عرضت علي الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي

حديث: عرضت علي الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي

عن جابر بن عبد اللَّه قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه ﷺ في يوم شديد الحر، فذكر الحديث وجاء فيه: ثم قال: «إنه عرض علي كل شيء تولجونه، فعرضت علي الجنة، حتى لو تناولت منها قطفا أخذته -أو قال: تناولت منها قطفا- فقصرت يدي عنه. . .».

صحيح: رواه مسلم في الكسوف (٩٠٤) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا إسماعيل ابن علية، عن هشام الدستوائي، قال: حدّثنا أبو الزبير، عن جابر، فذكره في حديث طويل.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه تصوير حي لمشهد عظيم من مشاهد القرب من النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان لعظمة ما أعد الله لعباده في الجنة.

أولاً. شرح المفردات:

● كُسِفَتِ الشَّمْسُ: أي حصل كسوف الشمس، وانمحق ضوئها.
● عَرَضَ عَلَيَّ: قدّم لي وأراني.
● كُلُّ شَيْءٍ تُولِجُونَهُ: كل شيء تدخلونه، أي كل ما ستدخلونه من أمور الدنيا والآخرة، أو قيل: كل شيء تختارونه وتريدونه.
● الْجَنَّةَ: دار النعيم التي أعدها الله للمتقين.
● قِطْفًا: عنقودًا من العنب، وهو هنا كناية عن أي ثمرة من ثمار الجنة.
● فَقَصُرَتْ يَدِي عَنْهُ: لم تستطع الوصول إليه، لبعده وعظمته.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن كسوفاً للشمس حصل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم كان الحر فيه شديداً. وفي خضم هذا المشهد المهيب، الذي يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف، يخبرهم صلى الله عليه وسلم عن رؤية عظيمة رأها.
فيقول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شَيْءٍ تُولِجُونَهُ»، أي أراني الله تعالى كل ما سيؤول إليه أمر أمتي من خير وشر، دنيا وآخرة.
ثم يخص صلى الله عليه وسلم الجنة بالذكر فيقول: «فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ»، فقد رأى صلى الله عليه وسلم الجنة بعينيه في تلك الرؤيا رؤية حقيقية.
ثم يبين صلى الله عليه وسلم قربه الشديد من نعيمها فيقول: «حَتَّى لَوْ تَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا أَخَذْتُهُ»، أي لقد قربت مني الجنة وقربت منها إلى درجة أني كدت أتمكن من أخذ عنقود من عناقيد ثمارها بيدي.
لكن المعجزة والعبرة تكمن في ما بعده: «فَقَصُرَتْ يَدِي عَنْهُ»، فمع كل هذا القرب، لم تستطع يده الشريفة أن تصل إلى ذلك العنقود. وهذا ليس نقصاً في النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو إعجاز وإخبار عن عظمة ما في الجنة وجلالته، فثمارها أعظم من أن يدركها البشر في هذه الدنيا، حتى أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم. إنه يرى النعيم لكنه يعلم أنه لم يحن بعد وقت التناوله، فهو نعيم أخروي ليس من طبيعة الدنيا.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظمة الجنة ونعيمها: الحديث يصور لنا بشكل ملموس عظمة نعيم الجنة وجلاله، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أقرب الخلق إلى الله لم تستطع يده في الدنيا أن تدرك ثمرة من ثمارها لعظمتها.
2- الصدق النبوي: النبي صلى الله عليه وسلم يصف لنا ما رآه بدقة متناهية، مما يزيدنا يقيناً بصدقه صلى الله عليه وسلم.
3- التحريض على طلب الجنة: هذا الوصف المشوق يغرس في قلب المؤمن الشوق والحماس لطلب الجنة والسعي لها بالأعمال الصالحة.
4- أن نعيم الجنة حقيقي: النعيم المعروض كان حقيقياً مادياً يُرى بالعين، وليس معنوياً فقط، مما يرد على من ينكر حقيقة نعيم الجنة.
5- فضل هذه الأمة ومكانتها:عرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل ما يتعلق بأمته، مما يدل على عناية الله بهذه الأمة ومكانتها.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من حديث طويل عن صلاة الكسوف، التي فيها من الخشوع والطول ما يجعلها مدرسة للعبادة والذكر.
● صلاة الكسوف سنة مؤكدة، يصليها المسلمون ركعتين، في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان.
- كان سبب الكسوف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هو موت ابنه إبراهيم، فكسفت الشمس فقال الناس: "كسفت لموت إبراهيم"، فخطبهم النبي صلى الله عليه وسلم ونفى ذلك وأكد أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وحث على الصلاة والذكر والدعاء والصدقة.
نسأل الله تعالى أن يبلغنا الجنة وأن يرزقنا فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الكسوف (٩٠٤) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا إسماعيل ابن علية، عن هشام الدستوائي، قال: حدّثنا أبو الزبير، عن جابر، فذكره في حديث طويل.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 59 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عرضت علي الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي

📜 حديث: عرضت علي الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عرضت علي الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عرضت علي الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عرضت علي الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية