حديث: إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترغيب في قوله: «ولا أزكّي على الله أحدا» إذا أثنى على الرجل

عن أبي بكرة قال: مدح رجل رجلا، عند النبي ﷺ قال: فقال: «ويحك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك» مرارا «إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا أحسبه - إن كان يعلم ذاك - كذا وكذا».
وفي لفظ: عن النبي ﷺ أنه ذكر عنده رجل، فقال رجل: يا رسول الله! ما من رجل بعد رسول الله ﷺ أفضل منه في كذا وكذا، فقال رسول الله ﷺ، فذكر نحوه.

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٦١٦٢)، ومسلم في الزهد (٣٠٠٠: ٦٥) كلاهما من طريق خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.

عن أبي بكرة قال: مدح رجل رجلا، عند النبي ﷺ قال: فقال: «ويحك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك» مرارا «إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا أحسبه - إن كان يعلم ذاك - كذا وكذا».
وفي لفظ: عن النبي ﷺ أنه ذكر عنده رجل، فقال رجل: يا رسول الله! ما من رجل بعد رسول الله ﷺ أفضل منه في كذا وكذا، فقال رسول الله ﷺ، فذكر نحوه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو بكرة رضي الله عنه، وأخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، يحمل تحذيراً شديداً من خطر المبالغة في المدح، ويضع ضوابط شرعية لأخلاقيات الثناء على الآخرين.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● "ويحك": كلمة تقال للتحذير والإنكار، ومعناها التفجع والتهديد بشدة العقاب، كأن يقال: "هلكت" أو "احترز".
● "قطعت عنق صاحبك": استعارة شديدة توحي بإلحاق الضرر البليغ بالممدوح، كأن المادح قد أهلكه أو أوقعه في الهلاك. والمقصود أن المبالغة في المدح قد تكون سبباً في هلاكه نفسياً أو دينياً، بإدخال العجب والغرور على قلبه.
● "لا محالة": يعني إذا اضطررت إلى المدح ولم تستطع تجنبه.
● "أحسب فلاناً": أظنه وأعتقده على ظاهر حاله، مع عدم الجزم ببواطن الأمور.
● "والله حسيبه": أي الله هو الذي يحاسبه ويجازيه على حقيقة عمله ونياته، فهو المطلع على السرائر.
● "ولا أزكي على الله أحداً": لا أبرئ أحداً أو أصفه بالكمال المطلق، فالتزكية المطلقة لله وحده.

ثانياً. شرح الحديث:


يصور لنا الحديث موقفاً حصل أمام النبي ﷺ، حيث قام رجل بمدح آخر أمامه مدحاً مبالغاً فيه، فانبرى النبي ﷺ محذراً ومعلماً:
1- التحذير الشديد من المبالغة في المدح: بتكراره ﷺ لعبارة "قطعت عنق صاحبك"، يشير إلى أن هذا الفعل ليس خطأً عادياً، بل هو بمثابة إلقاء للممدوح في حفرة الهلاك. وذلك لأن:
- المبالغة في المدح قد توقع الممدوح في العجب والغرور، فيركن إلى نفسه ويغفل عن مراقبة الله.
- قد يصدق الممدوح ما قيل فيه وهو ليس أهلاً له، فيحمله ذلك على التكاسل عن العمل الصالح أو التزيد في الرياء.
- فيها تجاوز لحدود البشر، فالمخلوق لا يخلو من نقص، والكمال لله وحده.
2- الضابط الشرعي للمدح إذا اضطر إليه المرء: علمنا النبي ﷺ صيغة آمنة للثناء، إن اضطررنا إليه:
● "أحسب فلاناً": أي أظنه بحسب ما يظهر لي من حاله، مع الإشارة إلى أن هذا ظن قد يصيب وقد يخطئ.
● "والله حسيبه": تفويض الأمر لله تعالى، فهو المطلع على الحقائق والذي سيحاسبه على نيته وعمله.
● "ولا أزكي على الله أحداً": إضافة للتأكيد على أن التزكية الكاملة لا تكون إلا من الله، فلا ينبغي للعبد أن يطلق صفات الكمال على بشر.
3- اللفظ الآخر للحديث يبين أن هذا المدح كان مقارناً بمقارنة غير لائقة، حيث فضل ذلك الرجل على غيره من الصحابة بعد رسول الله ﷺ، مما يزيد الأمر خطورة، لأنه يتضمن مفاضلة بين الصحابة قد لا يعلم حقيقتها إلا الله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم المبالغة في المدح والثناء على الأشخاص، خاصة إذا تضمنت كذباً أو مجازفة غير محمودة العواقب.
2- الحذر من إضرار الآخرين ولو بالكلام، فالكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الخاطئة قد تكون جريمة.
3- التواضع وعدم اغترار المرء بمدح الناس، فعليه أن يتذكر أن الله هو المطلع وحده على سريرته.
4- الأدب مع الله تعالى في الأقوال والأحكام، بعدم إطلاق صفات الكمال المطلق إلا له سبحانه.
5- التعليم النبوي بالأسلوب العملي، حيث لم يكتف النبي ﷺ بالنهي، بل قدم البديل الشرعي العملي.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أبلغ ما ورد في التحذير من الغلو في المدح، وهو من أسباب هلاك الأمم السابقة.
- ينطبق الحكم على مدح الأحياء خاصة، أما مدح الأموات بما كانوا عليه من خير معروف، فلا بأس به بل هو من الذكر الحسن.
- العلماء يستثنون من ذلك المدح المشروط بالضوابط الشرعية، كمدح الرجل في وجهه لأجل الترغيب أو التشجيع على الخير، بشرط أن يكون دون مبالغة وبالصيغة التي علمها النبي ﷺ.
- من فوائد هذا الحديث: تربية المجتمع على الصدق والتحري، والبعد عن الإطراء والكذب حتى لو 是 كان بقصد المجاملة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على تطبيق هدي نبيه ﷺ في أقوالنا وأفعالنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦١٦٢)، ومسلم في الزهد (٣٠٠٠: ٦٥) كلاهما من طريق خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.
ورواه مسلم (٣٠٠٠: ٦٦) من طريق خالد به، فذكر في أوله صيغة المدح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 756 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه

  • 📜 حديث: إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب