، أي للإنذار والتحذير من عذاب الله.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته: فقد فضل الصبر على أذاهم والاستمرار في الدعوة على أن يأتي بالمعجزة التي قد تُعجل بهلاكهم لو كفروا بعدها. وهذه من أعظم صور شفقته وحرصه على هداية الناس.
2- حكمة الله تعالى في تقدير الأمور: فالله قادر على كل شيء، ولكن حكمته تقتضي أن تكون الأدلة والبراهين على النبوة مناسبة لطبيعة التكليف والإيمان، الذي يقوم على الاختيار والابتلاء، لا على الإكراه بالقهر والآيات الخارقة.
3- عدم الانقياد وراء مطالب المعاندين: لم يكن طلب كفار قريش نابعاً عن رغبة في الهداية، بل كان عناداً وتكبراً واستكباراً، كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا﴾ [الفرقان: 21]. فالحكمة تقتضي عدم الاستجابة لمثل هذه الطلبات التعجيزية.
4- العبرة من قصص الأمم السابقة: فالله يذكرنا بقصة ثمود لنتعظ ونخاف من مصير من كذب بآيات الله الواضحة. فالعذاب واقع بمن كفر بعد قيام الحجة.
5- أن الإيمان بالله ورسوله يجب أن يكون عن اقتناع ويقين، لا لمجرد رؤية المعجزات الخارقة، فإن أكثر من رأى هذه الآيات من الأمم السابقة لم يؤمنوا بل استمروا في كفرهم وعنادهم.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تظهر منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه، حيث شاوره الله تعالى في أمر أمته، وهو تشريف عظيم.
- الآية الكريمة التي نزلت (من سورة الإسراء) تربط بين مصير الأمم السابقة وموقف قريش، لتكون عبرة لهم، ولكنهم أعرضوا.
- استجابة الله لاختيار نبيه تظهر قبول دعائه ومكانته، فكان تأخير العذاب فرصة ليدخل في الإسلام من دخل، مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص رضي الله عنهما فيما بعد.
أسأل الله أن
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٣٣٣)، والنسائي في الكبرى (١١٢٢٦)، والبزار - كشف الأستار (٢٢٢٥)، والحاكم (٢/ ٣٦٢)، والضياء في المختارة (١٠/ ٧٨ - ٨٠) كلهم من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، قال: فذكره.
وقال البزار: «لا نعلم يروى عن النبي ﷺ من وجه صحيح إلا من هذا الوجه».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 805 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سؤال أهل مكة رسول الله أن يجعل لهم الصفا ذهبا

  • 📜 حديث: سؤال أهل مكة رسول الله أن يجعل لهم الصفا ذهبا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: سؤال أهل مكة رسول الله أن يجعل لهم الصفا ذهبا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: سؤال أهل مكة رسول الله أن يجعل لهم الصفا ذهبا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: سؤال أهل مكة رسول الله أن يجعل لهم الصفا ذهبا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب