إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه

حديث: إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه

عن معبد الجهني قال كان معاوية قلما يحدث عن رسول الله ﷺ شيئا ويقول هؤلاء الكلمات قلما يدعهن أو يحدث بهن في الجمع عن النبي ﷺ قال: «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين، وإن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه، وإياكم والتمادح فإنه الذبح».

حسن: رواه أحمد (١٦٨٣٧، ١٦٨٤٦)، وابن ماجه (٣٧٤٣) كلاهما من طريق شعبة قال: أنبأني سعد بن إبراهيم، عن معبد الجهني، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفقهنا في الدين وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً وفق المنهج المطلوب:

أولاً. شرح المفردات:

● يُفَقِّهْ في الدِّين: يجعله فقيهاً، أي يفهم أحكام الشريعة ويعلم الحلال والحرام، ويدرك مقاصدها.
● حُلْوٌ خَضِر: الحلو: المستطاب المحبوب للنفوس. الخَضِر: النَّضِر الكثير، الذي هو خصيبٌ نامٍ، كالشجر الأخضر الناضر.
● بِحَقِّه: أي بالطريقة المشروعة، من كسب حلال، وإنفاق في وجوه الخير، وأداء الحقوق الواجبة فيه.
● يُبَارَكْ لَهُ فِيه: ينمو ثوابه ويزكو، ويكثر خيره وينتفع به في الدنيا والآخرة، ولو كان قليلاً.
● التَّمَادُح: المبالغة في المدح، وهو ذكر محاسن الشخص بشكل مفرط، غالباً بحضرته.
● الذَّبْح: القتل، وهو كناية عن الهلاك والدمار، إما للقلب بالعجب والرياء، أو للعلاقات الاجتماعية بالنفاق والكذب.

ثانياً. شرح الحديث:

يحتوي هذا الحديث على ثلاث جمل عظيمة، كل واحدة منها قاعدة من قواعد الدين:
1- «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»:
- هذا أصل عظيم في فضل العلم الشرعي وطلب الفقه في الدين. فالفقه هنا ليس مجرد حفظ المعلومات، بل فهم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، والعمل بهما، والدعوة إليهما.
- معنى الحديث: أن من علامات إرادة الله الخير بعبده أن يوفقه لتعلم دينه والفهم فيه. فالتفقه في الدين دليل على الخيرية والتوفيق من الله عز وجل. والعكس صحيح، فمن حرم الفقه في الدين، فهذه علامة على حرمانه من الخير.
2- «وَإِنَّ هَذَا المَالَ حُلْوٌ خَضِرٌ، فَمَنْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ»:
- يصف النبي ﷺ المال بأنه "حلو خضر" ليشير إلى جماله وحلاوته في نفوس الناس، وسهولة الانجذاب إليه والحرص عليه.
- ثم يبين الطريق الصحيح للتعامل معه، وهو أخذه "بحقه"، أي من طرقه الحلال المشروعة (كالتجارة والزراعة والإجارة等)، وصرفه في الحقوق الواجبة (كالنفقة على العيال، والزكاة، وصلة الرحم) والمستحبة (كالصدقات وأوجه البر).
- والجزاء هو البركة، وهي نعمة من الله تعالى يجعلها في المال فيكفيه القليل، وينمو ثوابه عند الله حتى لو أنفقه.
3- «وَإِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ»:
- يحذر النبي ﷺ هنا من خُلُقٍ ذميم وهو "التمادح"، وهو المبالغة في مدح الشخص وإطرائه بما فيه أو بما ليس فيه بحضرته.
- وشبهه ﷺ بالذبح، لأن عاقبته مهلكة كالذبح. فهو يذبح قلب الممدوح فيورثه العجب والغرور والكبر، فيهلِك نفسه. وقد يذبح المادح نفسه بالكذب والنفاق إذا مدح بما ليس في الممدوح. وهو يذبح العلاقات بين الناس بالرياء والنفاق.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- فضل العلم الشرعي وأهميته: يجب على المسلم أن يجعل طلب العلم والفقه في الدين من أولوياته، فهو دليل محبة الله له.
2- الحث على السعي للرزق الحلال: لا عيب في طلب المال وجمعه، ولكن الشرط أن يكون من حله، وأن لا يشغله عن طاعة الله.
3- البركة في المال الحلال: المال الحلال، وإن قل، خير من المال الحرام وإن كثر، لأن البركة تكون في الحلال.
4- التحذير من آفات اللسان: التمادح من آفات اللسان الخطيرة التي تهلك الفرد والمجتمع، فيجب اجتناب المبالغة في المدح.
5- خطر العجب والرياء: الحديث يحذر من الأمراض القلبية التي تنتج عن المدح، مثل العجب الذي هو من المهلكات.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● مكانة الحديث: هذا الحديث يجمع بين أصول التعامل مع الدين (العلم) والتعامل مع الدنيا (المال) والتعامل مع الناس (الأخلاق).
● الموقف العملي: ينبغي للمسلم إذا مدح أن يقول كما كان الصحابة يقولون: "اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون".
● ربط الواقع: في عصرنا الحالي، حيث انتشرت ثقافة "الإطراء" على وسائل التواصل الاجتماعي، يكون هذا الحديث تحذيراً شديداً من خطر المبالغة في المدح الذي قد يصل إلى حد الكذب والرياء.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يفقهون في دينه، ويَرزقنا المال الحلال المبارك، ويجنبنا آفات اللسان ومرضى القلوب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٦٨٣٧، ١٦٨٤٦)، وابن ماجه (٣٧٤٣) كلاهما من طريق شعبة قال: أنبأني سعد بن إبراهيم، عن معبد الجهني، قال: فذكره. واللفظ لأحمد، واختصره ابن ماجه.
وإسناده حسن من أجل معبد بن خالد الجهني فإنه حسن الحديث.
ومعبد الجهني هو أول من أظهر القدر بالبصرة لكن ليس في حديثه ما يؤيد بدعته.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 753 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه

📜 حديث: إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية