أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

حديث: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ: «يقول اللَّه تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ذخرًا بله ما أطلعتم عليه، ثم قرأ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)﴾ [السجدة: ١٧]».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٧٨٠)، ومسلم في الجنة (٤: ٢٨٢٤) كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس ونسمع.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الأحاديث القدسية، يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، وقد أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.

أولاً. شرح المفردات:

● أعددت: هيأتُ وهيَّأتُ وهيَّأت، وأعددت الشيء: جهزته وحضرته.
● لعبادي الصالحين: العباد هم المخلوقون المكلفون، والمراد بالصالحين هنا: المؤمنون المتقون الذين أدوا الفرائض واجتنبوا المحارم واتصفوا بصفات الصلاح والخير.
● ما لا عين رأت: أي لم ترَه عينٌ من عيون الخلائق في الدنيا.
● ولا أذن سمعت: أي لم تسمع به أذن من البشر.
● ولا خطر على قلب بشر: أي لم يتصوره إنسان، ولم يخطر بباله، فضلاً عن أن يراه أو يسمع به.
● ذخرًا: أي مخزونًا مدخرًا لهم.
● بله ما أطلعتم عليه: "بله" كلمة تفيد الاستدراك، أي ناهيكم عن الشيء الفلاني، والمعنى: فضلاً عما أطلعتم عليه من نعيم الجنة في القرآن والسنة، فإن ما أخفيه أعظم وأجل.
● ثم قرأ: أي النبي صلى الله عليه وسلم.
● {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ}: أي لا يعلم أحد مقدار ما أخفي لهم من أنواع اللذات والسرور ما تقر به أعينهم.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القدسي أن الله تعالى يتكلم ويقول: إنه قد أعدَّ لعباده الصالحين -وهم المؤمنون المتقون- في الجنة نعيماً عظيماً، لا يستطيع أي إنسان في الدنيا أن يتصوره أو يتخيله، لم ترَه عينٌ، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر، وذلك لشدة عظمته وكماله، وعدم وجود ما يماثله في الدنيا حتى يمكن تشبيهه به.
ثم يستدرك النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: إن هذا النعيم المخفي أعظم مما أُطلِعنا عليه من أوصاف الجنة في القرآن الكريم والسنة النبوية، مما وصف لنا من قصور وأنهار وثمار وحور عين، فكل ذلك مع عظمته هو جزء مما أُخبرنا به، ولكن ما أخفاه الله تعالى أعظم وأكمل.
ثم استشهد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى بقوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]، فالله تعالى يخبر أن نفساً من الأنفس لا تعلم مقدار ما أخفي للصالحين من نعيم تقر به أعينهم، جزاءً على صالح أعمالهم في الدنيا.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم جزاء الله تعالى للمؤمنين: الحديث يدل على سعة فضل الله وكرمه، وأن جزاءه لعباده الصالحين يفوق كل تصور، مما يبعث في النفس الرغبة في العمل الصالح والمسارعة إلى الخيرات.
2- حث المسلم على الطاعة والاستقامة: هذا الوعد العظيم يحفز المؤمن على الصبر على الطاعة، والابتعاد عن المعاصي، لأنه يعلم أن ما عند الله خير وأبقى.
3- إثبات صفة الكلام لله تعالى: الحديث من الأدلة على أن الله تعالى يتكلم بكلام حقيقي يليق بجلاله، لا يشبه كلام المخلوقين.
4- التحذير من الاغترار بالدنيا: إذا كان هذا هو نعيم الآخرة الذي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فما قيمة الدنيا وزينتها الفانية؟ إنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
5- بيان حكمة الله تعالى في إخفاء بعض أمور الغيب: إخفاء تفاصيل هذا النعيم من حكمة الله، ليكون أبلغ في تحقيق معنى الإيمان بالغيب، وأشد تأثيراً في تحريض النفوس على الطاعة.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب "الترغيب في الأعمال الصالحة" و"ذكر نعيم الجنة".
- ينبغي للمسلم أن يجعل هذا الحديث نصب عينيه، خاصة عند الشدائد والمصائب، ليذكر أن الصبر عليها يوصله إلى هذا النعيم المقيم.
- من تأمل في أوصاف الجنة التي وردت في القرآن والسنة (كأنهار الخمر والعسل واللبن، والمساكن الطيبة، والحور العين، وغيرها) ثم علم أن ما أخفي أعظم منها، أيقن بعظمة الله وفضله.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الصالحين، وأن يبلغنا جنته، وينعم علينا برؤيته، إنه جواد كريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٧٨٠)، ومسلم في الجنة (٤: ٢٨٢٤) كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 81 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

📜 حديث: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية