حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾
والنبيون حتى يخرجوا بإذن الله، فلما أخرجوا قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم، فتدركنا الشفاعة، فنخرج من النار، فذلك قول الله جل وعلا: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ قال: فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربنا اذهب عنا هذا الاسم، قال: فيأمرهم، فيغتلسون في نهر الجنة، فيذهب ذلك منهم».
حسن: رواه ابن حبان (٧٤٣٢) عن محمد بن الحسين بن مكرم قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح، حدثنا أبو أسامة، عن أبي روق قال: حدثنا صالح بن أبي طريف قال فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الشريف:
هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني. وهو يتناول مصير فريق من عصاة المؤمنين الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين.
1. شرح المفردات:
● يأخذ نقمته منهم: أي يُعاقبهم بقدر ذنوبهم.
● الشفاعة: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة.
● الجهنميون: نسبة إلى جهنم، وهم الذين خرجوا منها بعد عذاب.
● يغتلسون: يغتسلون ويغمرون أنفسهم في الماء.
2. شرح الحديث:
يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن رحمة الله بعباده المؤمنين العصاة، فيقول:
إن الله تعالى يُدخل فريقاً من المؤمنين الذين ارتكبوا كبائرَ النار بسبب معاصيهم، فيعذبون فيها بقدر ذنوبهم. فيرى المشركون -الذين هم في النار خالدين فيها- هؤلاء المؤمنين معهم في العذاب، فيقولون لهم مستهزئين: ألستم كنتم تزعمون في الدنيا أنكم على دين صحيح وأنكم أولياء الله؟ فما بالكم معنا في العذاب؟!
فإذا سمع الله تعالى هذا الكلام من المشركين، أذن في الشفاعة لهؤلاء العصاة من المؤمنين، فيبدأ الملائكة والنبيون والصديقون بالشفاعة لهم حتى يخرجوا من النار بإذن الله تعالى ومشيئته.
فلما يرى الكفارُ هؤلاء المؤمنين يخرجون من النار بفضل الشفاعة، يتمنون في حال اليأس لو كانوا هم أيضاً مسلمين في الدنيا، فيدركهم مثل ما أدرك أولئك من الشفاعة فيخرجون من العذاب. وهذا هو معنى قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} أي في ساعة الحسرة والندامة يتمنى الكافر لو كان قد أسلم في الدنيا.
ثم يخبرنا النبي ﷺ أن هؤلاء الذين أخرجوا من النار يُدخلون الجنة، ولكن يبقى في وجوههم أثرٌ من سواد النار فيُعرفون بأنهم "الجهنميون" فينادون ربهم أن يذهب عنهم هذا الاسم وما يُذكّرهم به من عذاب، فيأمرهم الله بالاغتسال في نهر من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه فيذهب عنهم ذلك الأثر تماماً، ويصبحون كغيرهم من أهل الجنة.
3. الدروس المستفادة:
1- رحمة الله تعالى وسعة مغفرته: فالله يقبل شفاعة الشافعين في عصاة المؤمنين ويخرجهم من النار بعد أن أخذ منهم حق النقمة.
2- الفرق بين عذاب المؤمن والعذاب الخالد للكافر: عذاب المؤمن في النار مؤقت وتكفير لذنوبه، بينما عذاب الكافر دائم لا نهاية له.
3- الندامة والحسرة يوم القيامة: حيث يتمنى الكافر في تلك اللحظة أن يكون قد أسلم، ولكن لا تنفعه الأمنية بعد فوات الأوان.
4- فضل الشفاعة: وهي خاصة بالمؤمنين العصاة، ولا تكون للكافرين.
5- كمال نعيم الجنة: حيث يزيل الله كل أثر للحزن والألم عن أهلها.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث من أحاديث الشفاعة التي تثبت عقيدة أهل السنة والجماعة في شفاعة النبي ﷺ وغيره للمؤمنين.
- الخروج من النار لا يعني أن دخولها كان عبثاً، بل هو تكفير للذنوب وتطهير للنفس قبل دخول الجنة.
- تسمية "الجهنميين" تذكيراً بنعمة الله عليهم بالخروج، وليس عيباً دائماً، إذ يزول بفضل الله ورحمته.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل صالح بن أبي طريف، ذكره ابن حبان في الثقات (٤/ ٣٧٦)، ولم يذكر من الرواة عنه غير أبي روق عطية بن الحارث الهمداني، غير أن حديثه هذا له أصل من حديث أنس، وهو من التابعين، فتحسين هذا الحديث يناسب هذا المقام.
وفي معناه ما روي عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة يقول الكفار: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب، فأخذنا بها، فيسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان من أهل القبلة، فأخرجوا، فلما رأى ذلك أهل النار قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين، فنخرج كما خرجوا». قال: وقرأ رسول الله ﷺ: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾.
رواه ابن أبي عاصم في السنة (٨٦٩)، وابن جرير في تفسيره (١٤/ ٨)، والحاكم (٢/ ٢٤٢) كلهم من طريق خالد بن نافع الأشعري، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى فذكره.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: بل ضعيف، فإن خالد بن نافع الأشعري ضعفه أبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه. وقال أبو داود: متروك. قال الذهبي في الميزان: «وهذا تجاوز في الحد، فإن الرجل قد حدث عنه أحمد بن حنبل ومسدد، فلا يستحق الترك». انتهى.
قال الأعظمي: ويشهد له ما سبق، فلا يستحق الترك، ويحمل هذا الحديث على حديث الشفاعة أيضا.
وكان ابن عباس وأنس بن مالك يفسران هذه الآية ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ قالا: ذلك يوم يجمع الله أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار، فذكر نحو الحديث السابق. رواه ابن جرير في تفسيره.
وروي مثل هذا عن كثير من الصحابة والتابعين، بل قال بعض أهل العلم: إن المشركين لما قالوا للمسلمين: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون؟ فيغضب الله لهم، فيقول للملائكة والنبيين: اشفعوا فيشفعون، فيخرجون من النار، حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج منهم، فعند ذلك
﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾.
فرجع الأمر إلى الشفاعة، فلا يبقى في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، فيود الكافر حينئذ لو كان مسلما.
وقوله: ﴿رُبَمَا﴾ الأصل أنه يستعمل للتقليل، وهنا استعمل للتكثير، كما أن الغالب أنه يدخل على الماضي، وهنا دخل على المستقبل لتحققه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 747 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 722 من ذهب هو؟ من فضة هو؟ من نحاس هو؟ من...
- 723 احتملت القلوب على قدر يقينها وشكها
- 724 أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون
- 725 ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه...
- 726 مر بجدي أسك ميت، فتناوله، فأخذ بأذنه
- 727 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال سهيل أما الرحمن فوالله ما...
- 728 إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة
- 729 إني أريت الجنة فتناولت منها عنقودا
- 730 شجرة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام
- 731 من أحب أن يبسط له في رزقه فليصل رحمه
- 732 نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
- 733 فضل الله محمدا على الأنبياء وأهل السماء
- 734 قام موسى في قومه فذكرهم بأيام الله
- 735 يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني
- 736 شجرة تشبه المسلم لا يتحات ورقها
- 737 يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي عَذَابِ القَبْرِ
- 738 ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا
- 739 عن علي في تفسير قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ...
- 740 اللهم أمتي أمتي وبكى النبي لأمته
- 741 يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي
- 742 تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده
- 743 أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟
- 744 على الصراط
- 745 النياحة على الميت والنائحة إذا لم تتب قبل موتها
- 746 «فأشفع فيحد لي حدا ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة»
- 747 يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم
- 748 فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض
- 749 فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من...
- 750 امرأة حسنة تصلي خلف رسول الله ﷺ
- 751 خلق الملائكة من النور
- 752 من تأخذه النار إلى كعبيه
- 753 يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار
- 754 بيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب
- 755 إن الله خلق الرحمة مائة رحمة فأمسك عنده تسعا وتسعين
- 756 لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين
- 757 لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين
- 758 لا تستقوا من بئر ثمود واهريقوا ما استقوتم منها
- 759 استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم
- 760 الفاتحة هي أم القرآن والسبع المثاني والقرآن العظيم
- 761 من أطاعني واتبع ما جئت به ومن عصاني وكذب بما...
- 762 آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها
- 763 أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار
- 764 أخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي
- 765 إني ممسك بحجزكم وتغلبوني تقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب
- 766 آمنوا ببعض وكفروا ببعض اليهود والنصارى
- 767 الذين جعلوا القرآن عضين هم أهل الكتاب
- 768 كفى الله المستهزئين بالرسول وأراهم عقوباتهم
- 769 سكن عثمان بن مظعون عند الانصار بعد القرعة
- 770 من دعا إلى هدى فله أجر من اتبعه
- 771 اسقه عسلا
معلومات عن حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم
📜 حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








