من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة

حديث: من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة

عن صعصعة بن معاوية قال: انتهيت إلى الربذة، فإذا أنا بأبي ذر، قد تلقاني برواحل قد أوردها، ثم أصدرها، وقد أعلق قربة في عنق بعير منها ليشرب ويسقي أصحابه، وكان خلقا من أخلاق العرب، قلت: يا أبا ذر ما لك؟ قال: لي عملي. قلت: إيه يا أبا ذر، ما سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول؟ قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة» قلنا: ما هذان الزوجان؟ قال: إن كانت رجالا فرجلان، وإن كانت خيلا ففرسان، وإن كانت إبلا فبعيران«حتى عد أصناف المال كله.

صحيح: رواه أحمد (٢١٤١٣) وابن حبان (٤٦٤٣)، والحاكم (٢/ ٨٦) كلهم من طرق عن الحسن، حدّثني صعصعة بن معاوية قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم في فضل الإنفاق في سبيل الله، رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● صعصعة بن معاوية: راوي الحديث، وهو تابعي جليل.
● الرَّبْذَة: مكان قرب المدينة المنورة.
● تلقاني برواحل قد أوردها، ثم أصدرها: أي استقبلني (أبو ذر) بإبل قد سقاها من الماء ثم أعادها لترعى.
● أعلق قربة في عنق بعير: وضع قربة ماء في عنق البعير ليحملها.
● خلقا من أخلاق العرب: أي كان يتصف بالكرم والشهامة، وهي من صفات العرب الأصيلة.
● من أنفق زوجين من ماله: أي تصدق بزوجين (اثنين) من أي نوع من أنواع ماله.
● ابتدَرَتْه حَجَبَةُ الجنة: أي بادرته واستقبلته بسرعة ملائكة الذين هم حراس أبواب الجنة لدعوته إليها.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل صعصعة بن معاوية أنه لما ذهب إلى مكان يسمى "الربذة"، وجد أبا ذر الغفاري - رضي الله عنه - وهو يعمل بنفسه في رعي الإبل وسقايتها، وهو من كبار الصحابة، مما يدل على تواضعه وزهده في الدنيا.
فسأله صعصعة: "ما لك؟" أي ما شأنك تعمل بنفسك في هذا الأمر؟ فأجابه أبو ذر: "لي عملي"، أي أنا أعمل لأجل رزقي وعيالي، وهذا من كمال إيمانه وتوكله على الله مع الأخذ بالأسباب.
ثم قال صعصعة: "إيه يا أبا ذر"، وهي كلمة تحفيزية بمعنى: حدثنا يا أبا ذر، ما الذي سمعته من رسول الله ﷺ؟ فذكر أبو ذر هذا الحديث العظيم، الذي يبين فضل الإنفاق في سبيل الله.
فقال النبي ﷺ: «من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة». أي: من تصدق بزوجين (أي اثنين) من أي نوع من أنواع ماله في سبيل الله، بادرته ملائكة الجنة لدعوته إليها، وهذا يدل على عظم أجر هذا العمل.
ثم فسر النبي ﷺ معنى "الزوجين" بقوله: «إن كانت رجالاً فرجلان، وإن كانت خيلاً ففرسان، وإن كانت إبلاً فبعيران»، وهكذا في جميع أنواع المال، كالغنم والبقر والذهب والفضة وغيرها. والمقصود أن يتصدق المرء باثنين من أي نوع من أنواع ماله التي يملكها.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- فضل الإنفاق في سبيل الله: فإن الصدقة من أعظم القربات، وهي سبب لدخول الجنة، كما في هذا الحديث.
2- التواضع وعدم التكبر: كما ظهر من أبي ذر رضي الله عنه، حيث كان يعمل بنفسه في رعي الإبل وسقايتها مع مكانته الرفيعة في الإسلام.
3- الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله: فالعمل لا ينافي التوكل، بل هو من تمامه.
4- الحث على الصدقة ولو بالقليل: فليس شرطاً أن تكون الصدقة بكثرة المال، بل حتى لو أنفق المرء زوجين من ماله، فإن له هذا الأجر العظيم.
5- بشرى للمنفقين: بأن ملائكة الجنة تستقبلهم وتدعوهم إليها، وهذا من أعظم البشارات للمؤمن.

رابعاً. فوائد إضافية:

- الحديث يدل على عظم فضل الصدقة، وأنها من أسباب دخول الجنة.
- ينبغي للمسلم أن يحرص على الصدقة ولو بشيء قليل، فإن الله تعالى يجزي عليها خيراً كثيراً.
- التواضع من صفات المؤمنين، كما كان أبو ذر رضي الله عنه قدوة في ذلك.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المنفقين في سبيله، والمستحقين لرضاه وجنته.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢١٤١٣) وابن حبان (٤٦٤٣)، والحاكم (٢/ ٨٦) كلهم من طرق عن الحسن، حدّثني صعصعة بن معاوية قال: فذكره.
وإسناده صحيح، والحسن هو البصري، وقد صرح بالتحديث.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، وهو صعصعة بن معاوية من مفاخر العرب».
قوله»زوجين من ماله«قال ابن حبان: «العرب في لغتها تسمي الفردين المتلازمين
زوجين، قال اللَّه تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩)﴾ [الذاريات: ٤٩].

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 103 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة

📜 حديث: من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية