مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب

حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب

عن أبي موسى الأشعري، عن النبي ﷺ قال: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة، طعمُها طيب وريحُها طيب، والذي لا يقرأ كالتمرة، طعمُها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحُها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمُها مُرٌّ، ولا ريح لها».
وفي لفظ مسلم: «مثل المنافق» بدل «مثل الفاجر».

متفق عليه: رواه البخاري في فضائل القرآن (٥٠٢) ومسلم في صلاة المسافرين (٧٩٧: ٢٤٣) كلاهما عن هدبة - أو هداب - بن خالد، حدثنا همَّام، حدثنا قتادة، حدثنا أنس بن مالك، عن أبي موسى، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع العظيم، الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:

● الأُتْرُجَّة: هي ثمرة معروفة، تشبه البرتقال الكبير، ذات لون وردي أو أصفر، طعمها حلو طيب، ورائحتها زكية عطرة.
● التَّمْرَة: هي ثمرة النخيل المعروفة، طعمها حلو طيب، ولكنها لا تتميز برائحة زكية قوية مثل الأترجة.
● الفاجر: هو الذي يترك الطاعة ويصر على المعصية، وفي رواية مسلم "المنافق" وهو أشد، فهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر.
● الرَّيْحَانَة: نبتة طيبة الرائحة، ولكن طعمها مر غير مستساغ.
● الحَنْظَلَة: هي ثمرة مرة الطعم جداً، وسامة، ولا رائحة طيبة لها، وتسمى "شريعة الحنظل" أو "العلقم".

ثانياً. شرح الحديث:

قَسَّم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الناس إلى أربعة أقسام، ضرب لهم أمثلة من الثمار ليوضح مكانتهم وصفاتهم:
1- المؤمن الذي يقرأ القرآن: مثله كالأترجة، فهي طعمها طيب وريحها طيب. فالمؤمن القارئ للقرآن يجمع بين صلاح الباطن بالإيمان، وصلاح الظاهر بالعمل الصالح وقراءة القرآن. فطعمه الطيب هو إيمانه الصادق وعمله الصالح، وريحه الطيب هو ما يظهر عليه من أخلاق قرآنية، وهدي نبوي، وسمت حسن، فهو نافع في نفسه ونافع لغيره.
2- المؤمن الذي لا يقرأ القرآن: مثله كالتَّمْرَة، فهي طعمها طيب ولا ريح لها. فالمؤمن إيمانه صادق وقلبه سليم (طعمه طيب)، لكنه لا يقرأ القرآن، ففاته الخير الكثير، وفاتته تلك الروحانية والأنوار والبركات التي تظهر على قارئ القرآن من الوقار والخشوع وحسن الخلق (فليس له تلك الرائحة الطيبة الزائدة). فهو صالح في نفسه، لكن نفعه أقل من القارئ.
3- الفاجر (أو المنافق) الذي يقرأ القرآن: مثله كَالرَّيْحَانَةِ، فهي ريحها طيب وطعمها مر. وهذا هو الذي يقرأ القرآن بلسانه لكن قلبه فاسد، لا يؤمن به ولا يعمل به. فظاهره طيب من حيث تلاوته للقرآن وصوته الحسن، مما قد يخدع الناس (ريح طيب)، لكن باطنه خبيث مليء بالكفر والنفاق أو المعاصي (طعم مر). فهو مضر في نفسه، وقد يضر غيره بخداعه.
4- الفاجر (أو المنافق) الذي لا يقرأ القرآن: مثله كالحنظلة، فهي طعمها مر ولا ريح لها. هذا شر الناس، جمع بين فساد الباطن (كفر أو نفاق أو فجور) وقبح الظاهر بعدم التعلق بالقرآن أو الانتفاع به. فباطنه خبيث (طعم مر) وظاهره قبيح، لا خير فيه ولا منفعة، بل هو ضار ومؤذٍ.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- تفاضل الناس بحسب إيمانهم وعلاقتهم بالقرآن: يبين الحديث أن أعلى الناس منزلة هو المؤمن العامل بالقرآن، القارئ له.
2- شرف القرآن وعظم أثره: القرآن يزين المؤمن في باطنه وظاهره، ويرفع من شأنه. قراءته والعمل به من أعظم القربات.
3- تحذير من الانخداع بالمظاهر: لا ينبغي الانخداع بمن يقرأ القرآن بصوت حسن إذا كان فاسد العقيدة أو المنهج. فالمقياس الحقيقي هو التقوى والعمل الصالح.
4- ذم الفجور والمنافقة: أسوأ حالاً هو من جمع بين سوء الباطن وسوء الظاهر، فهو شر الخليقة.
5- الحث على الجمع بين الإيمان الصادق وقراءة القرآن: على المسلم أن يسعى لأن يكون كالأترجة، طيباً من الداخل والخارج، بنقاء الإيمان وحسن العمل وهدي القرآن.

رابعاً. معلومات إضافية:

- الحديث أخرجه البخاري (رقم 5020) ومسلم (رقم 797).
- الفاجر والمنافق في المعنى العام متقاربان، لكن المنافق أشد خطراً لكونه يخفي الكفر ويظهر الإيمان.
- القِرَاءَةُ هنا تشمل التلاوة باللسان مع الفهم والعمل بالقلب والجوارح.
- هذا الحديث من أبلغ الأمثلة النبوية، حيث شبه المعاني المعنوية المجردة بأشياء محسوسة ليفهمها الناس.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، وأن لا يجعلنا ممن يقرأ القرآن وهو عليه حسرة وندامة.
والله تعالى أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فضائل القرآن (٥٠٢) ومسلم في صلاة المسافرين (٧٩٧: ٢٤٣) كلاهما عن هدبة - أو هداب - بن خالد، حدثنا همَّام، حدثنا قتادة، حدثنا أنس بن مالك، عن أبي موسى، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 763 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب

📜 حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية