حديث: لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا يدخل الجنة أحد إلا بفضل من اللَّه ورحمته سبحانه

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لن يُدْخِل أحدًا عمله الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنين أحدكم الموت: إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المرض (٥٦٧٣)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٧٥: ٢٨١٦) كلاهما من طريق الزهري، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة قال: فذكره.

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «لن يُدْخِل أحدًا عمله الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني اللَّه بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنين أحدكم الموت: إما محسنًا فلعله أن يزداد خيرًا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.

أولاً. شرح المفردات:


● لن يُدْخِل أحدًا عَمَلُهُ الجنة: أي أن الأعمال الصالحة وحدها، بمجردها، لا تكفي لأن تكون ثمنًا لدخول الجنة.
● إلا أن يتغمدني اللَّه بفضل ورحمة: "يتغمدني" أي يغطيني ويعطيني ويشمَلني بفضله ورحمته.
● فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا: "سددوا" أي اطلبوا السداد وهو الإصابة والصواب في القول والعمل. "وقاربوا" أي اقتربوا من الصواب واجتهدوا في الوصول إليه، وإن لم تبلغوا كماله.
● وَلا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ: لا يتمنى خروج الروح وفناء العمر.
● إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا: المحسن هو المكثر من الطاعات، يزيد أجرًا وثوابًا.
● وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ: المسيء هو المقصر في الطاعات أو المرتكب للمعاصي، "يستعتب" أي يطلب العتبى، وهي الرضا والعفو، بالتوبة والاستغفار.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة عظيمة، وهي أن عمل العبد -مهما بلغ من الصحة والكثرة- لا يستحق به الجنة بمقتضى العدل المحض، بل الجنة ثمنها عظيم لا يفي به عمل عامل، وإنما يدخلها العبد برحمة الله تعالى وفضله، وإنما الأعمال هي أسباب لهذه الرحمة، ووسائل لنيل ذلك الفضل.
وحتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الخلق وأكملهم عملاً، يقر بأنه لا يدخل الجنة بعمله، بل برحمة الله تعالى وتغمده بفضله. وهذا من كمال تواضعه صلى الله عليه وسلم واعترافه بنعم الله عليه.
ثم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالتوسط والاعتدال في الطاعة، بأن يسعوا إلى الإصابة والصواب (سددوا)، فإن لم يبلغوا كماله فليقاربوه ويقتربوا منه (قاربوا)، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
ثم ينهاهم عن تمني الموت، سواء كان المحسن الذي يظن أنه بلغ الغاية، أو المسيء الذي يئس من رحمة الله. فالمحسن قد يزداد عملاً صالحًا ويرتفع درجة، والمسيء قد يتوب ويستغفر فيغفر الله له.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- التوكل على رحمة الله تعالى وفضله: فالعبد يجب أن يعمل ويجتهد، ولكن لا يعتمد على عمله، بل على رحمة ربه وكرمه.
2- التواضع وعدم العجب بالعمل: فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة بعمله، فغيره من الناس أولى ألا يعجب بعمله.
3- الاستقامة والسعي الدؤوب: الأمر بالسداد والمقاربة حث على المداومة على العمل الصالح والاستمرار فيه، وعدم الانقطاع عند التقصير.
4- تحريم تمني الموت: النهي عن تمني الموت يدل على وجوب الصبر على أقدار الله، وحسن الظن به في جميع الأحوال، والاستعداد للقائه بالعمل الصالح.
5- الأمل والتفاؤل وعدم اليأس: فحياة العبد هي رأس ماله في زيادة الحسنات أو محو السيئات، فلا يتمنى زوالها.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب الإيمان والرجاء، فهو يجمع بين الخوف من عدم القبول والرجاء في فضل الله ورحمته.
- فيه الرد على المرجئة الذين يقولون إن الإيمان مجرد التصديق، وعلى الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي، فالنبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الحث على العمل والاعتراف بعدم كفايته.
- "السداد والقرب" قاعدة ذهبية في التعامل مع التكاليف الشرعية، خاصة في الأمور التي يشق إكمالها، كقيام الليل وغيرها.
أسأل الله تعالى أن يتغمدنا برحمته وفضله، وأن يجعلنا من أهل السداد والقرب، وأن يحسن ختامنا جميعًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المرض (٥٦٧٣)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٧٥: ٢٨١٦) كلاهما من طريق الزهري، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة قال: فذكره. واللفظ للبخاري ولفظ مسلم مختصر.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 83 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة

  • 📜 حديث: لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب