حديث: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الرجل الحاقن يبدأ بالخلاء

عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يُدافعه الأخْبثان».

صحيح: رواه مسلم في كتاب المساجد (٥٦٠) عن يعقوب بن مجاهد، عن ابن أبي عتيق، قال: تحدثتُ أنا والقاسم عند عائشة حديثًا.

عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يُدافعه الأخْبثان».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلق بأحد أهم أركان الإسلام، ألا وهي الصلاة، وشروط صحتها وخشوعها.

شرح الحديث:


الراوي: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي من أكثر الرواة حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نص الحديث: عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يُدافعه الأخْبثان».


أولاً. شرح المفردات:


● لا صلاة: أي لا صلاة كاملة مستقيمة مقبولة، أو تنقص خشوعها وثوابها بشكل كبير.
● بحضرة الطعام: أي حين يكون الطعام حاضراً موجوداً وقد حضر وقت تناوله، والإنسان مشتاق إليه أو جائع.
● يُدافعه: من المدافعة، أي يحاول دفع الشيء ومقاومته ومنعه من الخروج.
● الأخبثان: هما البول والغائط. وسُميا بذلك لخبثهما وقذارتهما.


ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حالتين إذا حصلتا للمصلي فإن صلاته تنقص خشوعها وكمالها، أو تكاد تفتقد روحها، وهما:
1- أن يصلي وهو بحضرة طعام يشتهيه: أي أن يكون الطعام قد قدم أمامه وهو يرغب فيه ويشتهيه، فتشتغل نفسه وهمته بالتفكير في ذلك الطعام، فينصرف قلبه عن الخشوع في الصلاة والاتجاه إلى الله تعالى.
2- أن يصلي وهو يحتاج إلى قضاء الحاجة (البول أو الغائط): فيكون مشغول البال منشغل الذهن بما في جوفه من أذى، يحاول منعه ومقاومته، مما يمنعه من الخشوع والطمأنينة في صلاته.
فالحديث تحذير من أمرين داخليين (الجوع الشديد والحاجة إلى قضاء الحاجة) يمنعان الخشوع، وهو روح الصلاة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- الخشوع ركن معنوي عظيم في الصلاة: فالحديث يشير إلى أن للصلاة ظاهراً (وهو الأركان والحركات) وباطناً (وهو الخشوع وحضور القلب)، وكمال الصلاة يكون بهما معاً.
2- تحريم إتعاب النفس بما يشغلها عن الصلاة: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذه الحالات لأنها تشغل القلب وتذهب بالخشوع.
3- استحباب تقديم الحاجات الدنيوية الأساسية قبل الصلاة: من حكمة الشرع أنه أمرنا بتفريغ القلب قبل الشروع في العبادة. فإذا كان الإنسان جائعاً فليأكل قليلاً ليزول وسواس الجوع، وإذا كان بحاجة إلى قضاء الحاجة فليذهب أولاً ليصفي نفسه وقلبه.
4- الفقه في مسألة "لا صلاة": اختلف العلماء في المراد بنفي الصلاة هنا على أقوال:
● القول الأول (المشهور): أن نفي الكمال والخشوع هو المقصود، وليست باطلة، ولكنها ناقصة الأجر جداً. وهذا قول الجمهور.
● القول الثاني: أن الصلاة مكروهة كراهة تنزيهية في هذه الحالة وليست حراماً.
● القول الثالث: أن الصلاة باطلة إذا كان الدافع شديداً بحيث يمنع الطمأنينة والأركان.
والراجح -والله أعلم- هو القول الأول، لأن الحديث جاء في سياق بيان ما ينقص الصلاة من الخشوع، وليس في سياق بيان مبطلاتها.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل من أصول آداب الصلاة، ويجب على المسلم أن يتجنب هذه الأمور لتحصيل كمال الأجر والخشوع.
- يدخل في عموم "حضرة الطعام" أي شيء يشغل القلب بشكل كبير قبل الصلاة، كمن يكون في عجلة من أمر مهم، أو قلقه مشغول بموعد، فيستحب له أن يفرغ شغله أولاً ثم يصلي بخشوع.
- جاء في حديث آخر تأكيداً لهذا المعنى: «إذا حضر العَشاءُ وأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فابدؤوا بالعَشاءِ» [متفق عليه]. فالحكمة هي ألا ينصرف ذهن المصلي إلى طعامه وهو في الصلاة.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يقبل منا صلاتنا وأعمالنا، وأن يجعلنا من الخاشعين فيها.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في كتاب المساجد (٥٦٠) عن يعقوب بن مجاهد، عن ابن أبي عتيق، قال: تحدثتُ أنا والقاسم عند عائشة حديثًا. وكان القاسم رجلًا لحَّانةً. وكان لأم ولد. فقالت له عائشة: ما لك لا تَحَدَّثُ كما يتحدثُ ابن أخي هذا؟ أَمَا إنِّي قد علمتُ من أين أُتِيت. هذا أدَّيته أُمُّه وأنت أدَّبتك أُمُّك. قال: فغضب القاسم وأضَبَّ عليها. فلما رأى مائدة عائشة قد أُتي بها قام.
قالت: أين؟ قال: أصلَّي. قالت: اجْلِسْ. قال: إنِّي أُصلَّي. قالت: اجْلِسْ غُدَرُ. إني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول. فذكرت الحديث.
ورواه أبو حَزْرة القاصُّ عن عبد الله بن أبي عتيق، عنها، عن النبي ﷺ بمثله. وقوله: «لحانة» أي: كثير اللحن في كلامه.
قولُها: «اجلس غُدَر» بمعني غادر، ويقال في أسلوب النداء: فحسب يا غُدر للواحد، ويا آل غُدَر للجمع. والغَدْرُ تركُ الوفاء، وإنما قالت له: غُدر لأنَّه مأمور باحترامها لأنها أم المؤمنين، وعمته، وأكبر منه، وناصحة له، ومُؤدِّبة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان

  • 📜 حديث: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب