حديث: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضل من خرج في طلب العلم

عن كثير بن قيس، قال: كنتُ جالسًا مع أبي الدّرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجلٌ فقال: يا أبا الدّرداء! إنّي أتيتُك من مدينة الرّسول في حديثٍ بلغني أنَّك تحدِّثُه عن رسول اللَّه ﷺ، فقال أبو الدّرداء: أما جئتَ لحاجة، أما جئتَ لتجارة، أما جئتَ إِلَّا لهذا الحديث؟ قال: نعم. قال: فإنِّي سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «مَنْ سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللَّه به طريقًا من طرق الجنّة، والملائكةُ تضعُ أجنحتهَا رضًا لطالب العلم، وإنَّ العالم يستغفرُ له مَنْ في السموات ومن في الأرض، والحيتانُ في الماء، وفضلُ العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا،
وأورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظّ وافر».

حسن: رواه أبو داود (٣٦٤١)، وابن ماجه (٢٢٣) كلاهما من طريق عبد اللَّه بن داود الخريبيّ، قال: سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس، فذكر الحديث.

عن كثير بن قيس، قال: كنتُ جالسًا مع أبي الدّرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجلٌ فقال: يا أبا الدّرداء! إنّي أتيتُك من مدينة الرّسول في حديثٍ بلغني أنَّك تحدِّثُه عن رسول اللَّه ﷺ، فقال أبو الدّرداء: أما جئتَ لحاجة، أما جئتَ لتجارة، أما جئتَ إِلَّا لهذا الحديث؟ قال: نعم. قال: فإنِّي سمعتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «مَنْ سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللَّه به طريقًا من طرق الجنّة، والملائكةُ تضعُ أجنحتهَا رضًا لطالب العلم، وإنَّ العالم يستغفرُ له مَنْ في السموات ومن في الأرض، والحيتانُ في الماء، وفضلُ العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، إنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا،
وأورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظّ وافر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب علمه ورحمته. هذا حديث عظيم الشأن، جليل القدر، فيه فضل طلب العلم والعلماء، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله تعالى، معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا": أي من سار مسيراً وحَذَا حَذْوَ السالكين.
● "تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا": تَبْسُطُها تواضعاً وإكراماً لطالب العلم.
● "رِضًا": رضاً ومسرة بفعله.
● "يَسْتَغْفِرُ لَهُ": يطلب المغفرة من الله له.
● "وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ": المقصود بالعابد هنا من انقطع للعبادة فقط دون طلب العلم.
● "وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ": هم الحاملون لرسالتهم والداعون إلى ما جاءوا به.
● "بِحَظٍّ وَافِرٍ": بنصيب كامل عظيم.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن المكانة العظيمة لطالب العلم والعالم، ويبين الأجر الجزيل الذي أعده الله لمن سلك طريق العلم الشرعي ابتغاء وجهه. فهو يصف كيف أن الملائكة تتواضع لطالب العلم وتستغفر له، وكيف أن جميع المخلوقات تتبارك به وتدعو له، ثم يبين التفاوت العظيم بين العالم العامل والعبّاد الذين لم يجمعوا بين العلم والعبادة، ويختم بأن العلماء هم خلفاء الأنبياء في حمل الرسالة ونشر الهدى، لأنهم ورثوا العلم الذي هو أجلّ ميراث.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل طلب العلم الشرعي: فهو طريق إلى الجنة، وسبب لنيل رضا الله تعالى.
2- إكرام الملائكة لطالب العلم: وهذا تشريف عظيم من الله تعالى، حيث جعل ملائكته تضع أجنحتها تواضعاً وإجلالاً لطالب العلم.
3- استغفار المخلوقات للعالم: وهذا يدل على عظم مكانة العالم عند ربه، حتى أن الحيتان في البحر تستغفر له.
4- تفضيل العالم على العابد: لأن العالم يعبد الله على بصيرة، وينفع نفسه وغيره، بخلاف العابد الذي قد تقع عبادته في البدع والضلالات لعدم تمسكه بالعلم.
5- العلماء ورثة الأنبياء: فهذا يشير إلى أن مهمة العلماء هي استمرار مهمة الأنبياء في الدعوة إلى الله، وتعليم الناس الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
6- العلم هو ميراث النبوة: فلم يورث الأنبياء مالاً، بل ورثوا العلم النافع، فمن حصله فقد نال أعظم مكسب.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وهو حسن.
- قصة الرجل الذي جاء من المدينة إلى دمشق فقط لسماع هذا الحديث تدل على حرص السلف على طلب العلم ولو بعد المسافة.
- الحديث يحث على السفر لطلب العلم والاستماع إلى العلماء.
- ينبغي لطالب العلم أن يخلص النية لله تعالى، فلا يطلب العلم للدنيا أو للمراءاة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من طلاب العلم العاملين، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٦٤١)، وابن ماجه (٢٢٣) كلاهما من طريق عبد اللَّه بن داود الخريبيّ، قال: سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس، فذكر الحديث. وصحّحه ابنُ حبان (٨٨) ورواه من هذا الوجه.
قال الأعظمي: فيه داود بن جميل، ويقال: الوليد، ذكره ابن حبان في الثّقات، ولكن قال الدّارقطنيّ: «مجهول». وقال مرة: «هو ومن فوقه إلى أبي الدّرداء ضعفاء».
وكذلك فيه كثير بن قيس، ويقال: قيس بن كثير، شاميّ، فذكره أيضًا ابن حبان في «الثّقات». ولكن ضعّفه الدّارقطنيّ.
وأمّا ما رواه الإمام أحمد (٢١٧١٥) والتِّرمذيّ (٢٨٦٢) كلاهما من حديث محمد بن يزيد الواسطيّ، حدّثنا عاصم بن رجاء بن حيوة، عن قيس بن كثير، قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدّرداء وهو بدمشق، فقال (فذكر الحديث) ففيه انقطاع كما قال الترمذيّ. وهذا لفظه: «ولا نعرف هذا الحديث إِلَّا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس، عن أبي الدّرداء، عن النبيّ. وهذا أصح من حديث محمود بن خداش» انتهى.
وقول الترمذيّ: «ولا نعرف هذا الحديث إِلَّا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة» حسب اطلاعه وإلّا فقد جاء الحديث من وجه آخر، رواه أبو داود (٣٦٤٢) عن محمد بن الوزير الدّمشقيّ، حدّثنا الوليد، قال: لقيت شبيب بن شية، فحدثني به عن عثمان بن أبي سودة، عن أبي الدّرداء -يعني عن النّبيّ ﷺ بمعناه.
وفي إسناده شبيب بن شيبة وهو مجهول.
ولكن قال الحافظ في التهذيب (٤/ ٣٠٨) في ترجمة شبيب بن شيبة: «وقال عمرو بن عثمان، عن الوليد، عن شعيب بن رزيق، عن عثمان (أي ابن أبي سودة) وهو أشبه بالصَّواب».
قال الأعظمي: إذا يكون إسناد هذا الحديث حسنًا؛ لأنّ شعيب بن رزيق هو أبو شيبة الشّاميّ، ذكره ابنُ حبان في الثّقات (٨/ ٣٠٨)، وفي التقريب: «صدوق يخطئ». ولعلّه لم يخطئ في هذا الحديث لوجود متابعات كما سبق، وله طرق أخرى جمعها الحافظ ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١/ ١٦٠ - ١٧٠).
وذكر البخاريّ في صحيحه في كتاب العلم: باب العلم قبل القول والعمل: «إنّ العلماء هم ورثة الأنبياء، ورّثوا العلم، من أخذه أخذ بحظٍّ وافر، ومن سلك طريقًا يطلب به علمًا سهل اللَّه له طريقًا إلى الجنّة».
قال الحافظ في «الفتح» (١/ ١٦٠): -قوله: «إن العلماء, إلى قوله: وافر»- طرف من حديث أبي داود، والترمذيّ وابن حبان والحاكم مصححا من حديث أبي الدّرداء، وحسّنه حمزة الكنانيّ،
وضعّفه باضطراب في سنده، لكن له شواهد يتقوّى بها، ولم يفصح المصنِّف بكونه حديثًا، فلهذا لا يُعدّ في تعاليقه، لكن إيراده له في الترجمة يُشعر بأنَّ له أصلًا، وشاهده في القرآن ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [سورة فاطر: ٣٢]». انتهى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 9 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة

  • 📜 حديث: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب