حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)﴾

عن أبي بن كعب، قال: لما كان يوم أحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلا، ومن المهاجرين ستة وفيهم حمزة، ومثلوا بقتلاهم، فقال أصحاب رسول الله ﷺ: لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين، لنربِينّ عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم. فنادى منادي رسول الله ﷺ: أمن الأسود والأبيض إلا فلانا وفلانا، ناسا سماهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) فقال رسول الله ﷺ: «نصبر ولا نعاقب».

حسن: رواه الترمذي (٣١٢٩)، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٢١٢٣، ٢١٢٢٩) - واللفظ له -، وصحّحه ابن حبان (٤٨٧)، والحاكم (٢/ ٣٥٨ - ٣٥٩) كلهم من طرق عن الفضل بن موسى، حدثنا عيسى بن عبيد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، فذكره.

عن أبي بن كعب، قال: لما كان يوم أحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلا، ومن المهاجرين ستة وفيهم حمزة، ومثلوا بقتلاهم، فقال أصحاب رسول الله ﷺ: لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين، لنربِينّ عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم. فنادى منادي رسول الله ﷺ: أمن الأسود والأبيض إلا فلانا وفلانا، ناسا سماهم، فأنزل الله ﵎: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)﴾ فقال رسول الله ﷺ: «نصبر ولا نعاقب».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر، رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وفيه قصة عظيمة وموعظة بليغة، سأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● لما كان يوم أحد: أي عند وقوع غزوة أحد.
● مَثَّلوا بقتلاهم: أي شوّهوا أجسادهم بعد قتلهم، فمثلاً: بقر رسول الله ﷺ عمه حمزة بن عبد المطلب بطنه، واستخرج كبده، ومضغها (لكن لم تسغ في حلقه)، وكذلك قطعت أذناه وأنفه.
● لنربينَّ عليهم: أي لنزيدن في التشويه والتمثيل بهم فوق ما فعلوا بنا.
● يوم الفتح: أي فتح مكة.
● لا قريش بعد اليوم: أي سنفنيهم ونستأصلهم.
● أمن الأسود والأبيض: أي الأمان شامل للجميع، صغيرهم وكبيرهم، والعبد والحر.
● إلا فلانًا وفلانًا: أي باستثناء عدد قليل ممن حكم عليهم بالإعدام لجرائمهم البالغة.
● عَاقَبْتُمْ: أي اقتصصتم منهم وأخذتم بالثأر.
● فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ: أي اقتصوا منهم بالمقدار نفسه دون زيادة أو تشويه.
● وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ: أي والصبر وترك الاقتصاص خير لكم في الدنيا والآخرة.


ثانياً. شرح الحديث:


يصف لنا الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه مشهدًا مؤلمًا من غزوة أحد، حيث استشهد فيها سبعون من خيرة الصحابة، منهم أربعة وستون من الأنصار وستة من المهاجرين، وكان على رأس الشهداء سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم النبي ﷺ.
وقد قام المشركون من قريش بتمثيلٍ بشعٍ بجثث الشهداء، مما أثار حمية الصحابة وغضبهم، فقالوا في ساعة الألم: "لئن كان لنا يومٌ مثل هذا من المشركين، لنربين عليهم" أي لنزيدن في التشويه والانتقام حين ننتصر عليهم.
وجاءت ساعة الانتصار العظيم، يوم فتح مكة، حين دخلها رسول الله ﷺ وجيش الإسلام منتصرين، وكان بإمكانهم أن يفوا بذلك الوعد الذي قالوه في ساعة الغضب والألم. بل إن رجلاً (قيل هو أبو سفيان بن الحارث) صاح قائلاً: "لا قريش بعد اليوم" تعبيرًا عن رغبة في الإفناء والانتقام.
لكن النبي ﷺ، المربّي والمعلم، نادى مناديه بأن الأمان عام للجميع، حتى للأبيض (الكبير في السن) والأسود (العبد)، باستثناء عدد قليل جدًا ممن حكم عليهم بالإعدام لجرائمهم الخاصة (كعبد الله بن سعد بن أبي السرح، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهم)، وهم من استثناهم الله تعالى بقوله: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾.
وفي هذا الموقف العظيم، نزلت الآية الكريمة من سورة النحل: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾.
فجمع النبي ﷺ الناس، وقال لهم كلمته الخالدة التي تلخص أخلاق الإسلام في الحرب والسلام: «نصبر ولا نعاقب». أي نختار خيار الصبر والعفو، فهو الخير كله، وهو الأقرب إلى تقوى الله ومرضاته.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة خلق النبي ﷺ وسموّ نفسه: ففي لحظة الانتصار المطلق، حيث كان بإمكانه أن ينتقم لنفسه ولعمه ولشهدائه، اختار العفو والصفح، متجليًا بقوله: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». وهذا من أعظم الدروس في القيادة الأخلاقية.
2- الفرق بين رد الفعل العاطفي والأمر الشرعي: غضب الصحابة في أحد كان طبيعة بشرية، لكن الشرع جاء ليهذب هذه الطبيعة ويوجهها towards الخير والأفضل. فالإسلام لا يمنع الغضب لله، لكنه ينظمه ويضبطه بضوابط الشرع.
3- تفضيل العفو على الانتقام: بيّن القرآن والحديث أن خيار الصبر والعفو هو الخيرية الحقيقية، وهو ما يرفع قدر الأمة ويعلي من شأنها أخلاقيًا ودينيًا. الانتقام قد يكون حقًا مشروعًا، ولكن العفو أعلى وأفضل.
4- العدل حتى مع الأعداء: حتى لو اختار المسلم عدم العفو والاقتصاص، فإن الشرع يحده بحدود العدل: "فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ". فلا يجوز تجاوز الحد في العقاب، ولا المثلة، ولا التعذيب.
5- الحكمة من تشريع القصاص: التشريع الإسلامي في القصاص جاء رحمةً للناس وردعًا للظالم، وليس تشفِّيًا أو انتقامًا أعمى. فالقصاص يردع الجاني ويحقن دماء المجتمع.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الموقف (يوم الفتح) كان سببًا مباشرًا في إسلام الكثير من زعماء قريش، الذين دخلوا في دين الله أفواجًا،因为他们 رأوا من النبي ﷺ من العفو والسماحة ما لم يروا مثله في حياتهم.
-
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣١٢٩)، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٢١٢٣، ٢١٢٢٩) - واللفظ له -، وصحّحه ابن حبان (٤٨٧)، والحاكم (٢/ ٣٥٨ - ٣٥٩) كلهم من طرق عن الفضل بن موسى، حدثنا عيسى بن عبيد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، فذكره.
قال الترمذي: «حسن غريب من حديث أبي بن كعب». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وإسناده حسن من أجل عيسى بن عبيد وهو الكندي أبو المنيب، فإنه حسن الحديث. وفيه أيضا الربيع بن أنس مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 782 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب

  • 📜 حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب