حديث: رأيت الجنة قد عرضت علي ورأيت فيها دالية قطوفها دانية

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في ثمار الجنة

عن أنس بن مالك قال: صلينا مع رسول اللَّه ﷺ صلاة الصبح قال: فبينما هو في الصلاة مد يده، ثم أخرها، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول اللَّه، صنعت في صلاتك هذه ما لم تصنع في صلاة قبلها. قال: «إني رأيت الجنة قد عرضت علي، ورأيت فيها دالية قطوفها دانية، حبها كالدباء، فأردت أن أتناول منها، فأوحي إليها أن استأخري فاستأخرتْ، ثم عرضت علي النار بيني وبينكم حتى رأيت ظلي وظلكم، فأومأت إليكم أن استأخروا، فأوحي إلي أن أقرهم، فإنك أسلمت وأسلموا، وهاجرت وهاجروا، وجاهدت وجاهدوا، فلم أر لي عليكم فضلا إلا بالنبوة».

حسن: رواه ابن خزيمة (٨٩٢)، والطحاوي في شرح المشكل (٥٧٦٢)، والحاكم (٤/ ٤٥٦) كلهم من طريق ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، حدّثني عيسى بن عاصم، عن زر بن حبيش، عن أنس بن مالك، قال: فذكره.

عن أنس بن مالك قال: صلينا مع رسول اللَّه ﷺ صلاة الصبح قال: فبينما هو في الصلاة مد يده، ثم أخرها، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول اللَّه، صنعت في صلاتك هذه ما لم تصنع في صلاة قبلها. قال: «إني رأيت الجنة قد عرضت علي، ورأيت فيها دالية قطوفها دانية، حبها كالدباء، فأردت أن أتناول منها، فأوحي إليها أن استأخري فاستأخرتْ، ثم عرضت علي النار بيني وبينكم حتى رأيت ظلي وظلكم، فأومأت إليكم أن استأخروا، فأوحي إلي أن أقرهم، فإنك أسلمت وأسلموا، وهاجرت وهاجروا، وجاهدت وجاهدوا، فلم أر لي عليكم فضلا إلا بالنبوة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني، وفيه من العبر والعظات ما ينبغي لكل مسلم أن يتأمله.

أولاً. شرح المفردات:


● مد يده، ثم أخرها: أي بسطها ومدها للأمام كما لو كان يريد أن يمسك شيئاً، ثم ردها.
● دالية: شجرة عنب معروش (متسلقة على عريش).
● قطوفها دانية: ثمارها قريبة متدلية يسهل قطفها.
● حبها كالدباء: حبات العنب كبيرة الحجم كحجم القرع (اليقطين).
● استأخري: ابتعدي وتراجعي.
● أقرهم: اتركهم وأبقهم على حالهم، لا تؤاخذهم.
● فضلًا إلا بالنبوة: تفوق وامتياز خاص لا يشاركني فيه أحد، وهو منصب النبوة.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم صلوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي أثناء الصلاة، مد النبي يده كما لو كان يريد أن يمسك شيئاً، ثم أخرها وردها. وكانت حركة غير معتادة في صلاته، فما إن انتهى من الصلاة حتى سأله الصحابة عن سبب ذلك الفعل.
فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أريه في صلاته تلك رؤيا عينية حقيقية (أي رأها بعينيه وهو في الصلاة)، فقد عُرضت عليه الجنة فرأى فيها عنقود عنب عظيم معلق على عريش، ثماره كبيرة جداً كحجم القرع، وقريبة جداً يسهل الوصول إليها. فتحرك النبي بطبعه البشري تلقائياً وأراد أن يقتطف منها ليذوقها، فأوحى الله إليه أن تتراجع وتبتعد (فاستأخرت)، فلم يستطع أخذها.
ثم عُرضت عليه النار في نفس الرؤيا، فرأى لهيبها وعذابها وقد اقتربت جداً حتى صار بينه وبين أصحابه، ورأى ظله وظلهم قريباً منها. فخاف عليهم وأشار إليهم بالإيماء أن يتراجعوا ويبتعدوا عن النار خوفاً من أن تمسهم. فأوحى الله إليه أن أقرهم، أي اتركهم ولا تخف عليهم، فإنهم في أمان من دخول النار بسبب إيمانهم وجهادهم وهجرتهم، فهم من أهل الجنة.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم العبرة من هذه الرؤيا فقال: "فلم أر لي عليكم فضلا إلا بالنبوة". أي أنني لم أجد لنفسي ميزة أو منزلة تخلدني في الجنة وتنجيني من النار إلا منصب النبوة، فأنا وأنتم متساوون في أسباب النجاة الأساسية: الإسلام والهجرة والجهاد. ففضلي عليكم هو النبوة وحدها، وهي هبة من الله وليست بكسبي.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- قرب الآخرة وحقيقتها: الرؤيا تذكر المؤمن بحقيقة الجنة والنار، وأنهما قريبتان جداً، والإنسان على بعد حركة واحدة منهما. وهذا يزيد في إيمان المرء ويقينه ويحثه على العمل الصالح.
2- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم: الموقف يعكس أعلى درجات التواضع من نبي الله، حيث ساوى نفسه بأمته في أسباب النجاة، ولم يذكر فضلاً له عليهم إلا ما هو هبة من الله له (النبوة). وهو القائل: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله".
3- فضل الصحابة ومكانتهم: الحديث شهادة عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأنهم من أهل الجنة، بسبب إسلامهم وهجرتهم وجهادهم معه. وهذا يوجب على المسلم محبتهم وتقديرهم والدفاع عنهم.
4- قيمة الأعمال الصالحة: الحديث يبين أن أسباب النجاة هي الأعمال الجليلة: الإسلام الخالص، والهجرة في سبيل الله، والجهاد بنية صادقة. وهذه هي التي ترفع العبد عند ربه.
5- استجابة الصحابة وانتباههم: حرص الصحابة على تعلم كل شيء في دينهم، حتى حركة غير معتادة في الصلاة لم تغب عن انتباههم، فسألوا عنها فور انتهاء الصلاة. وهذا دليل على شدة اهتمامهم بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم.
6- أن رؤيا الأنبياء وحي: الرؤيا التي يراها النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أو في يقظته هي نوع من أنواع الوحي، وهي حق لا ريب فيها.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن غيب رآه ثم تحقق صدقه.
- فيه بيان لبعض أوصاف الجنة النعيمة التي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
- الحديث يرد على كل متعصب أو مغرور يظن أن النجاة محصورة في فئة معينة دون غيرها، فالأمر مبني على التقوى والعمل الصالح.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يباعد بيننا وبين النار كما باعد بين المشرق والمغرب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن خزيمة (٨٩٢)، والطحاوي في شرح المشكل (٥٧٦٢)، والحاكم (٤/ ٤٥٦) كلهم من طريق ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، حدّثني عيسى بن عاصم، عن زر بن حبيش، عن أنس بن مالك، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل معاوية بن صالح؛ فإنه حسن الحديث.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».
وأما ما روي عن أبي موسى الأشعري مرفوعا: «لما أخرج آدم من الجنة، زود من ثمار الجنة، وعلمه صنعة كل شيء، فثماركم هذه من ثمار الجنة، غير أن هذه تغير وتلك لا تغير». فالصحيح أنه موقوف.
رواه البزار في مسنده (٣٠٢٩) عن عقبة بن مكْرم العمي قال: أخبرنا ربعي ابنُ عُلية، قال: أخبرنا عوف، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى رفعه.
قال البزار: «وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن عوف، عن قسامة، عن أبي موسى موقوفا. ولا نعلم أحدًا رفعه إلا ربعي».
ثم رواه عن محمد بن المثنى قال: أخبرنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن قسامة، عن أبي موسى، بنحوه، ولم يرفعه».
قال الأعظمي: وهو كما قال. فقد رواه غير واحد عن عوف وهو ابن أبي جميلة، فأوقفوه. منهم هوذة ابن خليفة، أخرج حديثه الحاكم (٢/ ٥٤٣)، وعبد الوهاب الثقفي، ومحمد بن جعفر غندر أخرج حديثهما ابن جرير في تفسيره (١/ ٤١٨)، ومعمر بن راشد أخرج حديثه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٢٦٧). فكل هؤلاء رووه عن عوف موقوفا على أبي موسى الأشعري. وهو الراجح.
وأما قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ [البقرة: ٢٥] فمعناها متشابها في اللون والمنظر، ومختلفا في الطعم والذوق، ولو كانت ثمار الدنيا نزلت من الجنة مع آدم لما اختلف طعمها وذوقها. لأن قوله تعالى ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ أي في الدنيا كما قال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين، وهو الذي رجحه ابن جرير في تفسيره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 61 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رأيت الجنة قد عرضت علي ورأيت فيها دالية قطوفها دانية

  • 📜 حديث: رأيت الجنة قد عرضت علي ورأيت فيها دالية قطوفها دانية

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رأيت الجنة قد عرضت علي ورأيت فيها دالية قطوفها دانية

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رأيت الجنة قد عرضت علي ورأيت فيها دالية قطوفها دانية

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رأيت الجنة قد عرضت علي ورأيت فيها دالية قطوفها دانية

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب