حديث: عن أبي ذر: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فليطعمهم مما يأكل ويلبسهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حسن السلوك بالخادم والمملوك

عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر، قال: رأيت عليه بردا، وعلى غلامه بردا، فقلت: لو أخذتَ هذا فلبسته كانت حلة، وأعطيته ثوبا آخر، فقال: كان بيني وبين رجل كلام، وكانت أمه أعجمية، فنلت منها، فذكرني إلى النبي ﷺ، فقال لي: «أساببت فلانا» قلت: نعم، قال: «أفنلت من أمه» قلت: نعم، قال: «إنك امرؤ فيك جاهلية» قلت: على حين ساعتي هذه من كبر السن؟ قال: «نعم، هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه».

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٦٠٥٠)، ومسلم في الأيمان والنذور (١٦٦١) كلاهما من طريق الأعمش، عن المعرور، فذكره.

عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر، قال: رأيت عليه بردا، وعلى غلامه بردا، فقلت: لو أخذتَ هذا فلبسته كانت حلة، وأعطيته ثوبا آخر، فقال: كان بيني وبين رجل كلام، وكانت أمه أعجمية، فنلت منها، فذكرني إلى النبي ﷺ، فقال لي: «أساببت فلانا» قلت: نعم، قال: «أفنلت من أمه» قلت: نعم، قال: «إنك امرؤ فيك جاهلية» قلت: على حين ساعتي هذه من كبر السن؟ قال: «نعم، هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بفهم سنة نبيه ﷺ. هذا حديث عظيم من جوامع كلمه ﷺ، يحمل دروساً عميقة في الأخلاق والتعامل مع الخدم والضعفاء. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


* المعرور بن سويد: هو تابعي جليل، من رواة الحديث الثقات.
* أبو ذر الغفاري: صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، مشهور بالزهد والورع والصدق.
* برداً: ثوباً يُتغطى به. والمقصود أن كليهما كان يرتدي ثوباً من نفس النوع أو القيمة.
* حلّة: الحلة هي لباس يتكون من ثوبين (إزار ورداء)، فاقترح أبو ذر أن يأخذ برد الغلام فيصبح عنده بردان (حلة) ويعطي الغلام ثوباً آخر أقل جودة.
* نلت منها: أي سَبَبْتُها وعُبْتَ فيها وانتقصتها.
* أساببت فلاناً: هل سَبَبْتَ فلاناً وشتمته؟
* إنك امرؤ فيك جاهلية: فيك خُلُقٌ من أخلاق أهل الجاهلية، وهي العصبية والتفاخر بالأنساب واحتقار الآخرين.
* جعلهم الله تحت أيديكم: أي جعلهم مسخرين لخدمتكم، والخادم تحت ولاية سيده وسلطانه.
* ما يغلبه: من العمل ما لا يطيقه أو يشق عليه مشقة شديدة.

ثانياً. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بقصة واقعية تبين مدى تطبيق الصحابة رضي الله عنهم لتعاليم النبي ﷺ. يرى المعرور بن سويد الصحابي الجليل أبا ذر رضي الله عنه وقد لبس هو وغلامه (خادمه) نفس نوع الثوب (البرد)، فلا فرق بين سيد وخادم في المظهر. فاقترح عليه المعرور أن يأخذ ثوب الغلام ليكمل لنفسه "حلة" (وهي لباس فاخر) ويعطي الغلام ثوباً آخر أقل جودة، فيكون مظهره أفضل من مظهر خادمه.
فرد عليه أبو ذر رضي الله عنه ليسرد له قصةً هي سبب هذا السلوك المتواضع منه: فقد كان بينه وبين رجل خصومة وكلام، فغضب أبو ذر وسَبّ أم ذلك الرجل (وكانت أعجمية، أي غير عربية) فشكاه ذلك الرجل إلى النبي ﷺ.
فاستدعاه النبي ﷺ وسأله: "أساببت فلاناً؟" فأقر أبو ذر. ثم سأله سؤالاً أكثر تحديداً: "أفنلت من أمه؟" أي هل سببتها وانتقصتها؟ فأقر أبو ذر مرة أخرى.
عند هذه النقطة، وبّخه النبي ﷺ توبيخاً رفيقاً لكنه شديد المعنى، فقال: «إنك امرؤ فيك جاهلية». هذه الجملة صدمت أبا ذر، فهو الصحابي القديم في الإسلام، المتقدم في السن، فكيف يكون فيه خُلُق الجاهلية؟ فاستفهم مستنكراً: "على حين ساعتي هذه من كبر السن؟" أي أفي هذا العمر الكبير بعد كل ما تعلمته من الإسلام يبقى فيّ أثر من الجاهلية؟ فأكد له النبي ﷺ أن ذلك ممكن وحاصل بقوله: «نعم».
ثم شرع النبي ﷺ في علاج هذه النزعة الجاهلية (التي هي احتقار الآخرين بسبب النسب أو اللون أو المركز الاجتماعي) بتعليمات إنسانية عظيمة، بيّن فيها أن هؤلاء الخدم ليسوا عبيداً مُهانين، بل:
1- «هم إخوانكم»: هذه القاعدة الأساسية. فهم إخوانكم في الدين والإنسانية.
2- «جعلهم الله تحت أيديكم»: هذه هي الحقيقة الواقعية، فهم تحت ولايتكم وخدمتكم بقدر الله.
3. ثم جاءت التوجيهات العملية لمن كان عنده خادم:
* «فليطعمه مما يأكل»: فلا يأكل السيد طعاماً طيباً ويطعم خادمه طعاماً رديئاً، بل يشاركه في نفس الطعام أو في نوعه.
* «وليلبسه مما يلبس»: وهذا ما رآه المعرور عند أبي ذر، حيث كانا يلبسان نفس النوع من الثياب.
* «ولا يكلفه من العمل ما يغلبه»: فلا يحمله من الأعمال ما لا يطيق، أو ما يشق عليه مشقة بالغة.
* «فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه»: وإذا اضطر السيد إلى تكليفه بعمل شاق، فلا يتركه وحده، بل يقف معه ويعينه على إنجازه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم سب الآخرين والانتقاص من أنسابهم: سب الإنسان أو أمه أو أبيه من كبائر الذنوب، وهو من أخلاق الجاهلية.
2- المساواة في الإسلام: الإسلام يسوي بين الناس جميعاً regardless of their race, origin, or social status. لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
3- النقد البناء والتواضع في قبوله: موقف أبي ذر في رواية الخطأ والاعتراف به دليل على تواضع الصحابة وقبولهم للنصيحة حتى ولو كانت قاسية.
4- معاملة الخدم معاملة إنسانية كريمة: الحديث يضع دستوراً أخلاقياً رائعاً للتعامل مع الخدم والعمال، يقوم على الأخوة والرحمة والعدل.
5- التواضع ولين الجانب: قصة لبس أبي ذر مثل غلامه توضح كيف يطبق المسلم تعاليم نبيه في التواضع وعدم التكبر.
6. **أن الكبر سن لا يمنع من وقوع الإنسان في الخطأ
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦٠٥٠)، ومسلم في الأيمان والنذور (١٦٦١) كلاهما من طريق الأعمش، عن المعرور، فذكره. والسياق للبخاري.
ورواه أبو داود (٥١٥٧) من طريق جرير، عن الأعمش، عن المعرور نحوه، وزاد فيه: «فمن لم يلائمكم فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله». وإسناده صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 268 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن أبي ذر: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فليطعمهم مما يأكل ويلبسهم

  • 📜 حديث: عن أبي ذر: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فليطعمهم مما يأكل ويلبسهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن أبي ذر: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فليطعمهم مما يأكل ويلبسهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن أبي ذر: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فليطعمهم مما يأكل ويلبسهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن أبي ذر: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فليطعمهم مما يأكل ويلبسهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب