لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها

حديث: لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها

عن القاسم بن محمد، قال: قال عبد الله بن شداد: وذُكِرَ المتلاعنان عند ابن عباس، فقال ابن شداد: أهما اللذان قال النبي ﷺ: «لو كنت راجما أحدا بغير بينة
لرجمتها» فقال ابن عباس: لا تلك امرأة أعلنت.

متفق عليه: رواه البخاري في التمني (٧٢٣٨)، ومسلم في اللعان (١٤٩٧: ١٣) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن القاسم بن محمد، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث الذي ذكر يتعلق بمسألة عظيمة من مسائل الحدود في الإسلام، وهي حد القذف واللعان. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته.
### أولاً. نص الحديث ورواته
- الراوي: القاسم بن محمد (وهو تابعي جليل، من فقهاء المدينة السبعة).
- عن: عبد الله بن شداد.
- المقول له: عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (حبر الأمة وترجمان القرآن).
- موضوع الحديث: ذكر المتلاعنان (اللذان تلاعنا) عند ابن عباس.
### ثانياً. شرح المفردات
● المتلاعنان: هما الزوج والزوجة اللذان قامت بينهما مُلاعَنة، وهي حكم شرعي عندما يُقذف الرجل زوجته بالزنا (أي يتهمها به) دون أن يأتي بأربعة شهداء. فتقام بينهما آية اللعان المنصوص عليها في سورة النور.
● راجمًا: أي الذي ينفذ حد الرجم، وهو القتل بالحجارة، وهو حد الزنا للثيب (المحصن).
● بغير بينة: البينة هي الدليل والبرهان الواضح، وهي هنا تشير إلى الشهود الأربعة الذين يشهدون برؤية الزنا رأي العين، أو الإقرار من الزاني نفسه.
● أعلنت: أي صرحت وأخبرت عن نفسها وأقرت بالزنا. والمقصود هنا الإقرار، وهو أحد طرق إثبات الحد.
### ثالثاً. شرح الحديث
يذكر عبد الله بن شداد أنه كان جالساً عند ابن عباس رضي الله عنهما، فجرى ذكر رجل وامرأة تلاعنا (أي اتُّهمت الزوجة بالزنا من قبل زوجها فأنكرت، فحكم بينهما باللعان).
فسأل ابن شداد ابن عباس: أهذان هما اللذان قال فيهما النبي ﷺ: «لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتها»؟
فأجابه ابن عباس رضي الله عنهما: «لا، تلك امرأة أعلنت».
شرح الإجابة:
- قول النبي ﷺ: «لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتها» هو حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
- المقصود بهذا القول النبوي هو امرأة من الأنصار جاءت إلى النبي ﷺ وأقرت عنده بالزنا طاهرة القلب، تريد أن تُطهر نفسها بحد الله. فكان النبي ﷺ يتعاهدها ويسألها لعله يجد لها مخرجاً (كأن تكون مجنونة أو مكرهة)، فما زالت تُصر على الإقرار. فلما ولدت جاءت بالطفل لتُرجم، فأمر بها النبي ﷺ فرُجمت. ثم صلى عليها بعد ذلك، فأنكر عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصلاة على زانية، فقال النبي ﷺ: «لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى؟». ثم قال ﷺ: «والذي نفسي بيده، إنها الآن لفي أنهار الجنة تَصْدُقُ فيها مَا كان منها مِن كَذِب» (أي تكذب على نفسها في الدنيا بأنها دون ذلك المقام العالي).
● قوله ﷺ: «لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتها» هو تعبير عن شدة الظن بها بسبب إصرارها على الإقرار، مع أن الأصل في الحدود أن لا تُنفذ بمجرد الظن ولو بلغ مبلغ اليقين، بل لابد من البينة (الشهود الأربعة) أو الإقرار. فكأنه ﷺ يقول: لولا أن الله شرط البينة أو الإقرار الصحيح، لكان إصرارك هذا كافياً ليحملني على الرجم.
إذن، الفرق الذي يوضحه لنا ابن عباس رضي الله عنهما هو:
● المرأة في حديث اللعان: هي التي أنكرت التهمة، فدافعت عن نفسها وبرئت بيمينها ولاعنت زوجها. فهذه لا رجم عليها أبداً، بل تبرأ ساحتها وينتهي الأمر.
● المرأة في الحديث الآخر: هي التي أقرت بالزنا إقراراً صحيحاً متكرراً، فثبت عليها الحد بالإقرار، لا بمجرد ظن النبي ﷺ أو شكوكه.
فابن عباس يوضح أن قول النبي ﷺ «لرجمتها» كان في حالة الإقرار (المرأة التي أعلنت عن نفسها)، وليس في حالة الإنكار والملاعنة.
### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في المسألة
1- عظمة عدل الإسلام: الإسلام لا ينفذ أقسى العقوبات (كحد الرجم) إلا بأدق وأعدل الإجراءات. فلا يكفي التهمة أو الظن، بل لابد من إما بينة قاطعة (أربعة شهود عدول) أو إقرار صريح غير مجبر عليه.
2- الفروق الدقيقة في الفقه: هذا الموقف يبين دقة فهم الصحابة رضي الله عنهم، حيث ميز ابن عباس بين حالتين متشابهتين في الظن ولكن مختلفتين في الحكم الشرعي.
3- حكمة تشريع اللعان: شرع الله اللعان حماية لأعراض الناس، وستراً للعفيفات، ورداً لكيد من يتهم زوجته بغير بينة. فإذا أنكرت الزوجة ولاعنت، سقط عنها الحد وبرئت ذمتها.
4- رحمة النبي ﷺ: يتجلى في موقفه من المرأة التي أقرت، حيث كان يتلطف بها ويسألها repeatedly لعله يجد لها عذراً يدرأ عنها الحد. وهذا من رحمته ﷺ بأمته.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التمني (٧٢٣٨)، ومسلم في اللعان (١٤٩٧: ١٣) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن القاسم بن محمد، فذكره. واللفظ لمسلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 728 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها

📜 حديث: لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية