حديث: من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الرحمة بالصبيان

عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: «من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا فليس منا».

حسن: رواه أبو داود (٤٩٤٣)، وأحمد (٧٠٧٣)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٥٤)، والحاكم (١/ ٦٢) كلهم من حديث سفيان بن عيينة، حدثنا ابن أبي نجيح، عن عبيد الله بن عامر، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.

عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: «من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا فليس منا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
(رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننيهما، وهو حسن)


1. شرح المفردات:


* يَرْحَمْ صَغِيرَنَا: الرحمة هنا تشمل كل معاني الشفقة والعطف واللين والحنو، والتلطف في المعاملة، وعدم القسوة أو الإيذاء جسدياً أو نفسياً. و"صغيرنا" يشمل الأطفال الصغار عموماً، ومن في حكمهم من ضعاف السن أو العقل.
* يَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا: "يعرف" هنا بمعنى يقر ويعترف به، ويؤديه. و"حق كبيرنا" يشمل حقوق التوقير والإجلال والاحترام، وتقديمه في الأمور، وعدم إهانته أو التطاول عليه. و"كبيرنا" يشمل الكبار في السن، والعلماء، وأهل الفضل، والوالدين.
* فَلَيْسَ مِنَّا: هذا تعبير نبوي يفيد التبرؤ من هذا الفعل أو الصفة، أي أنه ليس على هدينا وطريقتنا وسنتنا، وفعله هذا ينافي كمال الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم وأخلاق المسلمين.


2. شرح الحديث:


يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة أخلاقية عظيمة من قواعد المجتمع المسلم المتراحم المتكافل، وهي ربط الرحمة بالصغار، والاحترام للكبار.
* الرحمة بالصغار: يدعو النبي إلى معاملة الأطفال والصغار برحمة وحنان، وهذا يشمل:
* الرحمة الجسدية: بإطعامهم وكسوتهم والاعتناء بهم وعدم ضربهم أو إيذائهم.
* الرحمة النفسية: باللعب معهم وممازحتهم وتقبيلهم وغرس الثقة في نفوسهم.
* الرحمة التعليمية: بتعليمهم وتأديبهم بأحسن أساليب التربية، لا بالعنف والقسوة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في هذا، فكان يحمل الأطفال ويصلي بهم، ويقبل الحسن والحسين، ويمازحهم.
* معرفة حق الكبار: هذا هو الجانب التكاملي الآخر، فكما أن للصغير حق الرحمة، فالكبير له حق التوقير والإجلال. وهذا يشمل:
* توقيرهم في القول: بمخاطبتهم بأدب، وعدم رفع الصوت عليهم.
* توقيرهم في الفعل: بتقديمهم في المجالس والطرق، والبدء بهم في الكلام، والاستماع لنصحهم وخبرتهم.
* بر الوالدين: فهو من أعظم حقوق الكبار على الإطلاق.
والحديث يربط بين هذين الحقين في سياق واحد، ليوضح أن المجتمع المتوازن هو الذي يجمع بين العطف على الضعيف واحترام ذي الخبرة والحكمة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «فليس منا» تحذير شديد من التقصير في هذين الواجبين. وهو ليس كفراً بالضرورة، ولكنه نفي للكمال في الاتباع، وإشارة إلى أن من يفعل ذلك قد خرج عن الخلق النبوي والهدي الإسلامي في التعامل، وأنه قاسي القلب، جافٍ في طبعه.


3. الدروس المستفادة منه:


1- بناء مجتمع متراحم: الحديث يضع أساساً لمجتمع قوي متماسك، تقل فيه النزاعات، حيث يشعر الصغير بالأمان والكبير بالتقدير.
2- التوازن في التربية: يوجه المربين (آباءً ومعلمين) إلى الجمع بين الرحمة بالصغار وتأديبهم، دون إفراط (تدليل مفسد) أو تفريط (قسوة مهلكة).
3- تقدير خبرة الشيوخ: يحث الشباب على الاستفادة من خبرة وحكمة كبار السن والعلماء، وعدم الاستهانة بهم أو بتجاربهم.
4- علامة على كمال الإيمان: الرحمة والاحترام من علامات كمال الإيمان وحسن الخلق، كما في الحديث: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس».
5- تحذير من قسوة القلب: نفي النبي صلى الله عليه وسلم عن صاحب هذا الفعل أنه "منا" تحذير عظيم من قسوة القلب وجفاء الطبع، وهما من الأمور المهلكة للفرد والمجتمع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تؤكد على نفس المعنى، مثل حديث: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه».
* تطبيقات الحديث واسعة تشمل البيت (معاملة الأولاد والآباء)، والمدرسة (علاقة الطالب بزملائه الأصغر ومعلميه الأكبر)، والمجتمع بشكل عام.
* من الحكمة في الربط بينهما أن الإنسان قد يكون صغيراً يحتاج إلى الرحمة، ثم يكبر ليصبح بحاجة إلى التوقير، فكما تدين تدان.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يرحم الصغير ويوقر الكبير، ويحشرنا في زمرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٩٤٣)، وأحمد (٧٠٧٣)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٥٤)، والحاكم (١/ ٦٢) كلهم من حديث سفيان بن عيينة، حدثنا ابن أبي نجيح، عن عبيد الله بن عامر، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبيد الله بن عامر وثقه ابن معين كما في تاريخ الدارمي (٤٦٩).
وأما الحاكم فقال: «صحيح على شرط مسلم فقد احتج بعبد الله بن عامر اليحصبي ولم يخرجاه»، ففيه وهم فإنه ليس بعبد الله بن عامر اليحصبي الذي روى له مسلم، وإنما هو عبيد الله بن عامر كما في مسند أحمد والأدب المفرد للبخاري، وعبيد الله بن عامر هو المكي من رجال أبي داود فقط.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 266 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا

  • 📜 حديث: من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب