صلاة رسول الله ﷺ بالليل

حديث: صلاة رسول الله ﷺ بالليل

عن الأسود بن يزيد قال: سألت عائشة ﵂: كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ بالليل؟ قالت: كان ينامُ أَوَّلَه، ويُحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام. فإذا كان عند النداء الأول وَثَبَ فأفاض عليه الماء، وإن لم يكن جُنبًا توضأ وُضوءَ الرجلِ للصَّلاةِ ثم صلَّى الركعتين.
وفي رواية: كان رسول الله ﷺ يصلي من الليل حتى يكون آخر صلاته الوتر.

صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٣٩) من طريق أبي إسحاق، قال: سألت الأسود بن يزيد عما حدَّثته عائشة عن صلاة رسول الله ﷺ فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لطاعته واتباع سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الشريف الذي سألت عنه رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث العظيمة التي تبين هدي النبي ﷺ في قيام الليل، وهو من أبواب العبادة الجليلة. وإليك الشرح المفصل له:

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● يُحيي آخره: أي يقوم آخر الليل للصلاة والذكر والدعاء، فيجعل ذلك الجزء من الليل مليئاً بالحياة الطيبة بالطاعة.
● قضى حاجته: أي جامع أهله (زوجته) إذا رغب في ذلك.
● النداء الأول: المقصود به أذان الفجر الأول، الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه قبل طلوع الفجر بوقتٍ كافٍ لإيقاظ النائم وتذكير القائم.
● وَثَبَ: أي نهض بسرعة ونشاط.
● أفاض عليه الماء: أي اغتسل غسلاً كاملاً إذا كان جنباً.
● توضأ وُضوءَ الرجلِ للصَّلاةِ: أي توضأ وضوءاً كاملاً متقناً كوضوء من يريد أن يصلي، وليس مجرد مسحٍ سريع.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يصف هذا الحديث الروتين الليلي العبادي للنبي ﷺ، حيث كان:
1- يبدأ ليله بالنوم ليرتاح بدنه ويجدد نشاطه، فلا يسهر كله مما قد يسبب تعباً يمنعه من القيام آخر الليل أو العمل نهاراً.
2- يستيقظ في آخر الليل (مثل الثلث الأخير) ليحييه بالصلاة والذكر والمناجاة. وهذا الوقت وقت مبارك تنزل فيه الرحمة وتستجاب فيه الدعوات.
3- إن كانت له رغبة في أهله جامعهم، ثم ينام مرة أخرى قبل الفجر.
4- عند سماع أذان الفجر الأول (أذان بلال)، كان ينطلق بنشاط وهمة عالية.
5- فإن كان جنباً اغتسل، وإلا توضأ وضوءاً كاملاً للصلاة.
6- ثم يصلي ركعتي سنة الفجر (الرغيبة) بخشوع وطمأنينة.
وفي الرواية الأخرى: "كان رسول الله ﷺ يصلي من الليل حتى يكون آخر صلاته الوتر"، وهذا يبين أن صلاته في آخر الليل كانت طويلة ومتعددة الركعات، يختمها بركعة الوتر، كما كان دأبه ﷺ.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- الحكمة في توزيع الوقت: النبي ﷺ علمنا كيف ندير أوقاتنا بين الحقوق المختلفة: حق النفس (النوم والراحة)، وحق الله (القيام والعبادة)، وحق الزوجة (المعاشرة بالمعروف). فليس من السنة إرهاق النفس بالسهر كله أو حرمانها من النوم.
2- استغلال أفضل الأوقات: آخر الليل هو وقت النزول الإلهي والمناجاة، وفيه يغلب الإنسان شيطانه ونفسه اللوامة لينفرد بربه. قال تعالى: *{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}* [الإسراء: 79].
3- الحرص على الطهارة الكاملة للصلاة: سواء كانت الطهارة الصغرى (الوضوء) أو الكبرى (الغسل من الجنابة)، وكان ﷺ يتعاهدها ويحرص عليها، مما يدل على عظم شأن الصلاة.
4- المحافظة على سنة الفجر: وهي من أكثر السنن تأكيداً، وكان النبي ﷺ يحافظ عليها حتى في السفر، ويخبر بأنها "خير من الدنيا وما فيها".
5- الهمة العالية والنشاط في الطاعة: وصفه ﷺ بـ "وَثَبَ" يدل على سرعة استجابته لنداء العبادة وحبّه لها، لا على كسل أو تثاقل.
6- الوتر خاتمة قيام الليل: كان ديدنه ﷺ أن يختم صلاته بالوتر، امتثالاً لقوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً" (متفق عليه).

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● النداء الأول: كان في زمن النبي ﷺ يؤذن لصلاة الفجر أذانان: الأول قبل طلوع الفجر (بلال) لإيقاظ النائم وتذكير القائم، والثاني عند طلوع الفجر (ابن أم مكتوم) لدخول وقت الصلاة.
● صلاة الليل: لم تكن محددة بعدد معين، بل كانت إحدى عشرة ركعة غالباً كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يصليها مثنى مثنى ويوتر بواحدة.
● القدوة العملية: هذا الحديث يصور لنا النبي ﷺ قدوة في بيته، كيف كان يعبد ربه وهو مع ذلك بشرٌ له حاجاته الطبيعية، مما يجعل المسلم يتعلق بسنته ويطبقها لأنه يعلم أنها within طاقته البشرية.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا اتباع سنة نبيه ﷺ ظاهراً وباطناً، وأن يجعلنا من القائمين العابدين الذاكرين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٣٩) من طريق أبي إسحاق، قال: سألت الأسود بن يزيد عما حدَّثته عائشة عن صلاة رسول الله ﷺ فذكرته.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 921 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صلاة رسول الله ﷺ بالليل

📜 حديث: صلاة رسول الله ﷺ بالليل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صلاة رسول الله ﷺ بالليل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صلاة رسول الله ﷺ بالليل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صلاة رسول الله ﷺ بالليل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية