حديث: يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ذكر أول طعام يأكله أهل الجنة

عن أبي سعيد الخدري، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلا لأهل الجنة» قال: فأتى رجل من اليهود، فقال: بارك الرحمن عليك، أبا القاسم، ألا أخبرك بنُزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: «بلى» قال: تكون الأرض خبزة واحدة -كما قال رسول اللَّه ﷺ قال: فنظر إلينا رسول اللَّه ﷺ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: «بلى» قال: إدامهم بالام ونون، قالوا: وما هذا؟ قال: «ثور ونون، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٢٠)، ومسلم في صفة القيامة (٢٧٩٢) كلاهما من طريق الليث بن سعد، حدّثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.

عن أبي سعيد الخدري، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلا لأهل الجنة» قال: فأتى رجل من اليهود، فقال: بارك الرحمن عليك، أبا القاسم، ألا أخبرك بنُزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: «بلى» قال: تكون الأرض خبزة واحدة -كما قال رسول اللَّه ﷺ قال: فنظر إلينا رسول اللَّه ﷺ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: «بلى» قال: إدامهم بالام ونون، قالوا: وما هذا؟ قال: «ثور ونون، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث يوم القيامة ونعيم أهل الجنة، ورد في صحيح الإمام البخاري ومسلم وغيرهما من دواوين السنة.

أولاً. شرح المفردات:


● خُبْزَةً وَاحِدَةً: أي مثل رغيف خبز واحد في هيئته واستدارته.
● يَكْفُؤُهَا الْجَبَّارُ: يكفؤها أي يقلبها ويديرها بيده، والجبار هو الله عز وجل، وهو من أسماء الله الحسنى، ومعناه: العظيم الذي جبر خلقه بما أعطاهم من النعم.
● نُزُلاً: النزل هو ما يهيأ للضيف عند نزوله، أي كرامة وضيافة.
● نَوَاجِذُهُ: النواجذ هي آخر الأضراس في الفم، أي ضحك حتى ظهرت أقصى أسنانه.
● إدامهم: الإدام هو ما يؤكل مع الخبز من لحم أو غيره، أي الصلصة أو الطباق الذي يُغمس فيه الخبز.
● بالام ونون: أي حرفا (الباء) و (اللام) و (النون)، وهي إشارة إلى كلمة "بَأْلَام" أو "بَالَام" التي قصد بها اليهودي "ثور" بلغتهم، وكلمة "نون" التي قصد بها "حوت".
● زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا: الزائدة هي القطعة اللينة الطرية من الكبد، وهي أطيب ما فيها.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عظمة يوم القيامة وجزاء المؤمنين، فيصور الموقف تصويراً حسياً يقرّبه إلى الأذهان:
1- "تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً": فالله سبحانه وتعالى يطوي الأرض كلها ويجعلها كالرغيف المستدير الذي يمكن حمله والتقلب به بسهولة، إظهاراً لعظم قدرته وسلطانه، وأن الخلق كلهم بين يديه كخبزة صغيرة.
2- "يَكْفُؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ": أي يقلبها ويديرها بقدرته كما يقلب أحدنا الخبزة في يده، وهذا من تمام القدرة والهيمنة، فليس هناك عجز ولا تعب.
3- "نُزُلاً لأَهْلِ الْجَنَّةِ": هذا كله استعداداً وكرامة لأهل الجنة، فهو نزلهم وضِيافتهم التي أكرمهم الله بها.
4- ثم جاءت المقابلة مع اليهودي: حيث جاء رجل من اليهود وهو يعلم من كتبهم السابقة بعض أوصاف نعيم الآخرة، فصدق قول النبي صلى الله عليه وسلم وزاد عليه بذكر الإدام، وهو اللحم الذي سيأكله أهل الجنة مع هذا الخبز العظيم.
5- ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه: وهذا الضحك كان تعجباً وتصديقاً لما قاله اليهودي، وإظهاراً للبشرية والفرح بذكر نعيم الآخرة، وهو ضحك سرور واستبشار، لا ضحك استهزاء.
6- "إدامهم بالام ونون": أي إدامهم هو ثور وحوت، وقد فسره اليهودي بقوله: "ثور ونون" (والنون: الحوت).
7- "يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفاً": وهذا من عظم خلق هذا الثور وهذا الحوت، حيث أن قطعة صغيرة من كبد أحدهما تكفي لسبعين ألف شخص، مع أن الكبد جزء صغير من جسديهما الضخمين، فكيف بحجمهما كله! وهذا يدل على سعة نعيم الجنة وعظمته.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إثبات قدرة الله المطلقة: فطي الأرض وجعلها كالرغيف من أعظم الأدلة على كمال قدرة الله وعظمته.
2- تصوير نعيم الجنة في صورة محسوسة: لترقيق القلب وتشويق النفوس إلى العمل للآخرة.
3- صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: حيث جاء اليهودي – وهو من أهل الكتاب – مصدقاً له ومقراً بما أخبر به، مما يؤكد أن هذا الوحي من عند الله.
4- سعة نعيم الجنة وعظمته: فما ذكر من الخبز والثور والحوت يدل على أن النعيم فيها超出 التصور البشري، {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}.
5- جواز الضحك عند التعجب والفرح بالخير: إذا كان على الوجه المباح الذي لا إفراط فيه.
6- الإيمان بالغيب: بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أمور الآخرة التي لا نعرف كنهها ولكن نصدق بها.


رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه البخاري (6520) ومسلم (2792).
- اختلف العلماء في حكم أكل طعام أهل الكتاب (اليهود والنصارى) بناء على هذا الحديث، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على اليهودي قوله، لكن الراجح أن هذا خاص بنعيم الآخرة، وأما في الدنيا فيحل لنا طعامهم بشروط معينة.
- المقصود بـ "الثور" و "الحوت" هنا هو من خلق الله العظيم الذي أعده لنعيم أهل الجنة، وليس هو الحوت المعروف في الدنيا، بل هو أعظم وأكبر بكثير.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يوفقنا لفهم سنن نبيه والعمل بها.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٢٠)، ومسلم في صفة القيامة (٢٧٩٢) كلاهما من طريق الليث بن سعد، حدّثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 63 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر

  • 📜 حديث: يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب