حديث: إذا سمع الصارخ قام فصلى

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قيام النبي ﷺ في أوقات مختلفة من الليل

عن مسروق قال: سألت عائشة ﵂: أي العمل كان أحبَّ إلى النبي ﷺ؟ قالت: الدائم، قلت: متى كان يقوم؟ قالت: إذا سمع الصارخَ قام فصَلَّى.

متفق عليه: رواه البخاري في التهجد (١١٣٢)، ومسلم في صلاة المسافرين (٧٤١) كلاهما من طريق أبي الأحوص، عن الأشعث، عن أبيه، عن مسروق فذكره.

عن مسروق قال: سألت عائشة ﵂: أي العمل كان أحبَّ إلى النبي ﷺ؟ قالت: الدائم، قلت: متى كان يقوم؟ قالت: إذا سمع الصارخَ قام فصَلَّى.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، عن التابعي الجليل مسروق بن الأجدع، وهو من كبار تابعي الكوفة وأعلمهم، حيث سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي أعلم الناس بسنّة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


* أي العمل: أيُّ نوع من الأعمال الصالحة.
* أحبَّ إلى النبي ﷺ: الأكثر محبةً وموافقةً لقلبه وطبعه، وهو ما يدل على الاستمرار والمواظبة لا على مجرد الفعل.
* الدائم: المستمرُّ الذي يداوم عليه صاحبه ولا يقطعه، ولو كان قليلاً. وهو ضدُّ المنقطع المتقطِّع.
* متى كان يقوم؟: في أي وقت كان يقوم (أي: من نومه) لقيام الليل؟
* الصائحَ (وفي رواية: الصارخَ): هو الديك، سُمِّي بذلك لأنه يصيح ويصوت بآذان الفجر. وقيل: هو اسم للديك. والمقصود هنا: صوت الديك الذي ينادي بطلوع الفجر.
* قام فصلى: أي قام من نومه وتوجَّه إلى صلاة الليل (قيام الليل).

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يسأل التابعي الجليل مسروقٌ أمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن أفضل الأعمال وأحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتجيب إجابةً جامعةً مانعةً بأنه العمل الذي يداوم عليه صاحبه، ولو كان قليلاً، لأن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع.
ثم يسألها عن التوقيت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يختاره للقيام من نومه لأداء صلاة الليل، فتبين له أنه لم يكن يحدد وقتاً معيناً يسهر عليه ويُتعب نفسه فيه، بل كان ينام أول الليل، فإذا سمع صوت الديك ينادي قرب الفجر (وهو آخر الثلث الأخير من الليل، وقت النزول الإلهي والاستغفار) قام من نومه نشيطاً فأدى صلاة الليل بخشوع وتدبر.

3. الدروس المستفادة منه:


* فضل المداومة على العمل الصالح: إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ. فالعمل القليل الذي تستمر عليه خير من العمل الكثير الذي تملُّ منه سريعاً وتتركه. وهذا يشمل جميع العبادات من صلاة، وصدقة، وذكر، وقراءة قرآن، وغيرها.
* التيسير ورفع الحرج: في هذا الحديث تيسير عظيم على الأمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يُثقِل على نفسه بالسهر الطويل، بل كان ينام أول الليل ليقوم نشيطاً، فيجمع بين الراحة البدنية والعبادة الروحية. وهذا منهجٌ في الاعتدال وعدم التشديد على النفس بما يؤدي إلى الملل والانقطاع.
* استحباب القيام في آخر الليل: الوقت المفضّل لقيام الليل هو آخر الليل، وهو وقت النزول الإلهي، ووقت الاستغفار، كما قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}.
* حسن تعليم السلف: حيث يجيب العالم بالسؤال الجامع أولاً، ثم يفصّل إذا طُلب منه التفصيل، كما فعلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
* الفطرة والهدي النبوي: استخدام صوت الديك (وهو من الأدلة الفطرية على اقتراب الفجر) دليل على أن الإسلام دين الفطرة، الذي يتوافق مع السنن الكونية.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل عظيم في باب العبادة والمداومة، ويُستشهد به العلماء لبيان أن العمل الدائم هو الذي يكتب للعبد، أما العمل المنقطع فربما لا يقبله الله إذا كان من باب التساهل والكسل.
* فيه إشارة إلى أفضلية قيام الليل، فهو من أحب الأعمال إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
* يعلّمنا النبي صلى الله عليه وسلم فن إدارة الوقت والطاقة، حيث يجمع بين حق الجسم في الراحة وحق الروح في العبادة، فيأخذ قسطاً من النوم ثم يقوم ليلاً بنشاط وهمة.
* ينبغي للمسلم أن يختار من الأعمال ما يستطيع المداومة عليه، فليختر مثلاً ورداً يومياً من القرآن يستطيع قراءته كل يوم، وليتصدق بقدر يستطيع الاستمرار عليه، فهذا هو طريق النجاح والفلاح.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التهجد (١١٣٢)، ومسلم في صلاة المسافرين (٧٤١) كلاهما من طريق أبي الأحوص، عن الأشعث، عن أبيه، عن مسروق فذكره. ولفظهما سواء.
قوله: «الصارخ» قال النووي: «هنا الديك باتفاق العلماء، قالوا: سمي بذلك لكثرة صياحه». انتهى.
وقال الحافظ: «الصرخة - الصيحة الشديدة، وجرت العادة أن الديك يصيح عند نصف الليل غالبًا قاله محمد بن ناصر».
قال ابن التين: «وهو موافق لقول ابن عباس: نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 919 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا سمع الصارخ قام فصلى

  • 📜 حديث: إذا سمع الصارخ قام فصلى

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا سمع الصارخ قام فصلى

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا سمع الصارخ قام فصلى

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا سمع الصارخ قام فصلى

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب