من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة

حديث: من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة

عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لو أن رصاصة مثل هذه -وأشار إلى مثل جمجمة- أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمس مائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها».

حسن: رواه الترمذيّ (٢٥٨٨)، وأحمد (٦٨٥٦)، والحاكم (٢/ ٤٣٨، ٤٣٩) مختصرا كلهم من طرق عن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن عيسى بن
هلال الصدفي، عن عبد اللَّه بن عمرو قال فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والإمام الترمذي، وغيرهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أولاً: شرح المفردات:
● رصاصة: قطعة من الرصاص أو المعدن الثقيل.
● مثل هذه - وأشار إلى مثل جمجمة: أي أن حجم هذه الرصاصة كبير يقارب حجم جمجمة الإنسان.
● مسيرة خمسمائة سنة: المسافة التي يمكن قطعها بالسير المستمر لمدة خمسمائة عام.
● رأس السلسلة: أعلى السلسلة، والمقصود بها سلسلة شديدة الطول معلقة في السماء.
● أربعين خريفاً: أي أربعين سنة كاملة (الخريف يطلق ويراد به السنة).
● قعرها: أسفلها أو نهايتها.
ثانياً: شرح الحديث:
يصور لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مشهدين مهولين لبيان عظمة خلقه الله تعالى وعظمة جهنم - أعاذنا الله منها - التي هي جزء من مخلوقاته:
1- المشهد الأول: لو أن قطعة معدنية ثقيلة (رصاصة) بحجم جمجمة الإنسان أُلقيت من السماء نحو الأرض، وهذه المسافة بين السماء والأرض تستغرق قطعها خمسمائة سنة من السير المتواصل، فإن هذه القطعة ستصل إلى الأرض قبل حلول الليل، أي في وقت قصير جداً مقارنة بمدة الرحلة. وهذا يدل على شدة سرعة سقوطها وثقلها.
2- المشهد الثاني: هذه نفسها القطعة الثقيلة، إذا أُرسلت من أعلى سلسلة طويلة جداً معلقة في السماء، فإنها ستستمر في السقوط خلال هذه السلسلة طوال أربعين سنة ليلاً ونهاراً دون توقف قبل أن تصل إلى نهايتها أو قاعها. وهذا يدل على الطول المهول والسحيق لهذه السلسلة.
ثالثاً: المقصد والدروس المستفادة:
لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه السلسلة الطويلة المعلقة في الفراغ من غير مقصد، بل ذكرها في سياق الحديث عن جهنم، كما في روايات أخرى للحديث. فالمقصود بهذا الوصف المهول هو:
1- بيان عظمة خلق الله تعالى: فإذا كانت هذه السلسلة - وهي جزء من مخلوقات الله - بهذا الحجم والطول المذهل، فكيف بعظمة الخالق جل جلاله الذي خلقها وأبدعها؟! قال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
2- بيان عذاب الله الشديد وعظمة جهنم: فالسلسلة المذكورة هي من أجزاء جهنم أو متعلقة بها، كما تدل عليه الروايات. ووصف طولها وعمقها بهذا الشكل المرعب إنما هو لتحذير الناس من عذاب الله، وتبيين أن النار التي فيها مثل هذه الأغلال والسلسل هي نار عظيمة مهولة، ليس لها قعر يمكن بلوغه بسهولة. قال تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}.
3- تحقيق الخوف من الله تعالى: إن تخويف النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بهذا المشهد إنما هو من رحمته بهم، ليكون دافعاً لهم لطاعة الله واجتناب معاصيه، وحافزاً لهم على العمل للنجاة من هذا العذاب.
4- إثبات صفة العلو لله تعالى: الحديث فيه إشارة إلى علو الله تعالى على خلقه، حيث بدأ بسقوط الرصاصة من السماء، وهي مكان العلو والارتفاع.
رابعاً: معلومات إضافية:
- هذا الحديث من أحاديث الوعيد، التي تثير في قلب المسلم الخوف من الله، ويجب أن يقترن هذا الخوف بالرجاء في رحمة الله ومغفرته.
- فيه معجزة نبوية تشير إلى الحقائق الفيزيائية حول سقوط الأجسام في الفراغ وسرعتها، والتي لم تكن معروفة بهذا التفصيل وقت نزول الوحي.
- ينبغي للمسلم أن يتذكر دائماً عظمة الله وعذابه ليحاسب نفسه ويستقيم على طاعة الله.
نسأل الله السلامة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٢٥٨٨)، وأحمد (٦٨٥٦)، والحاكم (٢/ ٤٣٨، ٤٣٩) مختصرا كلهم من طرق عن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن عيسى بن
هلال الصدفي، عن عبد اللَّه بن عمرو قال فذكره.
وزاد الحاكم: «وتلا رسول اللَّه ﷺ: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ﴾ [غافر: ٧١، ٧٢] الآيات». وإسناده حسن من أجل أبي السمح، وهو دراج بن سمعان فإنه حسن الحديث في غير روايته عن أبي الهيثم، وهذا منه.
قال الترمذيّ: «هذا حديث إسناده حسن»، وفي نسخة: «حسن صحيح».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 199 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة

📜 حديث: من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية