حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)﴾
حسن: رواه الترمذي (٣١٢٩)، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٢١٢٣، ٢١٢٢٩) - واللفظ له -، وصحّحه ابن حبان (٤٨٧)، والحاكم (٢/ ٣٥٨ - ٣٥٩) كلهم من طرق عن الفضل بن موسى، حدثنا عيسى بن عبيد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر، رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وفيه قصة عظيمة وموعظة بليغة، سأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.
أولاً. شرح المفردات:
● لما كان يوم أحد: أي عند وقوع غزوة أحد.
● مَثَّلوا بقتلاهم: أي شوّهوا أجسادهم بعد قتلهم، فمثلاً: بقر رسول الله ﷺ عمه حمزة بن عبد المطلب بطنه، واستخرج كبده، ومضغها (لكن لم تسغ في حلقه)، وكذلك قطعت أذناه وأنفه.
● لنربينَّ عليهم: أي لنزيدن في التشويه والتمثيل بهم فوق ما فعلوا بنا.
● يوم الفتح: أي فتح مكة.
● لا قريش بعد اليوم: أي سنفنيهم ونستأصلهم.
● أمن الأسود والأبيض: أي الأمان شامل للجميع، صغيرهم وكبيرهم، والعبد والحر.
● إلا فلانًا وفلانًا: أي باستثناء عدد قليل ممن حكم عليهم بالإعدام لجرائمهم البالغة.
● عَاقَبْتُمْ: أي اقتصصتم منهم وأخذتم بالثأر.
● فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ: أي اقتصوا منهم بالمقدار نفسه دون زيادة أو تشويه.
● وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ: أي والصبر وترك الاقتصاص خير لكم في الدنيا والآخرة.
ثانياً. شرح الحديث:
يصف لنا الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه مشهدًا مؤلمًا من غزوة أحد، حيث استشهد فيها سبعون من خيرة الصحابة، منهم أربعة وستون من الأنصار وستة من المهاجرين، وكان على رأس الشهداء سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم النبي ﷺ.
وقد قام المشركون من قريش بتمثيلٍ بشعٍ بجثث الشهداء، مما أثار حمية الصحابة وغضبهم، فقالوا في ساعة الألم: "لئن كان لنا يومٌ مثل هذا من المشركين، لنربين عليهم" أي لنزيدن في التشويه والانتقام حين ننتصر عليهم.
وجاءت ساعة الانتصار العظيم، يوم فتح مكة، حين دخلها رسول الله ﷺ وجيش الإسلام منتصرين، وكان بإمكانهم أن يفوا بذلك الوعد الذي قالوه في ساعة الغضب والألم. بل إن رجلاً (قيل هو أبو سفيان بن الحارث) صاح قائلاً: "لا قريش بعد اليوم" تعبيرًا عن رغبة في الإفناء والانتقام.
لكن النبي ﷺ، المربّي والمعلم، نادى مناديه بأن الأمان عام للجميع، حتى للأبيض (الكبير في السن) والأسود (العبد)، باستثناء عدد قليل جدًا ممن حكم عليهم بالإعدام لجرائمهم الخاصة (كعبد الله بن سعد بن أبي السرح، وعكرمة بن أبي جهل، وغيرهم)، وهم من استثناهم الله تعالى بقوله: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾.
وفي هذا الموقف العظيم، نزلت الآية الكريمة من سورة النحل: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾.
فجمع النبي ﷺ الناس، وقال لهم كلمته الخالدة التي تلخص أخلاق الإسلام في الحرب والسلام: «نصبر ولا نعاقب». أي نختار خيار الصبر والعفو، فهو الخير كله، وهو الأقرب إلى تقوى الله ومرضاته.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظمة خلق النبي ﷺ وسموّ نفسه: ففي لحظة الانتصار المطلق، حيث كان بإمكانه أن ينتقم لنفسه ولعمه ولشهدائه، اختار العفو والصفح، متجليًا بقوله: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». وهذا من أعظم الدروس في القيادة الأخلاقية.
2- الفرق بين رد الفعل العاطفي والأمر الشرعي: غضب الصحابة في أحد كان طبيعة بشرية، لكن الشرع جاء ليهذب هذه الطبيعة ويوجهها towards الخير والأفضل. فالإسلام لا يمنع الغضب لله، لكنه ينظمه ويضبطه بضوابط الشرع.
3- تفضيل العفو على الانتقام: بيّن القرآن والحديث أن خيار الصبر والعفو هو الخيرية الحقيقية، وهو ما يرفع قدر الأمة ويعلي من شأنها أخلاقيًا ودينيًا. الانتقام قد يكون حقًا مشروعًا، ولكن العفو أعلى وأفضل.
4- العدل حتى مع الأعداء: حتى لو اختار المسلم عدم العفو والاقتصاص، فإن الشرع يحده بحدود العدل: "فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ". فلا يجوز تجاوز الحد في العقاب، ولا المثلة، ولا التعذيب.
5- الحكمة من تشريع القصاص: التشريع الإسلامي في القصاص جاء رحمةً للناس وردعًا للظالم، وليس تشفِّيًا أو انتقامًا أعمى. فالقصاص يردع الجاني ويحقن دماء المجتمع.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الموقف (يوم الفتح) كان سببًا مباشرًا في إسلام الكثير من زعماء قريش، الذين دخلوا في دين الله أفواجًا،因为他们 رأوا من النبي ﷺ من العفو والسماحة ما لم يروا مثله في حياتهم.
-
تخريج الحديث
قال الترمذي: «حسن غريب من حديث أبي بن كعب». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
وإسناده حسن من أجل عيسى بن عبيد وهو الكندي أبو المنيب، فإنه حسن الحديث. وفيه أيضا الربيع بن أنس مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 782 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 757 لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين
- 758 لا تستقوا من بئر ثمود واهريقوا ما استقوتم منها
- 759 استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم
- 760 الفاتحة هي أم القرآن والسبع المثاني والقرآن العظيم
- 761 من أطاعني واتبع ما جئت به ومن عصاني وكذب بما...
- 762 آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها
- 763 أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار
- 764 أخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي
- 765 إني ممسك بحجزكم وتغلبوني تقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب
- 766 آمنوا ببعض وكفروا ببعض اليهود والنصارى
- 767 الذين جعلوا القرآن عضين هم أهل الكتاب
- 768 كفى الله المستهزئين بالرسول وأراهم عقوباتهم
- 769 سكن عثمان بن مظعون عند الانصار بعد القرعة
- 770 من دعا إلى هدى فله أجر من اتبعه
- 771 اسقه عسلا
- 772 اللهم إني أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر
- 773 أتاني رسول الله آنفا وأنت جالس
- 774 من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر
- 775 إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان
- 776 قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه
- 777 طوبى لمن هدي للإسلام وعاش قانعا بالكفاف
- 778 الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا
- 779 أصحابنا هؤلاء مسلمون أخرجوهم مكرهين فاستغفروا لهم
- 780 هذا يومهم الذي فرض عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله، فالناس...
- 781 أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا
- 782 عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب
- 783 كان النبي لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر
- 784 من العتاق الأول: بنو إسرائيل والكهف ومريم
- 785 فَرَجَ سقف بيتي ونزل جبريل ففرج صدري
- 786 أخذ النبي اللبن في الإسراء وترك الخمر.
- 787 لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلى الله لي بيت...
- 788 انزل عنه، فلا تصحبنا بملعون
- 789 أربعة يوم القيامة يدلون على الله بحجة
- 790 رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر فلم يدخل الجنة
- 791 يد المعطي يد العليا، وابدأ بمن تعول
- 792 من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في...
- 793 مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد
- 794 اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا
- 795 أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك
- 796 ائذن لي بالزنا يا رسول الله
- 797 الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة
- 798 لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم
- 799 اتقاء الله يعطيك خيرا منه
- 800 لا إله إلا الله رجحت بهن السموات السبع والأرضين
- 801 تسبيح الطعام وهو يؤكل
- 802 يقرأ القرآن قبل أن تُسرج دابته
- 803 كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من الجن فأسلم النفر...
- 804 نزول آية أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة في...
- 805 سؤال أهل مكة رسول الله أن يجعل لهم الصفا ذهبا
- 806 الصفا ذهبا ومن كفر عذبته عذابا لا أعذبه أحدا
معلومات عن حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب
📜 حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عنوان الحديث: نصبر ولا نعاقب
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








