طينة الخبال؟ عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار

حديث: طينة الخبال؟ عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار

عن جابر بن عبد اللَّه: أن رجلا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن-، فسأل النبي ﷺ عن شرابٍ يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر، فقال النبي ﷺ: «أو مسكر هو؟» قال: نعم. قال رسول اللَّه ﷺ: «كل مسكر حرام، إن على اللَّه عز وجل عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: يا رسول اللَّه! وما طينة الخبال؟ قال: «عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار».

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (٢٠٠٢) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا عبد العزيز الدراوردي، عن عُمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن جابر بن عبد اللَّه: أن رجلا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن-، فسأل النبي ﷺ عن شرابٍ يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر، فقال النبي ﷺ: «أو مسكر هو؟» قال: نعم. قال رسول اللَّه ﷺ: «كل مسكر حرام، إن على اللَّه ﷿ عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: يا رسول اللَّه! وما طينة الخبال؟ قال: «عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رجلا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن-، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شرابٍ يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أو مسكر هو؟» قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام، إن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: «عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار».

1. شرح المفردات:

● جيشان: اسم منطقة معروفة في اليمن.
● المزر: شراب يتخذ من الذرة يتخمر فيصير فيه alcoholic.
● مسكر: كل ما غطى العقل وأسكره، سواء كان من العنب أو غيره.
● عهدًا: وعدًا مؤكدًا لا يُخلف.
● طينة الخبال: الخبال في اللغة: الفساد والرداءة. و"الطينة" هنا تعني المادة أو العصارة.
● عرق أهل النار: العرق الذي يخرج من أجساد أهل النار من شدة العذاب.
● عصارة أهل النار: ما يسيل من صديد وجروح أهل النار.

2. شرح الحديث:

يُبيّن هذا الحديث الشريف حكمًا عظيمًا من أحكام الإسلام، حيث قدم رجل من أرض اليمن (منطقة جيشان) وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب "المزر" الذي اعتادوا شربه في بلادهم، وهو مشروبٌ مُخمَّرٌ من الذرة.
فلم يُجب النبي صلى الله عليه وسلم بالتفصيل في نوعية الشراب أو مكوناته، بل وجه السؤال إلى الوصف الجامع الذي يُحدد الحكم الشرعي، فقال: «أو مسكر هو؟» أي: هل هذا الشراب مما يُسكر العقل ويغيب الوعي؟
فلما أجاب الرجل بالإيجاب: "نعم"، حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالحرمة، مُقررًا القاعدة الكلية التي تسري على كل مسكرٍ مهما كان مصدره أو اسمه، فقال: «كل مسكر حرام».
ثم زاد النبي صلى الله عليه وسلم تأكيدًا على خطورة هذا الذنب، فذكر وعيدًا شديدًا من الله تعالى للشارب، فقال: «إن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال». وهذا الوعيد بصيغة القسم (عهدًا) مما يؤكد وقوعه ويُظهر عِظَم هذا الذنب.
ولما استفهم الصحابة رضي الله عنهم عن هذه "الطينة" التي هي عقاب الشارب، بينها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها «عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار»، وهو عذابٌ شديدٌ ومقزز، حيث يُسقى شارب الخمر من صديد وعَرَق وتعُّفات أهل النار جزاءً وفاقًا.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- تحريم كل مسكر مطلقًا: الحديث أصل عظيم في تحريم كل ما أسكر من المشروبات، سواء كان من العنب أو التمر أو الذرة أو الشعير أو غيرها، وسواء سمي خمرًا أو啤酒ًا أو نبيذًا أو فقاعًا أو مزرًا. الحكم يدور مع العلة (الإسكار) وجودًا وعدمًا.
2- التعليل والتقعيد في الفتوى: نهج النبي صلى الله عليه وسلم في السؤال عن علة الحكم (الإسكار) يعلمنا ألا ننظر إلى الأسماء والهيئات، بل إلى الحقائق والآثار.
3- شدة وعيد شارب المسكر: الحديث يذكر وعيدًا خاصًا لشارب الخمر بسقيه من "طينة الخبال"، وهو وعيد شديد يدل على كبر هذا الذنب.
4- التحذير من التساهل في المعاصي: ذكر هذا الوعيد الشديد يزرع في قلب المسلم الخوف من الله ويحذره من الاستهانة بمعصيةٍ قد يراها الناس هينة.
5- إثبات صفات الله كما يليق بجلاله: قوله صلى الله عليه وسلم: «إن على الله عهدًا» من إثبات الصفات لله تعالى كما جاءت على الوجه اللائق بجلاله وكماله، من غير تحريف ولا تعطيل.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول.
- "طينة الخبال" من أشد أنواع العذاب في النار، وهي مما يُسقاه شارب الخمر كما جاء في الوعيد.
- يستفاد من الحديث أن العقوبة على شرب المسكر ليست مقصورة على الحد في الدنيا (وهو الجلد)، بل هناك وعيد أخروي شديد.
- هذا التحريم يشمل كل ما أسكر كثيره فقليله حرامٌ بالاتفاق، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر كثيره فقليله حرام».
نسأل الله تعالى أن يجنبنا مساخطه، وأن يوفقنا لطاعته، ويبعدنا عن معاصيه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (٢٠٠٢) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا عبد العزيز الدراوردي، عن عُمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 208 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: طينة الخبال؟ عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار

📜 حديث: طينة الخبال؟ عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: طينة الخبال؟ عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: طينة الخبال؟ عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: طينة الخبال؟ عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية