حديث: إنكم لتعملون أعمالاً أدق من الشعر نعدها من الموبقات
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الترهيب من محقرات الذنوب
قال أبو عبد الله (هو البخاري): يعني بذلك المهلكات.
صحيح: رواه البخاري في الرقاق (٦٤٩٢) عن أبي الوليد، حدثنا مهدي، عن غيلان، عن أنس فذكره.

شرح الحديث:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،حياكم الله أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما نسمع ونعلم.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يحمل تحذيرًا عظيمًا ودرسًا بليغًا للأمة.
أولاً. شرح المفردات:
● "إنكم لتعملون أعمالاً": أي تقومون بفعل أفعال وتصدر منكم تصرفات.
● "هي أدق في أعينكم من الشعر": أي أنها تبدو لكم تافهة وصغيرة وحقيرة، لا وزن لها ولا قيمة، كالشعرة التي لا يُلتفت إليها.
● "كنا نعدها على عهد النبي ﷺ من الموبقات": كنا في عصر النبوة نعتبر هذه الأفعال الصغيرة من الكبائر المهلكات.
● "الموبقات": جمع موبقة، وهي الهلكة والدمار. والمقصود بها الكبائر المهلكة التي تُوبق صاحبها، أي تهلكه وتدخله النار، كما فسره الإمام البخاري بقوله: "يعني بذلك المهلكات".
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أن هناك أعمالاً وسيئات يرتكبها الناس في زمانه (وبالطبع في كل زمان بعد ذلك) يستصغرونها ويستخفون بها، ولا يلقون لها بالاً، لأنها تبدو في أعينهم كالشعرة في دقتها وصغرها.
ثم يذكر أن هذه الأعمة بعينها، كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام تُعدُّ من الكبائر المهلكات، التي يخافون عاقبتها ويحذرون منها أشد الحذر.
المقصود بالأعمال: هي الذنوب والمعاصي التي يستسهلها الناس ويستهينون بها، مثل:
- النظرة المحرمة.
- الكلمة البذيئة أو الغيبة أو النميمة التي يُستهان بها.
- أخذ شيء تافه بغير حق.
- سماع الحرام.
- ترك سنة أو مستحب بحجة أنه ليس فرضًا.
الحديث يوجهنا إلى تغيير نظرتنا لهذه "الصغائر". فما نراه صغيرًا، قد يكون عند الله عظيمًا، خاصة إذا استمر المرء عليه ولم يتب، أو استهان به.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- خطورة الاستهانة بالذنوب: أعظم درس في هذا الحديث هو التحذير من الاستهانة بأي معصية، فاستصغار الذنب هو ذنب في حد ذاته، وهو باب عظيم من أبواب الهلاك. قال الله تعالى: *{فَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}* [لقمان: 18]. وكان السلف الصالح يخافون من صغائر الذنوب أكثر من خوفهم من الكبائر، لأنها تُستهان بها ولا يُتاب منها.
2- الفارق بين منهج السلف والخلف: الحديث يبين الفرق في الشعور الداخلي تجاه الذنب بين جيل الصحابة رضوان الله عليهم، الذين كانوا أتقى القلوب وأرهفها إحساسًا بمعصية الله، وبين من جاء بعدهم حيث قست القلوب وغلظت، فصاروا يستصغرون ما كان عظيمًا عند أسلافهم.
3- الصغائر قد تتحول إلى كبائر: من أسباب هلاك هذه "الصغائر" أنها إذا تكررت ولم يُتب منها، تجتمع على صاحبها وتصير كالجبل العظيم، كما قال النبي ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بِبَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى أَنْضَجُوا خَبِيزَتَهُمْ» (رواه أحمد). فالعود الصغير وحده لا قيمة له، ولكن اجتماعه مع غيره أوقَد نارًا عظيمة.
4- التقوى هي ميزان الأعمال: التقوى هي التي تجعل العبد يزن أعماله بميزان الشرع، لا بميزان هواه ورأيه. فما حرمه الله فهو كبير، وإن استصغره الناس.
5- الحث على المراقبة الدائمة: يجب على المسلم أن يراقب الله في كل صغيرة وكبيرة، وأن يتذكر أن الله يراه ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أورده الإمام البخاري في "صحيحه" في كتاب الرقاق، وهو باب جامع للأحاديث التي تزهد في الدنيا وترغب في الآخرة وتذكر بالمراقبة والخشية من الله.
- من أقوال السلف في هذا المعنى: قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه".
- العلاج النبوي لهذه القضية هو الإكثار من الاستغفار والتوبة، فالنبي ﷺ كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، وهو المعصوم.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على طاعته، وأن يجنبنا معاصيه صغيرها وكبيرها، وأن يرزقنا قلوبًا تخشاه وتستصغر كل شيء أمام أمره ونهيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 74 حديثاً له شرح
- 1 إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا بطن...
- 2 إياك ومحقرات الأعمال فإن لها من الله طالبا
- 3 لكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات، وهي: الموبقات يوم القيامة
- 4 إنكم لتعملون أعمالاً أدق من الشعر نعدها من الموبقات
- 5 أعمال أدق من الشعر تعد من الموبقات
- 6 من أعمال هي أدق من الشعر كنا نعدها من الموبقات
- 7 ارحموا ترحموا واغفروا يغفر الله لكم
- 8 من أصاب من امرأة شيئا دون الفاحشة فأنزلت آية الحسنات...
- 9 إقامة الصلاة تذهب السيئات
- 10 مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل درع ضيقة...
- 11 من أحسن فيما بقي غفر له ما مضى
- 12 أنزل في الأرض جزء واحدا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق
- 13 إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن...
- 14 خلق الله مائة رحمة فوضع واحدة بين خلقه
- 15 الرحمة التي تعطف الوالدة على ولدها
- 16 إن لله مئة رحمة واحدة في الدنيا وتسعة وتسعون ليوم...
- 17 أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار
- 18 إن رحمتي غلبت غضبي
- 19 إن الله خلق الرحمة مائة رحمة وأمسك عنده تسعا وتسعين
- 20 لو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط...
- 21 إن لله مائة رحمة قسم منها رحمة بين أهل الدنيا
- 22 خلق الله مائة رحمة جعل في الأرض منها رحمة
- 23 الله لا يلقي حبيبه في النار
- 24 من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا
- 25 يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما...
- 26 ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ولا أبالي
- 27 يغفر الله ذنوباً أمثال الجبال ويضعها على اليهود والنصارى
- 28 إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك...
- 29 لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون...
- 30 لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون يغفر لهم
- 31 لو أن العباد لم يذنبوا لخلق الله خلقا يذنبون
- 32 خير الخطائين التوابون
- 33 من فعل ذلك مخافة الله تلافاه الله برحمته
- 34 من خشية الله غفر له وإن كان قد أسرف على...
- 35 جمعه الله فقال: لم فعلت؟ قال: خشيتك فغفر له
- 36 ما حملك على ما صنعت؟ قال: خوفك
- 37 عبد دعا بنيه فقال: أي أب تعلموني؟
- 38 من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني...
- 39 إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره
- 40 من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل...
- 41 تعلموا سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت
- 42 من قال أستغفر الله العظيم ثلاثا غفرت له ذنوبه
- 43 الاستغفار لأهل الكبائر وجوازه في الإسلام
- 44 النبي ﷺ يقول لأبي طالب عند الوفاة: قل لا إله...
- 45 أصبح لهم الصفا ذهبًا فمن كفر عذّبته عذابًا لا أعذبه...
- 46 الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته
- 47 لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل وجد بعيره الضائع
- 48 فرح الله بتوبة العبد أعظم من فرح من أضاع جمله...
- 49 الله أشد فرحا بتوبة عبده من الضال بوجدان راحلته
- 50 الله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من هذا براحلته
معلومات عن حديث: إنكم لتعملون أعمالاً أدق من الشعر نعدها من الموبقات
📜 حديث: إنكم لتعملون أعمالاً أدق من الشعر نعدها من الموبقات
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إنكم لتعملون أعمالاً أدق من الشعر نعدها من الموبقات
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إنكم لتعملون أعمالاً أدق من الشعر نعدها من الموبقات
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إنكم لتعملون أعمالاً أدق من الشعر نعدها من الموبقات
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








