حديث: قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب لا يدخل الجنة أحد إلا بفضل من اللَّه ورحمته سبحانه
صحيح: رواه مسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٨١٧)، وأحمد (١٤٦٢٨) كلاهما من طريق سُليمان الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل توجيهاً قيماً لكل مسلم في كيفية التعامل مع العبادة والحياة.
الحديث بلفظه:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «قَارِبُوا، وَسَدِّدُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ» قَالُوا: وَلَا إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا إِيَّايَ، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ».
(رواه الإمام مسلم في صحيحه)
أولاً. شرح المفردات:
● قَارِبُوا: من المُقاربة، أي اطلبوا الأمر الوسط المعتدل الذي تقدرون عليه دون مشقة شديدة. والمعنى: اطلبوا الخير والقرب من الصواب، واقتربوا منه دون إفراط أو تفريط.
● وَسَدِّدُوا: من التَّسديد، وهو الإصابةُ في القصد والنية والعمل. والسداد هو القصدُ إلى الصواب. والمعنى: اجتهدوا في توجيه أعمالكم نحو الصواب والاستقامة.
● يُنْجِيهِ عَمَلُهُ: أي يخلصه من عذاب الله ويدخله الجنة بمجرد عمله وحده دون رحمة الله.
● يَتَغَمَّدَنِي: يغطيني ويستره ويلبسني. والتغميد: التغطية والستر، وهو كناية عن دخول الرحمة الإلهية وتغطيتها للعبد.
ثانياً. شرح الحديث:
يوجهنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى منهجية متوازنة في أداء العبادات والسير إلى الله تعالى:
1- «قَارِبُوا»: هذا توجيه للابتعاد عن الغلو والتشدد في الدين، الذي قد يؤدي إلى الملل والانقطاع عن الطاعة. فخير الأمور أوسطها. فليس المطلوب من المسلم أن يجهد نفسه بما لا يطيق، بل أن يأخذ بما يستطيع ويقدر عليه من الطاعات بشكل دائم ومستمر. فالعبرة باستمرار العمل الصالح، لا بالكثرة المنقطعة.
2- «وَسَدِّدُوا»: هذا توجيه للابتعاد عن التقصير والتفريط. فالمطلوب هو استقامة القلب والنية، والسعي لإصابة الحق والصواب في الأقوال والأفعال. فالتسديد هو استهداف الصواب في كل شيء.
فالجمع بين "قاربوا" و"سددوا" يعني: اطلبوا الوسط المعتدل في العبادة، مع اجتهادكم في إصابة الصواب والاستقامة فيها. لا تفرطوا فتُجهِدوا أنفسكم، ولا تقصروا فتُضيّعوا الحق.
3- «فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ»: هنا يبين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من هذا التوجيه. فلو كان النجاة بالعمل وحده، لكان كل مجتهد ومتشدد ناجياً. ولكن الحقيقة أن الأعمال وحدها، مهما بلغت، لا تكفي لنجاة العبد ودخوله الجنة. فالجنة برحمة الله تعالى، والعمل الصالح هو سببٌ يستحق به العبد رحمة الله، وليس ثمناً للجنة.
4- «وَلَا إِيَّايَ، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ»: عندما سأله الصحابة رضي الله عنهم إن كان هذا الحكم يشمل حتى النبي صلى الله عليه وسلم، أجابهم بنعم. فلو أخذ الله الناس بأعمالهم وحدها، دون رحمته، لعذب أشرف الخلق وأتقاهم. وهذا تأكيد عظيم على أن النجاة محض فضل من الله ورحمة، وأن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة هي أيضاً من رحمة الله وتغمده له بها.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- المنهج الوسط في العبادة: الدين يسر لا عسر، والمسلم مأمور بالاعتدال والتوسط في كل أموره، فلا غلو يشق عليه ولا تقصير يضيع عليه فرص الخير.
2- الاستقامة على الطاعة: المطلوب هو الدوام على العمل الصالح، ولو كان قليلاً، مع إخلاص النية وإصابة الصواب فيه.
3- التواضع وعدم العجب بالعمل: هذا الحديث يقتلع من قلب المسلم داء العجب والغرور، فلو كان عمل النبي لا ينجيه فكيف بعمل غيره؟! فيجب على المسلم أن يعمل ويجتهد، ولكن لا يعجب بعمله ولا يركن إليه.
4- الاعتماد على رحمة الله تعالى: يجب أن يكون رجاء العبد برحمة الله أعظم من رجائه بعمله. فالعمل وسيلة، والرحمة هي المطلوبة.
5- بيان مكانة النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه: فهو يعلّم أمته ويذكّرهم بأنه بشر مثلهم، يحتاج إلى رحمة ربه، مع كمال إيمانه وتقواه.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث أصل عظيم في "التيسير" ورفع الحرج عن الأمة.
- يستدل به العلماء على ذم الغلو في الدين، والتحذير من التنطع والمشقة التي لم يأذن بها الله.
- فيه الرد على من يتّكل على عمله ويتعاظم به، فيذكرهم بأن النجاة ليست بالعمل وحده.
- يوضح الحديث معنى قوله تعالى: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، فالمسلم يجب أن يظل مستقيماً حتى الموت، لأن الخ
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 85 من أصل 286 حديثاً له شرح
- 60 تناولت عنقودًا من الجنة لو أصبته لأكلتم منه ما بقيت...
- 61 رأيت الجنة قد عرضت علي ورأيت فيها دالية قطوفها دانية
- 62 أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد حوت
- 63 يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر
- 64 فقراء المهاجرين اول من يجوز الصراط يوم القيامة
- 65 فيها طير أعناقها كأعناق الجزر
- 66 في الجنة بحر الماء وبحر العسل وبحر اللبن وبحر الخمر
- 67 سلوا الله الفردوس فإنه أعلى الجنة
- 68 سلوا الله الفردوس أعلى الجنة
- 69 أنهار الجنة تخرج من تحت جبال مسك
- 70 ذراري المؤمنين يلعبون بين نهرين
- 71 سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة
- 72 أربعة أنهار من الجنة: الفرات والنيل وسيحان وجيحان
- 73 سدرة المنتهى نبقها كقلال هجر وورقها كآذان الفيول
- 74 الحور العين يرفعن بأصواتهن
- 75 أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات
- 76 إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة
- 77 لو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس...
- 78 الحلية تبلغ موضع الوضوء
- 79 من سرّه أن يسقيه الله الخمر في الآخرة فليتركها في...
- 80 الجنة فيها ما لم تره عين ولم تسمع به اذن
- 81 أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت
- 82 ما أدنى أهل الجنة منزلة؟
- 83 لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل...
- 84 لن يدخل الجنة أحد بعمله إلا أن يتغمد الله برحمة
- 85 قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
- 86 لا يدخل أحدا عمله الجنة إلا برحمة الله
- 87 أنا أول من يقرع باب الجنة
- 88 رسول الله ياتي باب الجنة يوم القيامة فيستفتح
- 89 نحن الآخرون الأولون يوم القيامة
- 90 الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة
- 91 أيام منى أيام أكل وشرب
- 92 إني رأيته في النار في بردة غلها
- 93 إني حرمت الجنة على الكافرين
- 94 الجنة لا يدخلها مشرك
- 95 مَنْ أحببتَ أنت مع مَنْ أحببتَ
- 96 من شهد أن لا إله إلا الله أدخله الله الجنة
- 97 من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة وإن سرق...
- 98 من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار.
- 99 من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله دخل...
- 100 من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة...
- 101 من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى
- 102 من يضمن لسانه وفرجه
- 103 من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة
- 104 إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة
- 105 يدخلون الجنة في السلاسل
- 106 قوم يساقون إلى الجنة مقرنين في السلاسل
- 107 أفئدتهم مثل أفئدة الطير يدخلون الجنة
- 108 فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
- 109 فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة
معلومات عن حديث: قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
📜 حديث: قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








