حديث: احثوا في أفواه المداحين التراب
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الاقتصاد في المدح وكراهية المبالغة فيه
صحيح: رواه ابن حبان (٥٧٦٩)، والبزار (٥٤١٣، ٥٤١٤)، والطبراني في مسند الشاميين (٢٧٥) كلهم من طرق عن زيد بن أسلم، قال: سمعت ابن عمر، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ قال: "احْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ".
وفي رواية أخرى: "إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ".
وفي رواية لأبي داود: "احْثُوا التُّرَابَ فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ".
### أولاً. شرح المفردات
● احْثُوا: من الحَثْي، وهو الرمي بالقبضة من تراب أو نحوه. أي: ألقوا وارموا.
● الْمَدَّاحِينَ: جمع مُدَّاح، وهو الشخص الذي يكثر من المدح والإطراء، ويلهج بذكر محاسن الناس بشكل مبالغ فيه، وخاصة في وجوههم وبحضورهم.
● التُّرَاب: هو التراب الذي نمشي عليه.
### ثانياً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
يأمر النبي ﷺ في هذا الحديث بفعل رمزي قوي، وهو أن يُرْمَى في وجوه المبالغين في المدح (المداحين) بالتراب.
وليس المقصود من الحديث الأمر الحرفي بفعل ذلك جسدياً في كل وقت، فهذا من الأساليب النبوية التي تستعمل الصورة المحسوسة للتعبير عن المعنى المعنوي، وهو:
1- الزجر والردع: فالفعل (حَثْو التراب في الوجه) هو إهانة بالغة في الثقافة العربية والعالمية، فجاء الأمر به لبيغت شديد النهي عن هذا الفعل (المدح المبالغ فيه) وزجراً عن ارتكابه، وكأن النبي ﷺ يقول: استقبلوا هذا المداح الذي يفسد قلوب الناس بالرياء والعجب بهذا الفعل المُهين لينزجر هو وغيره.
2- بيان قبح هذا الفعل: فكما أن حَثْو التراب في الوجه قبيح ومكروه، فكذلك فعل المداحين قبيح ومكروه شرعاً.
3- الحماية من الفتنة: المدح المبالغ فيه، خاصة إذا كان في وجه الإنسان، هو من أعظم أسباب فتنة الإنسان بنفسه، فيدخله العجب والغرور، ويُفسد عليه إخلاصه لله تعالى، وقد يؤدي إلى الكبر وهلاك صاحبه. فأمر النبي ﷺ بهذا الفعل لحماية المُمدَح من هذه الآفات المهلكة.
فالمقصود الحقيقي: هو التحذير الشديد من مجالسة المداحين والاستماع إليهم، وردعهم عن فعلهم، وبيان شناعة ما يأتون به، وأنهم يستحقون الإهانة والردع الشديد.
### ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- تحريم التمدح والإطراء المبالغ فيه: وهو ما يسمى "التَّمَلُّق" و"النفاق". فالمدح إذا تجاوز الحد المعتاد وكان فيه كذب أو مبالغة أو خوف من فتنة المُمدَح، فهو محرم.
2- خطر المدح على النفس: الحديث يوجه نظر المسلم إلى الخطر العظيم الذي يجلبه المدح على قلب المُمدَح، من العجب والرياء والغرور، وهي من أخطر أمراض القلوب.
3- وجوب رد المداحين وزجرهم: على المسلم إذا مدحه أحدٌ مبالغاً أن يرد عليه وينهره، ويذكر له أن ما يقوله غير صحيح، أو أن الله هو الذي أنعم عليه بتلك النعم، ليقمع نفسه ويقطع طريق الشيطان. من ذلك ما جاء عن أبي بكر رضي الله عنه عندما مدحه رجل، فقال له: "اللهم أنت أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون".
4- ذم التملق والنفاق الاجتماعي: يذم الحديث صفة النفاق والتملق التي تجعل الشخص يبالغ في مدح الآخرين طمعاً في دنياهم أو خوفاً منهم.
5- الفقه في التعامل مع النصوص: فهم أن هذا الأمر (حثو التراب) ليس للتنفيذ الحرفي في كل حال، بل هو للزجر والبيان، وإلا لفعله الصحابة مع كل من مدح آخر. فهو من باب التغليظ في الزجر والنهي.
### رابعاً. ما هو المدح الجائز؟
ليس كل مدح مذموماً، بل إن المدح يكون مشروعاً في حالات، منها:
● أن يكون بحق: أي أن يكون الصفة المذكورة موجودة حقيقة في الممدوح.
● أن لا يكون فيه مبالغة أو كذب.
● أن لا يخاف على الممدوح من الفتنة: كأن يمدح العالم ليعرف فضله ويؤخذ عنه العلم، أو يمدح التاجر الأمين ليكثر تعامله مع الناس.
● أن يكون الغرض منه مشروعاً: كالشفاعة أو الشهادة أو النصيحة.
فالنهي عن المدح إنما هو عن الإفراط والمبالغة والكذب فيه، وما كان يخاف معه الفتنة.
خامساً:
معلومات إضافية● حكم الحديث: حديث صحيح متفق على صحته.
● من فوائده التربوية: أنه يعلم المسلم التواضع، ويحذره من حب الظهور والثناء، ويوجهه إلى إخلاص العمل لله تعالى وحده.
● من أقوال السلف: قال العلماء: "وفي هذا الحديث الزجر عن المدح إذا خيف منه مفسدة على الممدوح من كبر أو عجب أو رياء ونحو ذلك، وأما إذا أمن ذلك فهو جائ
تخريج الحديث
وأما ما رواه أحمد (٥٦٨٤)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٤٠)، وابن حبان (٥٧٧٠) كلهم من طريق حماد بن سلمة قال: أخبرنا علي بن الحكم، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر نحوه.
ففيه انقطاع، فأكثر أهل العلم منهم: أحمد وابن معين، وعلي بن المديني ذهبوا إلى أن عطاء بن أبي رباح لم يسمع من ابن عمر.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 752 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 727 المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
- 728 لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها
- 729 لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة
- 730 لو مد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم
- 731 لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي
- 732 لو كان عندي ذهب لأحببت أن لا يأتي علي ثلاث
- 733 لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
- 734 من وعد بشرى فليف بها
- 735 ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة
- 736 أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا ثم أقتل
- 737 لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو...
- 738 لا تتمنوا الموت
- 739 لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد
- 740 لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية
- 741 إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب...
- 742 ما من عبد إلا له صيت في السماء
- 743 من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة
- 744 يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار
- 745 يوشك أن تعرفوا لأهل الجنة من أهل النار
- 746 يا رسول الله! دلني على عمل إذا أخذت به دخلت...
- 747 إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت
- 748 إذا أتى الرجل القوم فقالوا: مرحبا فمرحبا به إلى يوم...
- 749 من ملأ الله أذنيه من ثناء الناس خيرا وهو يسمع
- 750 أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل
- 751 احثوا في وجوه المداحين التراب
- 752 احثوا في أفواه المداحين التراب
- 753 إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له...
- 754 عن أبي بكر: إن إزاري يسقط من أحد شقيه
- 755 تلك عاجل بشرى المؤمن
- 756 إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا...
- 757 لا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم
- 758 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمد عبد الله ورسوله إلى...
- 759 أخرجت الكتاب من عقاصها
- 760 إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتا...
- 761 مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارًا فأكملها إلا موضع لبنة
- 762 مثل النبي في الانبياء كبنيان اكتمل ببعثته
- 763 مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب
- 764 لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسًا
- 765 مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم.
- 766 مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله
- 767 مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح
- 768 هي النخلة مثلها مثل المسلم
- 769 أكثر عملا وأقل عطاء. قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟
- 770 آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها
- 771 الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة
- 772 مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أو آخره
- 773 مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره
- 774 مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا...
- 775 من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده
- 776 من جاهدهم بيده أو لسانه أو قلبه فهو مؤمن
معلومات عن حديث: احثوا في أفواه المداحين التراب
📜 حديث: احثوا في أفواه المداحين التراب
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: احثوا في أفواه المداحين التراب
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: احثوا في أفواه المداحين التراب
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: احثوا في أفواه المداحين التراب
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








