حديث: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم

عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأدب (٦٠١١)، ومسلم في البر والصلة (٢٥٨٦) كلاهما من طرق عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: فذكره.

عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بهذا الحديث العظيم.

الحديث بلفظه:


عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
(رواه الإمام مسلم في صحيحه)


1. شرح المفردات:


* التواد: من الود، وهو المحبة الصادقة والألفة. فالتوادد هو تبادل المشاعر المحبة بين المؤمنين.
* التراحم: من الرحمة، وهو أن يرحم بعضهم بعضًا، ويشعر بآلامه وحاجاته، ويسعى لتخفيفها.
* التعاطف: من العطف، وهو الميل والرأفة. فالتعاطف هو أن يعطف قلب المؤمن على أخيه، فيشاركه أحزانه وأفراحه.
* مثل الجسد: التشبيه النبوي العظيم للمجتمع المؤمن بجسد واحد.
* اشتكى منه عضو: أي أصاب أحد أعضاء الجسد ألم أو مرض.
* تداعى له سائر الجسد: استجاب وتهيأ وسارع باقي الجسد كله لنصرة هذا العضو المتألم.
* بالسهر والحمى: أي أن باقي الجسد يتأثر بألم العضو، فيصيبه السهر (عدم النوم) والحمى (ارتفاع الحرارة) كاستجابة طبيعية للألم، مما يدل على شدة الاتصال والتأثر.


2. شرح الحديث:


يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع المسلم المترابط، المتمسك بأخلاق الإسلام، بجسد الإنسان الواحد في كمال ترابطه وتناسقه.
فكما أن الجسد وحدة متكاملة، إذا أصيب عضو منه – ولو كان صغيرًا كإصبع القدم – فإن كامل الجسد يستشعر هذا الألم ويتأثر به، فيفقد الراحة (السهر) وترتفع حرارته (الحمى) دفاعًا عن هذا العضو ومحاولة لعلاجه.
كذلك يجب أن يكون المؤمنون: إذا أصابت أحدهم مصيبة، أو حلّت به شدة، أو احتاج إلى مساعدة، فإن إخوانه المسلمين يستشعرون ألمه وكربه، ويسارعون إلى نصرته ومساعدته ماديًّا ومعنويًّا، وكأن المصيبة قد نزلت بهم جميعًا. هذا هو معنى "التداعي" الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الاستنفار والاستجابة السريعة للوقوف بجانب الأخ المسلم.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- وحدة الأمة الإسلامية: الحديث يؤسس لمبدأ الوحدة العضوية بين المسلمين، فهم أمة واحدة كالجسد الواحد، لا يقوم بعضها إلا ببعض.
2- وجوب النصرة والتعاون: على المسلم أن ينصر أخاه المسلم في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، بالمال والجاه والكلمة الطيبة والدعاء.
3- التكافل الاجتماعي: يضع الحديث الأساس المتين لنظام التكافل في المجتمع الإسلامي، حيث يشعر الغني بفقر الفقير، والقوي بضعف الضعيف، والصحيح بمريض المريض.
4- استشعار المسؤولية: كل فرد في المجتمع مسؤول عن غيره، ومحاسب على تقصيره في حق إخوانه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
5- ذم الأنانية والقطيعة: الحديث ذم ضمني للشخص الأناني الذي لا يهتم إلا بنفسه، ولا يبالي بما يصيب غيره من المسلمين، فهذا يشبه أن يكون عضًوا مشلولاً في الجسد لا يستجيب للألم.
6- قوة الرابطة الإيمانية: هذه الرابطة القوية ليست قائمة على النسب أو الجنسية أو المصالح الدنيوية، بل هي رابطة أخوة قائمة على الإيمان بالله ورسوله.


4. معلومات إضافية:


* هذا الحديث من الأحاديث الأساسية في بناء المجتمع الإسلامي، ويُعدّ أصلاً عظيمًا من أصول الاجتماع الإسلامي.
* جاء هذا الحديث في سياق أحاديث كثيرة تؤكد على حقوق الأخوة الإسلامية، مثل حديث: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».
* تطبيق هذا المعنى العظيم يجعل الأمة الإسلامية كتلة واحدة قوية، يصعب اختراقها أو هزيمتها، لأن الضربة التي توجه إلى فرد أو جزء منها تستفز الكل للدفاع والرد.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا真情 المحبة والتراحم والتعاطف مع إخواننا المسلمين في كل مكان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٦٠١١)، ومسلم في البر والصلة (٢٥٨٦) كلاهما من طرق عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 212 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد

  • 📜 حديث: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب