من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

عن أبي شريح العدوي، قال: سمعت أذناي، وأبصرت عيناي، حين تكلم النبي ﷺ فقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته» قال: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: «يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٦٠١٩)، ومسلم في اللقطة (٤٨: ١٤) عقب الحديث (١٧٢٦) كلاهما من طريق الليث، عن سعيد المقبري، عن أبي شريح العدوي، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونبصر. هذا حديث عظيم جامع لآداب إسلامية رفيعة، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بعون الله.

أولاً. شرح المفردات:

● يؤمن بالله واليوم الآخر: أي إيماناً كاملاً يثمر العمل الصالح ويبعث على التقوى.
● فليكرم جاره: الإكرام: يشمل حسن المعاملة، والبذل، وكف الأذى، والستر، والنصيحة.
● فليكرم ضيفه: الضيف: هو النازل بقوم على سبيل الضيافة.
● جائزته: في اللغة: ما يُجاز به الضيف من طعام وشراب وخدمة، أي حق الضيافة الواجب.
● فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه: أي ما زاد على الثلاثة أيام من إطعام وإكرام فهو صدقة يتطوع بها المضيف، وليست واجبةً عليه.
● فليقل خيراً أو ليصمت: أي لينطق بالكلام الطيب النافع، أو يسكت عن الكلام السيء أو غير النافع.

ثانياً. شرح الحديث:

يذكر الصحابي الجليل أبو شريح العدوي رضي الله عنه أنه سمع هذا الحديث مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكداً على صدق نقله وقوته.
يضم الحديث ثلاث وصايا عظيمة، ربطها النبي صلى الله عليه وسلم بكمال الإيمان، مما يدل على أهميتها:
1- إكرام الجار: يربط النبي صلى الله عليه وسلم بين الإيمان بالله واليوم الآخر وبين إكرام الجار. فالإيمان الحق يدفع صاحبه إلى البر بجاره وحسن معاملته، وذلك يشمل:
- عدم إيذائه بقول أو فعل.
- مشاركته في أفراحه وأتراحه.
- ستر عيوبه ونصيحته.
- بذل ما يستطيع من خير له من طعام أو شراب أو معونة.
وقد جاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية مؤكدة على حق الجار حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» (متفق عليه).
2- إكرام الضيف: الوصية الثانية تتعلق بحق الضيف، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مقدار هذه الضيافة الواجبة.
● الجائزة (حق الضيافة الواجب): يوم وليلة، وهو الحد الأدنى الذي يجب على المسلم تأديته لضيفه من الطعام والشراب والراحة.
● الضيافة الكاملة: ثلاثة أيام، وهذا هو الكمال في الضيافة وهو المستحب.
● ما بعد الثلاثة: أي إكرام زائد على الثلاثة أيام، فهو صدقة وتطوع من المضيف، وليس واجباً عليه، ويؤجر عليه.
3- قول الخير أو السكوت: هذه الوصية هي أساس حفظ اللسان، وهو من أعظم علامات الإيمان. فالمؤمن لا يتكلم إلا بما فيه خير، إما بذكر الله، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو كلمة طيبة، أو علم نافع. فإن لم يجد ذلك، فالسكوت هو الخيار الآمن الذي يقيه من الوقوع في الآثام من غيبة أو نميمة أو كذب أو لغو.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الربط بين الإيمان والعمل: الحديث يربط بين العقيدة القلبية (الإيمان) والسلوك العملي (إكرام الجار والضيف وحفظ اللسان). فالإيمان الصادق لا بد أن يثمر عملاً صالحاً.
2- الاهتمام بالمجتمع وحقوقه: الإسلام دين المجتمع، يحث على التكافل والتآخي، بدءاً من أقرب الناس إليك (جارك) ومن ينزل بك (ضيفك).
3- التوازن في التشريع: بين النبي صلى الله عليه وسلم مقدار الحق الواجب في الضيافة (يوم وليلة) والمستحب (ثلاثة أيام)، مما يدل على realism ومراعاة ظروف الناس وقدراتهم، وعدم إلقاء تكاليف فوق الطاقة.
4- التركيز على آفة اللسان: ختم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوصايا بالتحذير من شر اللسان، فهو من أخطر الجوارح على الإنسان، وكف الأذى به من علامات كمال الإيمان.
5- السمو الأخلاقي: الحديث يدعو إلى بناء مجتمع قائم على الكرامة والإحسان والصمت عن الشر، مما ينتج مجتمعاً آمناً ومطمئناً.

رابعاً. معلومات إضافية:

● الحديث في الصحيحين: رواه البخاري (6018) ومسلم (47)، مما يدل على صحته وأهميته.
● الجار في الإسلام: يدخل في مفهوم الجار: الجار المسلم، وجار الدار، وجار العمل، بل وقد extends إلى الجيران في المجتمع الأوسع.
● الضيافة من شيم العرب: جاء الإسلام ليُنظم ويُهذب فضيلة الضيافة الموجودة في العرب، ويحدد حدودها حتى لا تكون عبئاً.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين إذا سمعوا القول اتبعوا أحسنه، وأن يعيننا على تطبيق هذه الوصايا النبوية العظيمة.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦٠١٩)، ومسلم في اللقطة (٤٨: ١٤) عقب الحديث (١٧٢٦) كلاهما من طريق الليث، عن سعيد المقبري، عن أبي شريح العدوي، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 299 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

📜 حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية