حديث: أولُهُنَّ نَقْضًا الحكمُ وآخِرُهُنَّ الصلاةُ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تأكيد الصلاة والمحافظة عليها

عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله ﷺ قال: «لتُنْقَضَنَّ عُرى الإِسلام عُروةً عَروةً، فكلما انتُقِضَتْ عُروة تَشَبَّثَ الناس بالتي تليها، وأولُهن نَقْضًا الحكمُ، وآخرهُنَّ الصلاةُ».

حسن: رواه أحمد (٢٢١٦٠) ومن طريقه الطبراني في الكبير (٧٤٨٦) عن الوليد بن مسلم، حدَّثني عبد العزيز بن إسماعيل بن عبد الله، أن سليمان بن حبيب حدَّثهم، عن أبي أمامة فذكر الحديث.

عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله ﷺ قال: «لتُنْقَضَنَّ عُرى الإِسلام عُروةً عَروةً، فكلما انتُقِضَتْ عُروة تَشَبَّثَ الناس بالتي تليها، وأولُهن نَقْضًا الحكمُ، وآخرهُنَّ الصلاةُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وغيرهما عن الصحابي الجليل أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، يحمل تحذيراً نبويّاً بليغاً من التفكك التدريجي لكيان الأمة وتماسكها. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:


● لَتَنْقَضَنَّ: (اللام لام القسم) أي ليحْلُلَنَّ وليفسخنَّ حتماً وقَطْعاً.
● عُرى الإسلام: العُروة (بضم العين) هي الحلقة التي يُتمسك بها، وشبّه النبي ﷺ أركان الدين وعزائمه بهذه الحلقات المتعددة المتصلة التي تشكل معاً عُرى الإسلام، أي أسباب قوته وتماسكه.
● عُروةً عُروةً: أي شيئاً فشيئاً، بتؤدة وتدريج.
● تَشَبَّثَ الناس: تمسكوا وتعلقوا بالعروة التالية.
● الحكم: المقصود به حكم الله تعالى، أي تحكيم شريعته والحكم بها في شؤون الحياة كلها، والرجوع إليها في المنازعات.
● الصلاة: وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، عماد الدين.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن حقيقة ستقع في مستقبل الأمة، وهي أن عُرى الإسلام -التي هي من أسباب قوته وتماسك أهله- سوف تنتقض وتنحل حَلّاً تدريجياً، الواحدة تلو الأخرى. وكلما ضعفت أو انحلت عروة من عرى الدين، تمسك الناس بالعروة التي تليها في الأهمية، حتى يبقى آخر ما ينتقض من الدين هو الصلاة، فهي آخر ما يفقد من الدين، فإذا ضاعت ضاع الدين كله.
ويبين النبي ﷺ أن أول هذه العرى انتقاضاً هو "الحكم"، أي ترك تحكيم شريعة الله والحكم بغير ما أنزل الله، والاستبدال بها بالقوانين الوضعية والأهواء. وهذا هو الباب الأول الذي تدخل منه الانحرافات على الأمة. وآخرها انتقاضاً هو "الصلاة"، فهي آخر ما يُسلب من المؤمن، فإذا ضيعها فقد ضيع دينه بالكلية.

3. الدروس المستفادة منه:


● التدرج في الانحلال: يذكرنا الحديث بأن الانحلال الخلقي والديني لا يحدث فجأة، بل هو عملية تراكمية تدريجية، تبدأ بالتساهل في الكبائر ثم الصغائر، وبهجر الشرائع الكبرى واحدة تلو الأخرى.
● خطورة هجر حكم الله: بيان أن أول مظهر من مظاهر الانحراف هو التخلي عن الحكم بشريعة الله في الأرض، وهو ما يمثل القاعدة الأساسية التي تُبنى عليها بقية شرائع الإسلام. فإذا ضاع الأصل (الحكم بالشريعة) أصبحت بقية العرى مهددة بالانقضاض.
● مكانة الصلاة: إظهار المكانة الفريدة للصلاة، فهي آخر عروة تنتقض، مما يدل على عظم شأنها وأنها العبادة التي يصعب على المسلم التخلي عنها حتى مع ضعف إيمانه، فإذا ضيعها فهو أشد خطراً على دينه.
● التمسك بالدين في زمن الفتن: الحديث يحث المسلم على التمسك بما بقي من الدين، فإذا رأى عروة قد انتقضت (كالحكم) وجب عليه أن يتشبث بالتي تليها (كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم الصلاة... إلخ) ويحافظ عليها، فلا يستسلم للانهيار الكلي.
● التحذير من الاستهانة بالمعاصي: إذ أن انتقاض العرى يبدأ بالتساهل في أمور يعتبرها الناس "صغائر" أو "غير أساسية"، مما يفتح الباب لأمور أكبر.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أعلام نبوة النبي ﷺ، حيث أخبر عن غيب مستقبلي وقع точно كما أخبر، فشاهدنا في واقع الأمة كيف بدأ الانحلال بهجر حكم الشريعة، وما زال الناس يتشبثون ببعض العبادات كالصلاة والصيام.
- الحديث ليس للإحباط، بل هو للتحذير والتنبيه. فهو يحدد نقطة الخطر الأولى (الحكم) ويحث على الحفاظ على آخر معاقل الإيمان (الصلاة).
- على المسلم أن يجاهد نفسه ويحافظ على جميع عرى الإسلام، وأن يكون من الذين يُصلحون ولا يفسدون، يعملون على إعادة عُرى الإسلام واحدة تلو الأخرى، بدءاً بالأهم فالمهم.
- من العرى الأخرى التي ذكرها العلماء في معنى الحديث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، البر والصدقة، الأخوة الإسلامية، والجهاد في سبيل الله.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه، وأن يحفظ على الأمة عُرى إسلامها، وأن يرزقنا الفقه في الدين والثبات حتى الممات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٢١٦٠) ومن طريقه الطبراني في الكبير (٧٤٨٦) عن الوليد بن مسلم، حدَّثني عبد العزيز بن إسماعيل بن عبد الله، أن سليمان بن حبيب حدَّثهم، عن أبي أمامة فذكر الحديث. وصححه ابن حبان (٦٧١٥)، فرواه من هذا الطريق.
وإسناده حسن، فإن عبد العزيز بن إسماعيل بن عبد الله قال فيه ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ليس به بأس، ووثَّقه ابن حبان. وهو من رجال «التعجيل» (٦٦٠). ومنه يظهر خطأ الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٢٨١) في قوله: «رجالهما رجال الصحيح». والوليد بن مسلم مدلس إلا أنه
صرَّح بالسماع.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 27 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أولُهُنَّ نَقْضًا الحكمُ وآخِرُهُنَّ الصلاةُ

  • 📜 حديث: أولُهُنَّ نَقْضًا الحكمُ وآخِرُهُنَّ الصلاةُ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أولُهُنَّ نَقْضًا الحكمُ وآخِرُهُنَّ الصلاةُ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أولُهُنَّ نَقْضًا الحكمُ وآخِرُهُنَّ الصلاةُ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أولُهُنَّ نَقْضًا الحكمُ وآخِرُهُنَّ الصلاةُ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب