حديث: فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء
صحيح: رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٧٩) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو هانئ، سمع أبا عبد الرحمن الحبلي، يقول: سمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان، وغيره. وهو من الأحاديث التي تُظهر جانباً من عدل الله تعالى وفضله، وتُبيّن أن المعيار الحقيقي عند الله هو التقوى والإيمان، لا المال والجاه.
1. شرح المفردات:
● فقراء المهاجرين: هم الصحابة الكرام الذين هاجروا مع النبي ﷺ من مكة إلى المدينة، تاركين ديارهم وأموالهم في سبيل الله، وكانوا من الفقراء الذين لا يملكون مالاً كثيراً.
● يسبقون: يتقدّمون ويصلون قبلهم.
● الأغنياء: هم المهاجرون الأثرياء من نفس الصحابة الكرام، الذين كانت لهم أموال وتجارات.
● بأربعين خريفاً: "الخريف" هنا كناية عن السنة، لأن الخريف هو أحد فصولها. والمقصود مسافة زمنية طويلة تقدّر بأربعين سنة سيراً. وهو تعبير عن التفاوت الزمني الكبير في الدخول إلى الجنة، وليس بالضرورة حصراً على العدد أربعين، فقد يكون للكثرة والتعظيم.
2. شرح الحديث:
يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن فضل فقراء المهاجرين ومكانتهم العظيمة عند الله تعالى. فهم، رضي الله عنهم، سيَدخلون الجنة قبل إخوانهم الأغنياء من المهاجرين بمسافة زمنية كبيرة (تقدّر بأربعين سنة).
والسبب في هذا التفاوت ليس أن الأغنياء منقصون في إيمانهم أو هجرتهم – حاشاهم رضي الله عنهم أجمعين – فكلهم صحابة أجلاء ومهاجرون سابقون. ولكن هذا التفاضل يرجع إلى أمور منها:
* اختبار الشكر: الأغنياء كان لديهم مال يمتلكونه، وهذا المال هو اختبار ومسؤولية، فكان عليهم شكر الله عليه بالإنفاق في سبيله وإخراج حقوقه (كالصدقة والزكاة والنفقة على الجهاد والعلماء... إلخ). وهذا يحتاج إلى مجاهدة للنفس التي قد تُحب المال وتتعلق به.
* سلامة الفقراء من آفات المال: كان الفقراء أقلّ تعرضاً لآفات المال وفتنته، مثل الكبر، والبخل، والانشغال بالدنيا عن الآخرة، والتكاثر والتفاخر به. ففقرهم كان نقمة في الظاهر، لكنه نعمة في الباطن، حيث خفّت عليهم المؤاخذات والمحاسبيات المتعلقة بالمال.
* الصبر على البلاء: فقرهم كان نوعاً من الابتلاء، فصبروا عليه واحتسبوه عند الله، فاستحقوا الأجر المضاعف.
فالحديث ليس ذماً للأغنياء، بل هو بيان لفضل الفقراء الصابرين المحتسبين، وأن الله يعطيهم منزلة عظيمة جزاء صبرهم وإيمانهم.
3. الدروس المستفادة منه:
1- المعيار عند الله هو التقوى، لا الغنى والفقر: يوضح الحديث أن القيمة الحقيقية للإنسان عند الله تعالى ليست بما يملك في دنياه، بل بتقواه وإيمانه وصبره وعمله الصالح.
2- الغنى نعمة واختبار، والفقر ابتلاء واختبار: كلاهما امتحان من الله للعبد. فالمال اختبار في الشكر والإنفاق، والفقر اختبار في الصبر والرضا.
3- فضل الصبر على الفقر والبلاء: إذا صبر المسلم على فقره واحتسب ذلك عند الله، كان له أجر عظيم ودرجة رفيعة في الجنة، قد تسبق من كان أعلى منه شأناً في الدنيا.
4- الحث على الزهد في الدنيا: الحديث يحث المسلم على عدم التعلق بالدنيا وزخرفها، وأن يكون قلبه معلقاً بالآخرة، فربما كان الفقراء أقرب إلى ذلك من المنشغلين بأموالهم.
5- العدل الإلهي: الله تعالى يعطي كل ذي حق حقه، ويثيب المحتسب الصابر على بلائه، ويثيب الغني الشاكر على نعمته، ولكلٍ درجاته عند ربه.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الفضل الخاص لفقراء المهاجرين لا يعني أن كل فقير أفضل من كل غني، فهناك أغنياء شكروا الله وأنفقوا في سبيله ففاقوا كثيراً من الفقراء. الفضل هنا مُقيد بكونهم من "المهاجرين" الذين جمعوا بين فضل الهجرة وفضل الصبر على الفقر.
* ينبغي للمسلم أن ينظر إلى الدنيا على أنها دار اختبار مؤقت، فيعمل فيها لآخرته، شاكراً إذا أغني، صابراً إذا افتقر، كما قال النبي ﷺ: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».
* هذا الحديث موعظة للغني ليشكر الله وينفق، وموعظة للفقير ل يصبر ويحتسب، وليس للتحاسد أو التباغض.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا القناعة والرضا، وأن يجعلنا من الشاكرين الصابرين، وأن يبلغنا الجنة برحمته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وهذا خاص بفقراء المهاجرين.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 108 من أصل 286 حديثاً له شرح
- 83 لن يُدخل أحدًا عمله الجنة إلا أن يتغمدني الله بفضل...
- 84 لن يدخل الجنة أحد بعمله إلا أن يتغمد الله برحمة
- 85 قاربوا وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله
- 86 لا يدخل أحدا عمله الجنة إلا برحمة الله
- 87 أنا أول من يقرع باب الجنة
- 88 رسول الله ياتي باب الجنة يوم القيامة فيستفتح
- 89 نحن الآخرون الأولون يوم القيامة
- 90 الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة
- 91 أيام منى أيام أكل وشرب
- 92 إني رأيته في النار في بردة غلها
- 93 إني حرمت الجنة على الكافرين
- 94 الجنة لا يدخلها مشرك
- 95 مَنْ أحببتَ أنت مع مَنْ أحببتَ
- 96 من شهد أن لا إله إلا الله أدخله الله الجنة
- 97 من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة وإن سرق...
- 98 من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار.
- 99 من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله دخل...
- 100 من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة...
- 101 من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى
- 102 من يضمن لسانه وفرجه
- 103 من أنفق زوجين من ماله ابتدرته حجبة الجنة
- 104 إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة
- 105 يدخلون الجنة في السلاسل
- 106 قوم يساقون إلى الجنة مقرنين في السلاسل
- 107 أفئدتهم مثل أفئدة الطير يدخلون الجنة
- 108 فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
- 109 فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة سنة
- 110 يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بخمس مئة عام
- 111 طوبى للغرباء ناس صالحون في ناس سوء كثير
- 112 يموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء
- 113 فقراء الأمة ومساكينها يدخلون الجنة قبل الناس
- 114 فقراء المهاجرين أول الناس إجازة يوم القيامة
- 115 المؤمنون يخلصون من النار ويحبسون على قنطرة بين الجنة والنار
- 116 من يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب هم الذين لا...
- 117 يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب
- 118 يدخل الجنة من أمتي زمرة هي سبعون ألفا تضيء وجوههم...
- 119 يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا زمرة واحدة
- 120 فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر
- 121 سبعون ألفا يدخلون الجنة بوجوه كالقمر ليلة البدر
- 122 هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون
- 123 يدخل من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب
- 124 لا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون
- 125 النبي يمر ومعه الثلاثة من أمته والنبي معه العصابة من...
- 126 وعدني سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، وزادني ثلاث...
- 127 يدخل من أمتي سبعون ألفا على صورة القمر ليلة البدر
- 128 سعة حوض النبي ﷺ من البيضاء إلى بصرى
- 129 من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب
- 130 يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب ويشفع كل ألف لسبعين...
- 131 يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً مع كل واحد سبعون...
- 132 يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب
معلومات عن حديث: فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
📜 حديث: فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








