المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم

حديث: المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم».

حسن: رواه أبو يعلى (٦٠٠٨)، والطحاوي في شرح المشكل (٣١٢٨، ٣١٢٩)، والحاكم (١/ ٤٣) كلّهم من طرق عن سفيان الثوري، عن الحجاج بن فرافصة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم».

### أولاً. شرح المفردات
● الْمُؤْمِنُ: هو الذي آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وقام بأركان الإسلام.
● غِرٌّ: من الغِرَّة، وهي الصفاء والنقاء، ويُقصد بها هنا: سليم الصدر، طيب النفس، لا يعرف الخبث ولا المكر، يصدق الناس ويُسارع إلى الثقة بهم.
● كَرِيمٌ: ذو خلق عالٍ، سخي النفس، متسامح، بعيد عن الدنايا والرذائل.
● الْفَاجِرُ: هو الخارج عن طاعة الله، المصر على المعاصي، الذي تمرد على حدود الشرع.
● خِبٌّ: من الخبث، وهو المكر والدهاء والاحتيال، الذي يعرف طرق الشر والغدر.
● لَئِيمٌ: دنيء النفس، قليل المروءة، يجترئ على فعل القبائح والمنكرات.

### ثانياً. شرح الحديث
يُبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصفة الغالبة على المؤمن والصفة الغالبة على الفاجر، فيقول:
● "المؤمن غِرٌّ كريم":
صفة المؤمن الحقيقي أنه غِرّ، أي سليم القلب، لا يحمل حقداً ولا غلاً، ولا يتعامل بالمكر والخداع، بل يغلب عليه الصدق والصراحة والثقة في الناس؛ وذلك لأن إيمانه بالله وقضائه وقدره يجعله يعتقد أن الخير والشر بيد الله، فلا يحتاج إلى الخبث والاحتيال. وهو كريم في خلقه وتعاملاته، كريمٌ في إنفاقه، كريمٌ في عفوته، كريمٌ في صبره، لا يضمر الشر لأحد.
● "والفاجر خبٌّ لئيم":
أما الفاجر المنحرف عن منهج الله، فغالباً ما يكون خِبّاً، أي ماكراً مخادعاً، يعرف طرق الشر والغش، لا يوثق به ولا في وعوده. وهو لئيم، أي دنيء النفس، يقدم على الأفعال القبيحة من كذب وغدر وخيانة من غير ندم، لأنه فقد مخافة الله ومراقبته.

### ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث
1- الإيمان يزكي النفس ويطهرها: فالمؤمن يكون نقياً من الداخل، بعيداً عن الخبث والدهاء، لأن إيمانه يمنعه من التعامل بالخداع.
2- الكرم خلق إسلامي أصيل: ليس الكرم في المال فقط، بل في التعامل والأخلاق واللسان، والعفو عند المقدرة.
3- الخبث واللؤم صفة أهل الفجور: فمن ابتعد عن منهج الله، سهل عليه فعل الخبث واللؤم؛ لأنه لا يراقب الله.
4- الحث على سلامة الصدر: ينبغي للمسلم أن يحرص على نقاء قلبه وصفائه، وأن يكون بعيداً عن الغل والحقد.
5- التحذير من مصاحبة الفجار: لأن صفاتهم الخبث واللؤم، وقد يؤثرون على من يجالسهم.

### رابعاً. معلومات إضافية
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وصححه الألباني.
- بعض العلماء يفسر "غِرّ" بأنه الذي يغتر بظاهر الناس فيثق بهم، ولكن هذا ليس سذاجة، بل لأنه يحسن الظن بالآخرين وينطلق من طهارة قلبه.
- ليس معنى ذلك أن المؤمن لا يكون حذراً أو فطناً، بل يمكن أن يكون فطناً لكن دون خبث أو غدر.

أسأل الله أن يجعلنا من المؤمنين الأغرار الكرماء، وأن يقينا صفات الفجار الخبثاء اللئام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٦٠٠٨)، والطحاوي في شرح المشكل (٣١٢٨، ٣١٢٩)، والحاكم (١/ ٤٣) كلّهم من طرق عن سفيان الثوري، عن الحجاج بن فرافصة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الحجاج بن فرافصة فإنه حسن الحديث وقد توبع.
رواه الترمذيّ (١٩٦٤)، وأبو داود (٤٧٩٠)، والبخاري في الأدب المفرد (٤١٨) كلّهم من طريق بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكر مثله. إِلَّا أن بشر بن رافع الحارثي ضعيف الحديث ولكنه توبع في الإسناد الأوّل.
وأمّا ما رواه أبو داود (٤٧٩٠)، وأحمد (٩١١٨) كلاهما من طريق أبي أحمد (هو الزُّبيري)، حَدَّثَنَا سفيان الثوري، عن الحجاج بن فرافصة، عن رجل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مثله. ففيه رجل مبهم وهو يحيى بن أبي كثير كما تقدّم.
معنى الحديث:
قال الخطّابي: «معنى هذا الكلام أن المؤمن المحمود هو من كان طبعه وشيمته الغرارة، وقلة الفطنة للشر، وترك البحث عنه، وإن ذلك ليس منه جهلًا لكنه كرم، وحسن خلق، وإن الفاجر من كانت عادته الخب والدهاء والوغول في معرفة الشر، وليس ذلك منه عقلًا لكنه خب ولؤم». معالم السنن (٤/ ١٠٨).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 247 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم

📜 حديث: المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجرُ خبٌّ لئيم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية