حديث: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من الجائز للعالم وهو مشغول بالعلم أن لا يقطع كلامه إذا سُئل

عن أبي هريرة، قال: بينما النبيُّ ﷺ في مجلس يحدِّث القومَ جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول اللَّه ﷺ يحدِّث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتّى إذا قضى حديثه قال: «أين -أُراه- السائل عن الساعة؟». قال: ها أنا يا رسول اللَّه. قال: «إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر
السّاعة». قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة».

صحيح: رواه البخاريّ في العلم (٥٩) من طريق فليح بن سليمان، عن أبيه، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، قال: بينما النبيُّ ﷺ في مجلس يحدِّث القومَ جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول اللَّه ﷺ يحدِّث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتّى إذا قضى حديثه قال: «أين -أُراه- السائل عن الساعة؟». قال: ها أنا يا رسول اللَّه. قال: «إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر
السّاعة». قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينما النبيُّ ﷺ في مجلس يحدِّث القومَ جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول اللَّه ﷺ يحدِّث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتّى إذا قضى حديثه قال: «أين -أُراه- السائل عن الساعة؟». قال: ها أنا يا رسول اللَّه. قال: «إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر السّاعة». قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة».


1. شرح المفردات:


* الأعرابي: هو من سكان البادية، وكان يسأل بطريقة مباشرة وبعجلة.
* مضى رسول الله يحدِّث: أي استمر صلى الله عليه وسلم في كلامه الذي كان يتحدث فيه، ولم يُجبْه في الحال.
* وسِّد الأمر: من "التوسيد"، أي أُسند الأمر وأُعطي وسُلّم لغير أهله، كأن يُجعل وسادةً له يتكئ عليها ويسوس الأمر.
* غير أهله: أي غير المستحقين له، الذين ليسوا بأكفاءٍ له، فاقدي العلم والخبرة والأمانة والصلاح.
* انتظر الساعة: أي تيقن قربها وحلولها، فهي علامة من علاماتها.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يصور لنا هذا الحديث المشهد التالي: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا مع أصحابه يعلّمهم ويرشدهم، فقاطعهم أعرابي بسؤال مفاجئ عن موعد قيام الساعة، مما يدل على عجلته. فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن ответه في اللحظة نفسها واستمر في حديثه، ربما لتعليم الأعرابي والصحابة أدب السؤال وعدم المقاطعة، أو ليهيئهم لإجابة ذات شأن.
وبعد أن أنهى صلى الله عليه وسلم كلامه، التفت إلى الأعرابي وسأله عن سؤاله. فأجابه بأن الساعة ستقترب عندما تُضيع الأمانة. ولما استفسر الأعرابي عن كيفية هذه الإضاعة، بين له النبي صلى الله عليه وسلم أن أعظم مظاهرها هو تسليم الأمور والمناصب القيادية في المجتمع إلى أناس غير أكفاء لها، لا يملكون العلم ولا الخبرة ولا التقوى التي تؤهلهم لها.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- أدب المحادثة والمجلس: الحديث يعلم أدب عدم مقاطعة المتكلم، والصبر حتى ينتهي من حديثه. كما يُستفاد منه أدب المتعلم مع معلمه.
2- عظمة خُلُق النبي ﷺ: حيث تحلّى بالصبر والحلم مع الأعرابي الذي قاطعه، ولم يزجره بل أجابه بعد أن انتهى، مما يدل على رفقه وحسن تعليمه.
3- الأمانة أصل الدين والمجتمع: جعل النبي ﷺ ضياع الأمانة علامة كبرى على اقتراب الساعة، مما يدل على أنها ركن عظيم يقوم عليه صلاح الدنيا والدين. والأمانة تشمل جميع التكاليف الشرعية، وحقوق الله وحقوق العباد.
4- المناصب أمانة عظيمة: أبرز الحديث أعظم صور ضياع الأمانة، وهو تولي غير الأكفاء لمناصب الأمة في جميع المجالات: القضاء، والإمارة، والإفتاء، والتعليم، والإدارة، وغيرها. فإذا وُليّ على الناس من هو فاسق أو جاهل أو ضعيف، فقد ضيعت الأمانة وظهر الفساد واقتربت الفوضى، وهي من علامات الساعة الصغرى.
5- مسؤولية أولي الأمر: يوجه الحديث رسالة شديدة اللهجة إلى من بيدهم أمر الناس أن يختاروا للأعمال والمناصب أهل الكفاءة والخبرة والدين، فإنهم يحاسبون على هذه الأمانة يوم القيامة.
6- التحذير من المحسوبية والوساطة: "توسيد الأمر إلى غير أهله" يشمل تعيين الشخص بسبب قرابته أو وساطة أو رشوة، دون النظر إلى كفاءته وأهليته للعمل، وهذا من أعظم أسباب هلاك الأمم.
7- العلاقة بين صلاح الآخرة وصلاح الدنيا: بين النبي ﷺ أن علامة القيامة مرتبطة بفساد نظام الدنيا، فإذا فسدت نظم الحكم والإدارة، كان ذلك دليلاً على خراب المجتمع واقتراب نهايته.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.
* علامات الساعة تنقسم إلى صغرى وكبرى. وضياع الأمانة وتولي غير الأكفاء من العلامات الصغرى التي وقع الكثير منها ويزداد ظهورًا مع الوقت.
* ينبغي للمسلم أن يفهم من هذا الحديث وجوب النصيحة لأولى الأمر باختيار الأصلح، والسعي في إصلاح المجتمع من خلال الحرص على تأهيل الكفاءات في كل مجال، كل حسب استطاعته.
* يجب على المسلم أن يتقي الله في أي أمانة وُكّلت إليه، صغيرة كانت أم كبيرة، فهي مسؤولية وسيحاسب عليها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في العلم (٥٩) من طريق فليح بن سليمان، عن أبيه، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 37 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة

  • 📜 حديث: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب