حديث: المصلي يناجي ربه فلينظر أحدكم بما يناجي ربه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من الاعتدال في رفع الصوت في صلاة الليل

عن ابن عمر قال: اعتكف رسول الله ﷺ في العشر الأواخر من رمضان، فاتُّخِذ له فيه بيتٌ من سَعَفٍ، قال: فأخرج رأسه ذات يومٍ فقال: «إن المصلِّي يُناجي ربَّه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربَّه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة».

حسن: رواه الإمام أحمد (٥٣٤٩) عن عتَّاب، حدّثنا - أبو حمزة - يعني السكري -، عن ابن أبي ليلى، عن صدقة المكي، عن ابن عمر فذكره.

عن ابن عمر قال: اعتكف رسول الله ﷺ في العشر الأواخر من رمضان، فاتُّخِذ له فيه بيتٌ من سَعَفٍ، قال: فأخرج رأسه ذات يومٍ فقال: «إن المصلِّي يُناجي ربَّه ﷿ فلينظر أحدكم بما يناجي ربَّه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يجعلنا ممن يناجي ربه حق المناجاة.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وهو حديث صحيح. وإليك شرحه على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


* اعْتَكَفَ: الاعتكاف هو لزوم المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى، وهو من السنن المؤكدة في العشر الأواخر من رمضان، يُلتمس فيه ليلة القدر ويُتفرغ فيه للعبادة.
* العَشْرِ الأَوَاخِرِ: آخر عشرة أيام من شهر رمضان المبارك.
* بَيْتٌ مِنْ سَعَفٍ: السَّعَف هو جريد النخل (أغصان النخيل مع أوراقها). فكان له ﷺ خيمة صغيرة منسوجة من جريد النخل داخل المسجد ليخلو فيها للعبادة.
* يُنَاجِي رَبَّهُ: المناجاة هي الحديث سرًا بين المحب ومحبوبه. فالمصلي في حال قيامه وقراءته يكون في حالة مناجاة وخُشوع مع الله تعالى.
* فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ بِمَا يُنَاجِي رَبَّهُ: أي فليتأمل ويتفكر كل واحد منكم في الكيفية التي يناجي بها ربه، وفي ما يقوله ويقرؤه.
* وَلاَ يُجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالقِرَاءَةِ: أي لا يرفع أحدكم صوته بالقراءة بشكل يزعج المصلين الآخرين ويشوش عليهم.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ كان يداوم على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وكان له مكان خاص معزول للعبادة. وفي إحدى المرات، أخرج رأسه الشريف من هذا المكان ونصح أصحابه قائلاً: إن المصلي عندما يقف بين يدي الله تعالى للصلاة، فإنه يكون في حالة مناجاة حقيقية وخاشعة مع ربه. لذلك، ينبغي لكل مصلٍّ أن يكون واعيًا ومتيقظًا لهذه المناجاة، متأملًا في قراءته وخشوعه. ومن مقتضيات هذه المناجاة والتأدب مع الله أن لا يرفع الإنسان صوته بالقراءة إلى درجة يتأذى بها إخوانه المصلون، فيشوش عليهم عبادتهم وينقص من خشوعهم.

3. الدروس المستفادة منه:


* مشروعية الاعتكاف وسنّيته في العشر الأواخر: فهو سنة مؤكدة عن النبي ﷺ يتحرى فيها المسلم ليلة القدر ويجتهد في الطاعة.
* عظمة منزلة الصلاة: فهي ليست مجرد حركات، بل هي مناجاة بين العبد وربه، وهي صلة روحية عميقة.
* الحث على الخشوع وحضور القلب في الصلاة: حيث أمر النبي ﷺ المصلي أن "ينظر" أي يتفكر ويتأمل في حاله وهو يناجي ربه، وهذا هو لب الخشوع.
* مراعاة حقوق الآخرين وآداب المسجد: النهي عن رفع الصوت بالقراءة في المسجد ليس لمجرد الإزعاج، بل لأنه يناقض أدب المناجاة ويشوش على الآخرين ويحرمهم من الخشوع في صلاتهم.
* التأدب مع الله تعالى: فالمسلم يتأدب مع ربه بأن يكون خاشعًا متأنيًا، ويتأدب مع عباد الله بأن لا يؤذيهم في عبادتهم.
* حكمة النبي ﷺ وحرصه على أمته: حيث نبههم إلى هذا الخطأ الذي قد يقعون فيه دون قصد، ليكونوا على أكمل حال في عبادتهم.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل من أصول آداب المسجد، وفيه دليل على وجوب اجتناب كل ما يشوش على المصلين، سواء كان جهرًا بالقراءة، أو حديثًا، أو ضوضاء.
* الفقهاء استدلوا بهذا الحديث على كراهية الجهر بالقراءة في المسجد إذا كان فيه تشويش، بل قد تصل إلى التحريم إذا كان الأذى بيّنًا.
* ينبغي للمسلم أن يحرص على تطبيق هذا الأدب في جميع أوقات الصلاة، وخاصة في صلاة الليل (التراويح والقيام) في رمضان، حيث يكثر المصلون وتزداد الحاجة إلى مراعاة هذا الأدب.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يجعلنا من العابدين الخاشعين.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٥٣٤٩) عن عتَّاب، حدّثنا - أبو حمزة - يعني السكري -، عن ابن أبي ليلى، عن صدقة المكي، عن ابن عمر فذكره.
وأخرجه البزار - كشف الأستار - (٧٢٦)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٢٣٧) كلاهما عن طريق ابن أبي ليلى به، وابن أبي ليلى هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي سيء الحفظ، إلا أنه توبع، فقد رواه الإمام أحمد (٤٩٢٨) من وجه آخر عن معمر، عن صدقة المكي به، ومعمر هو: ابن راشد الصنعاني.
وأما صدقة فقال ابن خزيمة: هو ابن يسار، أي الجزري وهو ثقة، ولكن لم ينص أحد أنه سمع ابن عمر، وجعله الحافظ في التقريب في المرتبة الرابعة مات في أَوَّل خلافة بني العباس وكان ذلك سنة اثنتين وثلاثين، أي بعد المائة. وعبد الله بن عمر مات سنة ثلاث وسبعين فيكون بين وفاتيهما تسع وخمسون سنة. ولقاؤهما ممكن لو عرفنا عُمْرَ صدقةَ بنِ يسارِ عند وفاته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 942 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المصلي يناجي ربه فلينظر أحدكم بما يناجي ربه

  • 📜 حديث: المصلي يناجي ربه فلينظر أحدكم بما يناجي ربه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المصلي يناجي ربه فلينظر أحدكم بما يناجي ربه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المصلي يناجي ربه فلينظر أحدكم بما يناجي ربه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المصلي يناجي ربه فلينظر أحدكم بما يناجي ربه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب