ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك

حديث: ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك

عن ابن عباس يقول: وضع عمر بن الخطاب على سريره، فتَكَنَّفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع، وأنا فيهم، قال: فلم يرُعْني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفتُّ إليه فإذا هو عليّ، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحدًا
أحب إلي، أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله ﷺ يقول: «جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر». فإن كنت لأرجو، أو لأظن أن يجعلك الله معهما.

متفق عليه: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٨٥)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٨٩) كلاهما من طرق، عن عبد الله بن المبارك، حدثنا عمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقول: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3675) عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يحكي قصة مؤثرة من لحظات وفاة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويبرز مكانته العظيمة في الإسلام ومنزلته الرفيعة عند النبي صلى الله عليه وسلم وعند أصحابه.

شرح المفردات:

● وضع على سريره: أي وُضِع جثمانه الطاهر على سرير للمغسلة والتجهيز.
● تَكَنَّفه الناس: أحاط به الناس من كل جانب.
● يدعون ويثنون ويصلون عليه: يدعون له بالمغفرة والرحمة، ويذكرون فضائله ومناقبه، ويصلون عليه صلاة الجنازة.
● فلم يرُعْني إلا: فما فاجأني إلا.
● أخذ بمنكبي: أمسك بكَتِفي.
● ترحم على عمر: دعا له بالرحمة.
● ما خلفت أحدًا أحب إلي: لم أترك بعد موته أحدًا أحب إلى قلبي منه.
● أيم الله: قسم بالله.
● مع صاحبيك: أي مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

شرح الحديث:

يصف ابن عباس رضي الله عنهما المشهد المؤثر عند وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث اجتمع الناس حول سريره يبكون عليه ويدعون له ويذكرون فضائله. وفجأة، شعر ابن عباس بيد تمسك بمنكبه من الخلف، فلما التفت وجدها يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي جاء لينضم إلى المشيعين.
ثم يروي لنا علي رضي الله عنه مشاعره الصادقة تجاه عمر، فيقول: "ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك"، أي أنك بعد موتك لم تترك خلفك أحدًا أحب إلى قلبي منك، وأتمنى أن ألقى الله بأعمال صالحة مثل أعمالك. ثم يقسم بالله قائلًا: "وإيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك"، أي كنت أعتقد دائمًا أن الله سيجمعك مع أبي بكر وعمر في المنزلة نفسها.
ويعلل علي رضي الله عنه هذا الاعتقاد بقوله: "وذلك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر". فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بين أبي بكر وعمر في كثير من مواقفه، مما يدل على منزلتهما العظيمة وقربهما منه.

الدروس المستفادة:

1- مكانة عمر بن الخطاب: الحديث يبرز المنزلة الرفيعة لعمر رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم وعند الصحابة، خاصة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
2- العدل والإنصاف: يعلمنا علي رضي الله عنه كيف يكون الإنصاف وحسن الظن بالإخوان، حتى مع وجود خلافات سابقة.
3- قوة الإيمان والتقوى: كان عمر رضي الله عنه مثالًا للعدل والتقوى، حتى أحبه الصحابة وتمنوا أن يلقوا الله بمثل عمله.
4- فضل أبي بكر وعمر: الحديث يؤكد فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وعلو منزلتهما عند الله ورسوله.
5- القدوة الحسنة: ينبغي للمسلم أن يكون قدوة في الخير، حتى يترك أثرًا طيبًا بعد وفاته.

معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة التي رواها البخاري ومسلم وغيرهما.
- وهو من الأدلة على فضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومكانته في الإسلام.
- كما يظهر فيه تواضع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وإنصافه وحبه لإخوانه في الله.
نسأل الله أن يجمعنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر في جنات النعيم، وأن يرزقنا حسن الخاتمة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٨٥)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٨٩) كلاهما من طرق، عن عبد الله بن المبارك، حدثنا عمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة قال: سمعت ابن عباس يقول: فذكره.
وهذا اللفظ لمسلم وساقه البخاري بنحوه.
وفي لفظ للبخاري: «إذا رجل من خلفي وضع مرفقه على منكبي يقول: رحمك الله». رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٦٧٧) من وجه آخر عن عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكي عن ابن أبي مليكة فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 194 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك

📜 حديث: ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما خلفت أحدًا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية