يحشر الناس على ثلاثة أفواج راكبين ويمشون ويسعون

حديث: يحشر الناس على ثلاثة أفواج راكبين ويمشون ويسعون

عن حذيفة بن أسيد قال: قام أبو ذر، فقال: يا بني غفار، قولوا ولا تختلفوا، فإن الصادق المصدوق حدّثني: «أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج: فوج راكبين طاعمين كاسين، وفوج يمشون ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وتحشرهم إلى النار» فقال قائل منهم: «هذان قد عرفناهما، فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال: «يلقي اللَّه الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر، حتى إن الرجل ليكون له الحديقة المعجبة، فيعطيها بالشارف ذات القتب، فلا يقدر عليها».

حسن: رواه النسائي (٢٠٨٦)، وأحمد (٢١٤٥٦)، والبزار في مسنده (٣٨٩١)، والحاكم (٤/
٥٦٤) كلهم من طريق الوليد بن جمجع القرشي، حدّثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من حديث نبينا الكريم.
الحديث الشريف:
هذا حديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن، وفيه يخبرنا الصحابي الجليل حذيفة بن أسيد رضي الله عنه عن موعظة قيمة وعظها أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قومه من بني غفار، ينقل فيها كلاماً سمعه مباشرة من الصادق المصدوق، رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1. شرح المفردات:

● قام أبو ذر: أي نهض وخطب في قومه موعظاً إياهم.
● يا بني غفار: نداء لأفراد قبيلته (غفار) التي ينتمي إليها.
● قولوا ولا تختلفوا: حثهم على الاتفاق والائتلاف ونبذ الخلاف والفرقة.
● الصادق المصدوق: هما صفتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الصادق في قوله، المصدوق أي الذي يصدقه الوحي من الله تعالى.
● يحشرون: يُجمعون ويُساقون يوم القيامة إلى أرض المحشر.
● أفواج: جماعات.
● راكبين طاعمين كاسين:
● راكبين: ممتطين دوابهم.
● طاعمين: قد أكلوا وشبعوا.
● كاسين: قد شربوا وأرووا عطشهم (الكأس: وعاء الشرب).
● يمشون ويسعون: يسيرون على أرجلهم بجهد ومشقة.
● تسحبهم الملائكة على وجوههم: تجرهم وتقودهم ملائكة العذاب وهم مكبوبون على وجوههم ذلاً وهواناً.
● الآفة: الهلاك والدمار والمرض الذي يصيب الشيء فيفسده.
● الظهر: هنا指 الإبل والدواب التي يركبها الناس.
● الحديقة المعجبة: البستان الكثير الأشجار والثمار، الذي يعجب الناظرين لجماله وخيره.
● الشارف ذات القتب:
● الشارف: الناقة المسنة الكبيرة.
● القتب: هو نوع من الرحل (السرج) البسيط الخفيف الذي يوضع على الدابة للركوب.
والمعنى: أنه سيعطي بستاناً كاملاً قيماً مقابل مجرد ناقة عجوز وسرجها البسيط.
● فلا يقدر عليها: أي لا يستطيع أن يجد حتى هذه الناقة العجوز البخسة الثمن ليشتريها أو يمتلكها.

2. شرح الحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن حال الناس يوم القيامة حين يُحشرون من قبورهم إلى أرض الموقف، وأنهم سيكونون على ثلاث حالات تختلف باختلاف أعمالهم في الدنيا:
1- الفوج الأول: راكبين طاعمين كاسين
هؤلاء هم المؤمنون الأتقياء الذين أطاعوا الله ورسوله، وأدى ذلك إلى بركة في رزقهم وأعمارهم، فيُحشرون في نعيم وسعة، راكبين على دوابهم، شبعى مرويين، في حالة من الكرامة والهناء. وهذا جزاء إيمانهم وتقواهم.
2- الفوج الثالث: تسحبهم الملائكة على وجوههم
هؤلاء هم الكفار والمنافقون المعاندون، الذين كذبوا برسول الله وكفروا بالله، فيُحشرون على أسوأ حال، يُجرون على وجوههم إلى النار، ذلاً وصغاراً وعذاباً. وهذا جزاء كفرهم وعنادهم.
3- الفوج الثاني: يمشون ويسعون
وهذا هو موضع السؤال والتعجب في الحديث. هؤلاء فئة غريبة، ليسوا مع الأولين في كرامتهم، ولا مع الآخرين في هوانهم الصريح. هم العصاة من المسلمين، الذين ارتكبوا المعاصي والذنوب ولكنهم ماتوا على الإسلام.
فسأل السائل: ما شأن هؤلاء؟
فأجاب أبو ذر رضي الله عنه بما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أن سبب مشيهم وشقائهم هو أن الله تعالى يسلط الآفة والهلاك على دواب الركوب (الظهر) بسبب ذنوب ومعاصي الناس في الدنيا. حتى أن الرجل ليصبح لديه بستان قيم غالٍ، فيريد أن يبيعه ليحصل على ناقة عجوز رخيصة ليركبها يوم القيامة، فلا يجد أحداً يبيعها له، لأن الدواب أصبحت نادرة جداً بسبب تلك الآفة العامة.
فالمشي الشاق هنا هو عقوبة دنيوية وأخروية لتفريطهم في طاعة الله، حيث حُرموا البركة في أرزاقهم وأسباب معيشتهم، فيعيشون في شقاء، ويُحشرون على نفس الحال.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- الاتفاق والائتلاف: بدأ أبو ذر موعظته بـ "قولوا ولا تختلفوا"، مما يدل على أن الخلاف والفرقة من أسباب الشقاء وذهاب البركة.
2- جزاء الإيمان والتقوى: أن المؤمن التقي تناله البركة في الدنيا بالرزق الحلال والعيش الهنيء، وفي الآخرة بالكرامة والنعيم.
3- جزاء الكفر والعصيان: أن الكفر يئول بصاحبه إلى الذل والهوان والعذاب المهين في الآخرة.
4- ذنوب العصاة تؤثر على الأمة: الحديث يبين أن معاصي العباد لا يعاقب عليها العصاة فقط، بل قد تكون سبباً في نزع البركة من الأمة collectively، كقلة الخير وانتشار الآفات والأمراض وغلاء الأسعار. فالهلاك الذي يصيب "الظهر" هو عقوبة عامة على ذنوب عامة.
5- التحذير من التهاون بالذنوب: لا ينبغي

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٢٠٨٦)، وأحمد (٢١٤٥٦)، والبزار في مسنده (٣٨٩١)، والحاكم (٤/
٥٦٤) كلهم من طريق الوليد بن جمجع القرشي، حدّثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الوليد بن جميع القرشي؛ فإنه حسن الحديث، وهو من صغار التابعين، ولقاؤه من أبي الطفيل عامر بن واثلة ممكن؛ لأنه آخر الصحابة موتا، ولذلك أخرج مسلم في صحيحه عن الوليد بن جمجع القرشي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، فحمله على الاتصال، واعتمده.
تنبيه: ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره هذا الحديث، ونقله من مسند الإمام أحمد بإسناده، ولكن وقع فيه بين الوليد بن جميع القرشي، وأبي الطفيل عامر بن واثلة زيادة «عن أبيه» وهي غير موجودة في مصادر التخريج المذكورة، وكذلك لم يذكره الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 407 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يحشر الناس على ثلاثة أفواج راكبين ويمشون ويسعون

📜 حديث: يحشر الناس على ثلاثة أفواج راكبين ويمشون ويسعون

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يحشر الناس على ثلاثة أفواج راكبين ويمشون ويسعون

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يحشر الناس على ثلاثة أفواج راكبين ويمشون ويسعون

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يحشر الناس على ثلاثة أفواج راكبين ويمشون ويسعون

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية