كلُّهم قد أصاب

حديث: كلُّهم قد أصاب

وعن أبي هريرة بهذه القصة، ولم يذكر: «فقال لأبي بكر ارفع من صوتك شيئًا، ولعمر اخفض شيئًا» زاد: وقد سمعتك يا بلال! وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة، قال: كلام طيب يجمع الله تعالى بعضه إلى بعض فقال النبي ﷺ: «كلُّهم قد أصاب».

حسن: رواه أبو داود (١٣٣٠) عن أبي حصين بن يحيى الرازي، حدثنا أسباط بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم سنة نبيك ﷺ. هذا الحديث الذي ذكر هو جزء من قصة أطول وردت في صحيح البخاري، وسأشرحه لك شرحاً وافياً وفقاً لفهم أهل السنة والجماعة.
### نص الحديث ومصدره
الحديث الذي ذكر هو زيادة في رواية أبي هريرة رضي الله عنه للقصة المشهورة في صحيح البخاري (كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده) عن الخلاف في القراءة بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
الرواية الكاملة للقصة: جاء أبو بكر وعمر إلى النبي ﷺ، فسمع أبا بكر يقرأ في بيته وهو يخفض من صوته، وسمع عمر يقرأ في بيته وهو يرفع صوته، فلقيهما النبي ﷺ فقال: «يا أبا بكر، مررت بك وأنت تقرأ وأنت تخفض صوتك؟» فقال: إني أسمعت من ناجيت (أي الله تعالى). فقال: «ارفع من صوتك شيئًا». وقال لعمر: «مررت بك وأنت تقرأ وأنت ترفع صوتك؟» فقال: يا رسول الله، أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان! فقال: «اخفض من صوتك شيئًا».
وفي روايتك هذه، زاد الراوي: «وقد سمعتك يا بلال! وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة، قال: كلام طيب يجمع الله تعالى بعضه إلى بعض فقال النبي ﷺ: كلُّهم قد أصاب».

### الشرح المفصل

# 1. شرح المفردات:

● «ارفع من صوتك شيئًا»: أي زِدْ في علو صوتك قليلاً.
● «اخفض من صوتك شيئًا»: أي انقُصْ من علو صوتك قليلاً.
● «كلام طيب»: أي القرآن الكريم، وهو الكلام الطيب لأنه من الله تعالى.
● «يجمع الله تعالى بعضه إلى بعض»: أي يتلاقى ويجتمع ثوابه وأجره كله عند الله.
● «كلُّهم قد أصاب»: أي كل واحد منهم أصاب الصواب واتبع سببه حسناً.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:

يصور لنا هذا الحديث المشهد النبوي الرائع حيث يمر النبي ﷺ على ثلاثة من خيرة أصحابه وهم يتعبدون بقراءة القرآن، ولكل منهم أسلوبه ونيته:
● أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان يخفض صوته بالقراءة تأدباً وخشوعاً مع الله، لأنه يستحضر أنه يناجي ربه.
● عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان يرفع صوته بقراءة القرآن ليوقظ قلبه وينشط له، وليطرد الشيطان الذي ينفر من ذكر الله.
● بلال بن رباح رضي الله عنه: كان يقرأ مختاراً آيات من سور مختلفة، يجمع بينها في تلاوته.
فأقر النبي ﷺ كلاً منهم على نيته الصالحة وحسن قصده، ولكنّه عدّل في الفعل لتحقيق التوازن. فأمر أبا بكر أن يرفع صوته قليلاً ليشاركه غيره في الخير، وأمر عمر أن يخفض صوته قليلاً تأدباً ومراعاة للغير. ثم بين أن قراءة بلال التي يجمع فيها بين السور هي أيضاً من الخير، لأن القرآن كله طيب، واجتماع تلاوته خير.
فالخاتمة الجامعة كانت بقوله ﷺ: «كلُّهم قد أصاب»، أي أن كل واحد منهم كان محقاً في نيته ومقصده، مما يدل على سعة الشريعة وتنوع طرق الخير.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:

● سعة الرحمة الإسلامية: الإسلام يرحب بتنوع الأساليب في العبادة ما دامت في إطار الشرع وبنية صالحة.
● مراعاة الأحوال والظروف: توجيه النبي ﷺ لأبي بكر وعمر يعلمنا أن العبادة لا تكون بحسب الهوى فقط، بل تراعي الأدب والآداب الاجتماعية، مثل عدم إزعاج الآخرين برفع الصوت demasiado.
● حسن النية أساس القبول: أقر النبي ﷺ الجميع لأن أساس عملهم كان صالحاً، وهذا يبعث على الطمأنينة بأن الله تعالى يتقبل الأعمال بحسب النيات.
● القرآن كله خير: قوله ﷺ عن قرآن بلال "كلام طيب يجمع الله بعضه إلى بعض" يذكرنا بأن جميع آيات القرآن خير، ولا حرج في قراءة أجزاء من سور مختلفة.
● قدوة القادة في التواضع: النبي ﷺ وهو القائد يتابع أحوال أصحابه ويهتم بشؤونهم التعبدية ويوجههم برفق.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من أبلغ الأمثلة على التربية النبوية، حيث لم يبطل النبي عمل أحد، بل عدّل ووجه، مما يشجع الإنسان على الاستمرار في الطاعة.
- يستدل الفقهاء بهذا الحديث على جواز رفع الصوت بالقراءة إذا لم يكن هناك من ينزعج، وعلى استحباب خفض الصوت للتدبر والخشوع.
- القصة تظهر مكانة هؤلاء الصحابة عند رسول الله ﷺ وحرصهم على التزود من الخير.
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا حسن الاتباع لسنة نبيه ﷺ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٣٣٠) عن أبي حصين بن يحيى الرازي، حدثنا أسباط بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن لأجل الكلام في محمد بن عمرو غير أنَّه حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 939 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كلُّهم قد أصاب

📜 حديث: كلُّهم قد أصاب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كلُّهم قد أصاب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كلُّهم قد أصاب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كلُّهم قد أصاب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية