حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾

عن صالح بن أبي طريف قال: قلت لأبي سعيد الخدري: أسمعت رسول الله ﷺ يقول في هذه الآية ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢) فقال: نعم، سمعته يقول: «يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم. قال: لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال المشركون: أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياء، فما لكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة، فيتشفع لهم الملائكة
والنبيون حتى يخرجوا بإذن الله، فلما أخرجوا قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم، فتدركنا الشفاعة، فنخرج من النار، فذلك قول الله جل وعلا: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢) قال: فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربنا اذهب عنا هذا الاسم، قال: فيأمرهم، فيغتلسون في نهر الجنة، فيذهب ذلك منهم».

حسن: رواه ابن حبان (٧٤٣٢) عن محمد بن الحسين بن مكرم قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح، حدثنا أبو أسامة، عن أبي روق قال: حدثنا صالح بن أبي طريف قال فذكره.

عن صالح بن أبي طريف قال: قلت لأبي سعيد الخدري: أسمعت رسول الله ﷺ يقول في هذه الآية ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ فقال: نعم، سمعته يقول: «يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم. قال: لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال المشركون: أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياء، فما لكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة، فيتشفع لهم الملائكة
والنبيون حتى يخرجوا بإذن الله، فلما أخرجوا قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم، فتدركنا الشفاعة، فنخرج من النار، فذلك قول الله جل وعلا: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)﴾ قال: فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربنا اذهب عنا هذا الاسم، قال: فيأمرهم، فيغتلسون في نهر الجنة، فيذهب ذلك منهم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الشريف:
هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني. وهو يتناول مصير فريق من عصاة المؤمنين الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين.


1. شرح المفردات:


● يأخذ نقمته منهم: أي يُعاقبهم بقدر ذنوبهم.
● الشفاعة: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة.
● الجهنميون: نسبة إلى جهنم، وهم الذين خرجوا منها بعد عذاب.
● يغتلسون: يغتسلون ويغمرون أنفسهم في الماء.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن رحمة الله بعباده المؤمنين العصاة، فيقول:
إن الله تعالى يُدخل فريقاً من المؤمنين الذين ارتكبوا كبائرَ النار بسبب معاصيهم، فيعذبون فيها بقدر ذنوبهم. فيرى المشركون -الذين هم في النار خالدين فيها- هؤلاء المؤمنين معهم في العذاب، فيقولون لهم مستهزئين: ألستم كنتم تزعمون في الدنيا أنكم على دين صحيح وأنكم أولياء الله؟ فما بالكم معنا في العذاب؟!
فإذا سمع الله تعالى هذا الكلام من المشركين، أذن في الشفاعة لهؤلاء العصاة من المؤمنين، فيبدأ الملائكة والنبيون والصديقون بالشفاعة لهم حتى يخرجوا من النار بإذن الله تعالى ومشيئته.
فلما يرى الكفارُ هؤلاء المؤمنين يخرجون من النار بفضل الشفاعة، يتمنون في حال اليأس لو كانوا هم أيضاً مسلمين في الدنيا، فيدركهم مثل ما أدرك أولئك من الشفاعة فيخرجون من العذاب. وهذا هو معنى قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} أي في ساعة الحسرة والندامة يتمنى الكافر لو كان قد أسلم في الدنيا.
ثم يخبرنا النبي ﷺ أن هؤلاء الذين أخرجوا من النار يُدخلون الجنة، ولكن يبقى في وجوههم أثرٌ من سواد النار فيُعرفون بأنهم "الجهنميون" فينادون ربهم أن يذهب عنهم هذا الاسم وما يُذكّرهم به من عذاب، فيأمرهم الله بالاغتسال في نهر من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه فيذهب عنهم ذلك الأثر تماماً، ويصبحون كغيرهم من أهل الجنة.


3. الدروس المستفادة:


1- رحمة الله تعالى وسعة مغفرته: فالله يقبل شفاعة الشافعين في عصاة المؤمنين ويخرجهم من النار بعد أن أخذ منهم حق النقمة.
2- الفرق بين عذاب المؤمن والعذاب الخالد للكافر: عذاب المؤمن في النار مؤقت وتكفير لذنوبه، بينما عذاب الكافر دائم لا نهاية له.
3- الندامة والحسرة يوم القيامة: حيث يتمنى الكافر في تلك اللحظة أن يكون قد أسلم، ولكن لا تنفعه الأمنية بعد فوات الأوان.
4- فضل الشفاعة: وهي خاصة بالمؤمنين العصاة، ولا تكون للكافرين.
5- كمال نعيم الجنة: حيث يزيل الله كل أثر للحزن والألم عن أهلها.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أحاديث الشفاعة التي تثبت عقيدة أهل السنة والجماعة في شفاعة النبي ﷺ وغيره للمؤمنين.
- الخروج من النار لا يعني أن دخولها كان عبثاً، بل هو تكفير للذنوب وتطهير للنفس قبل دخول الجنة.
- تسمية "الجهنميين" تذكيراً بنعمة الله عليهم بالخروج، وليس عيباً دائماً، إذ يزول بفضل الله ورحمته.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان (٧٤٣٢) عن محمد بن الحسين بن مكرم قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح، حدثنا أبو أسامة، عن أبي روق قال: حدثنا صالح بن أبي طريف قال فذكره.
وإسناده حسن من أجل صالح بن أبي طريف، ذكره ابن حبان في الثقات (٤/ ٣٧٦)، ولم يذكر من الرواة عنه غير أبي روق عطية بن الحارث الهمداني، غير أن حديثه هذا له أصل من حديث أنس، وهو من التابعين، فتحسين هذا الحديث يناسب هذا المقام.
وفي معناه ما روي عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة يقول الكفار: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب، فأخذنا بها، فيسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان من أهل القبلة، فأخرجوا، فلما رأى ذلك أهل النار قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين، فنخرج كما خرجوا». قال: وقرأ رسول الله ﷺ: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢).
رواه ابن أبي عاصم في السنة (٨٦٩)، وابن جرير في تفسيره (١٤/ ٨)، والحاكم (٢/ ٢٤٢) كلهم من طريق خالد بن نافع الأشعري، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى فذكره.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: بل ضعيف، فإن خالد بن نافع الأشعري ضعفه أبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه. وقال أبو داود: متروك. قال الذهبي في الميزان: «وهذا تجاوز في الحد، فإن الرجل قد حدث عنه أحمد بن حنبل ومسدد، فلا يستحق الترك». انتهى.
قال الأعظمي: ويشهد له ما سبق، فلا يستحق الترك، ويحمل هذا الحديث على حديث الشفاعة أيضا.
وكان ابن عباس وأنس بن مالك يفسران هذه الآية ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢) قالا: ذلك يوم يجمع الله أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار، فذكر نحو الحديث السابق. رواه ابن جرير في تفسيره.
وروي مثل هذا عن كثير من الصحابة والتابعين، بل قال بعض أهل العلم: إن المشركين لما قالوا للمسلمين: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون؟ فيغضب الله لهم، فيقول للملائكة والنبيين: اشفعوا فيشفعون، فيخرجون من النار، حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج منهم، فعند ذلك
﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢).
فرجع الأمر إلى الشفاعة، فلا يبقى في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، فيود الكافر حينئذ لو كان مسلما.
وقوله: ﴿رُبَمَا﴾ الأصل أنه يستعمل للتقليل، وهنا استعمل للتكثير، كما أن الغالب أنه يدخل على الماضي، وهنا دخل على المستقبل لتحققه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 747 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم

  • 📜 حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يخرج الله أناسا من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب