أخذ النبي الشفرة فجعل يجز لي بها منه

حديث: أخذ النبي الشفرة فجعل يجز لي بها منه

عن المغيرة بن شعبة، قال: ضِفتُ النبي -وفي رواية بالنبي ﷺ ذات ليلةٍ، فأمر بجنبٍ فشُوي. قال: فأخذ الشفرة، فجعل يجزُّ لي بها منه. قال: فجاء بلالٌ يؤْذِنه بالصلاة، فألقى الشفرة، وقال: «ما له؟ تربت يداه!» قال المغيرة: وكان شاربي وفَي فقصَّه لي رسول اللَّه ﷺ على سواكٍ، أو قال: «أقصُّه لك على سواك».

حسن: رواه أبو داود (١٨٨) والترمذي في الشمائل (١٥٩) كلاهما من طريق مسعر، عن أبي صخر جامع بن شداد، عن المغيرة بن عبد اللَّه (اليشكري) عن المغيرة بن شعبة فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كُتب أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده ودروسه.

الحديث:

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: "ضِفْتُ النبيَّ ﷺ ذات ليلةٍ، فأمر بجنبٍ فشُوي. قال: فأخذ الشفرة، فجعل يجزُّ لي بها منه. قال: فجاء بلالٌ يؤذنه بالصلاة، فألقى الشفرة، وقال: «ما له؟ تربت يداه!» قال المغيرة: وكان شاربي وفَي، فقصَّه لي رسول اللَّه ﷺ على سواكٍ، أو قال: «أقصُّه لك على سواك»."

1. شرح المفردات:

● ضِفْتُ: نزلت ضيفًا.
● جَنْبٍ: قطعة من لحم الخاصرة أو الضلع، وهي لذيذة ومختارة.
● شُوي: طُبخ على النار (مشوي).
● الشَّفْرَة: السكين.
● يَجُزُّ: يقطع اللحم.
● يُؤذِنُهُ بالصلاة: يناديه للصلاة (أي أذَّن للصلاة).
● تربت يداه: كلمة تقال للتعجب والاستنكار، ومعناها الدعاء عليه بأن تصيبه التربة (التراب) في يديه، وهي من الكلمات التي كانت تستعمل في الجاهلية للإنجليزية، ولكن النبي ﷺ قالها هنا على سبيل العادة اللغوية، وليس على وجه الدعاء الحقيقي، إذ لا يجوز له أن يدعو على أحدٍ إلا بحق.
● شاربي وفَي: شاربي طويل وكثيف. (الفَي: الكثافة والطول في الشعر).
● فَقَصَّهُ: قصَّه (أي حلقَه).
● على سواك: باستخدام عود السواك (أي أن النبي استعمل السواك كآلة للحلق أو التخفيف).

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه كان ضيفًا عند النبي ﷺ في ليلةٍ من الليالي، فأمر النبي ﷺ بإحضار قطعة لحم (جَنْب) وشيّها. ثم أخذ النبي السكين بنفسه ليقطع للضيف من اللحم تكرمًا له وإكرامًا. وفي أثناء ذلك، جاء بلال رضي الله عنه يؤذن للصلاة، فترك النبي ﷺ السكين فورًا وقال: «ما له؟ تربت يداه!» تعجبًا من شدة حرص بلال على الصلاة في وقتها حتى قطع على النبي وهو يخدم ضيفه. ثم لاحظ النبي أن شارب المغيرة طويل وكثيف، فأراد أن يقصه له أو يحلقه له باستخدام السواك (كأداة بسيطة)، أو أنه وعده بأن يقص له شاربه في وقت لاحق.

3. الدروس المستفادة والفَوائد:

1- كرم النبي ﷺ وحسن ضيافته: فقد أمر بإطعام ضيفه بنفسه، بل وتولى تقطيع اللحم له، وهذا من تواضعه ﷺ وحبه لإكرام الضيف.
2- الإسراع إلى الصلاة عند سماع الأذان: ترك النبي ﷺ ما كان فيه من خدمة الضيف بمجرد سماع الأذان، مما يدل على عظم شأن الصلاة في وقتها.
3- جواز استخدام الكلمات التعجبية التي كانت شائعة في اللغة: كقوله «تربت يداه»، مع التنبيه إلى أن النبي ﷺ لم يقصد الدعاء على بلال حقيقة، بل هي عادة لغوية للتعجب.
4- اهتمام النبي ﷺ بنظافة الصحابة ومظهرهم: حيث لاحظ طول شارب المغيرة فأراد أن يقصه له، والسواك هنا قد يكون استُعمل كأداة بسيطة للحلق أو التنظيف.
5- تواضع النبي ﷺ وخدمته لضيفه بنفسه: لم يكل الأمر إلى غيره، بل قام هو بتقطيع اللحم، وهذا من خلقه العظيم.
6- حرص بلال رضي الله عنه على الصلاة في أول وقتها: حتى إنه لم يؤخر الأذان لحظة.
7- استعمال السواك في غير تنظيف الأسنان: فقد استعمله النبي هنا لقص الشعر، مما يدل على جواز استخدامه في ما ينفع.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- قوله: «أقصُّه لك على سواك» يحتمل أنه وعده بأن يحلق شاربه بالسواك، أو أنه استعمله بالفعل، والسواك قد يستعمل كأداة حادة إذا كان من خشب قوي.
- فيه دليل على استحباب تقصير الشارب أو حلقه، كما في الأحاديث الأخرى الأمر بإحفاء الشوارب.
- النبي ﷺ هنا جمع بين حق الضيف وحق الصلاة، فأعطى كل ذي حق حقه.

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بهذا الحديث، وأن يجعلنا ممن يقتدي برسول الله ﷺ في خلقه وتواضعه وحرصه على الطاعة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٨٨) والترمذي في الشمائل (١٥٩) كلاهما من طريق مسعر، عن أبي صخر جامع بن شداد، عن المغيرة بن عبد اللَّه (اليشكري) عن المغيرة بن شعبة فذكر الحديث. واللّفظ لأبي داود، ولفظ الترمذيّ مختصر، ومن هذا الطريق رواه أيضًا الإمام أحمد (١٨٢١٢). وإسناده حسنٌ؛ لأجل المغيرة بن عبد اللَّه اليشكري؛ فهو حسن الحديث، وانظر المزيد من التفصيل في كتاب الوضوء، باب ترك الوضوء مما مسَّته النّار.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 19 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أخذ النبي الشفرة فجعل يجز لي بها منه

📜 حديث: أخذ النبي الشفرة فجعل يجز لي بها منه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أخذ النبي الشفرة فجعل يجز لي بها منه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أخذ النبي الشفرة فجعل يجز لي بها منه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أخذ النبي الشفرة فجعل يجز لي بها منه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية